ضغوط الإقليم تشعل من جديد جدل السلاح بلبنان والعراق
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
بين بيروت وبغداد، عاد الجدل حول سلاح القوى الموالية لإيران إلى الواجهة، في لحظة تتقاطع فيها الضغوط الإقليمية مع استحقاقات داخلية حاسمة.
ومع اقتراب مواعيد تنفيذ خطط حصر السلاح في لبنان والعراق، يتشابك المحلي بالإقليمي، في مشهد ينذر بمواجهة سياسية وربما أمنية أوسع.
وأشعل خطاب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم سجالا حادا في لبنان بعدما حذّر من "فتنة" قد تترتب على قرارات رسمية لنزع سلاح المقاومة، مؤكدا رفض أي تسليم في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الموقف أثار ردودا غاضبة، أبرزها من رئيس الوزراء نجيب سلام، الذي عدّ التصريحات تهديدا مبطنا للحرب الأهلية، مؤكدا أن السلاح يجب أن يكون حصرا بيد الدولة.
وفي قلب النقاش، دافع محمود قماطي نائب رئيس المجلس السياسي للحزب -خلال حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- عن خطاب قاسم، معتبرا أن التحذير جرى تحريفه، وأن الهدف منه التنبيه إلى مخاطر قرارات حكومية قد تفتح الباب لفتنة واضطرابات داخلية.
وذكّر بأن السلاح، من وجهة نظر الحزب، ليس أداة حزبية، بل إنه خط دفاع أول عن لبنان وعن الأمن القومي العربي، وثمرة مسار ممتد لنصف قرن في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا أن تسليمه في ظل استمرار الاحتلال والاستباحة أمر غير منطقي ولا مبرر له.
مفردات تهويليةفي المقابل، رأى هادي أبو الحسن، أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي، أن الخطاب تضمن مفردات تهويلية لا تنسجم مع التزامات الحكومة في تنفيذ القرار 1701.
وحذر من أن الرفض المطلق لتسليم السلاح يعرّض لبنان لخطر عدوان جديد، ودعا إلى التمسك بالخطة الأممية والعربية التي تتضمن ضمانات لتعزيز الجيش ودعم قدراته.
هذا الانقسام يعكس معضلة أعمق بين من يرى أن الاحتفاظ بالسلاح ضرورة في مواجهة الاحتلال، ومن يعتبره عائقا أمام حصرية القرار السيادي، خصوصا مع اقتراب مهلة الخطة الحكومية نهاية العام، مما يضاعف الضغط على الداخل الهش سياسيا وأمنيا.
إعلانوسرعان ما اكتسب الجدل بعدا إقليميا إثر بيان لكتائب حزب الله في العراق رفضت فيه المساعي لنزع سلاح المقاومة، ودعت إلى تعزيز الترسانة الدفاعية لمواجهة "الذرائع الواهية" التي تُطرح في لبنان والعراق.
وحسب الباحث الأول في مركز الجزيرة لقاء مكي، فإن التزامن بين الموقفين يعكس تنسيقا متعمدا قبل استحقاقات متقاربة، إذ يتم يجري ربط السلاح بالهوية الطائفية في خطاب الطرفين، وهي مقاربة تنذر –برأيه– بتهيئة مناخ قابل للانزلاق نحو صراع أهلي.
ويشير مكي إلى أن هذا الخطاب لا يقتصر على الجبهتين اللبنانية والعراقية، بل يمتد ليشمل الساحة السورية عبر استدعاء تهديدات في السويداء، في إطار تصوير الصراع على أنه مواجهة وجودية لمحور كامل في مواجهة مشروع "صهيوني أميركي".
توازنات طائفيةمن جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية أن السلاح بالنسبة لحزب الله –في لبنان والعراق– أصبح أداة للحفاظ على الموقع داخل التوازنات الطائفية، إلى جانب دوره العسكري.
ففي لبنان، كان هذا السلاح تعويضا عن ضعف الحصة السياسية للمكوّن الشيعي في اتفاق الطائف، في حين يضيف الاحتلال الإسرائيلي لمناطق جنوبية ذات غالبية شيعية ثقلا إضافيا لأي موقف يرفض التخلي عن السلاح.
ويربط قمورية هذا البعد المحلي بصراع أوسع بين واشنطن وطهران، حيث ينعكس ميزان القوة بين الطرفين مباشرة على قدرة حلفائهما على المناورة أو التراجع.
أما في العراق، فتضغط الولايات المتحدة –وفق مكي– لمنع تشريع قانون ينظم عمل الحشد الشعبي، خشية أن يكرس وجود فصائل مرتبطة بإيران داخل المنظومة الأمنية، وهو ما يضع الحكومة بين التزاماتها الخارجية وموازين القوى الداخلية.
بهذه الصورة، تبدو ساحتا بيروت وبغداد أشبه بـ"أوانٍ مستطرقة" تتأثر إحداهما بما يجري في الأخرى، حسب مكي، مما يجعل الاستقرار مرهونا ليس فقط بالتفاهمات المحلية، بل أيضا بمآلات المفاوضات الأميركية الإيرانية ومسار الحرب في غزة.
وفي غياب تسوية شاملة، يظل خطر التصعيد قائما، وسط تحذيرات من أن أي خطوة غير محسوبة قد تدفع المنطقة إلى مواجهة أوسع تمتد من جنوب لبنان إلى قلب العراق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات لبنان والعراق فی لبنان
إقرأ أيضاً:
إسرائيل الكبرى تشعل أزمة مع الأردن.. وعمّان تتحدى الاحتلال
عمّان – أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين اليوم الأربعاء تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، التي تحدث فيها عن التمسك بما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، واعتبرتها تصعيدًا استفزازيًا خطيرًا يمثل تهديدًا لسيادة الدول ومخالفة صريحة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير الدكتور سفيان القضاة، رفض المملكة القاطع لهذه التصريحات، واصفًا إياها بالتحريضية، ومشدداً على أن مثل هذه الأوهام السياسية لا تمس الأردن أو الدول العربية، ولا تُنقص من الحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني.
وأشار القضاة إلى أن هذه التصريحات والممارسات تعكس عمق الأزمة التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، والتي تتزامن مع تزايد عزلتها الدولية في ظل استمرار عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلتين.
وحذر القضاة من أن تبني هذه الرؤى المتطرفة من قبل مسؤولين في حكومة الاحتلال يساهم في تأجيج العنف وإدامة الصراع، داعيًا إلى موقف دولي واضح يدين هذه التصريحات ويُحذر من تداعياتها الخطيرة على أمن المنطقة واستقرارها، ومطالبًا بمحاسبة المسؤولين عنها.
كما شدد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف جميع الممارسات والتصريحات التحريضية الصادرة عن الاحتلال الإسرائيلي، لما تشكله من تهديد مباشر للأمن والسلم في المنطقة والعالم.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن