بالأرقام والتاريخ.. هذا المرشح الأميركي الذي يفضله الإنجيليون
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
في صباح مشمس في مركز مدينة دالاس الأميركية، تجمهر 3 آلاف من المسيحيين الإنجيليين لحضور صلاة الأحد في الكنيسة المعمدانية الأولى. لم يكن هذا العدد حقيقياً، بل تجاوز 6 آلاف شخص بعد احتساب الحاضرين عن طريق خدمة "الأونلاين" التي توفرها الكنيسة. هذا الحشد الغفير من الحضور في يوم من أيام ديسمبر 2021 كان مردَّه حضور الرئيس السابق دونالد ترامب للمشاركة في الصلاة الأسبوعية التي تقام في الكنيسة.
"أستطيع أن أقول بدون أي تردد على الإطلاق إنه الوحيد المؤيد للحياة وللحريات الدينية ولإسرائيل في تاريخ أميركا".. هذه الجملة جاءت في تقديم كبير القساوسة روبرت جيفريس لدونالد ترامب قبل أن يلقي الأخير كلمته في مناسبة عيد الميلاد.
وكما تردد صدى الجملة في القاعة الكبيرة للكنيسة، تردد أيضاً بين أوساط المسيحيين الإنجيليين. فهم على وفاق أيديولوجي مع ما يطرحه ترامب في خطاباته بشأن القضايا الرئيسية، ويلتقون فكرياً مع مشروع ترامب المحافظ والذي يتمثل في جوانب متعددة كمعارضة الإجهاض، والتضييق على حقوق المثليين، والدعم الكبير لإسرائيل، والحفاظ على قيم الأسرة والزواج، الأمور التي بدت جلية في تعييناته للقضاة الفيدراليين في المحكمة العليا من ذوي المشروع المحافظ.
الكتاب المقدس والسياسةالإنجيليون هم أكثر فئة محافظة بين المسيحيين في أميركا. فهم يؤكدون على أولوية التمسك بالكتاب المقدس وما جاء فيه، ويؤمنون بضرورة الإيمان الشخصي، وأهمية نشر منهجهم للآخرين. للأسرة عندهم دور تقليدي، إذ أن الرجل يُعتبر القائد والمكلَّف، والمرأة هي الراعية والأم، ويتعهد أولادهم بالامتناع عن ممارسة الجنس قبل الزواج.
ووفقاً لمسح أجرته مجموعة "بارنا" في أغسطس من هذا العام، يعتبر 51 في المئة من الإنجيليين أن موضوع الإجهاض، أحد أبرز القضايا الانتخابية، أمر أولوي وبالغ الأهمية. ولكي تُفهَم هذه النسبة، فلا بد من وضعها في سياقها. فاليوم، يقدَّر عدد الأميركيين الإنجيليين من البالغين بحوالي 30 مليون أميركي، أي ما يعادل تقريباً 24 في المئة من تعداد سكان أميركا. مما يعني أن لصوتهم في الانتخابات وزناً قد يساهم في ترجيح كفة مرشح على آخر.
ورغم أن القس جيفريس كان قد أوضح، في تصريحات لصحيفة "ذي دالاس مورنينغ نيوز" أن رسالته في يوم الأحد الذي استضاف فيه ترامب، "لن يكون لها علاقة بالسياسة على الإطلاق، بل سيكون كل شيء عن عيد الميلاد". ولكن، وحسب محللين سياسيين محليين، في حديثهم لقناة WFAA التابعة لشبكة "آي بي سي" الأميركية، فإن التجمع في ذلك اليوم تحول إلى "تعبئة سياسية لجمهور الكنيسة" بناء على ما ورد في خطبتي جيفريس وترامب.
جذور قديمةوكما قام جيفريس بهذه البادرة، فإن الكنائس الإنجيلية غالباً ما تعمل كمراكز للتعبئة السياسية. والكثير من قساوسة الكنيسة يشجعون جماعاتهم بشكل مستمر على التسجيل للتصويت والمشاركة في الانتخابات في تجمعات مشابهة. هذه الممارسة ليست بجديدة، بل تعود جذورها لثمانينيات القرن الماضي، حين عاش الشخص المؤثر في عالم الإنجيليين الأميركيين؛ جيري فالويل.
بدأ فالويل حياته المهنية بعد أن أسس كنيسة توماس رود المعمدانية في أواخر الخمسينات، ولكن سرعان ما نمت كنيسته وأصبح شخصية معروفة في أوساط الإنجيليين. إلا أن الشهرة الحقيقة لهذا الشخص لمعت على المستوى الأميركي من خلال برنامجه التلفزيوني "ساعة لإنجيل الزمن القديم"
أسس فالويل منظمة The Moral Majority (الأغلبية الأخلاقية) بهدف تعزيز القيم المسيحية المحافظة، ولحشد الإنجيليين للمشاركة في العملية السياسية، إذ اعتقد فالويل أن المسيحيين "لديهم التزام أخلاقي" بالتأثير على الحكومة والسياسة العامة.
استطاع فالويل بمرور الأيام أن يحول الإنجيلية نحو هوية أكثر نشاطاً سياسياً، إذ كشف استطلاع أجراه معهد أبحاث الديانة العام في عام 2022 أن 72 في المئة من الإنجيليين من العرق الأبيض يخططون للتصويت في انتخابات عام 2024، في حين أن 60 في المئة فقط من سكان أميركا يخططون للتصويت.
لعب فالويل دوراً كبيراً في فوز رونالد ريغان في انتخابات عام 1980. فمبادئ الحزب الجمهوري تلتقي في كثير من النقاط مع منظمة "الأغلبية الأخلاقية" التي حثَّت الإنجيليين على العودة إلى مبادئ الإنجيل. وانتشرت وقتها عبارة "لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" التي رددها رونالد ريغان في خطابات عدة.
لمن يصوتون؟لا يزال الإنجيليون مستمرون في دعم الجمهوريين على مدى السنوات الأخيرة، كما يظل يشكلون جزءاً حيويا من قاعدة الحزب الجمهوري. ولكن، ووفقاً لاستطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث، فقد صنف 50 في المئة من الشباب الإنجيليين أنفسهم على أنهم ديمقراطيون، وهذا يعني أن الأجيال التي تتراوح أعمارهم من 18 إلى 29 بدأوا بالميلان تجاه الحزب الديمقراطي.
كما أن الأرقام بدأت تؤكد هذا الاتجاه الجديد، فبالعودة لنتائج الانتخابات لعام 2020، تبين أن 27 في المئة من الإنجيليين الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً صوتوا لصالح جو بايدن. كما أن 47 في المئة من هذه الفئة بدأت ترى قضايا مثل العدالة الاجتماعية والمساواة العرقية وتغيير المناخ أكثر أولوية من قضية الإجهاض.
وبالرغم من هذه الأرقام، تتوقع استطلاعات أجرتها مجموعة "بارنا" في 2021 أن يفوز الحزب الجمهوري بأصوات الإنجيليين لعام 2024، ولكن قد لا تستمر هذه الحالة للسنوات القادمة. فجيل الشباب بدأ بالسعي إلى الحصول على تمثيل أوسع في كتلة التصويت الإنجيلية. وبدأ القادة الإنجيليون بمواجهة تحديات جديدة لتحقيق التوازن بين القيم التقليدية للطائفة وبين الجيل الأصغر سناً والأكثر تنوعاً.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی المئة من
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: دبلوماسية ترامب الصاروخية التي أسيء فهمها
قالت صحيفة واشنطن بوست إن منح صواريخ توماهوك بعيدة المدى لأوكرانيا لتمكينها من شن ضربات أعمق داخل روسيا كان حديث الساعة في واشنطن هذا الأسبوع، ولكن الرئيس دونالد ترامب غير رأيه في اللحظة الأخيرة.
وفي الوقت الذي ظن فيه الجميع أن هذا الموضوع سيكون محور لقاء ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة، تحوّل الأمر، بعد مكالمة مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى الاتفاق على قمة جديدة ستعقد في بودابست خلال الأسابيع المقبلة، كما تقول الصحيفة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: قيود إسرائيل مستمرة وتجب محاسبتها على انتهاكاتها بغزةlist 2 of 2جدل في الإعلام الإسرائيلي حول تصريحات أسرى فلسطينيين محررينend of listورأت افتتاحية الصحيفة أن ترامب، رغم الانتقادات المتوقعة من خصومه في الداخل، يستخدم تكتيكات مدروسة ضمن حملة ضغط تهدف إلى دفع بوتين نحو طاولة المفاوضات.
ويرى مراقبون أن تلويح ترامب المتكرر بإرسال صواريخ متقدمة، وتصريحاته النارية التي يطلقها، لا تعني نية فعلية بالتصعيد العسكري بقدر ما تعكس إستراتيجية تهديد محسوبة، ولذلك كان التلويح بإرسال صواريخ توماهوك كافيا لدفع بوتين للاتصال بترامب.
ويظهر للصحيفة أن ترامب لا يسعى إلى "ضربة قاضية" على روسيا، بل إلى تسوية تنهي الحرب وفق توازنات الأمر الواقع، إذ يشير المقترح المتداول إلى تجميد القتال عند خطوط التماس الحالية، مع بقاء المناطق المحتلة بيد روسيا فعليا، مقابل حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية غربية قوية.
ورغم أن هذا لا يرقى إلى "سلام عادل"، فإنه -حسب رأي واشنطن بوست- قد يعتبر نصرا إستراتيجيا لأوكرانيا إن ضمنت الحفاظ على سيادتها وعدم نزع سلاحها.
وتتزامن التحركات الأميركية الحالية مع استمرار أوكرانيا في ضرب البنية التحتية للطاقة داخل روسيا بدعم استخباراتي وتقني من واشنطن، حسب الصحيفة، وقد أفاد زيلينسكي بأن هذه الضربات عطلت نحو 20% من إنتاج الوقود الروسي، في وقت تشهد فيه أسعار النفط انخفاضا غير مسبوق، مما يزيد الضغط على الاقتصاد الروسي.
ترامب يعتمد نهجا براغماتيا قوامه الضغط دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الاحتفاظ بكامل أدوات القوة حتى اللحظة الأخيرة
ورغم اتهامات بعض السياسيين بأن ترامب لا يزال خاضعا لتأثير بوتين، فإن تقارير جديدة تشير إلى أن لقاء ألاسكا الأخير بين الطرفين كشف عن خلافات حادة، إذ لم يتردد ترامب -حسب فايننشال تايمز- في رفع صوته في وجه بوتين، وهدد بإنهاء الاجتماع عندما حاول بوتين إلقاء محاضرة تاريخية مطولة.
إعلانومع اقتراب قمة بودابست، تبقى خيارات التصعيد مفتوحة، من إرسال صواريخ توماهوك إلى دعم الأطروحات الأوروبية بفرض مناطق حظر طيران، وصولا إلى استهداف ناقلات النفط الروسية التي تمثل شبكة ظل لتمويل الحرب.
وفي الوقت الذي يحرص فيه ترامب على استخدام خطاب دبلوماسي مرن أمام الكاميرات، فإنه يحرص على توجيه رسائل ذات نبرة حازمة إلى موسكو، مما يعني -بالنسبة للصحيفة- أن ترامب يعتمد نهجا براغماتيا قوامه الضغط دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الاحتفاظ بكامل أدوات القوة حتى اللحظة الأخيرة.