لجريدة عمان:
2025-05-24@09:19:24 GMT

الموت والوجود (أُنطولوجيا الموت)

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

الكلام عن أُنطولوجيا الموت هو كلام عن الموت من حيث هو ظاهرة كلية عامة فـي الوجود، وليس من حيث هو ظاهرة يمكن أن يعيشها أو يعانيها الفرد فـي تجربة الحياة. ولا شك فـي أن الكلام عن الموت بهذا الاعتبار يبدو كلامًا خارج السياق فـي هذه الآونة التي يموج فـيها العالم بأحداث كبرى تؤثر فـي مجريات الواقع وتستدعي التأمل؛ ولذلك فإن دوائر السياسة والإعلام والصحف تنشغل فـي هذه الآونة برصد الصراعات والحروب التي لا تهدأ فـي عالمنا، فضلًا عن رصد وتحليل تبعات عودة الجمهوريين برئاسة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر تأثيرًا فـي الأوضاع والسياسات العالمية.

ومع ذلك، فإننا فـي خضم هذه الحقائق والأحداث الواقعية الجسام ننسى أو نتناسى أن الموت يظل هو الحقيقة اليقينية الكبرى، ليس فقط على المستوى الوجودي، وإنما أيضًا على المستوى الواقعي فـي عالمنا الراهن: فالموت يطل برأسه يوميًّا ليحصد الأفراد والجماعات فـي الصراعات والحروب، حتى باتت مشاهد الموت مألوفة فـي كل لحظة من لحظات حياتنا اليومية، وكأننا أمام حالة من صناعة الموت بفعل القتل والعدوان، ويكفـي أن نشاهد يوميًّا آلة القتل الإسرائيلية التي ترتكب مذابح قتل الفلسطينيين وغيرهم. وبذلك فإن حضور الموت الدائم يفرض نفسه علينا ويدعونا إلى تأمله. لنـتأمل أولًا معنى الدلالة الأُنطولوجية للموت:

يصف هَيدجر الوجود الإنساني بأنه وجود من أجل الموت أو -على الأدق- وجود متجه نحو الموت Zein zum Tode، وهو لا يعني بذلك أن الموت يمثل نهاية أو نقطة وصول نهائية لمسار الحياة؛ فالموت لا يشبه سقوط ثمرة بلغت تمام نضجها بعد مسار نموها، كما صوره ماركوس أوريليوس: فلو تصورنا الحياة باعتبارها مسارًا، وتساءلنا: أين يقع الموت على هذا المسار؟ فسنجد أن الموت لا يقع عند نقطة محددة من هذا المسار، بل يمكن أن يقع عند أية نقطة من هذا المسار باعتباره إمكانية دائمة كامنة فـي قلب الوجود. لا يعي الحيوان وغيره من الكائنات الحية هذه الحقيقة؛ لأن الحيوان لا يعرف الموت إلا فـي اللحظة التي يكون فـيها مهددًا بالموت، أما الموجود البشري فإنه يعي حقيقة الموت باعتباره متأصلًا فـي ماهية وجوده، أي باعتباره موجودًا متجهًا باستمرار نحو الموت؛ وهذا هو الأصل فـي الوعي بالزمانية والتناهي، وهو أيضًا سر من أسرار القلق الوجودي العميق المتأصل فـي طبيعة الموجود البشري الذي يعي معنى وجوده.

هذا فحوى ما يريد هيدجر قوله، وهو بلا شك حقيقة يقينية لا مراء فـيها. ومع ذلك فإننا لا يمكن أن نكتفـي بهذه الحقيقة فـي فهمنا لماهية الوجود الإنساني: حقًّا إننا نعي -أو ينبغي أن نعي- وجودنا باعتبارنا موجودات زمانية متناهية، ولكننا أيضًا لا ينبغي أن نكتفـي بفهم وجودنا باعتباره «وجودًا من أجل الموت» أو «وجودًا متجهًا نحو الموت: فنحن، وإن كنا موجودات متناهية، فإننا لم نُوجد بهذا الاعتبار وحده، أعني أننا لم نُوجد لكي نموت، وإنما لكي نبقى، على الأقل إذا كنا نريد أن نحيا كموجودات حقيقية. فما معنى أن نبقى، وعلى أي نحو يمكن أن نبقى؟ من البديهي أن البقاء هنا لا يعني عدم الموت، وإنما يعني البقاء رغم الزوال والتلاشي وفـي مواجهته، فمن دون ذلك يصبح الوجود الإنساني أشبه بالوجود الحيواني، أعني يصبح وجودًا متلاشيًّا لا يبقى منه شيء فـي هذا العالم من بعد زواله؛ ولذلك فإننا نصف الحيوان الذي انتهى أجله بأنه «قد نفق»، بينما نصف الموجود البشري الذي انتهى أجله بأنه «قد مات»؛ لأن الموت ليس «نفوقًا: أو تلاشيًا من الوجود؛ لأن الموجود البشري يمكن أن يظل باقيًا وحاضرًا فـي الوجود بعد مماته عبر قرون، بل عبر آلاف السنين. فعلى أي نحو يمكن أن يبقى الموجود البشري؟

يبقى الموجود البشري على أنحاء عديدة، من خلال الأفعال التي يقوم بها والأشياء التي يبدعها لتبقى بعد مماته: قد يتمثل ذلك فـي موته دفاعًا عن مبدأ أو قيمة عليا، وهو ما يتبدى فـي سير الأبطال والشهداء العظام التي تبقى عبر الأجيال، وفـي إبداعات الأفراد وصروح الحضارات ومنجزاتها التي تبقى شاهدة على حضور أصحابها فـي التاريخ. وربما أمكنني القول فـي النهاية: إن إبداعات الوجود الإنساني على مستوى الأفراد والأمم تنبع من دافعية أنثروبولوجية عميقة نحو البقاء، من دونها يصبح الوجود الإنساني عابرًا متلاشيًا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الموت یمکن أن وجود ا

إقرأ أيضاً:

الأكثر تألقًا على السجادة الحمراء..مجوهرات لا يمكن شراؤها

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أضاءت الماسات المتلألئة والأحجار الكريمة السجادة الحمراء في حفل ميت غالا الذي اختُتم مؤخرًا، ومهرجان كان السينمائي الذي لا يزال مستمرًا حتى تاريخ 24 مايو/آيار، ببريقٍ استثنائي.

تظهر قلادة إيشا أمباني المصمّمة خصيصًا لها كشلال من الماس، حيث قُطع كل حجر منها ورُصع بإتقان.

استُلهمت هذه الجوهرة اللافتة، التي ارتدتها المليارديرة الهندية من تصميم "كارتييه" التاريخي، الذي صُمّم في ثلاثينيات القرن الماضي لمهراجا ديجفيجايسينجي من ناواناجار، وأُعيد إنتاجه لاحقًا لفيلم "أوشنز 8".

Credit: Bre Johnson/BFA.com/Shutterstock

وقد ارتدى المغني والممثل الهندي ديلجيت دوسانجي قلادة فخمة، تُذكّر بالقلادة الاحتفالية المرصعة بألف قيراط من الماس، والتي صمّمتها "كارتييه" في عشرينيات القرن الماضي للمهراجا بوبيندر سينغ من باتيالا، والموجود حاليًا في متحف فيكتوريا وألبرت في العاصمة البريطانية لندن.

Credit: TheStewartofNY/Getty Images

وعندما خطفت المغنية الأمريكية ليدي غاغا الأضواء في حفل أوسكار 2019 بوضع ماسة "تيفاني" الصفراء الأسطورية بوزن 128.54 قيراط، وهي الماسة ذاتها التي اشتهرت بها الممثلة البريطانية أودري هيبورن خلال جولة الترويج لفيلم "Breakfast at Tiffany’s" عام 1961، بدا الأمر كأنه إطلاق صافرة البداية لعصر جديد.

واعتُبرت ليدي غاغا ثالث شخص فقط يرتدي هذه الماسة التاريخية التي تتجاوز قيمتها 30 مليون دولار.

Credit: Photo by Frazer Harrison/Getty Images

أصبحت موضة ارتداء القطع الأرشيفية على السجادة الحمراء أكثر بروزًا في حفل ميت غالا 2022، عندما ألهمت قاعدة اللباس التي حملت عنوان "الروعة الذهبية والربطة البيضاء" دار "كارتييه" لتزيين الممثلة البريطانية إيما كورين بأقراط ماسية من ثلاثينيات القرن الماضي، وتثبيت بروش زهرة قديم في شعر الممثلة الأمريكية مود أباتو، وتزيين نجمة "يوتيوب" الأمريكية إيما تشامبرلين بتاج ماس يعود لعام 1911، إلى جانب قلادة "تشوكر" يُعتقد أنها كانت مملوكة سابقًا لمهراجا باتيالا.

Credit: Theo Wargo/WireImage/Getty Images

مع استمرار الزخم حول الأساليب القديمة والقطع الأرشيفية، بدأت دور المجوهرات الفاخرة بشكل متزايد في شراء إبداعاتها التاريخية من جديد، سواء من المزادات، أو هواة الجمع، أو تجار القطع القديمة، بهدف العمل على ترميمها بعناية فائقة، لتقوم أحيانًا بإعارتها لأبرز المشاهير العالميين من أجل الظهور بها على السجادة الحمراء.

Credit: Joe Maher/Getty Images

في حفل البافتا في فبراير/شباط الماضي، تألقت المغنية والممثلة البريطانية سينثيا إريفو بمجوهرات زمردية عتيقة من "تيفاني"، في إشارة إلى اللون الأخضر لشخصيتها "إلفابا" في فيلم "Wicked".

أما في حفل الأوسكار بالشهر التالي، فقد استلمت الممثلة الأمريكية مايكي ماديسون أول تمثال ذهبي لها وهي ترتدي قلادة ماسية من "تيفاني" تعود لبداية القرن العشرين، بينما سارت الممثلة البريطانية فيليسيتي جونز، المرشحة عن دورها في فيلم "The Brutalist" على السجادة الحمراء بفستان فضي، زيّنته بطقم فاخر من "بوشرون"، يتضمّن سوارًا على طراز الآرت ديكو من عام 1927.

Credit: Lexie Moreland/WWD/Getty Images

وقالت منسّقة الأزياء الهولندية نيكي ييتس، التي كانت خلف إطلالة جونز إنّ "استخدام المجوهرات التراثية من الأرشيف جذاب للغاية، ليس فقط لأنها تُعتبر قطعًا استثنائية من وجهة نظر الدار، بل أيضًا لأن الوصول إليها نادر جدًا. هذه الحصرية تساعدنا على صنع لحظة موضة حقيقية"، بحسب ما صرّحت به لـCNN عبر رسالة نصية.

ليست فقط لهواة الأرشفة

في حين تسعى بعض دور المجوهرات إلى حفظ القطع التاريخية وحمايتها، رأت الرئيسة التنفيذية لـ"بوشرون" هيلين بولي دوكين، أن أرشيف الدار لا يجب أن يُوضع في خزانة فقط، بل يجب أن يُقدَّر ويُرتدى في المناسبات، موضحة أنّ الإرث (أي القطع الأرشيفية غير المعروضة للبيع) حيًّا ويتنفس، وليس مجرد معروضات متحفية.

منذ تولّيها المنصب عام 2015، وسّعت بولي دوكين مجموعة "بوشرون" التراثية لتضمّ أكثر من 800 قطعة، حيث يتم اختيار مجموعة منها "دائمًا لتُعرض على منسّقي إطلالات المشاهير قبل المناسبات الكبرى.

وقد أشارت بولي دوكين إلى أن إعارة المجوهرات التراثية للسجادة الحمراء يمنح الدار ميزة تنافسية، لافتة إلى أن "رؤية هذه القطع تُرتدى من قِبل شخصيات عالمية تتمتع بحسّ عالٍ بالأناقة، رجالا كانوا أم نساء، هو وسيلة قوية لإظهار طابعها الخالد".

وأضافت أن "الانبهار الذي تُثيره هذه التصاميم التاريخية يصنع قصصًا ملهمة تتجاوز بكثير حدود الإعلانات التقليدية".

من جهته، قال آخيم بيرغ، وهو المستشار المستقل والشريك السابق في "ماكنزي" الذي كان يقود قسم الموضة والرفاهية، في حديث لـ CNN إنّ السجادة الحمراء تتمتع بتأثير مباشر على المبيعات أيضًا، وهي منصة بارزة تُظهر أن المجوهرات بمثابة استثمار ذكي. 

قيمة مضافة للعلامات الحديثة Credit: Pomellato

ليست فقط العلامات التجارية العريقة التي تعود لقرون مثل "كارتييه"، و"بوشرون"، و"تيفاني" هي التي تستثمر في أرشيفها وتروج له بنشاط، بل تفعل ذلك أيضًا علامات حديثة نسبياً مثل "بوميلاتو"، التي تأسست في عام 1967. 

وقال المدير التنفيذي للتسويق والمنتجات في "بوميلاتو" بوريس باربوني: "الأرشيف مهم للعميل النهائي"، مشيرًا إلى أنه "من خلال النظر إلى الماضي، يمكن لعشاق المجوهرات فهم الرؤية الإبداعية للعلامة التجارية والرسائل وراء التصاميم بشكل أفضل وتقدير عمق قيمتها الفنية حقًا."

أمريكافرنسامشاهيرموضةنشر الجمعة، 23 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • شرب الماء مع الليمون على معدة فارغة يمكن أن يضرك
  • خلي بالك.. 10 علامات توضح ارتفاع ضغط الدم لا يمكن تجاهلها
  • هل تؤثر إشعاعات شبكات 5G على خلايا الجلد البشري؟
  • يمكن أن يتواجد الكيزان في كل أسرة، هل الجنجويد موجودين في كل أسرة؟
  • “مشاركتهم مع الميليشيات المتمردة”.. مدير شرطة شمال كردفان يترأس اجتماع ضبط الوجود الأجنبي بالولاية
  • الأكثر تألقًا على السجادة الحمراء..مجوهرات لا يمكن شراؤها
  • هل الخرف يمكن أن يظهر لدى الأطفال؟.. دراسة جديدة تفجر مفاجأة
  • جامعة بني سويف تنظم أول مؤتمر علمي طلابي بكلية الطب البشري
  • عربات جدعون: معركة الوجود والهوية
  • جوارديولا عن رحيل نجم السيتي: لا يمكن تعويضه