الرئيس الجزائري يزور المتحف الوطني بمسقط
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
مسقط - الرؤية
فخامةُ رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية يزور المتحف الوطني بمسقط في إطار زيارة "دولة" يقوم بها فخامتُه لسلطنةعُمان، ويستمع إلى شرحٍ وافٍ عنه وما يحويه من جوانب مُهمّة من تاريخ وحضارة عُمان.
.المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رحلة عبر الزمن
لم يكن صباح ذلك اليوم عاديًا، فقد كنت على موعد مع تجربة طالما انتظرتها: زيارة المتحف المصرى الكبير، هذا الصرح المهيب الذى يحمل بين جدرانه عبق الحضارة المصرية وروعة التاريخ الإنسانى. ما إن اقتربت من بوابته الضخمة حتى شعرت بأننى على أعتاب عالم آخر، عالم يربط الماضى بالحاضر فى لوحة بصرية ومعرفية مذهلة.
بدأت رحلتى من الساحة الواسعة أمام المبنى، حيث يسيطر تمثال رمسيس الثانى على المشهد بوقاره وهيبته. كان المشهد مهيبًا لدرجة تدفع الزائر إلى التوقف والتأمل قبل الدخول. وبعد تجاوز بوابة الاستقبال، وجدت نفسى داخل بهو ضخم تتدفق فيه الإضاءة الطبيعية عبر التصميم الهندسى المبتكر، فى مزيج رائع بين الحداثة وروح الحضارة المصرية القديمة.
اتجهت أولًا نحو سلم الدَرّج العظيم (أو سلم الملوك كما أسميته فى مخيلتي) والذى يرتفع عبر ستة طوابق مهيبة، ويعمل كمعرض عمودى يربط بهو الدخول والقاعات العُليا. زخرفته رائعة: تتوزّع على جانبيه تماثيل ضخمة لملوك وملكات عبر العصور، بالإضافة إلى أعمدة ومعابد حجرية، فى أعماق عرضه، وتظهر تحف قبرية وسرادقات تعكس رحلة الحياة والموت فى مصر القديمة. من أعلى السلم، ينفتح مشهد مذهل على أهرامات الجيزة يربط الماضى العريق مباشرة بهندسة المكان الحديثة.
واصلت جولتى نحو قاعة الملك توت عنخ آمون، تلك القاعة التى تُعد قلب المتحف وأكثر أجنحته جذبًا للزوّار. لا يمكن وصف شعورى لحظة الوقوف أمام قناع الفرعون الذهبي؛ فقد بدا وكأنه يروى، بصمته الخاص، قصة شاب حكم مصر قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام. تتوزع مقتنيات المقبرة داخل القاعة بطريقة تسمح للزائر بفهم حياة الملك ومكانته، مستعينة بتقنيات عرض حديثة وشاشات تفاعلية تُثرى التجربة وتُقرّب المعلومات بطريقة ممتعة.
بعد ذلك، انتقلت إلى متحف مراكب الملك خوفو، حيث يُعرض مركب خوفو — أقدم وأضخم أثر خشبى عضوى محفوظ فى العالم، عرضه يُظهر تفاصيل مذهلة من خشب الأرز القديم، مجدّدة بعناية، تُجسد مهارة المصريين القدماء فى الحرف، وقد تم تصميم المكان خصيصًا ليستوعب حجم المركب الضخم، ما يمنح الزائر إحساسًا حيًّا بعظمة تاريخ مصر وعراقتها.
مع اقتراب الظهيرة، جلست فى إحدى الشرفات المطلة على أهرامات الجيزة، حيث اندمج التاريخ بجلاله مع الأفق المفتوح، فكانت لحظة تجمع بين الراحة والتأمل. ثم مررت بالمكتبة ومتاجر الهدايا التى تضم كتبًا ومجسمات فنية تعكس روح المتحف.
وفى النهاية؛ انتهى اليوم ولكنه ترك فى نفسى أثرًا لا يُنسى، ولم تكن تفاصيل الرحلة تكتمل إلا بالإشراف المميز للدكتورة شيماء لاشين التى حرصت على أن يعيش طلاب برنامج اللغة الفرنسية التخصصية بكلية الآداب جامعة المنصورة هذه الرحلة التاريخية العريقة فى إطار ربط مقررات البرنامج بالواقع العملى، والتنظيم الدقيق والسندوتشات اللذيذة للدكتورة داليا، وكان للإرشاد السياحى الذى قدمه الصديق دكتور محمد عبد المولى رونقه الخاص من خلال شرح مبسط مترابط لكل أجنحة المتحف وقطعه الأثرية، وكانت نظرات الفخر والإعجاب بحضارة امتدت لآلاف السنين، والتى ظهرت فى عيون مروان وأحمد وآية وداليا وميرنا وحنين وغيرهم من طلاب البرنامج، ما يثبت أن التاريخ لا يزال حيًا ينبض بالحكايات.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة
[email protected]