الغارديان : اللاجئون السودانيون في غابات في إثيوبيا .. أزمة مستمرة
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
أرغمت الحرب المستعرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مئات الآلاف من المواطنين على النزوح إلى دول الجوار بحثا عن أمان افتقدوه في وطنهم، لكن من لجؤوا منهم إلى إثيوبيا وجدوا أنفسهم هاربين من صراع إلى صراع آخر.
التغيير _ وكالات
ونشرت صحيفة غارديان البريطانية تقريرا ميدانيا عن أحوال اللاجئين السودانيين في إقليم أمهرة غربي إثيوبيا، حيث التقى مراسلها فيصل علي، 3 لاجئين أمضوا الصيف كله في إحدى الغابات، وتحدثوا عن محنتهم المستمرة بعد 19 شهرا من فرارهم من وطنهم بسبب الحرب.
وبينما لا يزال اثنان منهم يقيمان في غابة أولالا -هما عبد الله ومحمود- في مركز مؤقت تديره الأمم المتحدة بالقرب من الحدود السودانية، سافر الثالث، كرم، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وتقول غارديان إنها عمدت إلى تغيير الأسماء في هذا التقرير لئلا تكشف عن هوياتهم من أجل حمايتهم.
من حرب لأخرىوأحد هؤلاء الثلاثة، مدرس لغة إنجليزية سوداني من الخرطوم، أطلقت عليه الصحيفة اسم عبد الله، فرَّ من الحرب في بلاده ولجأ إلى إثيوبيا ليضطر للهرب مرة أخرى بعد أن تعرض المخيم الذي استقر فيه لهجوم من قطاع الطرق والمجموعات التي تقاتل الجيش الإثيوبي.
كان الشاب، البالغ من العمر 27 عاما، من بين آلاف اللاجئين السودانيين الذين فروا من المخيمات التي تديرها الأمم المتحدة في إقليم أمهرة هذا العام، وأقاموا مخيمات مؤقتة في غابة أولالا، على بعد بضعة كيلومترات شرق مأواهم الأصلي. وفي تلك الغابة، وبعيدا عن السلطات وسبل كسب العيش، ازدادت أحوالهم سوءًا.
يتذكر عبد الله تلك الأمسية وهو جالس، في حلكة الليل البهيم، إلى جوار صديق له، عندما اخترق دوي إطلاق رصاص سكون المكان. قال “كنت أسمع صراخ النساء والأطفال، ففي كل ليلة كنا نتمسك بحبل النجاة”.
وحكى عبد الله أنه غادر الخرطوم إلى إثيوبيا بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، متجها إلى القلّابات، وهي بلدة على الجانب السوداني من الحدود المشتركة التي يسهل اختراقها. وقال إنه اعتُقل هناك “ظلما” وتعرض للضرب على يد حراس السجن، وعقب إطلاق سراحه عبَر الحدود إلى بلدة المتمة في إقليم أمهرة الإثيوبي.
هجوم على المخيماتوبعد 3 أشهر من وصوله لإثيوبيا، اندلع القتال بين عناصر الأمهرة والجيش الحكومي بسبب نزاع يتعلق بالاتفاقية التي أنهت الحرب في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا على الحدود مع دولة إريتريا. وفي أغسطس، أُعلنت حالة الطوارئ في أمهرة، وأُغلقت شبكة الإنترنت مع اشتداد القتال.
ويتذكر عبد الله أن المسلحين هاجموا مخيماتهم مرارا وتكرارا، وقاموا باقتلاع الخيام المنصوبة، وترويع الأطفال وضرب الناس ونهب هواتفهم المحمولة وأموالهم القليلة وممتلكاتهم الأخرى.
أما محمود -وهو عامل بناء من دارفور كان يعيش في الخرطوم قبل اندلاع الحرب- فقد فرّ إلى إثيوبيا. وكان يعتقد أن أحدا سيأتي لمساعدتهم، بعد أن تعرض المخيم لهجمات طيلة أسابيع، لكنه فقد الأمل.
وقال “كان الخوف ينتابني كل يوم من أننا قد نموت. فقد لقي بعض من كانوا معنا في المخيم مصرعهم، ونُهبت ممتلكاتنا، ولم يعد لدينا أي شيء. كل ليلة كانت تحمل معها الرعب”.
وبدوره، قال عبد الله عبر الهاتف وفي صوته نبرة استسلام، “ظننت أنني سأكون بأمان في إثيوبيا. والآن لا يوجد مكان ألجأ إليه”.
مأساة مستمرةوأكد اللاجئون الثلاثة أن الأمم المتحدة أوفدت قوة إثيوبية محلية لحماية مخيمات اللاجئين، لكنها فشلت في القيام بذلك. ولما سأل عبد الله قائد القوة عن لماذا لم يوقف المهاجمين، قال إنه يخشى من أن ينتقموا من عائلته.
الوسومأزمة إثيوبيا غابات اولالا لاجئونالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أزمة إثيوبيا غابات اولالا لاجئون
إقرأ أيضاً:
الغارديان: اتهامات لترامب بـ تسييس الاستخبارات بعد ضربات إيران
دفعت الإدارة الأمريكية، بقيادة دونالد ترامب، بأجهزة الاستخبارات إلى ترديد رواية رسمية بشأن الضربات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، رغم أن المعلومات الاستخباراتية لم تكن تدعم هذه الرواية.
وفي تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، كشف الصحفي بيتر بيومنت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مارس ضغوطًا كبيرة على مسؤولي إدارته ووكالات الاستخبارات الأمريكية لترديد مزاعمه بشأن الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية بعد الضربات الجوية الأخيرة، مشيرًا إلى أن هذا النهج يعيد إلى الأذهان الطريقة التي روجت بها إدارة بوش لمبررات غزو العراق عام 2003.
واستعاد التقرير مصطلحًا كان شائعًا آنذاك بين الصحفيين هو "stovepiping" أو "أنابيب التهوية"، وهو تعبير يشير إلى تقديم المعلومات الاستخباراتية مباشرة إلى صانعي القرار دون إخضاعها لنظام تدقيق متعدد المستويات، وهو ما أدى إلى "انتقاء" المعلومات التي تناسب فرضيات الإدارة، وتجاهل المعطيات التي قد تتعارض معها. وفي حالة العراق، كان هدف الإدارة إثبات امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، فسعت إلى تضخيم أي معلومة قد تدعم هذا الاتجاه، حتى وإن كانت بلا أساس قوي.
وتابع التقرير أن الأسلوب نفسه عاد للواجهة مع إدارة ترامب، لكن هذه المرة ليس فقط في التحضير لحرب، بل في كل الملفات الأمنية تقريبًا، بما في ذلك الهجوم الأمريكي الأخير على منشآت نووية إيرانية، إذ بدا واضحًا أن ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، تعمدوا تبني رواية واحدة مهما كانت المعلومة المتاحة متضاربة أو غير دقيقة.
وأضافت الغارديان أن هذه الرواية بلغت ذروتها عندما أعلن ترامب أن "منشآت التخصيب النووي الإيرانية قد محيت تمامًا"، بعد ضربات استهدفت مواقع في أصفهان ونطنز وفوردو، ولكن تقارير استخباراتية، أبرزها من وكالة الاستخبارات الدفاعية، أكدت أن البرنامج النووي الإيراني تضرر لأشهر فقط، ورجّحت نقل جزء كبير من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب قبل الغارات.
لكن ترامب، مدفوعًا بشعور بالثقة والغرور، كما وصفه بيومنت، بالغ في مزاعمه، ووصل به الأمر إلى تشبيه الهجمات بقنبلتي ناغازاكي وهيروشيما، فيما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها غير قادرة على تأكيد مصير اليورانيوم عالي التخصيب.
في المقابل، أنكر ترامب علنا وجود أي عملية نقل للمخزون النووي، ونشر على منصاته الاجتماعية أن "لا شيء نُقل من المنشآت"، وهو ما ردده وزير دفاعه بيت هيغسيث، الذي أكد أنه لم يتلق أي تقارير تشير إلى عملية نقل.
وشدد التقرير على أن الأزمة لا تتعلق فقط بمزاجية ترامب، بل بإعادة تشكيل المعلومات الاستخباراتية وفقًا لهواه السياسي، وتحويلها إلى أداة اختبار للولاء بين المسؤولين، وهو ما يُفقد الولايات المتحدة مصداقيتها في واحدة من أكثر القضايا حساسية على مستوى الأمن الدولي.
واستعرض التقرير شهادة مديرة الاستخبارات الوطنية في إدارة ترامب، تولسي غبارد، التي كانت قد أقرت في الكونغرس أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ مستوى "غير مسبوق" لدولة لا تمتلك أسلحة نووية، لكنّها أكدت في الوقت نفسه أن إيران لم تستأنف العمل على تطوير سلاح نووي منذ 2003.
بعد أيام، هاجمها ترامب وسخر منها، وهو ما دفع غبارد إلى التراجع عن تقييمها السابق، مدعية أن تصريحاتها أُخرجت من سياقها، وأن إيران قد تكون على وشك امتلاك سلاح نووي خلال "أسابيع أو أشهر". وهنا، علّق بيومنت بأن تحولات الرواية الرسمية الأمريكية لم تعد تعتمد على الاستخبارات، بل على "الحدس السياسي" والولاء للرئيس.
وفي تصريحات لشبكة ABC، برّر نائب الرئيس إي جيه فانس هذا التضارب بالقول إن "اليورانيوم ربما دفن تحت أنقاض المنشآت المدمرة"، وأضاف: "نثق في وكالاتنا الاستخباراتية، لكن نثق أيضًا في غرائزنا".
ورأى الكاتب أن جذور هذه الأزمة تعود إلى ولاية ترامب الأولى، حين اختار مرارًا تحدي تقارير استخباراتية، كما حدث عندما رفض نتائج التحقيقات حول التدخل الروسي في انتخابات 2016، مفضّلًا الثقة في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
التقرير أشار أيضا إلى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل المشتركة لعام 2015)، رغم تأكيد أجهزة الاستخبارات على التزام طهران بالاتفاق آنذاك، كما فضّل "مشاعره" على تقييمات الأجهزة في ما يخص كوريا الشمالية.
ويختم بيومنت بأن ترامب بدا متأثرًا بشدة بروايات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلى درجة أنه جعل من الولاء لهذه الرواية شرطًا ضمنيا داخل الإدارة، ما أغلق باب التحقيقات الحقيقية وجعل كل من يشكك عرضة للتهميش، وأصبحت وكالات الاستخبارات، بحسب التقرير، "فريق ترامب" لا أكثر.