«الفوضى الخلاقة».. إسرائيل ومحاولة فرض نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ عام 1982، كان الإسرائيليون والأمريكيون يحلمون بـ«إعادة بناء» المنطقة. لكن كل محاولة حتى الآن أنتجت نتائج معاكسة لتلك المطلوبة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه القوات البرية الإسرائيلية دخول الأراضي اللبنانية، منذ الثلاثاء 1 أكتوبر، لتنفيذ «غارات محلية»، كما يعرّفها الجيش، تواصل العمليات الإسرائيلية ضرباتها على نطاق جغرافي أوسع بلا حدود فى غزة وغيرها.
يوم الأحد الأخير من سبتمبر، بث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رسالة ذات مغزى، قال فيها: «نحن في منتصف الأيام التاريخية»، قبل أن يتعهد: «نحن نغير الواقع الاستراتيجي للشرق الأوسط.. إسرائيل تنتصر».. ما هذا «الواقع الاستراتيجي» الذي يتغير مع هذه الهجمات على حزب الله ومقتل زعيمه حسن نصر الله وخليفته الذى كان مرجحاً هاشم صفى الدين وغيره من قيادات حزب الله، فيما يشكل الحزب بترسانته من الصواريخ والقذائف ركيزة الردع الإيراني؟.
«هيكو ويمين»، مدير المشروع المعني بالعراق وسوريا ولبنان في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، يرى، فيما كتبه، أنه ليس هناك شك في أن الدمار الذي لحق بحلفاء إيران، وعلى رأسهم حزب الله، هو بالفعل علامة على تغيير في «الواقع الاستراتيجي». ويمكن فهم الوضع على أنه: «من الآن فصاعداً، يمكن لإسرائيل أن تفكر في ضرب المصالح الإيرانية، واستهداف حلفاء طهران كما تشاء، ويتم القيام بذلك مراراً وتكراراً».
ويبدو أن تضاعف العمليات الإسرائيلية وتكثيفها يندرج أيضًا في تعريف «الجبهات السبع» التي تقودها إيران ضد إسرائيل، وفقًا لبنيامين نتنياهو، وهى صيغة تشمل الدول التي يتواجد فيها حلفاء طهران، وأيضا الجماعات المسلحة في الضفة الغربية المحتلة.
لنذهب أبعد من ذلك، هل يميل رئيس الوزراء الإسرائيلي، في المناخ الذي يصاحب هذه الضربات بالطائرات والطائرات بدون طيار في جميع أنحاء المنطقة، إلى تغيير النظام الإقليمي بشكل أكثر عمقا؟.
يوم الإثنين، 30 سبتمبر، أثناء حديثه، مرة أخرى عبر الفيديو، ولكن هذه المرة للشعب الإيراني، أشار بنيامين نتنياهو إلى اقتراب حدوث تغييرات كبيرة في طهران: «في كل يوم، ترون أنكم تحت سيطرة نظام يسحقكم، ويلقي خطابات نارية حول الدفاع عن غزة والدفاع عن لبنان». وحذر قائلاً: «لا يوجد مكان واحد في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه»، ثم شنت إسرائيل ضربات على العاصمة الإيرانية طهران، في 26 أكتوبر الماضى، وهكذا فإن إعادة رسم المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط بالقوة هي فكرة إسرائيلية أمريكية قديمة. وعلى الرغم من ميلها إلى الخمود لفترة، فقد عاودت الظهور، على فترات منتظمة، لمدة نصف قرن على الأقل. عندما أمر أرييل شارون، وزير دفاع الدولة اليهودية آنذاك قواته بغزو لبنان عام 1982، لم يكن يسعى فقط إلى سحق فدائيي ياسر عرفات. بل كان يهدف أيضاً إلى طرد القوات السورية من الأراضي اللبنانية التى كانت موجودة وفق قرار لبنانى منذ عام 1976.
وسرعان ما تم إجهاض هذا المخطط الكبير، الذي كان بمثابة عودة للحلم الإسرائيلي القديم، الذي تم استحضاره في الخمسينيات، والذي يتألف من تقطيع أوصال لبنان وإنشاء دويلة مسيحية صغيرة تابعة للدولة اليهودية. وإذا كان مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية قد اضطروا إلى الإخلاء من لبنان تحت ضغط إسرائيل، فإن رحيلهم مهد الطريق لظهور ميليشيا جديدة أيضاً معادية لإسرائيل وأكثر قتالية، وهى حزب الله.
عادت خيالات إعادة تشكيل بلاد الشام إلى الظهور من جديد عام 2003، في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق. وبعد الإطاحة بصدّام حسين، تحول الرئيس جورج دبليو بوش وصقور المحافظين الجدد الذين أحاطوا به إلى «رسل الديمقراطية المفروضة من أعلى» تحت ستار حملة تهدف إلى خلق «شرق أوسط أكبر» وأكثر تصالحية مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وبعد ثلاث سنوات، في صيف عام 2006، وفي خضم الحرب بين حزب الله والدولة اليهودية، أرادت كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية آنذاك في إدارة جورج دبليو بوش، أن تضع المسمار في رأس لبنان والمنطقة. ووسط وابل القنابل التي هطلت على بلاد الأرز وحوّلت بنيتها التحتية إلى أشلاء، زعمت أنها تكتشف «مخاض شرق أوسط جديد».
وفي الحالتين جاءت النتيجة عكس ما كان مستهدفاً. أدى سقوط نظام صدام حسين إلى دفع العديد من فصائل العراق إلى فلك إيران، وانتهى الهجوم الإسرائيلي على لبنان بشبه فشل، وهو ما اعتبر انتصاراً لحزب الله.
وانتهزت الحركة الشيعية الفرصة لتعزيز قبضتها على المشهد السياسي اللبناني، وحصلت على أقلية معطلة فعلياً فى البرلمان وداخل الحكومات المتعاقبة. وهكذا فإن «الفوضى الخلاقة» التي نظرت لها كوندوليزا رايس سهّلت ظهور «محور المقاومة».
ويعتقد السياسي اللبناني كريم إميل بيطار أن «الإسرائيليين متغطرسون». ويتصرفون على أساس أنهم «يتمتعون بتفوق عسكري ساحق، مما يسمح لهم بفعل ما يريدون». ولكن ينبغي لهم أن يتأملوا في مقولة الفرنسي شارل موريس تاليران الشهيرة: «يمكنك أن تفعل أي شيء باستخدام الحراب، باستثناء الجلوس عليها». ماذا يمكننا أن نبني على الفوضى التي يزرعونها؟.
وبالنسبة لأولئك الذين يميلون إلى نسيان ذلك، فقد نبهت الأحداث إلى أن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم دون تسوية القضية الفلسطينية.
وبعد عام من التفجيرات التي حولت قطاع غزة إلى ساحة هائلة من الخراب وخلفت أكثر من 40 ألف قتيل، تغير المشهد وأصبح يسير على شكل تروس عكسية، حتى يمكن القول أن جيلاً كاملاً من العرب يكبر ويواجه صور الدمار الذي سببته إسرائيل. إن الرغبة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط هي بمثابة فتح صندوق باندورا.
*نقلاً عن صحيفة "لوموند" الفرنسية
الكاتبان صحفيان بالصحيفة.. بنيامين بارت نشر كتاباً بعنوان "حلم رام الله.. رحلة في قلب السراب الفلسطيني"، وجان فيليب ريمى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا
بنيامين بارتجان فيليب ريمي
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط حزب الله
إقرأ أيضاً:
«سايينت» تعزز عملياتها في الشرق الأوسط لدفع التحول في قطاعات الطاقة والمرافق والنقل والاتصال
أعلنت شركة سايينت ليمتد الهندية، الرائدة عالميا˝ في حلول الهندسيه “الهندسه الذكيه”، عن تعزيز حضورها في منطقة الشرق الأوسط عبر إطلاق عمليات مخصصة في المنطقة، في خطوة توسّع من انتشارها العالمي وتتيح لها خدمة عملائها بصورة أفضل في قطاعات الطاقة والمرافق والنقل والاتصال الحيوية.
وتسعى الشركة من خلال هذا التوسع الاستراتيجي إلى توظيف خبرتها العميقة في مجالات الهندسة، المدعومة بتقنيات الذكاء المؤسسي ونهج يركز على العميل، لدعم الخطط الطموحة في المنطقة المتعلقة بالبنية التحتية والمدن الذكية والتحول الرقمي والانتقال في قطاع الطاقة. ويأتي هذا التوسع في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها اقتصادات المنطقة استجابة˝ لرؤى التنمية الوطنية مثل «رؤية السعودية »2030 و«رؤية الإمارات
»2031، التي تزيد الطلب على الهندسة المتقدمة، وحلول الذكاء الجغرافي، والخدمات الرقمية السحابية، وبرامج الاستدامة، وتقنيات الاتصال من الجيل التالي.
ويعزز هذا الحضور قدرة الشركة على التعاون الوثيق مع الحكومات وقطاعات المرافق والنقل وشركات الاتصالات والمؤسسات الخاصة، عبر تقديم حلول الهندسة الذكية والتحديث الرقمي وخدمات التصميم وصولا˝ إلى التصنيع، بما يساعد في رفع كفاءة العمليات وتعزيز المرونة وتمكين النمو المستدام.
ولتعزيز تواجدها في الشرق الأوسط، استحوذت سايينت علي مؤسسة ابوظبى و الخليج للحاسب الالي . “ا يه دى سى إي”، وهي شركة استشارات تقنية وخدمات رقمية مقرّها أبوظبي وتخدم قطاع الطاقة بشكل رئيسي. ويمنح هذا الاستحواذ سايينت قدرة أكبر على تنفيذ برامج التحول الرقمي المخصصة، وحلول إنترنت الأشياء، وإدارة الأصول القائمة على البيانات، وخدمات الهندسة الميدانية بما يتماشى مع أولويات الانتقال في قطاع الطاقة في المنطقة.
ومن المتوقع أن تستثمر دول الشرق الأوسط أكثر من 200 مليار دولار في قطاع الطاقة خلال السنوات المقبلة، ما يفتح فرصا˝ واسعة أمام أعمال سايينت في مجالي الاستدامة والهندسة الذكية. كما ترى الشركة آفاق نمو أوسع في تحديث قطاع المرافق، وشبكات النقل والسكك الذكية، والتصنيع المتقدم، ورقمنة القطاع الحكومي. وفي ظل تزايد التركيز على «التوطين» وتنمية المواهب الوطنية والشراكات التقنية الاستراتيجية، تواصل سايينت الاستثمار في القدرات والموارد والتحالفات المخصصة للمنطقة بما يتماشى مع المتطلبات التنظيمية واحتياجات العملاء.
وقال سوكامال بانيرجي، المدير التنفيذي والرئيس التنفيذي لشركة سايينت: «إن توسع سايينت في الشرق الأوسط يعكس التزامنا بأن نكون شريكا˝ استراتيجيا˝ في التحول الرقمي والهندسي في المنطقة. وبالاستناد إلى إرثنا العالمي القوي في الهندسة، نعمل على تعميق تركيزنا على الحلول التي تدعم
برامج الرؤى الوطنية، وتسهم في تسريع تطوير البنية التحتية الذكية، وتعزيز نتائج الاستدامة. إن استحواذنا على )آيه دي جئ إي( يعزز قدرتنا على تقديم حلول محلية جاهزة للمستقبل، فيما تتيح استثماراتنا في المواهب والتكنولوجيا والشراكات إعادة تصور المنتجات والمنشآت والشبكات لعقد جديد من النمو».
من جانبه، أوضح راجيندرا فيلاغابودي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة سايينت دي إل إم ، توجهات الشركة في المنطقة، قائلا:˝«تتخصص سايينت دي إل إم في تصنيع منتجات إلكترونية معقدة وذات مهام حساسة وبأحجام إنتاجية منخفضة إلى متوسطة، لقطاعات الطيران والدفاع والصناعة والطب والسيارات. ومع توسع سايينت في الشرق الأوسط، نهدف إلى توفير هذه القدرات التصنيعية المتقدمة لعملاء المنطقة، بما يضمن سرعة الإنجاز ودعما˝ محليا˝ لحلول تلبي أعلى المعايير العالمية».
ويؤكد هذا الإطلاق التزام سايينت بمساعدة عملائها على التنقل في خضم التحولات التقنية المعقدة، مع ضمان المرونة التشغيلية والتنافسية. ومن خلال مواءمة قدراتها مع توجهات السوق الإقليمية—مثل المدن الذكية، والتحول الرقمي، والاستدامة، وانتقال الطاقة—تهدف سايينت إلى تقديم حلول مبتكرة ونتائج تحولية تعزز تطور المنطقة لسنوات قادمة.
قال بي. إن. إس. في. ناراسيمهام، رئيس و مدير شؤون الشركة في ساينت:“تمتلك سايينت سيميكونداكتورز قدرات تمتد عبر تصميم الشرائح المعقّد، والنمذجة السيليكونية، وتمكين المنتجات، بما يخدم قطاعات عالمية تشمل أنظمة الصناعة، وتقنيات السيارات، والأجهزة الطبية، والمرافق، والاتصالات.