بلاغة القرآن: 14 سؤالًا في القرآن وإجاباتها المدهشة بـ "قل" و"فقل'"
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
كتاب الله العظيم، هو المصدر الأول للتوجيه في حياة المسلم، ويحتوي على العديد من الأساليب البلاغية التي تعزز الفهم وتزيد من قوة التأثير.
تحليل لأسباب تكرار التعبير القرآني "يسألونك" في القرآن الكريم
من بين هذه الأساليب ما وضحة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق، حيث قال أننا نجد تكرار تعبير "يسألونك" في حوالي أربعة عشر موضع في القرآن الكريم كان التعبير القرآني "يسألونك " أو " ويسألونك " أو "يسألك " ، والجواب فيها جميعا : " قل "،وفي موضوع واحد كان التعبير "ويسألونك " والإجابة " فقل "، وكان الجواب دائمًا "قل"، وهو أسلوب مميز يحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تقديم الإجابة بشكل مباشر وواضح، وفي السطور التالية سنتناول تحليلًا لأسباب تكرار هذا التعبير في القرآن الكريم.
المواضع التي جاء فيها الجواب بـ "قل"
1. سؤال عن الأهلة
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" (البقرة: 189)، كانت الإجابة عن السؤال المتعلق بالأهلة، حيث أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبين للناس أن الأهلة هي علامات لمعرفة أوقات الحج والمواقيت.
2. سؤال عن الإنفاق
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة: 215)، جاء الجواب ليبين كيفية الإنفاق من الخير والمال، مُرشدًا إلى أنه يجب أن يُنفَق في سبيل الله وعلى من يحتاجه.
3. سؤال عن القتال في الشهر الحرام
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ" (البقرة: 217)، أُمر النبي بالإجابة على سؤال يتعلق بالقتال في الشهر الحرام، حيث أكّد أن القتال في هذا الشهر محرم ولكن هناك أمور أعظم مثل الكفر والتصدّي عن سبيل الله.
4. سؤال عن الخمر والميسر
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا" (البقرة: 219)، كان الجواب بخصوص حكم الخمر والميسر، حيث تم التأكيد على أنهما يحتويان على منافع ولكن في الوقت نفسه يحتويان على إثم أكبر.
5. سؤال عن الإنفاق الزائد
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ" (البقرة: 219)، أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوضيح أنه يمكن الإنفاق من "العفو" أو ما يزيد عن حاجة الشخص.
6. سؤال عن اليتامى
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ" (البقرة: 220)، كانت الإجابة تتعلق بكيفية التعامل مع اليتامى، حيث أوضح الله أن الإصلاح لهم هو الأفضل.
7. سؤال عن المحيض
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ" (البقرة: 222)، أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوضيح حكم المحيض وضرورة اعتزال النساء في هذه الفترة.
8. سؤال عن ما هو حلال
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ" (المائدة: 4)، جاء الجواب حول الأطعمة والأشياء الطيبة التي أحلها الله للمسلمين.
9. سؤال عن الساعة
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي" (الأعراف: 187)، كان الجواب موضحًا بأن علم الساعة لا يعلمه إلا الله.
10. سؤال عن الأنفال
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ" (الأنفال: 1)، كان الجواب واضحًا بأن الأنفال تخص الله ورسوله.
11. سؤال عن الروح
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي" (الإسراء: 85)، أُمر النبي بالإجابة بأن الروح أمر من الله لا يعلمه إلا هو.
12. سؤال عن ذي القرنين
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا" (الكهف: 83)، كانت الإجابة أن النبي صلى الله عليه وسلم سيُحدثهم عن ذي القرنين.
13. سؤال عن الساعة
في قوله تعالى: "يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ" (الأحزاب: 63)، جاءت الإجابة واضحة بأن علم الساعة عند الله وحده.
أما الموضع الذي جاء فيه الجواب بـ "فقل"، فقد ورد في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا" (الأنبياء: 105)، حيث جاءت الفاء للإشارة إلى السرعة والمبادرة في الإجابة، إذ كان السؤال عن مصير الجبال في يوم القيامة، فأُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجيب بأن الله سينسفها نسفًا.
يتضح من هذه الأمثلة أن استخدام "قل" و"فقل" في القرآن الكريم له دلالة بلاغية ومعنوية عميقة. "قل" يُستخدم كإجابة لسؤال وقع فعلاً، بينما "فقل" يأتي للتأكيد على السرعة والمباشرة في تقديم الجواب عن الأمور التي تتعلق بالمستقبل أو التي قد تكون موضع شك.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: يسألونك القرآن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم محمد مختار جمعة فی القرآن الکریم فی قوله تعالى ی س أ ل ون ک کان الجواب سؤال عن
إقرأ أيضاً:
التشاؤم في شهر صفر.. ولماذا حذر النبي من أربعة أمور؟
التشاؤم في شهر صفر، ما إن يحل شهر صفر حتى يكثر البحث عن التشاؤم في شهر صفر، وحكمه وهل يكثر الموت في شهر صفر؟، ولماذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أربعة أمور تزامناً مع قدوم شهر صفر؟.
هل يكثر الموت في شهر صفر؟اعتاد العرب قبل الإسلام على التشاؤم بقدوم شهر صفر، ولكن هل يكثر الموت في شهر صفر؟، ولماذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأربعة؟، فقد عرف شهر صفر عند العرب فى الجاهلية أنه شهر "التشاؤم"، لأن روح القتيل كانت ترفرف على قبر القتيل وتقول لأهله خذوا بثأرى، واختلف فى سبب تسميته بهذا الاسم فقيل: لإصفار مكة من أهلها، أي: خلوها إذا سافروا فيه، وقيل: سموا الشهر صفرا لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفرا من المتاع أي: يسلبونه متاعه، فيصبح لا متاع له.
كما أن شهر صفر نزل فيه قرآن وذكر فيه أحاديث نبوية، فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"، فالمقصود بصفر شهر صفر، كانت العرب يتشاءمون به ولاسيما فى النكاح، فقيل إنه داء فى البطن يصيب الإبل وينتقل من بعير إلى اخر والأقرب أن صفر يعنى الشهر، وأن المراد نفى كونه مشؤوما ؛ أي: لا شؤم فيه، وهو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ويقدر فيه الشر.
واعتاد العرب على فعل منكرين عظيمين خلال شهر صفر، المنكر الأول ذكره كتاب "تاج العروس" وكان التلاعب فيه تقديماً وتأخيراً حيث "كانوا قد أحدثوا قبل الإسلام بمدة تحليل المحرم وتأخيره إلى صفر، فيحلون الشهر الحرام، ويحرمون الشهر الحلال، ليواطئوا عدة الأشهر الأربعة" حتى لا تحول الأزمنة الفاضلة بينهم وبين ما يشتهون.
وأما ثاني هذه المنكرات التي ارتكبها العرب قديما في هذا الشهر هو التشاؤم، حيث كانوا يعتقدون أن شهر صفر شهر حلول المكاره ونزول المصائب، وقد كان المشركون يتشاءمون من شهر صفر لأنهم يعودون فيه إلى السلب والنهب والغزو والقتل بعد الكف عنها في الأشهر الحرم، حتى إنه لا يتزوج من أراد الزواج في هذا الشهر لاعتقاده أنه لا يوفق، ومن أراد تجارة فإنه لا يمضي صفقته في شهر صفر خشية ألا يربح.
وفي الإسلام ما يرد مزاعمهم بأن شهر صفر شهر شؤم، حيث حدثت به العديد من الأحداث الهامة فى التاريخ الإسلامى منها غزوة الأبواء وهى أول غزوة غزاها النبى صلى الله عليه وسلم، كذلك كان به فتح خيبر، وفيه أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وفيه تزوج الرسول بالسيدة خديجة وهو نفى لتشاؤم العرب من الزواج فى ذلك الشهر.
هل يكثر الموت في شهر صفر؟
الموت في اللغة: ضد الحياة، يقال: مات يموت فهو ميت وميت ضد حي، والمتوفي على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى؛ فأسند التوفي إليه سبحانه، ثم خلق الله ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح؛ يقول الله تعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: 11].
وعن مجاهد قال: “جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم”، وعن الربيع بن أنس: أنه سئل عن ملك الموت: هل هو وحده الذي يقبض الأرواح؟ قال: "هو الذي يلي أمر الأرواح، وله أعوان على ذلك، غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب".
الموت حقيقة لا تميز بين شاب وكبير، ولا بين غني وفقير، لذا ينبغي على كل إنسان أن يوقن بوقوع أجله وإن تأخر وأن يكون على استعداد للموت فجأة؛ لأنه يأتي فجأة، والاستعداد للموت يكون بالتوبة المستمرة، فكلما عصى رجع وأناب قال صلى الله عليه وسلم: "اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ"(رواه الترمذي).
وليس صحيحا أن للموت أيام أو شهور معينة فالأقدار توفى على مدار العام وفي أي ثانية من الثواني قد يفارق كل منا الحياة فرادا أو جماعات فكم من قرية أتتها صاعقة أو عذاب أو ريح وغيرها من الأمور التي جعلت عاليها سافلها، وكم من قرية بدلت من بعد عذابها أمنا.