توقيف نقابيين في تونس.. تضييق على الحريات أم تطبيق للقانون؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
أعاد إيقاف السلطات الأمنية التونسية لنقابي تابع للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس) مطلع هذا الأسبوع، على خلفية مشاركته في حراك احتجاجي بمحافظة القيروان (وسط)، الجدل في البلاد بشأن طبيعة الإيقافات التي تطال النقابيين وتبعاتها.
وتم إيقاف جمال الشريف كاتب عام الاتحاد المحلي للشغل بالسبيخة من محافظة القيروان وسط تونس الإثنين، رفقة عدد من العمال إثر احتجاجات نفذها عمال أحد المصانع بالمنطقة، في خطوة استنكرها الاتحاد العام التونسي للشغل واعتبرها "استهدافا للحق النقابي".
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف ومحاكمة نقابيين منذ اتخاذ الإجراءات الاستثنائية من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، تلك الإجراءات التي أيدها في البداية اتحاد الشغل قبل أن تشهد علاقته مع الرئاسة توترا كبيرا.
وعلى امتداد العامين الأخيرين، تم اعتقال العشرات من النقابيين من بينهم قيادات بارزة في الاتحاد العام التونسي للشغل وإحالتهم إلى أروقة المحاكم بين محالين على التحقيق وموقوفين.
حملات لشيطنة النقابيين
تعليقا على الايقافات التي طالت عددا من النقابيين، يؤكد الناشط النقابي الطيب بوعائشة أنها جاءت في سياق "حملات شيطنة ممنهجة" ضد العمل النقابي بشكل خاص والاتحاد العام التونسي للشغل بكافة هياكله بشكل عام.
ويوضح بوعائشة في حديثه لـ"الحرة" أن حملة الإيقافات شملت من هم متهمون بملفات فساد وكذلك من مارسوا عملهم النقابي في إطار ما يكفله لهم القانون، وبذلك أصبح شعار مكافحة الفساد "كلمة حق أريد بها باطل"، لافتا إلى أن محاسبة الفاسدين كان مطلبا نقابيا منذ أعوام.
ويشدد المتحدث في سياق تعليقه على علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل بالحكومة، أن السلطة دفعت في اتجاه تعميق الأزمة صلب المنظمة الشغيلة من خلال إيقاف المفاوضات الاجتماعية والتراجع عن تنفيذ الاتفاقيات ومراجعة بعض القوانين الشغلية دون تشريك الاتحاد فيها.
وفي مارس 2024 نظم الاتحاد العام التونسي للشغل تجمعا عماليا احتجاجيا بساحة الحكومة بالقصبة تنديدا بما تعتبره المنظمة الشغيلة "ملاحقة النقابيين وتعطل الحوار مع السلطة وتدهور الحريات" قبل أن يقرر في سبتمبر المنقضي مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية وفوّض هيئته الإدارية لتحديد إجراءات هذا الإضراب موعده.
ضرب العمل النقابي
من جانبه، يتفق الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي (أكبر نقابة تعليم في تونس منضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل) محمد الصافي مع الآراء النقابية التي تعتبر الإيقافات "استهدافا" للنشاط النقابي، مؤكدا أنها لا تخرج عن سياق ضرب الحق النقابي في مخالفة صريحة للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية التظاهر وتأسيس النقابات.
ويشدد الصافي لـ"الحرة" على أن تتالي اعتقالات النقابيين من ضمنهم كتّاب عامون بالمنظمة يهدف إلى التنكيل بهم عبر إحالتهم للقضاء في قضايا "كيدية" آخرها ما تعرض له الكاتب العام للاتحاد المحلي بالسبيخة بالقيروان على خلفية مساندته لمطالب العمال بالجهة.
ويرى المتحدث أن بعض المراسيم التي أصدرتها السلطة هي التي باتت تحدد المربعات والتحرك النقابي في تونس، لافتا إلى أنه في العقيدة النقابية لا يمكن القبول بشروط وإملاءات تفرضها السلطة على النقابيين.
في المقابل، يواجه الرئيس قيس سعيد سلسلة انتقادات بخصوص التعامل مع المنظمات النقابية في تونس بالتأكيد على أن العمل النقابي مضمون.
وفي وقت سابق وخلال زيارة أداها في يناير 2023 إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة في تونس قال الرئيس سعيد: "إن الحق النقابي مضمون بالدستور، ولكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد"، داعيا لتطهير البلاد ممن يتآمر ضدها.
الحد من نفوذ الاتحاد
"لا يمكن النظر إلى مجمل الايقافات بذات المقياس، فجانب منها لا صلة مباشرة له بالنشاط ضمن المنظمة، بل بشبهة جرائم مثل التدليس. بيد أن بعض الملاحقات ترتبط بمواقف نقابية في جهات بعينها أو في قطاع محدد، لكن الاعتقاد بأن هناك استهدافا للنشاط النقابي يبدو رأيا لا سند له في الواقع"، وفق المحلل السياسي خالد كرونة.
ويضيف كرونة لـ "الحرة" أن هذا التقييم ليس مردّه أن السلطة على وئام مع الطرف الاجتماعي، بل لأن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يمثل في واقع الحال قوة ضغط فاعلة بعدما فقد صفة الشراكة التي كان يحرص على نحتها مع الحكومات المتعاقبة خلال سنوات طويلة.
ويوضح أن هذه الشراكة سمحت في مناسبات كثيرة "بتسلل علل تمس الأداء النقابي عامة وبخاصة التضامن القطاعي الأعمى مثلما سمحت بالاعتقاد أن النقابيين في حماية المنظمة من سلطة القانون".
ويتابع بالقول "في كل الحالات، لن تفوت السلطة مهما كانت فرصة ملء المربعات والتضييق حين تتوفر لها الظروف الملائمة وهي بالأساس ما يتعلق بانتظام عمل الطرف الاجتماعي ووضوح الرؤية لديه وسلامة مناخه الداخلي وهو ما لا نلمسه في أداء الاتحاد العام التونسي للشغل بعد عواصف الأزمة الداخلية التي ألمت به منذ المؤتمر غير الانتخابي وما تلاه".
وتبعا لذلك، يشدد كرونة على أن تعافي المنظمة هو ضمان عدم الخلط بين المتابعة القضائية وبين التضييق السياسي، وهي لحظة ما تزال بعيدة في الراهن التونسي.
يشار إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل يعيش على وقع أزمة داخلية تتعلق بخلافات صلب هياكله النقابية فضلا عن استحقاقات خارجية تتعلق بالمطالب الاجتماعية لمنظوريه.
المصدر: الحرة
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاتحاد العام التونسی للشغل فی تونس
إقرأ أيضاً:
عمال مصر ولبنان يبحثون تعزيز التضامن ومواجهة التحديات المشتركة
استقبل الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وفدًا رفيع المستوى من الاتحاد العام لعمال الغزل والنسيج في لبنان، وذلك في إطار التزام اتحاد العمال بتعزيز أواصر التعاون النقابي العربي المشترك وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
جاء اللقاء على هامش زيارة الوفد اللبناني الرسمية إلى القاهرة، والتي تمت باستضافة كريمة من النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج بمصر، برئاسة الأستاذ عبد الفتاح إبراهيم.
ترأس الوفد اللبناني شفيق سعد الدين حميدي صقر، فيما حضر اللقاء عدد من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان، برئاسة سعد الدين صقر، الأمين العام.
من الجانب المصري، كان في استقبال الوفد عبد المنعم الجمل، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وبحضور قيادات الاتحاد: عيد مرسال، الأمين العام، وهشام رضوان، أمين الصندوق، وأشرف الدوكار، أمين الصندوق المساعد، وبحضور كريم من عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج.
رحب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالوفد اللبناني، مؤكدًا عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين الشعبين المصري واللبناني. وأشاد الجمل بالدور المحوري الذي تلعبه النقابات العمالية في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، لا سيما في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية.
ومن جانبه، أعرب عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج بمصر، عن سعادته البالغة باستضافة هذا الوفد الشقيق.
وقال إبراهيم: يشرفنا في النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج أن نستقبل إخواننا من لبنان. هذه الزيارة تجسد التضامن النقابي العربي الأصيل، وتؤكد أن روابط الأخوة بين عمالنا أقوى من أي تحديات.
وأضاف: نؤمن بأن تبادل الخبرات والتجارب بيننا سيُسهم في تعزيز حقوق العمال وتحسين ظروفهم، خاصة في قطاع الغزل والنسيج الذي يمثل عصب الصناعة في بلدينا.
ركز الاجتماع على سبل تعزيز العمل النقابي العربي المشترك، وتبادل الخبرات في مجال حماية حقوق العمال ورفع كفاءات العمل النقابي.
كما تناول الجانبان بحث آليات التنسيق لمواجهة التحديات الإقليمية، بما في ذلك الآثار السلبية للعدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وانعكاساته على الأوضاع المعيشية والاقتصادية للعمال والشعب اللبناني الشقيق.
وأكد الطرفان، أهمية توحيد المواقف العمالية العربية، وضرورة تعزيز التضامن بين النقابات لمواجهة التحديات المتزايدة التي تفرضها المتغيرات العالمية على أسواق العمل وحقوق العمال.
في ختام اللقاء، أعرب الوفد اللبناني عن خالص شكره وتقديره للاتحاد العام لنقابات عمال مصر على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكدين أن مصر ستظل دائمًا الداعم الرئيسي للعمل العربي المشترك والتضامن النقابي الأصيل.
تأتي هذه الزيارة لتؤكد حرص الاتحاد العام لنقابات عمال مصر على تعزيز دوره الريادي في دعم القضايا العمالية العربية، ومد جسور التعاون مع الأشقاء العرب لمواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعوب نحو مستقبل أفضل.