حكومة الانقلاب: ترحيب حار بفشل حماية المدنيين ووقف الحرب
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
حكومة الانقلاب: ترحيب حار بفشل حماية المدنيين ووقف الحرب
د. مرتضى الغالي
أعلنت حكومة البرهان- الكيزان الانقلابية عن ترحيبها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين..! هكذا بكل الصراحة والوضوح؛ نحن نرحب باستمرار إطلاق النار ومواصلة الحرب ونرفض حماية المدنيين، ونشكر الصديقة روسيا على ذلك..! مبروووك.
حكومة الانقلاب تشكر روسيا، وتعلن ابتهاجها بفشل مشروع يؤيده جميع أعضاء مجلس الأمن الـ14 (من جملة الأعضاء الـ 15) ومعنى هذا أن كل العالم مع القرار.. وروسيا وحدها هي التي تعارضه..!
القارة الإفريقية لها ثلاثة ممثلين في مجلس الأمن صوّت جميع الأعضاء الثلاثة مع القرار.. وهذا معناه أن إفريقيا مع القرار، ولكن حكومة البرهان تقف ضد القرار وضد إفريقيا وضد الجزائر.. وتبتهج بروسيا..!
معارضة روسيا للقرار تعني تأييدها لاستمرار المذابح وتعريض المدنيين لمزيد من القتل والجوع والمرض والتشريد..!
لماذا لم ترجع روسيا للاستئناس برأي ممثلي القارة الإفريقية طالما أنها تدعي صداقة ومؤازرة دول الجنوب والعالم الثالث، وتهتم بنهضة إفريقيا..؟!
حكومة البرهان -الكيزان الانقلابية تؤيد مواصلة إطلاق النار على السودانيين، وتعارض حماية المواطنين والمدنيين، ولكنها تقول إن معارضة روسيا حفظت استقلال السودان ووحدته، ومنعت “الوصاية على الشعوب” وفرضت مبادئ العدالة واحترام سيادة الدول واحترام القانون الدولي.. (لاحظ أن كل الأسرة الدولية مع القرار عدا روسيا)..؟
أعضاء مجلس الأمن من القارة الإفريقية الذين أيدوا القرار هم مندوبو: الجزائر/ موزمبيق/ سيراليون..!
المؤيدون للقرار من الأعضاء الدائمين الخمسة: المملكة المتحدة / الولايات المتحدة/ الصين/ فرنسا (روسيا وحدها عارضت القرار)..!
جملة أعضاء مجلس الأمن الآخرين أيدوا القرار: اليابان/ سويسرا/ جمهورية كوريا/ إكوادور/ غيانا/ مالطا/ سلوفينيا.
مبروك لحكومة الانقلاب النجاح في مواصلة الحرب ومنع حماية المدنيين.. فالحكاية (مش لعبة) ويجب أن تستمر الحرب ويستمر القتل حتى ولو أزهقت أرواح 48 مليون مواطن، واستمرت الحرب مائة عام….!
مبروك للإخوة مناصري الحرب وللأخ كاتب الشرق الأوسط (وصحبه) الذي وقف ضد الأمم المتحدة وضد كل العالم الحر وغير الحر، وهو لا شك مبسوط من روسيا التي وقفت مع الكيزان، وعارضت إيقاف الحرب وإغاثة المدنيين..!
ونقول له إن من المؤكد أن صحيفة الشرق الأوسط تؤيد قرار إيقاف الحرب وحماية المدنيين (على عكسه)..! فليس هناك صحيفة أو صحفي في العالم يقف مع استمرار الحرب الأهلية، ويعارض حماية المدنيين… الله لا كسّبكم بحق جاه النبي..!!
الوسومد. مرتضى الغاليالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: د مرتضى الغالي حمایة المدنیین حکومة الانقلاب مجلس الأمن مع القرار
إقرأ أيضاً:
يعنينا فهم روسيا وليس أن تفهمنا
من الواضح أن أمريكا لم تعد القطب الأوحد ولم تعد من يحكم العالم كما كان منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، ولكن الواضح أيضاً هو أن أمريكا تتصرف كأنها الحاكم لمنطقة ما تسمى الشرق الأوسط..
ولا أستطيع فهم تصرف الأقطاب الأخرى مثل الصين وروسيا تجاه هذا الوضع أو التموضع الأمريكي وبما لم يعد في أي منطقة..
الطريقة التي دخلت بها روسيا إلى سوريا للمشاركة في الحرب ضد الإرهاب ـ كما قيل ـ كانت غامضة، ولكن الأكثر غموضاً، بل واللغز المحير كان في الطريقة التي تم بها ترحيل وإسقاط نظام بشار الأسد..
في العدوان على إيران طرحت علامات استفهام حول ما إذا كانت روسيا أدت دورها بالحد الأدني كحليف مع إيران في ظل ما تمثله إيران من مصالح كبرى لروسيا وللأمن القومي الروسي، فهل مثل هذا يمثل إضافة للغموض أم هو شيء غير ذلك؟..
عندما نتابع حالة الأنظمة العربية ومواقفها من جرائم الإبادة الجماعية واستعمال التجويع كسلاح وهو ما لم يحدث مثله في العصر الحديث فهذا يعيدنا ربطاً بالغموض الذي أشرنا إليه إلى سايكس بيكو القديم كمخاض لجديد أو للجديد، وهذا بين الاستنتاجات والاحتمالات، مع أنه بات صعباً كثيراً السير في مقايضات، بل إن العصر وواقع العالم المتغير يفقد مثل هذه المقايضات المحتملة واقعها وواقعيتها ولكنها تظل غير مستحيلة «على الأقل»..
ولهذا يعنينا أن لا نغرس رؤوسنا في الرمال تجاه هذا الاحتمال أو غيره في هذه المرحلة المفصلية والصعبة..
المفكر الروسي الكبير «الكسندر دوجين» بين طرحه عن المنطقة يركز على أهمية وضرورة توحد المسلمين وهو يعرف أكثر مما أعرف صعوبة واستعصاء هذا التوحد وبسبب المتراكم الأمريكي، فإذا الهدف تحميل العرب والمسلمين المسؤولية فذلك متحقق ـ مع الأسف ـ ولكن ماذا عن المصالح الكبرى لروسيا والصين بالمنطقة وفى ظل الأمر الواقع للمتراكم الأمريكي؟..
إنني بهذا التعاطي لا أريد التأثير بأي قدر على إنجازات المنطقة بالتحالف وحتى العلاقات مع الصين وروسيا والتواصل القوي والمستمر بل إن الاجتماع الثلاثي بين الصين وروسيا وإيران في طهران يؤكد شراكة استراتيجية إن لم تكن تحالفات استراتيجية..
طرح مستوى من الغموض أو طرق علامات استفهام يمثّل حاجيات للفهم والتفكير في إطار الحرية الواعية أو المقيدة بالوعي..
في خيار العالم المتعدد الأقطاب والأكثر عدالة فإن الصين وروسيا والاصطفاف العالمي هما في حاجة لهذه المنطقة مثلما المنطقة بأمس الحاجة للسير في خيار العالم المتعدد الأقطاب..
مثل هذا الهدف العالمي الكبير يحتاج لتجاوز تموضعات المنطقة بل وإلى مواجهة بكل الوسائل والسبل للمتراكم الأمريكي أياً كان تجذره أو تأثيره..
يعنينا ومن جانبنا أن نتعمق في قراءة التجارب، فالسوفيت مثلاً نصحوا عبدالناصر ـ مجرد نصيحه ـ أن لا يكون البادئ في الحرب ١٩67م لأن أمريكا تهدد باستعمال النووي ونتوقف عند نقطتين:
الأولى .. أن جمال عبد الناصر بطرد قوات الأمم المتحدة التي كانت تفصل بين مصر والكيان الصهيوني أصبح في الحرب فعلاً..
الثانية أن السوفيت قدموا لعبدالناصر مجرد نصيحة كان بمقدوره أن لا يأخذ بها..
وإذاً لا يفترض ربط أو تبرير فشلنا أو هزائمنا بالسوفيت أو بغيرهم..
مثل هذا علينا إسقاطه على الأحداث القائمة، وهاهي إيران على سبيل المثال استطاعت احتواء الصدمة لليوم الأول للعدوان أو ليومين واستطاعت أن تسير في رد هو الأقوى جعل إسرائيل من خلال أمريكا استجداء إيقاف الرد الإيراني حتى أن إسرائيل لم تعد تتحمل الحرب وليومين فقط..
ويكفي أن إيران ربما اشتكت أو احتاجت لتلميح عن قصور من الحليف الروسي في هذا، ولكنها أدت واجبها ونجحت في صد العدوان في ظل مشاركة أمريكية كاملة في الإعداد والتحضير للعدوان ثم بالمباشرة في هذا العدوان، والحديث عن نواقص أو قصور بعد ذلك جائز بل ومطلوب للسير إلى ثقة أكبر وأعلى وعلى طريقة «العتاب صابون القلوب»..
تموضع ومواقف أنظمة عربية كثيرة نعرفها وهي معروفة في السياق التاريخي والمتراكم مما يجعلها متوقعة..
الحرب النفسية الإعلامية على شعوب المنطقة باتت الفاعل الأهم، لأنها تمارس ترويض المنطقة إسرائيلياً من خلال الشعوب والمزيد من ترويض هذه الشعوب لأنظمة خائنة بالأمركة والصهينة هو بالتلقائية لصالح الكيان الصهيوني، وكل هذا يستوجب أن شراكة المصالح في تحالفاتنا واستمرار واستمراء خط الأمركة والصهينة عربياً هو خيانة الحاضر والمستقبل!!.