جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-15@23:18:31 GMT

"لقد فقدوا شرفهم"

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

'لقد فقدوا شرفهم'

 

محمد بن رضا اللواتي

بهذه الكلمات وصفت العضوة في البرلمان الفرنسي ماتليدا يانوت الاستقبال الحافل لأحد وزراء الكيان الإسرائيلي القاتل عندما خطبت تقول: "كيف تجرؤ على استقبال أكثر الوجوه قسوة لعميلة الإبادة في غزة ولبنان، 43 ألف شخص و14 ألف طفل، الرجل الذي ينبغي أن يكون على مقعد المتهم في محكمة دولية؟ ألا ترى أنَّ فرنسا تفقد شرفها"؟

أما مقررة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين، الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، والتي سبق وأن أدلت بتصريحات اتهمت فيها الولايات المتحدة وأوروبا بالخضوع للوبي الصهيوني، فقد تجاوزت في وصفها للغرب مرحلة "فقدان الشرف" إلى فقدان "الإنسانية" عندما قالت: "هل يُعقل بعد مقتل 42 ألف شخص، أنكم لا تستطيعون التعاطف مع الفلسطينيين لدرجة أن بعضكم لم يُعلق بحرف تجاه ما يحدث في غزة، مع العلم بأن التعاطف هو الذي يبرهن على وجود الإنسانية فينا؟ إنكم بتصرفاتكم هذه قد نقلتم رسالة إلى جيل الشباب في بلدان كبريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بأن موضوع "حقوق الإنسان" جيد للدراسة والمناقشة في الجامعات والمدارس فحسب، ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

. فلا!".

كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية بدوره، فقد صرح يقول إنه تلقى تهديدات من مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكي يحذرونه بحزمة من التهديدات منها أنهم سوف يستهدفونه فيما إذا استهدف إسرائيل، وأن مصيره الطرد من الولايات المتحدة مع عائلته. وكان خان قد أخبر أيضًا بأن أحد القادة الغربيين قد قال له عندما كان هذا الأخير يتابع موضوع ملاحقة شخصيات إسرائيلية متهمة بجرائم حرب وضد الإنسانية، قال له إن هذه المحكمة مخصصة للأفارقة، وللبلطجيين أمثال بوتين، وليس للشخصيات الإسرائيلية!

هذه التصريحات لأولئك الثلاثة الذين يواجهون اللوبي الصهيوني الآن يتتبع خطاهم ولن يهدأ له بال إلّا بتنحيتهم عن مراكزهم، كما تُخبرنا بأن الكيان الذي كان يُوصف "بالغاصب" فيما سبق، وعندما أراد أن يرتقي ليكون في مصاف الكيانات "القاتلة" ويوغل عميقًا في دماء الأبرياء والعُزل من الكهول والنساء والأطفال، ويُظهر وحشية في سفك الدماء لم ترَ العصور الأخيرة نظيرا لها من هدم المستشفيات والمدارس ومخيمات الإيواء، وما يترتب على ذلك من نزعِهِ لصفة الإنسانية عنه، كان لا بُد وأن ترافقه حملة إعلامية تعمل على قلب المفاهيم التي استندت عليها العائلة البشرية برمتها فيما سبق واعتنقتها بصفتها مجموعة من القيم التي تحكي عن انسانيتها وتتشكل متنها منها، وفعلا وإذا بنا نجد مرحلة جديدة لتوصيف جرائم الإبادة الإسرائيلية، فمن صمت مطبق إلى تأييد وإبداء الرضا والفرح لمقتل المستضعفين وتهديد كل من تسول له نفسه بالتنديد.

هذه هي المرحلة الجديدة من الاستكبار العالمي، فبعد التنكر لله تعالى وإلغائه من حياة الإنسان الغربي، سار العمل نحو تشويه فطرته بتحويله إلى أحط من المجتمعات الحيوانية بترويج المثلية فيه بقوة الإعلام والسلاح كذلك، وأخيرا بالقتل العلني للأبرياء بصفته فعل مرضٍ ومؤيد محاط بقمع وحشي لكل من يقابله بالاعتراض كما رأينا طريقة قمع المظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.

مجرمو الحرب من قادة الكيان الذي ولغ في دماء الضعفاء أمام مرأى ومسمع العالم يعلمون جيدا بأنهم لن يمضوا طويلا في فك الإنسانية عن نفسها، فإرادة مقاومة هذا الإجرام لن تنعدم في شرفاء هذا العالم، وقد أنبأهم آخر أسفار العهد القديم وأصغرها حجما، من مجموع 39 سفرا، وهو سفر "ملاخي" بأن نهاية مروعة تنتظرهم، فلقد نطق الرب يصفهم: "الشعب الذي غضب عليه الرب إلى الأبد" (الاصحاح الأول)، وقال فيهم الرب وصيته: "والآن إليكم هذه الوصية أيها الكهنة، إن كنتم لا تسمعون ولا تجعلون في القلب لتعطوا مجدًا لاسمي، قال رب الجنود فإني أرسل عليكم اللعن وألعن بركاتكم؛ بل قد لعنتها لأنكم لستم جاعلين في القلب.. أما أنتم فحدتم عن الطريق وأعثرتم كثيرين بالشريعة أفسدتم عهد لاوي قال رب الجنود، فأنا أيضا صيرتكم محتقرين ودنيئين عند كل الشعب" (الإصحاح الثاني)، وكذلك "فأنتم يا بني يعقوب من أيام آبائكم حدتم عن فرائضي ولم تحفظوها... قد لعنتم لعنًا" (الإصحاح الثالث).  

"ثمَّة أفجار (جمع فجر) جديدة لم تبزغ بعد". (نيتشه).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عندما يطرق السرطان باب العائلة.. كيف تكون سندا حقيقيا للمريض؟

يُعد دعم عائلة مريض السرطان من أهم الأدوار التي يمكن أن تلعبها الأسرة والمحيطون في رحلة العلاج والتعافي. فالسرطان لا يصيب المريض وحده فقط، بل تمتد آثاره إلى كل من يحيط به عاطفيا ونفسيا وعمليا.

تلعب العائلة دورا جوهريا في تخفيف العبء النفسي والمعنوي والجسدي عن المريض، وتساهم في خلق بيئة داعمة وآمنة تعزز من فرصه في التحمل والاستجابة للعلاج.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من الطلاق الانتقامي إلى التعافي.. خطوات الانتصار الذاتي بعد الانفصالlist 2 of 2العمارة الصحراوية بالمغرب.. جمال يتناغم مع الطبيعة وضرورات المناخend of listالدعم العاطفي

أحد أهم أشكال الدعم هو الدعم العاطفي الذي يبدأ بالاستماع الفعّال دون أحكام أو مقاطعة. يجب أن يُسمح للمريض بالتعبير عن مشاعره بكل حرية، سواء كانت خوفا أو غضبا أو حزنا، دون محاولة التقليل من مشاعره أو دفعه قسرا نحو التفاؤل.

أحيانا، لا يحتاج المريض إلى حلول، بل إلى من يسمعه ويوجد إلى جانبه، فالحضور الجسدي وحده، من خلال لمسة أو عناق، يمكن أن يكون بليغا في تعبيره عن المساندة، كما أن التواصل المستمر ضروري، حتى وإن لم يظهر المريض رغبة دائمة في الحديث، فإن مكالمة بسيطة أو رسالة نصية قد تصنع فارقا كبيرا في يومه.

في حالات التأثر العميق أو الاضطراب النفسي، من المفيد كذلك تشجيع المريض أو أفراد أسرته على اللجوء إلى العلاج النفسي أو الاستشارات المتخصصة.

المساندة العملية

أما على الجانب العملي، فالعائلة تستطيع أن تخفف الكثير من الأعباء اليومية عن المريض عبر تقديم المساعدة المباشرة والملموسة. بدلاً من السؤال العام "هل تحتاج شيئًا؟"، من الأفضل أن تُعرض خدمات محددة، كإعداد الوجبات، أو المساعدة في الأعمال المنزلية، أو توصيله للمواعيد الطبية، أو حتى رعاية أطفاله إن وُجدوا.

التنظيم مهم في هذا السياق، ويمكن للعائلة استخدام أدوات إلكترونية أو جداول مشتركة لتنسيق المهام بين أفرادها، مثل تنظيم المواعيد الطبية، ومرافقة المريض، أو ترتيب الأدوار اليومية.

دعم مقدم الرعاية

ويجب ألا نغفل أهمية دعم مقدم الرعاية الأساسي، وهو في الغالب أحد أفراد الأسرة الذين يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية. هؤلاء بحاجة أيضًا إلى استراحة، ودعم نفسي، ومساعدة في المهام التي قد تكون مرهقة جسديا ونفسيا. وإن أمكن، قد تفكر الأسرة في تقديم مساعدات مالية مباشرة أو ربط المريض بمنظمات توفر دعما ماديا لتغطية تكاليف العلاج أو النقل أو الإقامة.

دعم عائلة مريض السرطان يتطلب وعيا عاطفيا واستعدادا عمليا ومرونة نفسية (فري بيك)احترام الفروق النفسية

في هذا السياق، من المهم أن يُراعى التواصل المتوازن والمناسب لكل فرد داخل العائلة، إذ تختلف أنماط التكيف النفسي والتعامل مع المرض من شخص لآخر. فبعضهم يفضل الحديث المطول، وآخرون قد يفضلون الصمت أو العزلة المؤقتة. احترام هذه الفروق النفسية وتفضيلات كل فرد يعزز من قدرة الأسرة على تقديم الدعم الفعّال دون ضغط.

مشاعر متضاربة

على الجانب الآخر، لا بد من التوقف عند المشكلات النفسية التي تواجه العائلة نفسها، إذ قد تتعرض الأسرة لمجموعة من المشاعر المتناقضة والمؤلمة نتيجة التغير المفاجئ الذي يفرضه السرطان. ومن أبرز هذه المشاعر: الخوف والقلق، لاسيما بشأن مدى فعالية العلاج أو احتمال عودة المرض أو تقدّمه، فضلا عن الشعور بفقدان السيطرة حيال المستقبل.

إعلان

كذلك يظهر الحزن بشكل واضح، سواء كحالة مستمرة من الاكتئاب أو كحزن على نمط الحياة السابق، أو الخوف من فقدان المريض. الشعور بالعجز حيال ما يمكن تقديمه، والإنهاك النفسي والجسدي بسبب أعباء الرعاية الطويلة، كلها مشاعر شائعة.

غضب وشعور بالذنب

ولا تُعد مشاعر الغضب والاستياء أمرا نادرا، فقد يشعر البعض بالغضب من المرض ذاته لأنه دمّر توازن حياتهم، أو يشعرون بالإحباط من صعوبة الأوضاع. وأحيانا، قد تظهر مشاعر الاستياء من المريض نفسه، رغم صعوبة الاعتراف بذلك، بسبب ضغوط الرعاية أو تغير الديناميكية الأسرية.

كما أن الشعور بالذنب يمثل تحديا كبيرا، إذ قد يشعر بعض أفراد العائلة بالذنب لأنهم لا يعانون مثل المريض، أو يعتقدون أنهم كان يمكنهم فعل شيء للوقاية من المرض، أو يندمون على تأثير المرض على بقية أفراد الأسرة أو على وظائفهم.

مشاعر الغضب والاستياء لا تعد أمرا نادرا، فقد يشعر البعض بالغضب من المرض ذاته لأنه دمّر توازن حياتهم (فري بيك)العزلة والتواصل

من التحديات الشائعة أيضًا شعور العائلة بالعزلة، سواء بسبب تراجع علاقاتهم الاجتماعية، أو شعورهم بأن لا أحد يفهم حقيقة ما يمرون به، أو بسبب غياب شبكة دعم كافية. كما أن التواصل بين أفراد الأسرة أو مع المريض ذاته قد يصبح معقدًا، خاصة في ما يتعلق بالمحادثات الصعبة أو المواضيع الحساسة.

هذه المشاعر والتحديات تختلف من عائلة لأخرى، لكن إدراكها والتعامل معها بوعي من خلال طلب الدعم المتخصص أو الانضمام إلى مجموعات دعم يمكن أن يحدث فرقا حقيقيا في إدارة هذه المرحلة.

إستراتيجيات التواصل

من المهم أن تعتمد العائلة أساليب تواصل فعّالة تُراعي حساسية المرحلة التي يمر بها المريض. ويبدأ ذلك بتهيئة بيئة آمنة ومريحة تسمح بالحوار الصادق، بعيدا عن الضوضاء والمشتتات.

وينبغي منح الجميع فرصة للتأمل دون استعجال الردود، لأن لحظات الصمت قد تحمل في طياتها كثيرًا من المعاني. ويُعد الاحترام المتبادل حجر الأساس في هذا التواصل، مع إدراك أن كل فرد يتفاعل مع الصدمة بطريقته الخاصة.

يمكن تحفيز الحديث من خلال طرح أسئلة مفتوحة مثل: "كيف كان شعورك اليوم؟"، دون الضغط على الطرف الآخر للكلام. كما أن الإنصات بعمق، والامتناع عن المقاطعة، والتعبير عن التعاطف دون إطلاق أحكام، كلها ممارسات ضرورية لبناء الثقة وتعزيز الترابط الأسري في مواجهة المرض.

الصدق والتوازن

الصدق من ركائز الحوار الصحي، لذلك يجب إبلاغ أفراد العائلة بالمعلومات حول التشخيص والعلاج بصورة واضحة ومناسبة لأعمارهم. وينبغي عدم التهرب من المواضيع الصعبة إذا كان هناك استعداد للحديث عنها، لكن تراعى الموازنة بين الصراحة وتقديم الأمل.

أيضًا، عند عرض المساعدة، من الأفضل أن تكون المساعدات واضحة ومحددة، مثل "هل أجهز لك وجبة غذاء اليوم؟" بدلًا من عرض عام. كذلك، يمكن اللجوء إلى الموارد المتاحة مثل الأخصائيين الاجتماعيين في المستشفى، أو مجموعات الدعم، أو استخدام أدوات مثل موقع "كيرنغ بريدغ" CaringBridge، وهو موقع لمنظمة غير ربحية يهدف إلى توفير بيئة داعمة وسرية لعائلات مرضى السرطان أثناء الرحلة الصحية أو العلاجية.

إعلان

ويسمح بإنشاء موقع شخصي مجاني وآمن يُستخدم لمشاركة التحديثات الصحية، والصور، والرسائل التشجيعية مع الأصدقاء والعائلة في مكان مركزي، مما يخفف عنهم عبء إعادة التواصل الفردي مع كل شخص.

من المفيد تشجيع المريض أو أفراد أسرته على اللجوء إلى العلاج النفسي أو الاستشارات المتخصصة (بيكسلز)مهام متعددة

لا تقتصر أدوار الأسرة على العناية المباشرة بالمريض، بل تمتد لتشمل الدعم المعنوي والنفسي، والمساعدة في الأعمال اليومية، وتوصيل المريض لمواعيده، ومتابعة أدويته، أو تسهيل التواصل مع الفريق الطبي والتأمين الصحي.

وقد يتطلب الأمر أيضًا أن يتولى أحد أفراد العائلة مهمة "الدفاع عن المريض"، أي تمثيله في المواعيد الطبية، وطرح الأسئلة المهمة، والتأكد من احترام رغباته. كما أن الدعم يمكن أن يُقدَّم من أفراد يعيشون بعيدا جغرافيا، من خلال المكالمات أو تنسيق الخدمات أو حتى إجراء البحوث لمساعدته.

العودة للحياة

من المهم أيضا أن يُراعي الجميع حاجة المريض إلى الاستمرار في حياته اليومية بشكل طبيعي قدر الإمكان، وتذكيره بأنه لا يزال إنسانًا له اهتمامات وطموحات خارج المرض. ويمكن أن يكون للاحتفال بالمناسبات الصغيرة أو الحفاظ على الروتين اليومي أثر إيجابي في تعزيز إحساسه بالحياة.

وبالنسبة للأطفال داخل الأسرة، من المهم تقديم الشرح لهم بطريقة تناسب أعمارهم، ومنحهم دورا بسيطا إن أمكن، لإشراكهم في الدعم ولتقليل شعورهم بالخوف أو الارتباك.

وأخيرا فإن دعم عائلة مريض السرطان يتطلب وعيا عاطفيا، واستعدادا عمليا، ومرونة نفسية. وهو ليس دورا سهلا، لكنه ضروري وأساسي في رحلة العلاج والتأقلم.

ولا شك أن التحلي بالصبر، والحفاظ على التواصل الصادق، وتقديم الرعاية بمحبة، كلها عوامل قادرة على صنع فرق حقيقي في حياة المريض وكل من حوله.

مقالات مشابهة

  • عندما يطرق السرطان باب العائلة.. كيف تكون سندا حقيقيا للمريض؟
  • فوق السلطة: إسرائيل تُحمّل أنس الشريف مسؤولية طوفان الأقصى
  • الأمم المتحدة: 1760 قتيلاً في غزة أثناء انتظار المساعدات والكارثة الإنسانية تتفاقم
  • مؤسسة غزة الإنسانية تكشف تلقيها تمويلا من دول أوروبية
  • مدرب نيوكاسل: الحرب الباردة مع إيساك ليست مثالية
  • مشجع يرفض قص شعره بسبب مانشستر يونايتد
  • داخل المنجم الذي يغذي صناعة التكنولوجيا ويموّل متمردي الكونغو
  • لازاريني: يجب ألا يصمت أحد عندما يموت الأطفال في غزة
  • عراقجي: العقوبات اللاإنسانية للولايات المتحدة وحلفاؤها جريمة ضد الإنسانية
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية: احتلال غزة بالكامل سيعمق الكارثة الإنسانية بكافة أبعادها