احتفاء خاص بمهرجان شرم الشيخ| جلال الشرقاوي.. رمز المسرح العربي وإرث فني خالد
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحمل الدورة التاسعة من مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة المخرج مازن الغرباوي، التي تنطلق مساء اليوم الجمعة وتستمر حتى 20 نوفمبر الجاري، اسم المخرج والأكاديمي جلال الشرقاوي "14 يونيو 1934 - 4 فبراير 2022"، الذي يعد أحد الأسماء اللامعة في تاريخ المسرح المصري والعربي، ويمتد مشواره الفني على مدار أكثر من خمسة عقود، لم يكن مجرد مخرج فقط، بل كان له أيضا حضور قوي كفنان متعدد المواهب، حيث تنقل بين مجالات الإخراج، التمثيل، والكتابة المسرحية.
اشتهر جلال الشرقاوي بإخراج العديد من الأعمال المسرحية التي أثرت في الحركة الفنية العربية، وكان له دور كبير في تطوير فن المسرح، خاصة من خلال مسرحياته التي تجمع بين الكوميديا والدراما، كما عمل في مجال التلفزيون والسينما، لكنه يُعتبر من أبرز المخرجين المسرحيين في تاريخ الفن المصري.
حصل جلال الشرقاوي على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة عام 1954، ودبلوم خاص تربية وعلم النفس من جامعة عين شمس عام 1955، وبكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير امتياز عام 1958، ودبلوم إخراج من معهد "جوليان برتو" للدراما في فرنسا عام 1960، ودبلوم إخراج من المعهد العالي للدراسات السينمائية من فرنسا عام 1962 قسم إخراج، ومنذ سنواته الأولى بمعهد فنون مسرحية أظهر موهبة واضحة في مجال المسرح، حيث بدأ حياته الفنية في السبعينيات، واستطاع أن يكون له حضور بارز بفضل أسلوبه الفريد في الإخراج.
أخرج جلال الشرقاوي العديد من المسرحيات التي لاقت نجاحًا كبيرًا وأثرت في الجمهور العربي، حيث امتاز أسلوبه بالمزج بين الفكاهة والعمق الدرامي، من أبرز أعماله على سبيل المثال وليس الحصر: "مدرسة المشاغبين، كبارية، قصة الحي الغربي، الجوكر، طيب رغم انفه، البغبغان، راقصة قطاع عام، عطية الإرهابية، الجنزير، حوده كرامة" وغيرها من الأعمال التي ظلت حاضرة في أذهان المواطنين.
لم يقتصر جلال الشرقاوي فقط على الأعمال التقليدية، بل سعى لتطوير فن المسرح المصري عبر إدخال أفكار وأساليب جديدة.
كانت لديه قدرة متميزة على دمج القضايا الاجتماعية والإنسانية في قالب فني ممتع، كما أنه سعى إلى جعل المسرح وسيلة لتقديم رسائل ثقافية ومجتمعية هامة.
عمل جلال الشرقاوي على توجيه جيل من الفنانين الشبان، وركز في أعماله على القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تهم المجتمع المصري والعربي مثل الفقر، والتعليم، والتفاوت الطبقي، بالإضافة إلى أسلوبه الكوميدي، حيث كان يستخدم الفكاهة ليس فقط للإضحاك بل أيضًا لطرح قضايا حقيقية ومهمة، وكذلك الإخراج المبتكر، فكان يولي اهتمامًا خاصًا بالديكور والإضاءة في أعماله، مما ساعد على إضافة طبقات إضافية من المعنى للمسرحيات.
رغم أن جلال الشرقاوي اشتهر في الأساس بالإخراج المسرحي، إلا أنه شارك أيضًا في أعمال تلفزيونية وسينمائية، لكن في الغالب كان تركيزه الأكبر على المسرح حيث كان يشعر أنه يمكنه أن يُعبّر عن أفكاره وأسلوبه بشكل أوسع.
أصبح جلال الشرقاوي بفضل رؤيته الفنية رمزًا من رموز المسرح العربي، وأسهم في تعليم وتوجيه العديد من الفنانين، وكان له دور محوري في تطوير فن المسرح في مصر والعالم العربي، وأدى ذلك إلى تقديره وحصوله على جوائز متعددة طوال مسيرته الفنية.
حصل جلال الشرقاوي على العديد من الجوائز والتكريمات طوال حياته، تقديرًا لإبداعاته الفنية التي أسهمت بشكل كبير في إثراء الثقافة المسرحية في العالم العربي، كما يعد من الأسماء التي لن تُنسى في تاريخ المسرح العربي، وسيظل إرثه الفني مصدر إلهام للأجيال القادمة من المبدعين والفنانين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جلال الشرقاوي الدورة التاسعة مازن الغرباوي المسرح الإخراج فن المسرح المعهد العالي للفنون المسرحية المسرح العربى جلال الشرقاوی العدید من فن المسرح
إقرأ أيضاً:
مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «24»
لما تقدم، فإنه تنبغي العودة إلى أفلام شبه منسيَّة، أو مفقودة حرفـيَّا فـي حالات، ومجازا فـي حالات أخرى (تجدر الإشارة هنا إلى ما هو حقيقة معروفة وقد تكون مثيرة لدهشة البعض، وهي أن من 70٪ إلى 90٪ من الأفلام الأمريكية الصَّامتة -خاصة تلك التي أنتجت قبل عام 1929- مفقود من الإرشيف السِّينمائي لأسباب متعددة، وليس هذا مقام الخوض فـيها)، أو غائبة عن النَّقد، بما فـي ذلك العديد من «أفلام الشَّيخ» التي أُنتجت فـي عشرينيَّات القرن الماضي مثل «حُب عربي» [Arabian Love] (جيروم ستورم Gerome Storm، 1922[، و«رمال حارقة» [Burning Sands] (جورج مِلفورد George Melford، 1922)، و«تحت عَلمين» [Under Two Flags] (تود براوننغ، Tod Browning، 1923)، و«ليلة واحدة مسروقة» [One Stolen Night] (روبرت إنزمِنجر Robert Ensminger، 1929)، وأيضًا فـيلم آخر بنفس العنوان: «ليلة واحدة مسروقة» (سْكوت آر دَنلاب Scott R. Dunlap، 1929)، و«أغنية الحُب» [The Song of Love] (فرانسِس ماريون Frances Marion، 1923)، و«ابن صحارى» [The Son of the Sahara] (إدوِن كيروEdwin Carewe ، 1924).
وسأعيد القول هنا انه فـي وقت مبكِّر من تاريخ السِّينما الأمريكيَّة (أعني تاريخ إصدار فـيلم «الشَّيخ»)، فإن «السرديَّات الشَّيخيَّة»، فـي طاعتها الخنوع لمقتضيات ومتطلَّبات الاستشراق، إنما كانت تعمل بوصفها استجابة لأنواع القلق المحلي، والدَّاخلي، الأمريكي. ولا شك أن العزف المشترك لأسئلة العِرق والجندر بوصفها مقولات للهويَّة والرَّغبة هو المظهر الأكثر بروزا فـي تلكم السرديَّات الشَّيخيَّة؛ فكما يحاجج دانييل بِرنانردي Daniel Bernardi فـي الأنثولوجيا المهمة التي حرَّرها عن البياض فـي السِّينما الهوليووديَّة الكلاسيكيَّة فإن «العِرق» هو «أداء يتعلَّق بالظُّهور» (1). إن السرديَّات الشَّيخيَّة.
كما تقدمها أفلام الشَّيخ فـي عشرينيَّات القرن الماضي (وحتَّى، بدرجات متفاوتة ومتباينة، ما بعد ذلك التَّاريخ) تعرض علينا طيفاً واسعاً من «التَّجريبيَّات» مع العِرق، والجندر، والرَّغبة، وذلك من خلال الشَّخصيَّات وأفراد الجمهور معاً؛ فالجندر، على سبيل المثال، يتبدَّى باعتباره ليس أقل ولا أكثر من مقولة مبدئيَّة، وتفاوضيَّة، ومتحوِّلة يجري تعقيدها، واللعب بها، بصورة نموذجيَّة، عبر تقنيَّات وأحابيل سرديَّة من قبيل التَّنكُّر، ونشر وتداول الأمكنة والأسماء، والمطاردات، وعمليَّات الإنقاذ الحَرِج التي تحدث فـي اللحظة الأخيرة أمام جمهور محبوس الأنفاس. وفـي هذا السِّياق، فإن الأنثى الغربيَّة تظهر باعتبارها مختلفة بصورة واضحة عن مثيلتها العربيَّة، وهذا ما ينبغي تحليله. ولذلك فإنه يجدر تفكيك أفلام من قبيل «بلاد العَرَب» [Arabia] الذي يُعرَف أيضا بعنوان «توم مكس فـي بلاد العرب» [Tom Mix in Arabia] (لِن رِنولدز Lynn Reynolds، 1922)، و«خِيام الله» [The Tents of Allah] (تشارلز أي لوغ Charles A. Logue، 1923)، و«خادمة فـي المغرب» [Maid in Morocco] (تشارلز لامونت Charles Lamont، 1925) و«سيِّدة الحريم» [The Lady of the Harem] (راؤول وولش Raul Walsh، 1926)، و«إنَّها شيخ» [She›s a Sheik] (كلارِنس جي باجر Clarence G. Badger، 1927).
وحين نتتبَّع الأمر بدقَّة، فإننا سنجد انه حتى فـي «الاستكتشات» البصريَّة الخام، بسبب بدائيَّة التَّعبير السِّينمائي عهدذاك، التي سبقت الظُّهور الأسطوري العارم لفـيلم «الشيخ»، فإن السرديَّات الشيخيَّة قد تضمنت بصورة نموذجيَّة حكايات وحكايات عن كل نوع من أنواع الاستعباد تقريبا. بمعنى معيَّن، أصبح «الشَّيخ» الشخصيَّة التي تُسقَط عليها، ويُتَفاوض من خلالها مع الإرث المشين للعبوديَّة فـي التَّاريخ الأمريكي نفسه، وذلك فـي نوع من «إعادة السَّيْقَنَة» (recontextualization) الأيديولوجيَّة والانتشار الاستراتيجي ثقافـيَّا، ولذلك فإنه ينبغي التَّركيز فـي الدِّراسة، مَثلاً وليس حصرا، على عمل مثل السِّلسلة الفـيلميَّة «المدينة المفقودة» [The Lost City] (هيري جي رِفَر Harry J. Revier، 1935)، والذي تدور أحداثه فـي داخل أفريقيا. يدور سرد الفـيلم حول تاجر عبيد، وهو شيخ عربي بالتَّأكيد، يستعبد ويعذِّب ضحاياه الأفارقة. وهذا الجزء من السرديَّات الشيخيَّة يتضمن أيضا أفلاما مثل «فـيلق الرجال المفقودين»Legion of Missing Men] [ (هاملتُن مكفادِن، Hamilton MacFadden، 1937)، و«انتقام طرزان» [Tarzan›s Revenge] (ديفد روس لِدرمن، 1938)، و«الرَّجل الأسد» [The Lion Man] (جون بي مكارثي John P. McCarthy، 1937)، و«الطَّريق إلى زنجبار» [Road to Zanzibar] (فِكتُر شرزنغر Victor Schertzinger، 1941).
عندما نُشرت رواية «الشَّيخ»، وكذلك عندما حوِّلت إلى فـيلم سينمائي، كانت الجزائر، موقع الأحداث، ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي، ولكن هذه الحقيقة السياسيَّة والتاريخيَّة البسيطة يغفلها سرد العملين بطريقة مباشرة (وكذلك يفعل استقبالهما لدى القرَّاء والجمهور).
فـي الحقيقة، كلا العملين يرمنسان الكولونياليَّة، وفـي أفلام الشَّيخ العربي اللاحقة (خاصة تلك التي أُنتجت فـي الثلاثينيَّات والأربعينيَّات من القرن الماضي)، ازداد اعتبار الشَّيخ باعتباره «مواطنا» (national) (بالمعنى السيئ للمفردة) وليس مجرد شخصيَّة «رومانسيَّة»، ويتضمن عدد معتبَر من أفلام الشَّيخ العربي مواجهات عسكريَّة مباشرة بين أفراد أو بلدان عربية من ناحية، وأفراد أو قوى غربية من ناحية أخرى، ولذا فإنه تنبغي دراسة فـيلم «مغامرة فـي العراق» [Adventure in Iraq] (ديفِد روس لِدرمَن David Ross Lederman، 1943) بصورة مستفـيضة، فأنا أعتقد بأهميته بكل معاني الكلمة، ومن كافة النَّواحي.
كما أن بعض الاهتمام البحثي ينبغي أن يُمنح أيضا للسرديَّة الشَّيخيَّة فـي أفلام «مواجهة» أخرى مثل «تحت علمين» [Under Two Flags] (فرانك لويد Frank Lloyd، 1936)، و«الرَّجل الأسد» [The Lion Man] )جون بي مكارثي، 1937)، و«مُغِيرو الصَّحراء» [Raiders of the Desert] (جون راولنس John Rawlins، 1941)، و«يانكيٌّ فـي ليبيا» [A Yankee in Libya] (ألبرت هِرمَن Albert Herman، 1924)، و«حرب فـي بلاد العرب» [Action in Arabia] (ليونِد مغوي Leonide Moguy، 1944).
---------------------
(1): Daniel Bernardi, “Introduction: Race and the Hollywood Style,” Classical Hollywood, Classical Whiteness (Minneapolis: University of Minnesota Press, 2001), xxi.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني