د. عبدالله الغذامي يكتب: كنت أظنني شاعراً
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
كنت أظنني شاعراً وكنت أدفع بنفسي للشعر، لكني اكتشفت في وقت جيد أني لست شاعراً، وإنما أنا ناقد، وأن مهاراتي النقدية تفوق قدراتي الشعرية، وحدث ذلك عام 1983 حين كنت في تفرغ علمي في جامعة بيركلي كاليفورنيا، وحينها شرعت في كتابة كتابي (الخطيئة والتكفير)، وانهمكت في بحار نظريات النقد وما بعد البنيوية، وكان وقتي كله بليله ونهاره مركزاً على البحث وفي بعض الاستراحات، كنت أكتب بعض الأشعار، وهنا صرت على بينة مع نفسي تكشفت فيه حال قصائدي مع حال انهماكي في النظريات، وهذا جعلني أدرك الفرق بين تجلياتي النقدية وما كنت أظنه تجليات شعريةً، وفي تلك اللحظة حسمت الأمر بأني ناقدٌ ولست شاعراً، وأن عقلي النقدي أغلبُ على حالي من وجداني الشعري، فتوقفت بقرار صارم عن كتابة الشعر.
وقد كنت مررت بامتحان رمزي لشاعريتي في مطلع شبابي، حيث رأى بعض قصائدي رجل من أهل الخبرة والتجارب في الحياة فهمس بأذني وقال لي: يا بني شعرك متوسط المستوى ونحن في زمن لا قيمة فيه إلا للمتفوقين، فعليك أن تترك الشعر وتبحث عن شيء غيره يظهر مهارتك، ولكن تلك النصيحة مرت من دون اكتراث مني، واحتجت أن أواجه الحالة بنفسي بعد عقدين من الزمان، حيث ظللت أكتب الشعر وأنشره وامتد ذلك لخمسة عشر عاماً لكي اكتشف أني ناقدٌ ولست شاعراً وميزت بين ما أجيد وما لا أجيد، وحسمت خياراتي لمصلحة ما أنا متمكنٌ منه، ولم أندم على تجربتي هذه، وهي تجربة في البحث عن الطريق وتلمس علامات الدرب حتى تستبين الفروق والمزايا وتنكشف الهنات، وصرت أردد (كنت أظنني شاعراً) لتكون درساً تعلمته بمباشرة الحدث ومعاناته حتى عصرته وفهمته.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي
إقرأ أيضاً:
النصيحة ومحاسبة الذات في الشعر النبطي
الشارقة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةصدر العدد 71 من مجلة «الحيرة من الشارقة» الشهرية، التي تعنى بالشعر والأدب الشعبي. وناقش العدد في باب «على المائدة» موضوع النصيحة ومحاسبة الذات في الشعر النبطي، وما يتضمن ذلك من مشاعر صادقة وحقيقية، كما شارك في باب «أنهار الدهشة»، وباب «بستان الحيرة» شعراء من الإمارات والخليج والوطن العربي، ضمن باقة متنوعة من القصائد. أمّا باب «مداد الرواد» لهذا العدد، فنقرأ فيه سيرة وتجربة الشاعر الإماراتي الراحل أحمد بن سلطان الفلاسي وإبداعاته في قصيدة الشكوى والحنين.
كما تناول باب «شبابيك الذات» تجربة الشاعر القطري عمير بن عفيشة الهاجري وخصائص قصيدته النبطية، وقرأ باب «كنوز مضيئة» قصيدة «التوبة» للشاعر عبدالله المسعودي ومعانيها في الوعظ والنصيحة.