أصدرت منظمة القسط لحقوق الإنسان، الثلاثاء، تقريراً حول "المخاوف المتعلّقة بمشروع مدينة نيوم العملاق في السعودية"، حيث أشارت فيه إلى "انتهاكات محتملة لحقوق العمال والتأثيرات البيئية السلبية".

وسلّط التقرير نفسه، الضوء، على وفاة عامل في موقع بناء نيوم، كأحد الأدلة على هذه الانتهاكات. فيما أبرز ما وصفه بـ"الجانب المظلم من مشروع نيوم، الذي تناول التهجير القسري لسكان المنطقة الأصليين، من قبيلة الحويطات، وكذا التحديات الأخلاقية ومخاطر السمعة لشركاء ومستثمري المشروع".



وقد علّقت المديرة التنفيذيّة للقسط، جوليا ليغنر، قائلة: "يعتمد تطوير مشروع مدينة نيوم بشكل كبير على الاستثمار والشراكات الدوليّة، مما يجعل الشركات الأجنبيّة من بين أفضل الجهات الفاعلة التي تتمتّع بسلطة حقيقيّة لتحدّي السلطات #السعودية. ونحثّهم على النظر عن كثب في الأدلة". — القسط لحقوق الإنسان (@ALQST_ORG) November 19, 2024
وتُعد مدينة نيوم جزءاً من خطة "رؤية 2030" الاقتصادية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، مُدرجة كإحدى المدن المضيفة لكأس العالم 2034. وتشمل المدينة على مشروع "ذا لاين"، وهو مدينة خطية مستقبلية، كانت في الأصل بطول 170 كيلومترًا وتم تقليصها.

استخدمه بن سلمان لإدارة نيوم بالقمع والتهديدات والتحرّش والفساد، ثم تخلّص منه بعد انتهاء دوره.. يكشف هذا التحقيق كيف تتم إدارة مشروع نيوم من قبل المدير المُقال نظمي النصر. pic.twitter.com/1W2aV8Ow8Z — عين على السعودية (@3eenKSA) November 13, 2024
انتهاك حقوق العمال
كانت منظمة القسط ، قد أصدت تقريرًا يوثّق أول حالة وفاة، تتعلّق بعامل مهاجر في موقع بناء نيوم. وأوضح التقرير أن المهندس المدني الباكستاني، عبد الولي سکندر خان، البالغ من العمر 25 عامًا وأب لطفلين، توفي في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2023 بعد انهيار حاجز في موقع البناء.

أيضا، أبرز التقرير، المخاوف المستمرة بشأن حقوق العمال، لا سيما مع انتشار الاستغلال والانتهاكات العمّالية في السعودية. وسلط الضوء على فيلم وثائقي بريطاني حديث بعنوان "المملكة المكشوفة: داخل السعوديّة" الذي تناول هذه القضايا.

وأشار التقرير إلى أن الشركات المعنية قد فشلت في إجراء تحقيق مناسب في الحادث، مما اضطر شقيق عبد الولي، مير الولي خان، إلى السفر لاستعادة جثمان شقيقه على نفقته الخاصة، ولا تزال الأسرة تكافح من أجل التعويض والمساءلة.

علّق مير الولي خان قائلاً: "تعاملت الشركات والسلطات السعودية مع شقيقي باستهتار قاسٍ. ففي كل مرحلة منذ وفاته، فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة، ما تسبّب لي ولأسرتي في المزيد من الألم والمشقة. وعلى هذا النحو، يستمر سعينا للحصول على الإجابات والعدالة، من أجل عبد الولي وغيره ممن عانوا من مصير مماثل".


مخاوف بيئية واجتماعية
تتجاوز المخاوف حول مشروع مدينة نيوم أكثر من مجرد انتهاكات تؤثر على سكان المنطقة والعمال المهاجرين. حيث يوضح التقرير أنّ: "المشروع يشكل خطراً على النظام البيئي الإقليمي، بسبب بصمته الكربونية الهائلة وحجم المواد الخام اللازمة، ممّا يتعارض مع الطموح المعلن بأن تكون المدينة -مدينة عملاقة خضراء للمستقبل-".

علاوة على ذلك، تنتقد منظمة القسط خطط مشروع نيوم الباهظة وغير الواقعية، مشيرةً إلى أنها: "لا تعالج أوجه القصور الصارخة في البنية التحتية الأوسع للبلاد ولا تعالج الصراعات اليومية التي يواجهها العديد من المواطنين السعوديين".

وفي ضوء المخاوف العميقة المتعلقة بمشروع مدينة نيوم في السعودية، دعت منظمة القسط لحقوق الإنسان جميع الشركات المشاركة أو التي تفكر في المشاركة بالمشروع إلى تجنب التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان ومنع أي آثار سلبية.

وأوضحت القسط أن إحاطتها تهدف إلى مساعدة الشركات على التحقّق من صحة الادّعاءات المتعلقة بالمشروع عند تقييم قراراتها. وأكدت المديرة التنفيذية للقسط، جوليا ليغنر، أن تطوير مشروع نيوم يعتمد بشكل كبير على الاستثمار والشراكات الدولية، مما يجعل الشركات الأجنبية من بين أفضل الجهات الفاعلة التي تتمتع بسلطة حقيقية لتحدي السلطات السعودية.


إلى ذلك، تحثّ القسط، الشركات، على استخدام نفوذها للدعوة إلى وقف انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بنيوم، والإفراج عن أفراد قبيلة الحويطات الذين سجنوا ظلماً، وتحقيق العدالة للعمال المهاجرين مثل عبد الولي سكندر خان.

ويبرز فيديو تاريخي من أرشيف الراحل جمال خاشقجي 2018: "ماذا لو استمر محمد بن سلمان في مشروع نيوم الذي سيكلف نصف ترليون دولار؟ سيعرض البلاد للافلاس، ولا احد يستطيع انتقاده حتى بموضوعية".

2024: انهيار المشروع وتراجع في طموحات الحكومة التي سجلت أعلى درجات القلق من التكاليف الباهضة للمشروع،… pic.twitter.com/ol8exyLv8z — نحو الحرية (@hureyaksa) April 17, 2024

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات القسط نيوم السعودية بن سلمان السعودية بن سلمان نيوم القسط المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مشروع مدینة نیوم لحقوق الإنسان حقوق الإنسان مشروع نیوم عبد الولی

إقرأ أيضاً:

من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع

أكتب هذه السطور من قلب طوكيو، حيث لا تزال رائحة المطر تتسلل إلى نوافذ الفنادق الزجاجية، والضوء البارد ينساب على الإسفلت كما لو أنه هارب من فكرة الزمن. لم أغادر بعد، ولا أظن أنني سأغادر فعليًا، حتى بعد مغادرة المكان، لأن الأسئلة التي استيقظت داخلي بعد هذه الرحلة الممتدة من سيول إلى طوكيو سترافقني طويلًا. هذه ليست زيارة عابرة لمنطقة جغرافية نائية عنا بأزيد من 17 ساعة طيران، بل هي اقتراب مؤلم من نموذج حضاري يبدو في ظاهره مثاليًا، ولكنه في جوهره يعاني من فراغ إنساني ساحق.
المشاركة في المنتدى العالمي للعلوم السياسية كانت مدخلاً فكريًا بامتياز للتفاعل مع نخب أكاديمية قادمة من مختلف بقاع الأرض. لكن التجربة الحقيقية بدأت خارج جدران القاعات: في المترو، في الأسواق النموذجية، في المطاعم، في الرفوف الصامتة للمكتبات، وفي نظرات الناس الذين يتحركون بآلية صارمة، كأنهم جزء من آلة أكبر من قدرتهم على الفهم أو الرفض. هناك شيء متوتر في الهواء، شيء لا يُقال، لكنه محسوس. هدوء مفرط يكاد يكون صاخبًا في دلالته.
تجربتي الثانية في كوريا الجنوبية، التي امتدت إلى اليابان هذه المرة، أتاحت لي فرصة عميقة لتأمل ما وراء الصور النمطية. في الظاهر، نحن أمام مجتمعات متقدمة تقنيًا، منظّمة إلى درجة الانبهار، ناجحة اقتصاديًا، أنيقة في شوارعها ونظيفة في سلوكها العام. ولكن، ما معنى كل هذا حين يغيب الإنسان كقيمة؟ حين يتحول المجتمع إلى مجرد فضاء هندسي دقيق خالٍ من الفوضى، ولكنه أيضًا خالٍ من الدفء؟ لقد لاحظت، من خلال تفاعلي اليومي مع المواطنين هنا، أن العلاقات الاجتماعية شبه متلاشية، لا وجود للعفوية، لا أثر للعلاقات المفتوحة، حتى السلام أو التحيّة أصبحتا من الكماليات. الفرد هنا منغلق على نفسه، متوجس من الآخر، حتى قبل أن يقترب منه. هذا التوجس ليس مجرد موقف ثقافي أو اجتماعي عابر، بل هو نتاج لتراكمات تاريخية عنيفة لا تزال تشتغل في اللاوعي الجمعي. اليابان تحديدًا تحمل في ذاكرتها الجمعية جروحًا لم تندمل بعد: قنبلة نووية أمريكية دمرت مدينتين، وأبقت الندبة غائرة في وعي الأمة، فأصبح كل اقتراب من الآخر مشروع تهديد، وأضحى الحذر هو القاعدة في بناء العلاقات الإنسانية. لا يتعلق الأمر فقط بالحرب، بل بالتصورات العميقة التي ترسخت حول معنى الوجود، ومعنى السلام، ومعنى الثقة.
ومن جهة اخرى لا يمكن الحديث عن البنية النفسية للمجتمع الياباني دون التوقف عند إحدى أخطر الظواهر: ظاهرة الانتحار. اليابان تتصدر منذ سنوات لائحة البلدان ذات أعلى معدلات الانتحار في العالم، ليس فقط بسبب الضغوط الاقتصادية أو المهنية كما يُشاع، بل نتيجة نمط وجودي قائم على العزلة، على غياب التواصل العاطفي، على تفكك مفهوم الأسرة، بل وأحيانًا على انعدامه. الناس هنا يموتون صامتين كما يعيشون. هل يُعقل أن ينهار الإنسان في حضن واحدة من أكثر الدول تقدمًا وتطورًا؟ هل تكفي التكنولوجيا لملء الفراغ الوجودي؟ وهل يكفي النظام لسد الحاجة إلى دفء انساني لا يُعوّض؟
إن المفارقة التي تنكشف هنا مؤلمة ومثيرة للدهشة في آن واحد: هذه الدول التي لطالما قُدّمت كنماذج تنموية رائدة، تعاني اليوم من تحديات وجودية عميقة. الشيخوخة الديمغرافية تزداد، نسبة الولادات تنهار، العزوف عن الزواج يرتفع، والرفض الجماعي للهجرة يعمّق الأزمة. الدولة التي لا تُعيد إنتاج المجتمع، ولا تجدّد ذاتها ديمغرافيًا، تكون أمام خطر الزوال الناعم، حتى وإن كانت تبدو على السطح قوية ومزدهرة.
لكن السؤال الأكثر إلحاحًا يبقى: كيف يمكن لمجتمع متقدم، بلغ أعلى درجات التنظيم، أن يتحوّل إلى كيان هش على مستوى الروابط الاجتماعية؟ هل يمكن للفردانية المفرطة أن تبني أمة؟ وأين يذهب الإنسان حين يصبح النجاح الجماعي خاليًا من المعنى الفردي؟ ثم كيف نفهم هذا التناقض الفجّ بين البنية التحتية المتقدمة والبنية التحتية للروح التي تنهار بصمت؟ هل نعيش اليوم على أنقاض حداثة لم تفهم الإنسان؟ وهل نحن، في مجتمعاتنا المتوسطية بكل ما تحمله من فوضى وعفوية وعلاقات عائلية ممتدة، نعيش رغم كل شيء شكلًا من أشكال التوازن البديل، الذي يجب أن يُصان لا أن يُحتقر؟
رحلتي إلى كوريا الجنوبية واليابان كانت مناسبة لرؤية صورة الآخر من الداخل، ولرؤية أنفسنا من خلاله. لقد غادرت المسافة الجغرافية بيننا، لكنني اقتربت من مسافة أخرى، أعمق وأخطر: المسافة بين الإنسان وظلّه. وهذا ما يدفعني اليوم، وأنا لا أزال هنا، أن أكتب لا كسائح ينبهر، ولا كمثقف يدين، بل كإنسان يتساءل: من نحن؟ ومن هم؟ وإلى أين يمضي العالم حين تفقد الحضارة دلالتها، ويتحول التقدم إلى عبء، والنجاح إلى عزلة، والذاكرة إلى قيد؟ وهل في الإمكان بناء مستقبل مختلف لا يُقصي الإنسان باسم النظام، ولا يُغتال فيه الشعور باسم الصمت؟

الصورة مأخوذة من أعلى برج في اليابان هو برج طوكيو سكاي تري (Tokyo Skytree) بارتفاع: 634 متراً، وهو يُعد ثاني أعلى بناء في العالم بعد برج خليفة في دبي.

مقالات مشابهة

  • خلية نحل داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان استعدادا لانتخابات الشيوخ
  • يهدد الصحة النفسية.. دراسة تحذر من آثار استخدام الهواتف ‏الذكية على الأطفال
  • محافظ المنوفية يتفقد الدفعة الثانية لمشروع صكوك الأضاحي لتوزيعها على الأسر
  • القومي لحقوق الإنسان يؤهل منظمات المجتمع المدني لتغطية انتخابات الشيوخ
  • مختص: نتائج الشركات في السوق السعودية فاقت التوقعات وساعدت على استقرار
  • الائتلاف المصري لحقوق الإنسان يختتم تدريبات متابعيه لانتخابات الشيوخ
  • الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: 1200 مسن ماتوا جوعا في قطاع غزة
  • عصام شيحة: مشاركة المصريين في انتخابات مجلس الشيوخ خطوة في صناعة القرار
  • من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع
  • المجلس القومي لحقوق الإنسان ينظم لقاء تنشيطيا لمنظمات المجتمع المدني