"لقد فقدوا شرفهم"
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
محمد بن رضا اللواتي
بهذه الكلمات وصفت العضوة في البرلمان الفرنسي ماتليدا يانوت الاستقبال الحافل لأحد وزراء الكيان الإسرائيلي القاتل عندما خطبت تقول: "كيف تجرؤ على استقبال أكثر الوجوه قسوة لعميلة الإبادة في غزة ولبنان، 43 ألف شخص و14 ألف طفل، الرجل الذي ينبغي أن يكون على مقعد المتهم في محكمة دولية؟ ألا ترى أنَّ فرنسا تفقد شرفها"؟
أما مقررة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين، الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، والتي سبق وأن أدلت بتصريحات اتهمت فيها الولايات المتحدة وأوروبا بالخضوع للوبي الصهيوني، فقد تجاوزت في وصفها للغرب مرحلة "فقدان الشرف" إلى فقدان "الإنسانية" عندما قالت: "هل يُعقل بعد مقتل 42 ألف شخص، أنكم لا تستطيعون التعاطف مع الفلسطينيين لدرجة أن بعضكم لم يُعلق بحرف تجاه ما يحدث في غزة، مع العلم بأن التعاطف هو الذي يبرهن على وجود الإنسانية فينا؟ إنكم بتصرفاتكم هذه قد نقلتم رسالة إلى جيل الشباب في بلدان كبريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بأن موضوع "حقوق الإنسان" جيد للدراسة والمناقشة في الجامعات والمدارس فحسب، ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية بدوره، فقد صرح يقول إنه تلقى تهديدات من مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكي يحذرونه بحزمة من التهديدات منها أنهم سوف يستهدفونه فيما إذا استهدف إسرائيل، وأن مصيره الطرد من الولايات المتحدة مع عائلته. وكان خان قد أخبر أيضًا بأن أحد القادة الغربيين قد قال له عندما كان هذا الأخير يتابع موضوع ملاحقة شخصيات إسرائيلية متهمة بجرائم حرب وضد الإنسانية، قال له إن هذه المحكمة مخصصة للأفارقة، وللبلطجيين أمثال بوتين، وليس للشخصيات الإسرائيلية!
هذه التصريحات لأولئك الثلاثة الذين يواجهون اللوبي الصهيوني الآن يتتبع خطاهم ولن يهدأ له بال إلّا بتنحيتهم عن مراكزهم، كما تُخبرنا بأن الكيان الذي كان يُوصف "بالغاصب" فيما سبق، وعندما أراد أن يرتقي ليكون في مصاف الكيانات "القاتلة" ويوغل عميقًا في دماء الأبرياء والعُزل من الكهول والنساء والأطفال، ويُظهر وحشية في سفك الدماء لم ترَ العصور الأخيرة نظيرا لها من هدم المستشفيات والمدارس ومخيمات الإيواء، وما يترتب على ذلك من نزعِهِ لصفة الإنسانية عنه، كان لا بُد وأن ترافقه حملة إعلامية تعمل على قلب المفاهيم التي استندت عليها العائلة البشرية برمتها فيما سبق واعتنقتها بصفتها مجموعة من القيم التي تحكي عن انسانيتها وتتشكل متنها منها، وفعلا وإذا بنا نجد مرحلة جديدة لتوصيف جرائم الإبادة الإسرائيلية، فمن صمت مطبق إلى تأييد وإبداء الرضا والفرح لمقتل المستضعفين وتهديد كل من تسول له نفسه بالتنديد.
هذه هي المرحلة الجديدة من الاستكبار العالمي، فبعد التنكر لله تعالى وإلغائه من حياة الإنسان الغربي، سار العمل نحو تشويه فطرته بتحويله إلى أحط من المجتمعات الحيوانية بترويج المثلية فيه بقوة الإعلام والسلاح كذلك، وأخيرا بالقتل العلني للأبرياء بصفته فعل مرضٍ ومؤيد محاط بقمع وحشي لكل من يقابله بالاعتراض كما رأينا طريقة قمع المظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
مجرمو الحرب من قادة الكيان الذي ولغ في دماء الضعفاء أمام مرأى ومسمع العالم يعلمون جيدا بأنهم لن يمضوا طويلا في فك الإنسانية عن نفسها، فإرادة مقاومة هذا الإجرام لن تنعدم في شرفاء هذا العالم، وقد أنبأهم آخر أسفار العهد القديم وأصغرها حجما، من مجموع 39 سفرا، وهو سفر "ملاخي" بأن نهاية مروعة تنتظرهم، فلقد نطق الرب يصفهم: "الشعب الذي غضب عليه الرب إلى الأبد" (الاصحاح الأول)، وقال فيهم الرب وصيته: "والآن إليكم هذه الوصية أيها الكهنة، إن كنتم لا تسمعون ولا تجعلون في القلب لتعطوا مجدًا لاسمي، قال رب الجنود فإني أرسل عليكم اللعن وألعن بركاتكم؛ بل قد لعنتها لأنكم لستم جاعلين في القلب.. أما أنتم فحدتم عن الطريق وأعثرتم كثيرين بالشريعة أفسدتم عهد لاوي قال رب الجنود، فأنا أيضا صيرتكم محتقرين ودنيئين عند كل الشعب" (الإصحاح الثاني)، وكذلك "فأنتم يا بني يعقوب من أيام آبائكم حدتم عن فرائضي ولم تحفظوها... قد لعنتم لعنًا" (الإصحاح الثالث).
"ثمَّة أفجار (جمع فجر) جديدة لم تبزغ بعد". (نيتشه).
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لغز محير حتى في إسرائيل.. من يُموّل “مؤسسة غزة الإنسانية”؟
#سواليف
تتزايد في إسرائيل تساؤلات عن مصدر #تمويل ما تسمى “بمؤسسة غزة الإنسانية” المشبوهة والمدعومة أميركيا وإسرائيليا، والتي تأسست حديثا لإقصاء مؤسسات #الأمم_المتحدة من عمليات الإغاثة التي تستهدف #الفلسطينيين بقطاع #غزة المحاصر.
وفي حين يستبعد بعض قادة المعارضة الإسرائيلية أن تقوم إسرائيل أو الولايات المتحدة بتمويل المساعدات في غزة وكذلك تكاليف توزيعها، ترى صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الحكومة قد تقوم بتوزيع تلك المساعدات حاليا على نفقتها أو تسدد قيمتها لأجل لاحق ريثما يتم جمع تمويل لها.
ومنذ 20 شهرا ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وبدأت قبل 3 أشهر عملية تجويع ممنهج ومنعت جميع المؤسسات الدولية من إدخال إمدادات، وتحت ضغط دولي ومطالبات حثيثة ادعت تل أبيب توظيف ما تسمى “بمؤسسة غزة الإنسانية” لإدخال مساعدات.
مقالات ذات صلة عملية سطو تفرغ المستشفى الأمريكي في غزة من محتوياته.. حتى إطارات سيارات الإسعاف (صور) 2025/05/30وتقدر عمليات تلك المؤسسة بعشرات ملايين الدولارات، فيما تُظهر رزم المساعدات التي تم توزيعها على الفلسطينيين قبل أيام أن المنتجات قادمة من شركات إسرائيلية، وليست من المساعدات التي تأتي من دول العالم.
ووفق وكالة الأناضول ليس ثمة موقع لـ” #مؤسسة_غزة_الإنسانية ” المسجلة أساسا في سويسرا، على أي من المنصات في الشبكة الإلكترونية.
تبعية غامضة
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية -اليوم الجمعة- إن ” #شركات #التسويق #الإسرائيلية الكبرى تُكافح لحلّ لغز محير: من يُمول عملية المساعدات الإنسانية في غزة؟”.
وأضافت: “يُقال إن هذه المبادرة مدعومة من مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) وتُديرها شركة سيف ريتش سوليوشنز (SRS) الأميركية”.
ونقلت الصحيفة عن رئيس تنفيذي لشركة إسرائيلية كبرى (لم تسمّه) قوله: “نريد العمل مع SRS، لكننا لم نتمكن من الوصول إليهم”.
وأضاف: “تمكّنا من التواصل مع مؤسسة غزة الإنسانية، واجتمع معي ممثلوهم وأوضحوا لي أنهم يعتزمون تكليفنا بإدارة عملية توصيل الغذاء إلى غزة بالكامل، لكنهم ببساطة لا يملكون الأموال اللازمة”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن حجم العملية هائل بالفعل، إذ قدّرت مؤسسة غزة الإنسانية تكلفة الوجبة الواحدة بـ 1.30 دولار أميركي، وتخطط لإطعام 1.2 مليون فلسطيني في غزة، ومن المتوقع أن تدعم منظمات الإغاثة الدولية الباقي.
وقالت: “يبلغ إجمالي المبلغ الشهري نحو نصف مليار شيكل، أي ما يعادل نحو 143 مليون دولار أميركي. ومع ذلك، يبدو هذا التقدير أقل بكثير من الواقع”.
وأضافت: “وفقًا لمؤسسة غزة الإنسانية، لا يقتصر هذا المبلغ على تغطية الوجبات الجاهزة فحسب، بل يشمل أيضًا مستلزمات النظافة الشخصية وتوصيل الإمدادات الطبية”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مُشارك في توزيع الغذاء للفئات المُحتاجة بغزة قوله إنه قد يراوح سعر العلبة المُستخدمة لتعبئة الطعام بين 2 و5 شواكل (ما يصل إلى نحو 1.50 دولار أميركي)”.
وأضاف أنه كذلك يجب توظيف فرق تعبئة وتغليف، وتغطية تكاليف النقل، ودفع ثمن الوقود، وحتى تغطية ثمن الشريط اللاصق.
تكتم على التمويل
ورفضت وزارتا الدفاع والمالية الإسرائيليتان الإفصاح عما إذا كانت الحكومة تُموّل العملية، وكذلك التعليق على ما إذا كانت إسرائيل قد قدّمت ضمانات، تسمح بشراء السلع بالدين، على أمل أن تُغطّي جهات أخرى التكاليف لاحقًا، وبالمثل، رفضت الخارجية الأميركية الردّ على أسئلة حول الموضوع، حسب المصدر نفسه.
وقالت هآرتس إنه مع ذلك، فقد جادل قادة المعارضة الإسرائيلية، الثلاثاء، بأنّ إسرائيل تُقدّم التمويل، إذا حثّ زعيم المعارضة يائير لبيد الحكومة على الإعلان رسميًا عن تمويلها للمساعدات.
بدوره، قال وزير الدفاع الأسبق زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، بمنشور على منصة إكس “إن أموال المساعدات الإنسانية تأتي من الموساد ووزارة الدفاع، مئات الملايين من الدولارات على حساب المواطنين الإسرائيليين”.
وقال اليميني المعارض ليبرمان لصحيفة “هآرتس”، الأربعاء “ليس لدي أي دليل، ولكن بصفتي شخصًا مُلِمًّا بهذه الأنظمة جيدًا، يتضح لي أنها شركة تعمل دون أيّ خلفية أو خبرة”.
وأضاف: “يبدو الأمر جليا، حتى لو كانت جهات مسجلة في الولايات المتحدة، فإن الكيان الذي بادر بالعملية ودفع بها هو إسرائيل أو جهات تعمل نيابة عنها”.
وتابع ليبرمان: “يتم ذلك بطريقة سافرة وغير متقنة، ما حدث هنا هو أن المساعدات المقدمة لغزة، والتي كانت تُموّل دوليا سابقا، تُموّل الآن من إسرائيل”، وفق قوله.
واستدركت الصحيفة “إذا كانت إسرائيل تُموّل المشروع بالفعل، أو تُقدّم ضمانات، أو تُقدّم تمويلا مؤقتا ريثما يتم جمع التبرعات، فهذا يبرر رغبة الحكومة في إبقاء الأمر طي الكتمان”.
مخطط للتهجير
وبسياسة متعمدة تمهد لتهجير قسري، مارست إسرائيل تجويعا بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
واستبعدت تل أبيب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وكلفت “مؤسسة غزة الإنسانية” المرفوضة أمميا ومحليا، بتوزيع مساعدات شحيحة جدا جنوب قطاع غزة لذر الرماد في العيون، ولإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
لكن المخطط الإسرائيلي فشل تحت وطأة المجاعة، بعد أن اقتحمت حشود فلسطينية يائسة مركزا لتوزيع مساعدات جنوب القطاع، فأطلق عليها الجيش الإسرائيلي الرصاص وأصاب عددا منهم، وفق المكتب الإعلامي بغزة.
وما تسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” شركة أميركية يقع مقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا وتأسست في فبراير/شباط 2025 قائلة إنها تهدف إلى “تخفيف الجوع في قطاع غزة” عبر إيصال المساعدات للغزيين مع “ضمان عدم وقوعها بأيدي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)” وبدأت تنشط أواخر مايو/أيار من العام نفسه.
ووفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، فإن أول من طرح فكرة تولي شركات مدنية مسؤولية توزيع المساعدات في غزة هو جهات إسرائيلية، بهدف تجاوز الأمم المتحدة والاعتماد على مؤسسات تفتقر للشفافية المالية.