نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرًا يتناول النجاح الانتخابي المفاجئ والمزلزل لزهران ممداني، الاشتراكي الديمقراطي الشاب الذي هزم المؤسسة الديمقراطية التقليدية في نيويورك، أكبر مدينة في الولايات المتحدة.

وأفادت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمتها "عربي 21"، أن النجاح الانتخابي المفاجئ لزهران ممداني، الاشتراكي الديمقراطي البالغ من العمر 33 سنة والمرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك، أبرز مدينة في العالم، يُعد زلزالًا سياسيًا.

فلم تتنبأ به أي استطلاعات، ولا أي محللين، ولا حتى "الحكماء" التقليديون. وستمتد تداعيات هذا الانقلاب السياسي لسنوات، ليس فقط في أنحاء الولايات المتحدة، بل في العالم المتقدم بأسره.

وأوضحت الصحيفة أن فوز زهران ممداني الساحق كشف انهيار مؤسسة الحزب الديمقراطي، التي واجهت ولاية ترامب الأولى بالمقاومة الخطابية، ثم تراجعت لاحقًا بمواقف مهادنة، مرجعة تراجع شعبية الحزب إلى نفور قاعدته الانتخابية، خاصة بعد رضوخ زعيم الأغلبية تشاك شومر أمام ترامب في تمرير قانون إنفاق مثير للجدل، ما مثّل القطيعة الأولى بين الحزب وادعائه مقاومة ترامب.

وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تشهد غضبًا واسعًا من القيادة السياسية في كلا الحزبين، وسط تدهور اقتصادي غير مسبوق. ويتجلى ذلك بوضوح في نيويورك؛ حيث أبرم العمدة الديمقراطي المعتدل إريك آدامز صفقة تضمن عدم محاكمته في قضايا فساد مقابل تطبيق سياسات ترامب، رغم أن الأخير لا يتمتع بدعم سياسي يُذكر في المدينة.


وأشارت الصحيفة إلى أن ممداني برز في مشهد سياسي باتت فيه المدن الأمريكية الكبرى تشهد تنافسًا بين الديمقراطيين الوسطيين وجناحهم التقدمي، في ظل نظام انتخابي لا يعترف إلا بحزبين رسميين، وتُعد نيويورك معقلًا تاريخيًا لليسار الاشتراكي في الولايات المتحدة.

وأضافت الصحيفة أن ممداني يعد من نتاج الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا، وهي أكبر منظمة اشتراكية في الولايات المتحدة منذ قرن، وأحد الشباب الذين ألهمتهم حملة بيرني ساندرز سنة 2016. ومع أن أغلبهم كانوا في سن مبكرة حينها، إلا أنهم ظلوا متمسكين بالاشتراكية، وتطوّروا سياسيًا مع مرور الوقت.

وذكرت الصحيفة أن ممداني انخرط في منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا منذ شبابه، واكتسب خبرته من قيادة الحملات داخلها. وبعد أن بنى التنظيم في نيويورك قاعدة قوية، فاز بعضوية الجمعية التشريعية سنة 2020. ويرى ممداني أن الاشتراكية الديمقراطية تعني الانخراط في تنظيم ديمقراطي يمثل المجتمع العمالي، لا مجرد هوية أو مبادئ.

ويرتبط ممداني ارتباطًا وثيقًا بمنظمة الاشتراكيين الديمقراطيين، في تجسيد لنهج سياسي يرى أن التنظيمات تمثل طبقات متصارعة، ولكي تفوز لطبقتك، يجب أن تكون ممثلًا لديمقراطية الطبقة العاملة.

وقالت الصحيفة إن ممداني حقق فوزه اللافت من خلال الدمج بين تكتيكات حديثة وتقليدية؛ إذ قدّم حملة مبتكرة على وسائل التواصل الاجتماعي ركزت على الأصالة، واعتمد في الوقت نفسه على سياسة الشتات الشعبي؛ حيث خاطب مجتمعات نيويورك المتنوعة بلغاتها، وبنى تحالفًا بين اليسار التقدمي والطبقة العاملة متعددة الأعراق.


كيف فاز ممداني بالدعم؟
وأوضحت الصحيفة أنه بينما تقدم ممداني في استطلاعات الرأي بتنظيم شعبي مستمر، تعرض لهجمات متصاعدة من رأس المال والقوى الحاكمة، وبلغ إنفاقها الخارجي 25 مليون دولار. لقد ركزوا على اتهام معاداة السامية، وهو اتهام فعّال في الإطاحة بقادة اليسار مثل جيريمي كوربين. إن هذا الاتهام يثير قلق أي شخص يساري وذو ضمير، ولهذا كان استخدامه زائفًا وهجومًا خبيثًا يستهدف كسر اليسار. لكن في هذه الانتخابات، جاءت هذه التشويهات التي لا أساس لها بنتائج عكسية.

وأرجعت الصحيفة السبب إلى الإفراط في توجيه الاتهامات بدون دليل؛ حيث لا يصدق أن ديمقراطيين اجتماعيين متعاطفين في بيئة حضرية علمانية هم منظمون لمجازر أو جهاديون، رغم الحملات الإسلاموفوبية ضد خلفية ممداني.

والسبب الثاني هو الظروف الواقعية؛ حيث أن معظم اتهامات معاداة السامية على اليسار ترتكز على موقف من إسرائيل وليس على كراهية فعلية. مع استمرار إسرائيل في سياساتها القمعية وتوطيدها لعلاقات مع اليمين المتطرف الأمريكي، تحول دعم الناخبين الديمقراطيين في الولايات المتحدة بسرعة لصالح الفلسطينيين بنسبة تقارب ثلاثة إلى واحد، مما أضعف تأثير هذه الاتهامات في الانتخابات التمهيدية.

وأوضحت الصحيفة أن ممداني يمثل استمرارًا لتقاليد اليسار اليهودي في الولايات المتحدة، فلطالما كانت نيويورك موطنًا لأقوى يسار اشتراكي في الولايات المتحدة، وكانت الجالية اليهودية هي قاعدة الحزب الاشتراكي الأمريكي أو حزب العمال الأمريكي، وقد صوّت اليهود في نيويورك بمئات الآلاف للاشتراكيين لعقود. ويعد ممداني وريثًا لتقاليد الاشتراكيين والنقابات العمالية التي بنت نيويورك، ويظهر ذلك جليًا في عضوية الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين وموظفي حملته الانتخابية.

لقد اكتسب ممداني الدعم بإعادته للطبقية كقضية محورية في السياسة، على عكس بيرني ساندرز الذي رغم إثارته للاستقطاب الطبقي، فشل في كسب دعم الناخبين السود، واعتمد هو والاشتراكيون الديمقراطيون على رضا الطبقة المتوسطة العليا التقدمية، مما أخضعهم لمصالحها، وظل الاستقطاب الطبقي عصيًا على الحل رغم سنوات من العمل اليساري.

وأشارت الصحيفة إلى أن ممداني لم يحقق إنجازات تُذكر مقارنةً بمرشحي اليسار السابقين في المناطق التقدمية المهنية، لكنه حطم الحاجز العنصري الذي قسّم الطبقة العاملة، رغم أن أحدًا لم يتوقع ذلك قبل تدفق الأصوات. ورغم أن قاعدته ستكون بالتأكيد من المهنيين البيض ذوي التوجهات التنازلية، إلا أن رسالته الواضحة وحملته المبتكرة أعادتا السياسة الطبقية الحقيقية التي بدت خرافة في العصر الحديث.

 ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، كان أداء ممداني مع الناخبين الملونين أفضل من الناخبين البيض، ورغم أنه خسر أصوات التقدميين الموثوق بهم بين الليبراليين، إلا أنه ربح أضعاف تلك الأصوات بين الناخبين من الطبقة العاملة من الملونين الذين لم ينظروا إلى المرشحين اليساريين من قبل، وبهذا يكون قد عكس ما يقرب من 30 عامًا من نظريات العلوم السياسية المعادية للمادية.


اليسار يتنصل
قد يبدو هذا الأمر محصورًا في مدينة نيويورك، معقل التقدميين في ولاية ذات أغلبية ديمقراطية، ولكنه يُشير إلى مسارٍ مُستقبلي لليسار ولمناصري العدالة الاجتماعية والسياسات التحررية. لقد كانت أكثر المكاسب الصادمة هي تلك التي حققها دونالد ترامب في عام 2024 بين الناخبين الشباب، خاصة بين الرجال والناخبين اللاتينيين والآسيويين، وهذه هذه هي التركيبة السكانية التي دعمت ممداني.

لطالما تنصل اليسار من مسؤوليته في محاربة اليمين المتطرف تاركًا الأمر للوسط، لكن الوسط فشل وضحى بهذه التركيبة السكانية لترامب ولم يستطع استعادتها أبدًا، لكن اليسار الراديكالي استطاع فعل ذلك من خلال رسالة اقتصادية مستهدفة ومعادية للمؤسسة. لقد نجحت حملة ممداني من خلال ذلك في مناهضة الفاشية بنشاط وبطريقة حقيقية، من خلال استعادة المستهدفين من اليمين إلى اليسار.

وأكدت الصحيفة أن اليسار بحاجة إلى دراسة هذه الانتخابات الصادمة وتدوين ملاحظات دقيقة؛ لقد كان ممداني نتاج تنظيم حقيقي وعضوي للطبقة العاملة في الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين، ذلك النوع من التنظيم الذي يندثر في البلاد منذ نصف قرن، ويتجاهله معظم الناس.

في سنة 2017، قال مايكل كينوكان، أحد منظمي الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا والفيلسوف: "لقد أصبحت الثقافة المدنية في الولايات المتحدة مجوفة للغاية على المستوى الشعبي لدرجة أنه إذا استطاعت مؤسستك جمع 40 إلى 50 شخصًا ملتزمًا في غرفة واحدة، فمن المحتمل أنك تدير واحدة من أقوى خمس أو ست منظمات شعبية محتملة في مدينتك".

واختتمت الصحيفة بالتأكيد على أن هذه الفكرة كانت أساسيةً بالنسبة للاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين، وخاصةً في مدينة نيويورك، وشكّلت شخصية ممداني، رغم أنها بدت ضربًا من الخيال بالنسبة للكثيرين. لذا، إذا أراد اليسار هزيمة اليمين فعليه أن يتعلم من ممداني والاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين، هذا أمرٌ لا يمكن للكيانات الجوفاء للحزبين الديمقراطي والجمهوري هزيمته أبدًا.

وفي نفس السياق، نشرت صحيفة "ذا نيشن" الأمريكية تقريرًا بعنوان "فشل حملة التشهير ضد ممداني.. تحول لافت في السياسة الأمريكية"، قالت فيه إن ممداني أثار صدمة بفوزه الساحق على أندرو كومو في الانتخابات التمهيدية لعمدة نيويورك، مخالفًا توقعات المحللين واستطلاعات الرأي. ويُتوقع أن يجعله هذا الانتصار شخصية بارزة في اليسار الأمريكي، ويثير اهتمامًا واسعًا بأسلوبه المختلف عن تقاليد الحملات الديمقراطية.

كان ذلك واضحًا بشكل خاص في موقفه من قضية إسرائيل وفلسطين، إذ إن محاولات كومو ووسائل الإعلام الموالية للمؤسسة الحاكمة لتأجيج المخاوف من مواقف ممداني قد فشلت، وهو ما يُعد جرس إنذار بشأن مدى تغيّر القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي.

لقد تركزت حملة ممداني في المقام الأول على تكاليف المعيشة مثل الإيجارات والنقل، لكن كومو بذل جهدًا كبيرًا لتحويلها إلى استفتاء على آراء ممداني بشأن إسرائيل وفلسطين، وقد انساقت وسائل الإعلام التقليدية وراء هذا الطرح.


ممداني وإسرائيل
وتابعت الصحيفة أن ممداني واجه في كل ظهور إعلامي ومناظرة أسئلة متكررة حول إسرائيل، رغم أن مواقفه كانت معروفة، إذ وصف إسرائيل بأنها تمارس الفصل العنصري والإبادة وأيّد المقاطعة. وقد هيمنت القضية على النقاشات، وسط افتراض بأن نيويورك سترفض مرشحًا مؤيدًا لفلسطين.

 وفي أول مناظرة له، كان الوحيد الذي رفض التعهد بزيارة إسرائيل، ما دفع المنظمين لسؤاله فقط عن "حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية"، دون توجيه سؤال مماثل لأي مرشح آخر، أو حتى طرح حق فلسطين في الوجود، ولم يسأل أحد أندرو كومو عن سبب انضمامه إلى الفريق القانوني لنتنياهو الذي يحاول منع مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

إن حقيقة أن المرشح المسلم الوحيد لمنصب العمدة تم استهدافه بسبب آرائه حول قضية فلسطين وإسرائيل، تعكس مدى التحيز الذي لا يزال موجودا في البيئة السياسية الأمريكية تجاه العرب والجنوب آسيويين، وكل من يحاول الوقوف إلى جانب فلسطين.

وأفادت الصحيفة أن ممداني كان مستعدًا بإجابة مثالية. حين طرح عليه المُحاور سؤالًا يحمل نوايا سيئة، أجاب: "أعتقد أن لإسرائيل الحق في الوجود كدولة يتمتع فيها الجميع بحقوق متساوية... أعتقد أن كل الدول يجب أن تقوم على المساواة في الحقوق". وبدلاً من أن يرضخ للفرضية التي يطرحها السؤال، والتي تفترض أن من حق أي دولة أن تتبنى طابعًا قانونيًا وسياسيًا قائمًا على التمييز العرقي، استند ممداني إلى مفهوم الحرية والحقوق العالمية للجميع.

وقد لاقى هذا الخطاب صدى واسعًا لدى الأمريكيين، وخصوصًا الشباب والملونين، الذين يرون ما يعنيه ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين، ويتذكرون نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والجنوب الأمريكي في عهد قوانين "جيم كرو".

وبالمثل، عندما سأله تيم ميلر على منصة _"_ذا بولورك" عمّا إذا كان مرتاحًا لاستخدام عبارات مثل "عولمة الانتفاضة" أو "من النهر إلى البحر"، لم يتردد ممداني أو يتراجع عن دعمه لتحرير فلسطين، بل شرح بهدوء وجهة نظره بشأن نضال الفلسطينيين من أجل الحرية.

وأوضحت الصحيفة أن ممداني أظهر انضباطًا واضحًا في تواصله طوال الحملة، ما عزز نجاحه. لكنه لم ينجح فقط برسائله السياسية، بل لأنه أدرك، خلافًا لمهاجميه، أن تشويه المرشحين بسبب دعمهم لفلسطين لم يعد فعالًا كما كان، خاصة داخل الحزب الديمقراطي.

وتتزايد الأدلة التي تؤكد هذا التوجه، فقد أظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك في وقت سابق من الشهر الجاري أن التعاطف مع الإسرائيليين وصل إلى "أدنى مستوى له على الإطلاق"، في مقابل "أعلى مستوى من التعاطف مع الفلسطينيين" منذ كانون الأول/ ديسمبر 2001. وعلى عكس ما قد يرغب به البعض في التيار المؤيد لإسرائيل، فذلك بسبب كراهية الناس للإبادة الجماعية.

وكشف استطلاع أجرته جامعة ماريلاند في مارس/ آذار الماضي أن 56 بالمائة من الناخبين الديمقراطيين يعتقدون أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة، فيما يرى 44 بالمائة أن ممارسات إسرائيل تشكل إبادة جماعية أو شيئًا قريبًا منها. ولعل اللافت في النتائج أن النظرة السلبية تجاه إسرائيل تزايدت بين الديمقراطيين في جميع الفئات العمرية دون استثناء.

ووفقًا لمركز بيو للأبحاث، فإن 71 بالمائة من الديمقراطيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاما لديهم نظرة سلبية عن إسرائيل في 2025، وكذلك 66 بالمائة من الديمقراطيين ممن يبلغون 50 عاما أو أكثر.

وشددت الصحيفة على أن دعم القضية الفلسطينية لم يعد عبئًا على الناخبين الليبراليين في الولايات المتحدة. ولم يكن رفض ممداني التنازل عن هذا الدعم مجرد موقف مبدئي وأخلاقي فحسب، بل كان أيضًا خيارا سياسيًا ذكيًا، يتماشى مع مشهد إعلامي وسياسي جديد لم يتمكن خصومه من إدراكه.

رغم ذلك، سيكون من الخطأ القول إن ممداني فاز في التصويت بسبب مواقفه القوية المؤيدة لفلسطين؛ حيث يحمل خصمه كومو سجلا سيئا للغاية: اتهامات بسوء السلوك الجنسي وسوء الإدارة في مجال الصحة العامة والعنصرية واللامبالاة تجاه المدينة، فالشهرة وحدها لا تكفي للفوز بالسباق، خاصة إذا كان اسمك مرتبطًا بهذه الأمور.

وذكرت الصحيفة أن ممداني أدار حملة استثنائية ركزت على أزمة تكاليف المعيشة وبنبرة متفائلة، وشكّل تحالفًا واسعًا ضد كومو، بدعم بارز من التقدمي اليهودي براد لاندر. ورغم أن مواقفه من إسرائيل لم تكن العامل الحاسم، فقد حاول كومو ونيويورك تايمز تحويل الحملة إلى استفتاء على آرائه "الراديكالية" بشأنها.

ورغم اتهام اليسار بجعل فلسطين اختبارًا أيديولوجيًا للترشح للمناصب، لكن الأشهر الماضية أثبتت وجود إجماع مؤيد لإسرائيل يفرض دعم الوضع القائم. لكن هذا لم ينجح مع ممداني، الذي لم تتأثر فرصه، مما يؤكد أن دعم فلسطين لم يعد عائقًا كبيرًا لدى ناخبي الحزب الديمقراطي.

وأضافت الصحيفة أن مخاوف المؤسسة الحاكمة مبررة؛ فعمدة نيويورك لن يحسم السياسة الخارجية، لكن من المهم أن تقود أكبر مدينة تضم أكبر تجمع يهودي عالميًا شخصية تؤمن بالحرية وتقرير المصير للفلسطينيين واليهود على حد سواء.

واختتمت الصحيفة بالقول إن من المهم، مع تغيّر المزاج العام داخل الحزب الديمقراطي وخارجه لصالح الفلسطينيين، أن يُعبّر سياسي مثل ممداني عن هذا التحوّل. ورغم نجاح محاولات قمع هذا التوجه في السابق، من المرجح أن العقدين المقبلين سيشهدان صعود شخصيات شبيهة بممداني أكثر من أمثال سكوب جاكسون، وعاجلًا أم آجلًا، سيتعين على سياسات الحزب الديمقراطي تجاه فلسطين أن تنسجم مع هذا الواقع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ممداني نيويورك امريكا نيويورك ممداني صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاشتراکیین الدیمقراطیین الدیمقراطیین الأمریکیین فی الولایات المتحدة الحزب الدیمقراطی بین الدیمقراطیین الدیمقراطیین فی الطبقة العاملة فی نیویورک ممدانی ا سیاسی ا ا سیاسی من خلال واسع ا رغم أن

إقرأ أيضاً:

ماذا تغير سياسيا وأمنيا بأفغانستان بعد 4 سنوات من حكم طالبان؟

كابل- في 15 أغسطس/آب 2021، دخل مقاتلو حركة طالبان العاصمة كابل دون مقاومة تذكر، وسيطروا على كامل التراب الأفغاني معلنين نهاية حكم جمهورية أفغانستان الإسلامية -بزعامة الرئيس السابق أشرف غني– المدعومة من الغرب.

ومع عودة طالبان إلى الحكم وانسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة وهروب غني، عاش المشهد الأفغاني تحوّلا جذريا، وواجهت طالبان تحديات جسيمة لبناء بناء دولة مستقرة وسط بيئة إقليمية ودولية معقدة.

وفي الذكرى السنوية الرابعة لسيطرة طالبان على السلطة، تتجدد الأسئلة بشأن مدى نجاحها في التحول من حركة مسلحة إلى سلطة حاكمة تدير دولة متعددة الأعراق والثقافات، وتحقق الاستقرار السياسي والأمني، وتواجه أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.

وبينما تؤكد طالبان أنها "أعادت الأمن، وفرضت السيادة، وبدأت نهضة اقتصادية تدريجية" يرى معارضوها ومراقبون دوليون أن البلاد تواجه عزلة سياسية خانقة، وتراجعا في الحريات، وأزمات اقتصادية واجتماعية عميقة.

الأداء السياسي

سعت طالبان إلى بناء نظام حكم مركزي يسيطر على مؤسسات الدولة، لكنها شكلت حكومة ضيقة تقتصر على قيادات من داخل الحركة، مع غياب تمثيل أوسع للطوائف والأقليات، ولاسيما إقصاء النساء من مناصب رسمية.

وقد أثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، التي ربطت الشرعية الدولية لحكومة طالبان بمدى احترامها لحقوق الإنسان وبخاصة حقوق المرأة.

وفي مقابلة مع التلفزيون الوطني، أكد المتحدث باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد وجود اتصالات دورية مع أميركا، وطلب للاعتراف الرسمي بالحكومة ونقل سلطة السفارة الأفغانية في واشنطن إلى كابل.

وقال مجاهد إنه "وبالرغم من أننا لم نتلق ردا إيجابيا، فإن الشعب الأفغاني يريد حقوقه" داعيا دول العالم إلى رفع الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية كما فعلت روسيا.

إعلان

وفي المقابل، يشير محللون تحدثوا للجزيرة نت إلى أن السياسات المتشددة لطالبان في مجال حقوق الإنسان، وخصوصا القيود على تعليم وعمل النساء، إلى جانب غياب مؤسسات ديمقراطية ومراقبة شفافة، تقوّض شرعية الحركة وتدفع بعزلة أفغانستان على الساحة الدولية.

أفغانيات في أحد الأماكن العامة بالعاصمة كابل التي تشهد تغيّرات مستمرة منذ 4 سنوات (الجزيرة)غياب دستور الدولة

ومن بين التحديات الكبرى -التي واجهت طالبان خلال سنوات حكمها الأربع- غياب دستور جديد معتمد يحدد هوية الدولة ويؤطر عمل مؤسساتها، ويحكم النظام السياسي في البلاد بدلا عن حالة الفراغ القانوني والسياسي.

ويعمل النظام الحالي في إطار "حكومة تصريف أعمال" إذ لم تشكل حتى الآن حكومة كاملة، مما يعكس حالة عدم استقرار مؤسساتي، بينما يُعمِّق غياب الدستور وبناء مؤسسات قوية أزمات الشرعية والفعالية الحكومية، ويؤثران سلبا على الجهود الداخلية والخارجية لرفع الحصار الدولي والحصول على اعتراف دبلوماسي.

ويؤكد المحلل السياسي منصور أحمدزي أن "غياب دستور واضح يُعوِّق بناء دولة مؤسسات، ويترك الباب مفتوحا لتفسيرات متباينة للسلطة وللقوانين، مما يزيد من انعدام الثقة بين المواطنين والحكومة".

ويضيف أحمدزي للجزيرة نت أن "الاستمرار في نظام تصريف الأعمال لأكثر من 4 سنوات يعكس ضعفا واضحا في القدرة على إدارة شؤون البلاد بشكل دائم ومستقر".

ومن جهته، يربط الخبير الاقتصادي سراج الدين هجرة النخب المتعلمة والمختصة إلى الخارج بضعف بناء الدولة، معتبرا أن "النخب العلمية والإدارية هي حجر الأساس لأي عملية إصلاح وتنمية، وفقدانها يعني تراجعا كبيرا في قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات اقتصادية واجتماعية ناجحة".

إنجازات وتحديات

في المقابل، يشير أحمدزي إلى أن حركة طالبان تمكنت من تحقيق بعض المكاسب الأمنية المهمة خلال السنوات الأربع الماضية، وبسطت السيطرة الأمنية في معظم مناطق البلاد، مما ساهم في تقليل جرائم العنف والاشتباكات المسلحة التي كانت تهدد حياة المواطنين.

وأضاف أحمدزي أن العملة الأفغانية شهدت استقرارا نسبيا رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والعزلة الدولية، وهو مؤشر إيجابي ضمن الأزمة الاقتصادية الحالية.

ومن جانبه، يلفت سراج الدين للجزيرة نت إلى أن طالبان حاولت تنفيذ بعض مشاريع الإعمار والبنية التحتية، خصوصا في مجالات الطرق والكهرباء، والتي تعكس بداية خطوات نحو نهضة اقتصادية تدريجية.

ويعتقد البعض أن قضية إغلاق المدارس والجامعات أمام الفتيات واحدة من أبرز التحديات التي تعيق تقدم البلاد، مما يؤثر على صورة طالبان داخليا ودوليا ويطرح تساؤلات حول مستقبل التنمية والتعليم في أفغانستان.

مركبات عامة وأخرى تعود للشرطة تسير في أحد شوارع كابل (الجزيرة)تفاهمات لم تتحقق

تُعد اتفاقية الدوحة، التي وُقّعت في فبراير/شباط 2020 بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، نقطة تحول حاسمة في مسار الأزمة الأفغانية.

ونصت هذه الاتفاقية على انسحاب القوات الأميركية مقابل تعهد طالبان بعدم السماح لأي مجموعات مسلحة باستخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أمن الولايات المتحدة أو حلفائها، وفتح باب المفاوضات بين الأطراف الأفغانية لتشكيل حكومة شاملة.

إعلان

لكن مراقبين أفغانيين يرون أن العديد من بنود الاتفاقية لم تُنفّذ على الأرض، وبحسب تصريحات محمد حنيف أتمر للجزيرة نت، آخر وزير خارجية بالحكومة الأفغانية السابقة، تجاهلت الولايات المتحدة وطالبان عمدا 3 من 4 تعهدات أساسية، وهي مكافحة الإرهاب، إطلاق مفاوضات سلام داخلية، وتشكيل حكومة دائمة مع وقف إطلاق النار الدائم، في حين تم تنفيذ الانسحاب العسكري فقط.

واعتبر أتمر أن "هذا التجاهل المتعمد قاد إلى سقوط كارثي للنظام الجمهوري السابق، وخلّف تداعيات أمنية وإقليمية تجاوزت حدود أفغانستان" مضيفا أن الخلافات الداخلية والفساد وعدم وجود قيادة موحدة بين السياسيين السابقين أسهمت في هذا الانهيار.

كما أن عدم تنفيذ بنود الاتفاقية -برأيه- أسهم بتعميق عزلة طالبان دوليا، وأعاق جهودها في بناء دولة مؤسسات قادرة على إدارة التنوع الأفغاني وتعزيز الاستقرار.

وتظل الاتفاقية مرجعا مهما لفهم الوضع الراهن، إذ يعاني هذا البلد من آثار عدم تنفيذ الالتزامات الأمنية والسياسية التي وعد بها الطرفان، مما يطرح تساؤلات جدية حول إمكانية تحقيق السلام والاستقرار الدائم في المستقبل.

تحديات داخلية

لا يزال الملف الأمني يشكل تحديا بارزا للحكومة الأفغانية الجديدة، وأعلن المتحدث باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد أن الحركة بذلت جهودا كبيرة لتحقيق الأمن في معظم المناطق، وتمكنت من تقليل جرائم العنف بشكل ملحوظ، كما تلاحق الجماعات المسلحة المعادية بحزم.

وبدوره، يقول المحلل الأمني الأفغاني محمد جمشيد للجزيرة نت إن تنظيم الدولة الإسلامية-خراسان ما زال يشكل تهديدا للأمن الداخلي، لكنه أوضح أن طالبان استطاعت إلى حد كبير الحد من نشاطات الجماعات المسلحة الأخرى التي كانت تزعزع استقرار بعض المناطق.

وأضاف جمشيد أن المواجهة الأمنية مستمرة، والحركة تبذل جهودا للحفاظ على الاستقرار الأمني رغم التحديات، إلا أن ضعف الدعم الدولي والعزلة السياسية تضعف من قدرة قوات الأمن على تحديث قدراتها وتأمين الحدود.

جدل الاعتراف الدولي

وتظل قضية الاعتراف الدولي بحكومة طالبان محل جدل واسع، إذ لم تعترف أي دولة كبرى بالحكومة رسميا، باستثناء روسيا التي رفعت طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، مما منحها دعما دبلوماسيا محدودا.

وفي جلسة استماع بالكونغرس الأميركي، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن واشنطن تراجع تصنيف طالبان كجماعة إرهابية أجنبية، وإن القرار النهائي سيُتخذ بناء على نهج السياسة الأميركية تجاه الحكومة الأفغانية في المستقبل.

وأضاف أن الإدارة الأميركية حققت نجاحات في الإفراج عن بعض الرهائن، لكنه أشار إلى أن غياب الدبلوماسيين الأميركيين في كابل يعود إلى مخاوف أمنية.

مقالات مشابهة

  • مسعود بارزاني: قوة الحزب الديمقراطي تعني قوة كوردستان
  • نيجيرفان بارزاني يحيي الذكرى 79 لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني
  • إبراهيم زهران: نرغب في التأهل إلى نصف نهائي الأفروباسكت
  • ماذا تغير سياسيا وأمنيا بأفغانستان بعد 4 سنوات من حكم طالبان؟
  • زهران ممداني يكشف نصائح أوباما له بعد الفوز المفاجئ في الانتخابات
  • الجيل الديمقراطي: تصريحات نتنياهو عن إسرائيل الكبرى استفزاز خطير
  • الجميع ينتظر زلزال كاليفورنيا الكبير لكنه قد يكون مفاجأة
  • صحفية أميركية: نجاح ممداني أربك بعض الديمقراطيين وتدخل أوباما قلب الموازين
  • الغارديان: انتشار أمراض مقاومة للمضادات الحيوية في غزة
  • الغارديان: الفحم الحيوي من الفضلات البشرية يحل أزمة نقص الأسمدة ويحد التلوث