“الخضاب”… ملاذ اليمنيات الباحثات عن مهنة في زمن الحرب
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
يمن مونيتور/ العربي الجديد
بعد أن توقف راتب زوجها، وأصبح عاجزاً عن توفير فرصة عمل يعيل بها أسرته المكونة من تسعة أفراد، اضطرت سميرة الدميني إلى أن تتحمل مسؤولية إعالة الأسرة، ولأنها لا تحمل مؤهلاً دراسياً، فقد لجأت إلى تعلّم مهنة الخضاب، أو النقش على الجسد، وهي المهنة التي تحصل منها على مبلغ مالي لا بأس به، يسمح لأسرتها بأن تعيش حياة كريمة.
تقول سميرة لـ”العربي الجديد”: “مع بداية الحرب في اليمن توقف راتب زوجي الذي كان يعمل في المؤسسة الاقتصادية اليمنية، وأصبح عاجزاً عن العمل نتيجة كبر سنه، واضطررت إلى تحمّل مسؤولية إعالة الأسرة، فنصحتني جارتي بأن أتعلم مهنة النقش، أو ما يُسمى الخضاب، فتسجلت في معهد لتعليم فن النقش، وبدأت بممارسة المهنة من داخل بيتي، حيث تأتي الزبونات إلى البيت وأقوم بالنقش لهنّ مقابل مبلغ مادي”.
وحول أسعار الخضاب أو النقش، تضيف سميرة أن النقش العادي لليدين والرجلين يصل إلى 20 ألف ريال (نحو 10 دولارات)، لكن النقش للعروسة يصل إلى 100 ألف ريال، وتستغرق عملية النقش من ساعة إلى سبع ساعات، ويبلغ متوسط دخلي الشهري من هذه المهنة 400 ألف ريال”.
والخضاب اليمني الأسود مركّب طبيعي يتكون من مادة العفس النباتية المأخوذة من شجرة السنديان التي تباع بواسطة العطارين، ومادة السيكا، وهي أكسيد النحاس، ومادة الشظار، وهي محلول السيلمونيك، حيث يطحن الخضاب ويخلط بالقليل من الماء، ويُنقَش به على أيدي المرأة وأرجلها وأجزاء من جسمها.
ويُجرى النقش باستخدام ريشة أو قُمع. وتستمر عملية النقش من ساعة إلى سبع ساعات، وفقاً لنوع النقش ولمهارة المنقّشة (القائمة بالنقش) وخبرتها، حيث تستخدم مادة الخضاب أو الحناء التي لا تكلفها أكثر من 5 دولارات لنقش امرأة واحدة.
عوامل الإقبال على مهنة الخضاب
ومهنة النقش أو الخضاب من المهن التي لاقت إقبالاً كبيراً من النساء في زمن الحرب، لكونها غير مكلفة، ويمكن تعلمها، خصوصاً لمن تملك موهبة الرسم، حيث تطوّر مهارتها بالدراسة في أحد معاهد التعليم، أو عبر الممارسة.
من جهتها، قالت مائسة الزكري، ربة بيت، لـ”العربي الجديد”: “بدأت في عام 2017 بممارسة مهنة النقش، حيث كنت أملك موهبة الرسم، وقررت استغلالها، وفتحت مشروعاً خاصاً بي للنقش والخضاب، وبدأت بممارسة ذلك داخل منزلي، حيث كانت الزبونات يأتين إلى البيت، ومن ثم فتحت محلاً خاصاً لذلك، ومع كثرة الزبائن وشهرة المحل، طوّرته ليتحول إلى محل للنقش وتصفيف الشعر، وحالياً لدي عاملتان في المحل، ونعمل بشكل دائم”.
وتضيف مائسة: “معظم زبائني من العرائس، وخلال الأعياد الدينية تكثر الزبونات بشكل كبير جداً، أي إنه يكون موسماً بالنسبة إلى عملنا، حيث تكثر فيه الأعراس، ويكون الإقبال كبيراً، وقد أعمل لمدة 14 ساعة في اليوم، وفي الأيام العادية تكون الزبونات من طالبات الجامعات اللواتي يحتفلن بحفل تخرجهن، أو من نساء المغتربين اللواتي يستعددن لعودة أزواجهن من الغربة، أو المحتفلات بالخطوبة أو عقد القران”.
دورات تدريبية للنساء
وفي الآونة الأخيرة تضاعف عدد الدورات التدريبية الخاصة بتعليم مهنة النقش للسيدات، حيث تُنظّم هذه الدورات معاهد خاصة، أو جمعيات خيرية وجمعيات نسوية، التي تحرص على تأهيل النساء للخروج إلى سوق العمل.
من جهتها، قالت مدربة النقش ثريا سعيد لـ”العربي الجديد”: “أنجزنا مبادرة مجتمعية نظمتها جمعية الزهراء الخيرية، حيث درّبتُ 20 امرأة على مهنة النقش، واختيرَت المتدربات من الفئة الأشد فقراً، وقد استمرت الدورة لمدة أسبوعين، اكتسبت فيها المتدربات مهارات النقش المختلفة، وبعد انتهاء الدورة انتقلت المتدربات إلى سوق العمل، ولدى كل واحدة منهن الآن مشروعها الخاص”.
وعن أسباب انتشار الإقبال على مهنة الخضاب، قال الباحث الاقتصادي عيسى النصاري لـ”العربي الجديد” إن “الوضع الاقتصادي المتدهور الناتج من الحرب في اليمن ساهم كثيراً في زيادة الإقبال على المشاريع الاقتصادية الصغيرة التي تخلق فرص عمل جيدة، وتحتاج إلى رأس مال محدود، وتساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، ويعتبر مشروع النقش (الخضاب) من المشاريع الإنتاجية المناسبة للمرأة اليمنية، التي تعيل الكثير من الأسر الفقيرة ومتوسطة الحال، وهو من المشاريع الناجحة التي تنعدم فيها إمكانية الخسارة”.
ونتيجة لعدم تقنين مهنة النقش، لا توجد أرقام أو إحصائيات بعدد الممارسات لهذه المهنة. غير أن التوقعات تشير إلى أنّ العدد في تزايد مستمر، خصوصاً أنّها مهنة غير منهكة ولا مكلفة مالياً، وتدرّ على صاحبها أرباحاً مالية مناسبة.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: زمن الحرب منوعات لـ العربی الجدید
إقرأ أيضاً:
حسين فهمي في ندوة “مصر: دولة الأفلام الجماهيرية في العالم العربي” بـ”كان السينمائي”: بدأنا ننهض مرة أخرى
ضمن المشاركة الاستثنائية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في فعاليات الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي الدولي، شارك الفنان الكبير حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة، اليوم في جلسة نقاشية بارزة بعنوان “مصر: دولة الأفلام الجماهيرية في العالم العربي”، والتي أقيمت على المسرح الرئيسي بقصر المهرجانات.
نظمت الجلسة بالتعاون بين مركز السينما العربية وسوق الأفلام بمهرجان كان (MDF_Cannes)، وأدارها الصحفي نيك فيفاريلي، مراسل مجلة Variety لمنطقة إيطاليا والشرق الأوسط، بحضور نخبة من صناع السينما والفنانين ورجال الأعمال، من بينهم الفنانة يسرا، ورئيس مهرجان الجونة السينمائي سميح ساويرس، والمدير التنفيذي لمهرجان الجونة عمرو منسي، والمدير العام للجنة مصر للأفلام أحمد سامي بدوي، بالإضافة إلى المخرج مراد مصطفى والمنتجة سوسن يوسف.
في كلمته، أكد حسين فهمي أن السينما المصرية شهدت تحولات كبيرة خلال السنوات الماضية، قائلاً:
“مرت السينما المصرية بفترات كان فيها الإنتاج تجاريًا بشكل مفرط، ما أدى إلى عدم قبول بعض الأفلام في المهرجانات الدولية. لكننا اليوم نشهد تحسنًا ملحوظًا، مع وجود مخرجين وممثلين وكتاب سيناريو ومديري تصوير من الطراز الرفيع. هذا العام، نرى مشاركة قوية لأفلام مصرية في مهرجان كان، مما يدل على أننا بدأنا ننهض مرة أخرى”.
وأضاف فهمي:
“ما يميز الفنان الحقيقي هو امتلاكه لجمهور واعٍ، وهذا ما نملكه في السينما المصرية. العلاقة بين الفنان والجمهور تقوم على الثقة المتبادلة، وهذا هو سر استمرار نجاحنا”.
كما استعرض فهمي دور مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يرأسه، مشيرًا إلى أن المهرجان أصبح يعتمد بشكل كبير على الكوادر الشابة في جميع أقسامه، مما يضفي عليه روحًا شبابية وحيوية، رغم تاريخه الطويل. وأوضح أن التعاون بين مهرجان القاهرة ومهرجان الجونة ساهم في تنشيط المشهد السينمائي المصري، معتبراً أن المنافسة بين المهرجانات صحية وتدفع الصناعة نحو الأفضل.
وأشار فهمي إلى التحديات التي تواجه المهرجانات المصرية في ظل تزايد عدد المهرجانات العربية، خاصة الخليجية منها، التي أصبحت منافسًا قويًا ومحترفًا، مما يزيد من صعوبة اختيار الأفلام ولجان التحكيم وحقوق العرض الأول.
تأتي هذه الندوة ضمن سلسلة فعاليات مركز السينما العربية في مهرجان كان، التي تهدف إلى تسليط الضوء على ريادة مصر في صناعة الأفلام الجماهيرية ودورها المحوري في المشهد السينمائي العربي والعالمي.