زفير الأنفاس الأخيرة للانتخابات الأمريكية يشعل المنطقة
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
شدد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، في كلمة مصورة الأولى من نوعها بعد توليه منصب الأمين العام للحزب، الأربعاء، على أن "مساندة غزة كانت واجبة لمواجهة خطر الاحتلال على المنطقة بأسرها، وحق أهل غزة على الجميع أن ينصرونهم"، معتبرا أن "السؤال لا يجب أن يوجه إلى الحزب عن أسباب مساندته غزة، بل إلى الآخرين عن أسباب عدم مساندتهم لأهل غزة".
في الآن ذاته، أكد قاسم أن الاحتلال والولايات المتحدة لم يقدما مبادرات لوقف الحرب بعد، وأن حزب الله سيتعامل مع المبادرات وفقا لشروطه. وبذلك أزال اللغط الذي أثاره الأمريكان وشركاؤهم حول فصل مسار غزة عن بيروت، وتحقيق ما عجزت عنه إسرائيل وأمريكا بالحرب عبر السياسة والمناورات الدبلوماسية التي عكستها زيارات المبعوث الأمريكي الخاص آموس هوكشتاين إلى لبنان والمنطقة؛ كان آخرها يوم الخميس، وهي زيارة ترافقت مع تسريبات قدمتها هيئة البث الإسرائيلي لاتفاق مقترح يسمح للكيان العمل داخل الأراضي اللبنانية، وينقل مسؤولية الرقابة والإشراف على القوة الدولية لحليف وشريك الكيان المحتل في الحرب القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم) التي يقودها الجنرال مايكل كوريلا (جزار النصيرات- Nusayrat Butcher) الذي تورط في قتل 300 فلسطيني وبتر أعضاء أكثر من 700 آخرين خلال مشاركة قواته من الكوماندوز الأمريكيين؛ في عملية عسكرية مع قوات الاحتلال لإطلاق أسرى لدى المقاومة الفلسطينية في مخيم النصيرات عبر الميناء العائم المؤقت في شهر حزيران/ يونيو 2024، وهو الجنرال الأمريكي ذاته الذي يزور الكيان الإسرائيلي بالتزامن مع زيارة المبعوث الأمريكي هوكشتاين للكيان، للتنسيق في ملف لبنان ومواجهة الرد الإيراني.
محاولة اكتساب بعض الأصوات في الانتخابات الأمريكية مع احتدام المنافسة الانتخابية وابتعادها عن الحسم، ما يُتوقع أن يقود الولايات المتحدة إلى أزمة سياسية عميقة
حراك أمريكا الذي قاده المبعوث الأمريكي الخاص هوكشتاين والجنرال كوريلا جاء معززا بتسريب الوثائق المزعومة على أمل الإبقاء على الجدل العقيم حول المبادرات الأمريكية، التي تسير بالتوازي مع رغبة أمريكية بإشاعة أجواء كاذبة من الانفراج السياسي والدبلوماسي الذي يستبق الانتخابات الأمريكية بأيام، مدعوما بحراك مواز تجاه قطاع غزة لمدير وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) وليام بيرنز الذي زار الدوحة والقاهرة والتقى بشكل عبثي واستعراضي؛ مدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع ومدير الشاباك رونين بار، وإلى جانبهم الجنرال الإسرائيلي مسؤول ملف الأسرى ألون نيتسان؛ الذي استقال نائبه احتجاجا على عبثية اللقاءات وانعدام الصلاحيات للوفد الإسرائيلي.
المناورة الأمريكية الإسرائيلية مزدوجة الأهداف؛ أحدهما محاولة اكتساب بعض الأصوات في الانتخابات الأمريكية مع احتدام المنافسة الانتخابية وابتعادها عن الحسم، ما يُتوقع أن يقود الولايات المتحدة إلى أزمة سياسية عميقة؛ عمد جو بايدن الى استباقها والتخفف من أحمالها بالحديث عن نيته حضور حفل تنصيب الرئيس الأمريكي المقبل بغض النظر عن الفائز، وهي لغة لن تعالج الجروح الغائرة في الساحة الأمريكية وحالة الاستقطاب التي لن تحسم انتخابيا إلا ببضع مئات أو آلاف الأصوات.
السبب الآخر الذي يقف خلف الحراك الأمريكي، فضلا عن التخفف من الضغوط لوقف جرائم الاحتلال في شمال قطاع غزة والتغطية على الفشل العسكري جنوب لبنان، يتمثل في محاصرة إيران وإعاقة ردها العسكري إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، بإشاعة أجواء من التفاؤل بقرب التوصل الى حل ووقف لإطلاق النار، وإضعاف تأثيرها بمسار التفاوض بقول المبعوث الأمريكي إلى لبنان هوكشتاين لشبكة فوكس نيوز إن "إيران عارية تماما" بعد الضربة التي وجهتها لها إسرائيل ودمرت بها قدرتها الصاروخية الدفاعية.
السبيل الوحيد المتبقي لأمريكا وإسرائيل لفرض شروطهما على طاولة المفاوضات استند إلى ضغوط إعلامية فارغة وحراك داخلي وعربي ودولي مشبوه ومفتعل؛ يعوض عن الفشل في الضغط على المقاومة عبر القوة المسلحة وجرائم الحرب التي طالت المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين
الحراك الأمريكي في المنطقة سوّقه الإعلام الأمريكي والإسرائيلي وبمساندة من بعض وسائل الإعلام العربية التي تعمل وكيلا إعلاميا للاحتلال وأمريكا في المنطقة، على أمل الضغط على المقاومة اللبنانية ومحاصرتها سياسيا، وذلك بعد الفشل في محاصرتها عسكريا. فالسبيل الوحيد المتبقي لأمريكا وإسرائيل لفرض شروطهما على طاولة المفاوضات استند إلى ضغوط إعلامية فارغة وحراك داخلي وعربي ودولي مشبوه ومفتعل؛ يعوض عن الفشل في الضغط على المقاومة عبر القوة المسلحة وجرائم الحرب التي طالت المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين.
ختاما.. نقل الكرة إلى الساحة اللبنانية المثقلة بالنزوح والتنافس والصراعات الداخلية هروبا من مأزق الانتخابات الأمريكية والفشل الإسرائيلي العسكري والأخلاقي؛ بات محور نشاط هوكشتاين وكوريلا وبيرنز، الأمر الذي بدده خطاب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي أعاد التوازن للمشهد بالتأكيد على أن إسناد غزة لا زال قائما، وأن شروط المقاومة في أي عملية تفاوض لا يمكن تجاوزها، معززة بقدرة الحزب على الصمود والمواجهة العسكرية، وهو ذات الأمر الذي أكدت عليه حركة المقاومة الفلسطينية حماس قبل ذلك على لسان عضو مكتبها السياسي سامي أبو زهري، في بيان رسمي للحركة يوم الثلاثاء الفائت. وهي مواقف ضيّقت هامش المناورة الأمريكية الإسرائيلية، وفوتت عليها الاستفادة من زفير الأنفاس النتنة والأخيرة للانتخابات الأمريكية وإدارتها شبه الميتة.
x.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حزب الله إسرائيل لبنان لبنان إسرائيل امريكا غزة حزب الله مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الأمریکیة المبعوث الأمریکی
إقرأ أيضاً:
فعلها ترامب وليس نتنياهو… ونجحت إيران بالرد
– مهما كانت البروباغندا التي تريد تسويقها جماعة الترويج للتفوّق الكاسر للتوازن لصالح أمريكا و”إسرائيل”، فإن الأكيد الذي لا قدرة لأحد على إنكاره هو أن المنطقة دخلت في حرب استنزاف يصعب أن تنتهي قريباً، كما بات أكيداً بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الحرب كانت قراراً أمريكياً تم تفويض بنيامين نتنياهو بخوضها، بعدما تمّ تزويده بكل ما يلزم من أسلحة وذخائر وأموال ولوجستيات وملفات استخبارية، بما فيها شبكات عاملة داخل إيران ومعطيات طازجة وفورية للأقمار الصناعية، والهدف السياسيّ للحرب واضح، دعوة إيران لتوقيع صك الاستسلام الذي قال ترامب إن فرصة التوقيع عليه لا تزال مفتوحة، إذا عادت إيران إلى مسار مفاوضات الأحد في مسقط لقبول الشروط الأمريكية.
– انتصار “إسرائيل” في هذه الحرب يعني شيئاً واحداً هو انتقال المنطقة من العصر الأمريكيّ الذي يحتمل التوازن بين “إسرائيل” محورين إقليميين يقاسمانها النفوذ، حلف تقوده إيران وحلف ينافس “إسرائيل” على خطب ود أمريكا، للدخول في العصر الإسرائيلي كوكيل حصريّ للهيمنة الأمريكية على المنطقة، وإخراج إيران من المعادلة يعني إكمال الضربات التي وجّهت لقوى المقاومة وصولاً إلى إسقاطها كخيار في معادلات المنطقة، وهذا معناه فتح الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية، وإكمال قطار التطبيع دون مقابل على مستوى دول المنطقة. وبهذا فإن صمود إيران وثباتها وإثبات قدرتها على إقامة توازن عسكريّ ولو دون تحقيق التفوق، سوف يكون كافياً لإسقاط هذه الأهداف وإعادة التوازن اللازم للقول إن لا بد من السياسة والمفاوضات، ولكن بشروط جديدة عنوانها فشل الحل العسكري الأمريكي وسقوط آخر فرضيّة أمريكية للرهان على شطب قوى المقاومة وإخضاع إيران. وفي هذا التوازن تستفيد فلسطين أولاً وتبقى قضية حية تفرض حضورها طلباً لحل سياسي، وتبقى توازنات في المنطقة تشكل فيها الأنظمة المحسوبة على الحلف مع أمريكا طرفاً يُقام له الحساب وليست مجرد أتباع لـ”إسرائيل” يطلب منها تأدية الطاعة لسيد المنطقة الجديد.
– صحيح أن أمريكا نجحت بإدارة مناورة أوحت من خلالها بمعارضة خيار الحرب الإسرائيلية، بينما كانت تستعد لخوضها بكل تفاصيلها التقنية والاستخبارية والعسكرية، وصحيح أن “إسرائيل” بدعم أمريكي كامل نجحت بتوجيه ضربات مفاجئة ومؤذية لإيران تشبه كثيراً الضربة التي وجهتها أمريكا و”إسرائيل” للمقاومة في لبنان، وصحيح أيضاً أن هذا النجاح الأمريكي الإسرائيلي أضعف صورة القوة الإيرانية، لكن الصحيح أن إيران تعافت بسرعة وتمكّنت من إعادة ترتيب هيكليتها العسكرية والأمنية وبدأت بالردّ العسكريّ القويّ، الذي قال مسؤولون إسرائيليون إنّه غير مسبوق بالنسبة لكل حروب “إسرائيل”.
– منذ زمن طويل قال سيد المقاومة الشهيد السيد حسن نصرالله، إن إيران لا تحتاج إلى مَن يدافع عنها، ومهين لها الحديث عن فتح جبهات تقاتل نيابة عن إيران عندما تستهدف مباشرة، وكان يردّ على محاولات التذاكي المشابهة لما نسمعه في بعض التصريحات اللبنانية التي تتحدّث عن انتصار وهميّ بالنجاح في منع المقاومة من فتح جبهة إسناد لإيران، بينما الصحيح هو العكس، أن لبنان وغزة من أوائل المستفيدين من صمود إيران وردها على العدوان الأمريكي الإسرائيلي، لأن الأرجح أن هذه الحرب لن تتوقف إلا ومعها كل حروب المنطقة، ومنها حرب لبنان المستمرّة من طرف واحد، هو العدوان والاحتلال من الجانب الإسرائيلي برعاية أمريكيّة.
– إذا كانت الساعات الأولى من الحرب قد أوحت بنجاح “إسرائيلي” وراهن نتنياهو عليه لإعادة صياغة العلاقة بالحكومات الغربية على قاعدة أن إيران عدو مشترك، وأنه يقوم بإضعاف إيران لحساب حلف تقليديّ يضم الغرب و”إسرائيل” وربما بعض العرب، فينجح بتجاوز الصدوع التي أصابت علاقاته الغربية والعربية بسبب حرب الإبادة في غزة وما فعلته في الرأي العام الضاغط على الحكومات، فإن ظهور الحرب كقفزة في المجهول سوف يدفع الجميع للتريث، ويبقيهم في دائرة الوسط والدعوة لوقف الحرب، ويزيد قوة الدفع باتجاه الدعوة لوقف كل حروب المنطقة لصالح حلول سياسيّة، وفي المقدّمة سوف تكون القضية الفلسطينية أول الرابحين.
*رئيس تحرير صحيفة النداء اللبنانية