لأول مرة في تاريخ البلاد، مصر تُصدر وثيقة معاش بالدولار للمصريين العاملين بالخارج، ومتخصّصون يوضحون لموقع "الحرة" سر توقيت طرح الوثيقة، ومصريون يعيشون خارج مصر يعبّرون عن تفاعلهم مع المبادرة الحكومية.

معاش "بكرة"؟

الاثنين، أطلقت مصر ولأول مرة وثيقة معاش بالدولار للمصريين العاملين في الخارج، تحت اسم "معاش بكرة".

ويبلغ الحد الأدنى لشراء الوثيقة 500 دولار كقسط وحيد، مع إمكانية دفع أقساط إضافية بحدّ أدنى 50 دولارا للمرة الواحدة ومن دون الالتزام بقيمة محددة كل عام، وفقا لبيان "رئاسة مجلس الوزراء في مصر".

أما الحدّ الأقصى لشراء الوثيقة فيبلغ 10 آلاف دولار، ويتم شراؤها "الكترونيًا من دون إجراء كشف طبي".

بيان صادر عن الهيئة العامة للرقابة المالية: الرقابة المالية تستضيف فعاليات إعلان شركة مصر لتأمينات الحياة عن أول وثيقة...

Posted by ‎رئاسة مجلس الوزراء المصري‎ on Monday, August 14, 2023

 والحدّ الأدنى لعمر الوثيقة الواحدة 5 سنوات، ويتم احتساب مبلغ التقاعد أو الدفعات الشهرية، بناءً على عمر المؤمّن عليه في تاريخ سداد القسط، وتاريخ الاستحقاق المحددة.

ويمكن الحصول على هذه الوثيقة بدايةً من عمر 18 عاما، وبحدّ أقصى 59 عاما، حيث توفر تغطيات تأمينيّة عند سن الاستحقاق أو الوفاة، أو العجز الكلّي، ويتم صرفها في صورة دفعة واحدة أو دفعات شهرية لمدة 10 أو 15 سنة.

ويمكن للعميل الحصول على وثيقة لكل سن استحقاق 50 أو 55 أو 60 أو 65 سنة، بحدّ أقصى وثيقتين، بحسب البيان.

خطوة تحفيزية جديدة؟

يصف الباحث بالاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، الوثيقة، بأنها "خطوة إضافية لتحفيز المصريين المقيمين بالخارج على زيادة التحويلات الدولارية".

وتهدف الوثيقة لدعم احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي، وتأمين احتياجات مصر من الواردات، وسداد المستحقات، وكذلك توفير الحماية الاجتماعية من خلال توفير معاش إضافي للمستفيدين وصرفه بالدولار، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى أنّ مصر تحتل المركز الخامس كأكبر متلقٍّ للتحويلات الخارجية عالميا، وتمثّل تحويلات المصريين بالخارج ما نسبته 7.8 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي لمصر عام 2021.

ويوضح الديب أنّ تحويلات المصريين بالخارج "مهمة للغاية، وتدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي بشكل كبير"، وبالتالي تفكر الحكومة في تنميتها عبر وثيقة هي الأولي من نوعها في الدولة المصرية.

وتضاف هذه الخطوة لمبادرات أخرى سابقة لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على تحويل أموالهم، من بينها مبادرة "استيراد سيارات المصريين بالخارج"، و"الإعفاء الجمركي على واردات الذهب"، وإصدار "شهادات دولارية بعائد تنافسي"، وكذلك "تحفيز المصريين في الخارج على فتح حسابات بالدولار"، وفق الباحث بالاقتصاد السياسي.

وامتدت المبادرات إلى "تسوية أوضاع من سافر للخارج من دون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، مقابل مبلغ يتم دفعه بالدولار أو اليورو"، حسبما يوضح الديب.

ويشير إلى أنّ الحكومة المصرية تخطّط كذلك لإنشاء الشركة الاستثمارية للمصريين في الخارج، وإطلاق مظلّة للحماية الاجتماعية والتأمينيّة، لتشمل جميع أوجه الرعاية لهم.

سر التوقيت؟

تشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر، ظروفا اقتصادية قاسية.

ويوجد ملايين المصريين في الخارج يرسلون قرابة 30 مليار دولار الى البلاد كل عام، وتشكّل هذه التحويلات مصدرا أساسيا للنقد الأجنبي في مصر، بجانب إيرادات السياحة وقناة السويس، وفقا لوكالة "فرانس برس".

ويصل عدد المصريين في خارج مصر إلى 14 مليون مصري، ومنهم نسبة كبيرة من رجال الأعمال في مجالات الطاقة والتصدير والاستيراد، وفقا لحديث وزيرة الهجرة المصرية، سها الجندي، في يوليو 2023.

وفي الربع الثاني من العام المالي 2022-2023، انخفضت قيمة تحويلات المصريين بالخارج، إلى 5.6 مليار دولار، مقارنة بـ7.4 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي2021-2022، وفقا لبيانات "الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء".

وتراجعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، بنسبة 26.1 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي السابق.

وفي الفترة من يوليو 2022 إلى مارس 2023، تراجعت تحويلات المصريين في الخارج إلى 17.5 مليار دولار، مقارنة مع 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق له، وفقا لوكالة "رويترز".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، إلى مقترحات ومبادرات عدة، تهدف لسدّ "ندرة النقد الأجنبي" في مصر.

ووثيقة "معاش بكرة" جزء من مبادرات عدة لإيجاد "مصدر للدخل الأجنبي"، بعد تراجع تحويلات المصريين بالخارج، حسبما يوضح الفقي.

ويشير رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري، إلى وجود من 12 إلى 14 مليون مصري يعملون بالخارج، ولدى هؤلاء مدّخرات تقدّر بـ150 مليار دولار سنويا، وتراهن الدولة على جذب تلك المدّخرات لاستثمارها.

وهناك بعض مدّخرات المصريين بالخارج "مودعة في بنوك خارجية"، وتسعى الحكومة المصرية لـ"جذب أكبر قدر من المدّخرات لاستثمارها داخل مصر"، وفق حديث الفقي.

كيف يرى المصريون بالخارج "الوثيقة"؟

يرى الأمين العام لائتلاف الجاليات المصرية في أوروبا، هشام فريد، أنّ توقيت طرح الوثيقة جاء "متأخّرا"، وتفاصيلها "غير مفهومة".

والفئات المستفيدة من الوثيقة وطرق وشروط تطبيقها، ما زالت "غير واضحة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويوضح المصري المقيم في هولندا، أنّ المصريين المهاجرين إلى أوروبا والولايات المتحدة، وكندا وأستراليا، "لا يهتمون" بمثل تلك المبادرة، لأنهم مجنّسون بجنسيات الدول التي يعيشون بها، ولديهم "معاش تأميني" بالفعل.

ولذلك فالوثيقة موجهة بالأساس إلى "المصريين العاملين بالدول العربية وخصوصا الخليج"، وبينهم نسبة كبيرة من العمالة اليومية التي قد تستفيد من المبادرة، وفق فريد.

ومن جانبه، يرحب رئيس بيت العائلة المصرية في ألمانيا، علاء ثابت، بأيّ مبادرة "تفيد المصريين بالخارج"، وتساهم في حل "أزمة نقص الدولار في مصر".

وقد تفيد الوثيقة المصريين العاملين بالدول العربية والخليج، لكن يجب أن يكون هناك "تشاور ونقاش مع الجاليات المصرية في الخارج" قبل إصدار قرارات أو مبادرات تخص المصريين خارج مصر، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

بينما يصف سامح وهو شاب مصري مقيم في الإمارات، تفاصيل المبادرة بـ"المبهمة وغير واضحة المعالم"، ما يدفعه لـ"عدم شراء الوثيقة".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى أنّ طبيعة الوثيقة "لا تتناسب" مع دخله الشهري، ولا يوجد "ضمانات" حول صرف العائد بالدولار عند الاستحقاق.

مبادرات بلا تجاوب؟

يشير الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، إلى أنّ الحكومة المصرية تحاول "حل مشكلة نقص الدولار" من طرح مبادرات تخاطب المصريين العاملين في الخارج.

وكان آخرها وثيقة المعاش بالدولار، لكنّ المبادرات التي تحاول الحكومة تقديمها تأتي بـ"نتائج عكسية، وتزيد الفجوة بين الوطن وبين المواطن المغترب"، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

ويتحدث الخبير الاقتصادي عن معوقات عدة قد تقف حائلا أمام نجاح المبادرة، فالمغترب الذي يعمل وفقا للقانون، يخضع لقواعد التأمين والتقاعد في الدول التي يعمل بها، ولا يحتاج أن يكون لديه "ازدواج تأميني".

أما العمالة المصرية غير المنتظمة، فهي تعاني نقص الدخل من جهة، وعدم إمكانية إرسال الأموال عبر الوسائل الرسمية من جهة أخرى، وفق توضيح عبد المطلب.

ويرى الخبير الاقتصادي، أنّ المبادرات تدل على "تفكير جبائي" يهدف لـ"الاستيلاء على ما لدى المواطن من أموال"، من دون الحصول على بعض الخدمات التي تعمر جيوبه.

ومن جانبه، يشير هشام فريد لمشكلة تتعلق بوزارة الهجرة، ويقول إنها "لا تقوم بحوار حقيقي مع المصريين بالخارج من أصحاب الخبرات على الأرض".

وتتحدث وزارة الهجرة المصرية دائما عن إجراء حوارات ومباحثات مع المصريين بالخارج، "ولا أعلم من هؤلاء الذين أجرت معهم هذه النقاشات"، وفق الأمين العام لائتلاف الجاليات المصرية في أوروبا.

ويتساءل مستنكرًا "مع من تتشاور وزارة الهجرة؟!".

ويتم التعامل مع أفكار المصريين بالخارج بشكل "سطحي"، ويتم تنفيذها بصورة "مختلفة تماما"، ولا تلقى المبادرات المردود المرجوّ منها، ولا تحقق نجاحا لأنها لا تتناسب مع طبيعة "المصري الذي يعيش خارج مصر"، بحسب فريد.

ويطالب الأمين العام لائتلاف الجاليات المصرية في أوروبا، الجهات المختصة، بأن تكون "أكثر قربا من المصريين بالخارج، وأن تُجري نقاشات حقيقية معهم".

ويتفق معه علاء ثابت الذي يطالب الجهات المختصة بالنقاش مع المصريين بالخارج، قبل "إصدار أيّ قرار أو مبادرة" تخصهم.

ويوضح أنّ المصريين بالخارج يمثلون قرابة 14 بالمئة من الشعب المصري، ورغم ذلك فهناك "تهميش" في ما يتعلق بعدد من القضايا، مثل المشاركة في الحوار الوطني بمصر.

والمصري العامل والمقيم بالخارج، يساهم في زيادة مداخيل الدولة من العملة الصعبة، ولا يكلفها خدمات "التعليم والصحة"، ولذلك يجب التعامل معه بشكل "لائق"، باعتباره "ثروة قومية"، وفق رئيس بيت العائلة المصرية في ألمانيا.

ويشير إلى أنّ تحويلات المصريين بالخارج كانت تتجاوز 30 مليار دولار، وانخفاض تلك التحويلات يدل على "مشكلة" يجب على الجهات المعنية "دراستها وإيجاد حلول لها".

ويطالب ثابت بطرح تسهيلات للمصريين المقيم بالخارج، في ما يتعلق باستخراج أوراقهم وتجديد جوازات سفرهم، والتي تتم حاليا نظير مبالغ مالية "مبالغ فيها للغاية".

ويجب على الجهات المعنية النظر لتلك المشكلات وتخفيض الأسعار، لأنّ بين المصريين بالخارج نسبة كبيرة من العمالة اليومية، وليس لديهم جميعا "القدرة المالية" لدفع تلك المبالغ.

وتواصل موقع "الحرة" مع وزيرة الهجرة المصرية، سها الجندي، والمتحدثة باسم الوزارة، مها سالم، والمسؤول الإعلامي، رضا الشويخي، ولم نتمكن من الحصول على رد على تلك النقاط، حتى موعد نشر التقرير.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: تحویلات المصریین بالخارج المصریین العاملین من العام المالی ملیار دولار المصریین فی الحصول على فی الخارج خارج مصر فی مصر من دون

إقرأ أيضاً:

دبي تستقطب مليارات أثرياء المصريين.. هل تتعثّر استثمارات الساحل الشمالي؟

في الوقت الذي تتبارى فيه الشركات الإماراتية والمصرية، في تقديم عروضها لبيع وحدات سياحية وفندقية، تبنيها بالساحل الشمالي في "رأس الحكمة"، و"العلمين الجديدة"، كشفت الأرقام عن توجّه أثرياء البلد العربي الإفريقي نحو شراء العقارات في السوق الإماراتي.

وعلى الرغم من الأزمة المصرية المتواصلة منذ 2016 مع شح الدولار، والتزامات خارجية مستحقة في 2025 بحوالي 43.2 مليار دولار، و5.8 مليار دولار فجوة تمويلية بالسنة المالية (2025/ 2026)؛ قفزت مشتريات المصريين في كانون الثاني/ يناير، وشباط/ فبراير، الماضيين للعقارات في دبي بنسبة 150 بالمئة، ليمثل المصريون خامس أكبر جنسية شراء للعقارات في الإمارة الخليجية.

دبي بين أفضل 3 مدن بالعالم
بحسب "دائرة الأراضي والأملاك" في دبي، حقّق القطاع العقاري العام الماضي، 2.78 مليون معاملة، و226 ألف تصرفا بقيمة 761 مليار درهم، و217 ألف حركة بيع بقيمة 526 مليار درهم، واستقطاب دبي 110 ألف مستثمر جديد، و900 ألف عقد إيجار، مع حزمة مبادرات زادت جاذبيتها كجهة مفضلة للعيش والعمل والاستثمار والتجارة، وجعلتها ضمن أفضل 3 مدن اقتصادية بالعالم (الدولار يعادل 3.67 درهم إماراتي).

في الربع الثاني من 2023، تصدّرت دبي سوق العقارات الفاخرة عالميا، متفوّقة على نيويورك ولندن، بإجمالي مبيعات 1.6 مليار دولار للعقارات أكثر من 10 ملايين دولار.

الإقبال على عقارات دبي من المصريين والجنسيات الأخرى، في تصاعد رغم ارتفاع أسعار العقارات بالإمارة محدودة المساحة (4.114 كيلومتر مربع)، بنحو 85 بالمئة، وفق تقارير في آب/ أغسطس 2023.

والعام الماضي، انتعش الطلب على سوق عقارات دبي، بفضل تدفق المشترين الأثرياء الفارين من حالة عدم استقرار العملة في تركيا، ومصر التي انخفضت بها قيمة العملة المحلية بنحو 85 بالمئة، هبوطا من 8.8 جنيه عام 2016، إلى نحو 50 جنيها بالنصف الأول من العام الجاري.

صعدت أسعار المساكن 24 بالمئة بالنصف الأول من 2024، وارتفعت الإيجارات 19 بالمئة، وفق شركة "كوشمان آند ويكفيلد كور"، فيما قيم المساكن منذ 2020 بأكثر من 60 بالمئة، كما بلغ متوسط الإيجار السنوي للفيلا، 353 ألف درهم (96100 دولار)، وفق شركة "سي بي آر إي غروب".

مشروعات الساحل الشمالي
في مقابل الطفرة الإنشائية الهائلة في الإمارات، تشهد مصر بالسنوات الماضية طفرة كبيرة بمناطق شرق وغرب القاهرة والساحل الشمالي، أهمّها حاليا مشروع "رأس الحكمة"، الاستثمار الإماراتي الأضخم لشركة "إيه دي كيو"، وفق تعاقد تم في 23 شباط/ فبراير 2024، بقيمة 35 مليار دولار، لبناء وحدات سكنية وسياحية وفندقية في 170 ألف فدان، تستوعب 8 ملايين سائح سنويا.

ووفق عروض أولية، تتراوح أسعار الوحدات الفاخرة التي طرحت بالنصف الثاني من العام الماضي بين 8 ملايين و15 مليون جنيه للوحدات الأصغر، (الدولار يساوي 48.49 جنيه).

والأسبوع الماضي، أعلنت شركة "مدن" الإماراتية الطرح الأول في "وادي يم"، برأس الحكمة، بسعر شقة الغرفة الواحدة 19.9 مليون جنيه، وللفيلات ذات الـ7 غرف 324 مليون جنيه، بخطط سداد 8 سنوات.

بجانب رأس الحكمة، توجد مدينة "العلمين الجديدة"، كأوّل وأهم مشروعات الساحل الشمالي الغربي، منذ 2018، باستثمارات 50 مليار دولار، لتشييد عشرات الآلاف وحدات سكنية وسياحية، و28 برجا، بمساحة 48 ألف فدان، بأسعار شقق فندقية بين 8 و20 مليون جنيه، بينما تبدأ أسعار الوحدات السكنية من 2.5 مليون جنيه.

تتراوح أسعار الوحدات السياحية المتوسطة بقرى الساحل الشمالي، خلال (2024-2025) من 3 ملايين إلى 10 ملايين جنيه، وعشرات الملايين للفلل، بحسب ما تطرحه الشركات من إعلانات ترويجية.

وتتصدّر كبرى شركات التطوير العقاري والسياحي في مصر، والإمارات، المشهد في الساحل الشمالي، حيث تُنافس في بناء مشروعات ضخمة تقدم وحدات فندقية وسياحية بأسعار مرتفعة بحكم الموقع المطل على البحر المتوسط.

ومنها "إعمار مصر"، التي تقوم على مشروع "مراسي"، بأسعار تبدأ من 10 ملايين جنيه للشاليهات الصغيرة، و80 مليون جنيه للفلل الفاخرة. وكذلك "بالم هيلز"، في مشروع "هاسيندا باي"، و"هاسيندا ويست"، بأسعار شاليهات وفلل من 6 إلى 30 مليون جنيه.

أيضا، "أوراسكوم للتنمية"، الحاضرة بالساحل الشمالي بمشروع "مكادي"، والذي تطرح وحداته السكنية من 5 ملايين جنيه، و25 مليون جنيه للفلل. فيما تُشير أغلب الشركات العقارية في مصر إلى أسعار وحداتها بالجنيه المصري، لكن يتم تسعيرها بالدولار لتجنب تقلبات سعر الصرف.

ورغم ارتفاعها الكبير وعدم مناسبتها، إلاّ أنّ فئة ضئيلة من 107 ملايين مصري يعيشون في الداخل، شهدت مشروعات الساحل الشمالي عامي 2024 و2025 إقبالا كبيرا، من مصريين، أفراد وشركات، مع المستثمرين الأجانب وخاصة الخليجيين.

إلى ذلك، حقّق أفضل 10 مطورين عقاريين بالساحل الشمالي مبيعات تجاوزت 550 مليار جنيه العام الماضي، مع عروض سداد تصل 8 سنوات، ودفعات مقدمة بين 5 و15 بالمئة، فيما زاد إقبال الخليجيين بعد صفقة رأس الحكمة.

لماذا يقبل المصريون على وحدات الإمارات؟
أدّى التذبذب الاقتصادي الذي شهدته مصر السنوات الأخيرة، إلى تزايد إقبال المصريين على الاستثمار العقاري بالخارج، وتحديدا الإمارات، بحثا عن الاستقرار وحماية قيمة مدخراتهم، وفق قراءة لعدد من المحللين.

ويؤكد مراقبون أنّ: "سوق العقارات في الإمارات، وخاصة دبي، يمثل لأثرياء المصريين ملاذا آمنا يبعدهم عن تقلبات سعر صرف الجنيه، ويدعمه توفير دبي الإقامة الذهبية مقابل شراء عقارات بـ2 مليون درهم، مع عوائد إيجارية بين 6 و9 بالمئة سنويا، تتجاوز عوائد مصر، خاصة مع عدم وجود ضرائب عقارية بالإمارات ومضاعفتها مؤخرا في مصر".

ومن غير المرجح تفوق نسبة شراء المصريين للعقارات في الخارج على نسب شرائهم في الداخل، لأن حجم السوق العقاري المصري الأضخم بالمنطقة، فيما حققت أكبر 10 شركات عقارية به مبيعات 290 مليار جنيه بالربع الأول من العام الجاري، لذا يظل حجم شراء المصريين عقارات بالإمارات أقل بكثير برغم قوتهم الشرائية الكبيرة.


أسماء مهاجرة
تؤكد عدد من التقارير توجّه الكثير من رجال الأعمال والشركات المصرية نحو الاستثمار في الإمارات والسعودية، وتقليل أعمالها في السوق المحلية.

وفي تموز/ يوليو الماضي أعلنت وسائل إعلام تركية عن شراء لاعب "ليفربول" الإنجليزي، المصري محمد صلاح، فيلا فاخرة في "بودروم" التركية مقابل نصف مليار جنيه مصري (10 ملايين دولار).

السنوات الماضية، ومع أزمات الاقتصاد المصري الهيكلية وسياسات حكومة رئيس النظام عبد الفتاح السيسي الاقتصادية، واستمرار أزمة نقص الدولار وعدم استقرار سوق الصرف، نقل رجال أعمال وشركات مصرية استثماراتهم للسعودية والإمارات ودول أوروبا وأمريكا، فيما كان شراء عقارات فاخرة طريقهم لنقل ثرواتهم خارج البلاد.

عائلة ساويرس (نجيب وسميح وناصيف)، أيضا، وجّهت مؤخرا استثماراتها للخارج، حيث تشير تقارير إخبارية لامتلاكها عقارات فاخرة في لندن، ونيويورك، وبرلين، ومنتجعات بمدينة أندرمات السويسرية.

كذلك، تمتلك عائلة منصور (ياسين ومحمد) أصحاب شركة "بالم هيلز"، عقارات سكنية واستثمارية في مدينة لندن، وغيرها، فيما يمتلك رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة استثمارات وعقارات فاخرة في لندن ودبي.

المحرك الأساسي والظروف الضاغطة
في قراءته لأسباب توجه المصريين لشراء الوحدات السكنية في الإمارات، ودلالات ذلك التوجه، تحدث الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، لـ"عربي21"، وجاء حديثه متوافقا مع الرأي القائل بأنّ: "ذلك يمثل الأمر ضربة لمشروعات تقدر بمليارات الدولارات يجري استثمارها في الساحل الشمالي الغربي المصري".

المستشار الأممي السابق، قال إنه: "من الملاحظ أن كبار رجال الأعمال يوجهون جزءا مهما من نشاطهم حاليا إلى مشروعات تعاقدوا عليها في الإمارات، والسعودية، والكويت، والعراق، وسلطنة عمان"، لافتا إلى أنّ: "هذا يعكس نوعا من النضج في خبرة رجال الأعمال المصريين خصوصا في المجال العقاري، ومجالات البنية الأساسية".

واستدرك بقوله: "لكن المحرك الرئيسي في الوقت الحاضر هو وجود ظروف ضاغطة في مصر، سواء من الناحية الإدارية والقانونية أو من النواحي المالية العامة والخاصة"، ملمّحا إلى أنّ: "القطاع العقاري يواجه أزمة بلا شك، كما أن مشروعات البنية الأساسية تواجه انخفاضا كبيرا في التمويل الحكومي".

نوار، أكّد أنّ: "مشروعات الساحل الشمالي ليست للمصريين، ولكن للخليجيين والأجانب"، معربا عن أسفه من "عدم وجود جدول تفضيلي لبيان جنسيات المشترين"، موضحا أن "الاتجاه الشائع هو أن الأجانب هم الزبون الأول".

ويرى الكاتب الاقتصادي أنّ: "مشروعات الساحل الشمالي المصري التي تطرحها الإمارات ما تزال تعاني من نقص البنية الأساسية في المنطقة بشكل عام، المطار، والميناء، واليخوت، وخط السكك الحديدية السريع، والمرافق الترفيهية الشاطئية".

وأوضح أنّ: "ذلك من المتوقع استكماله تدريجيا بمرور الوقت؛ لكن ستظل درجة التشابك الاقتصادي بين الساحل الشمالي الغربي، والساحل الشمالي القديم منخفضة جدا في الأجل المتوسط".

وفي السياق نفسه، أكّد أنه "في الوقت الحاضر، ومنذ سنوات، ظهر اتجاه بين مصريين لشراء جنسيات دول أجنبية خصوصا في قبرص، والبرتغال، واليونان، وتركيا؛ ومع زيادة أسعار العقارات في الساحل الشمالي، زادت قوة هذا الاتجاه".

وأشار إلى أنّ: "أسعار الشقق والشاليهات في بلاد مثل اليونان، وتركيا، والبرتغال، أصبحت أقل نسبيا من عقارات رأس الحكمة، والساحل الشمالي الغربي"، مبينا أن "الأكثر من ذلك أن مستوى الخدمات في دول شمال البحر المتوسط أفضل، خصوصا فيما يتعلق بالطرق، وإمدادات المياه، والكهرباء، وجودة الفواكه والخضروات، وخلوها من متبقيات المبيدات الحشرية والكيماويات".

ومع ذلك، لا يظن نوار، أنّ: "الاستثمارات في مصر ستتراجع رغم وجود مخزون كبير من العقارات؛ لأن المستثمر الخليجي لديه فوائض مالية، ويعاني من ضيق الطاقة الاستيعابية في البلد الأم".


دولار يدخل وآخر يخرج
السياسي المصري وعضو حزب الوفد، ياسر حسان، قال إنه: "اقتصاديا، ليس من المقبول أنه أمام كل دولار يدخل إلى الاستثمار العقاري في الداخل، يخرج أمامه دولار آخر للاستثمار العقاري في الخارج".

وأوضح عبر منشور على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنّ: "كثيرا من الشركات الإماراتية لها استثمارات في مصر كما في الإمارات، وتقبل سداد ثمن عقاراتها في الإمارات بالجنيه المصري لتستثمره في مشاريعها في مصر بدلا من تحويل أموالها من الخارج".

وتابع: "وهي أموال بعملات أجنبية تحتاجها مصر، بل هو الهدف أساسا من الاستثمار الأجنبي"، داعيا في الوقت ذاته إلى الحفاظ على: "على رأس المال الوطني أولا قبل جذب الاستثمار الأجنبي".

مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة تنظم زيارة لشباب المصريين بالخارج وطلبة الجامعات لقيادتي القوات البحرية والصاعقة
  • للترويج لمناخ الاستثمار.. رئيس الرقابة المالية يلتقي بالسفراء ورؤساء البعثات المصرية بالخارج
  • رئيس الرقابة المالية يلتقي بالسفراء المنقولين للعمل بالسفارات والبعثات المصرية بالخارج
  • دبي تستقطب مليارات أثرياء المصريين.. هل تتعثّر استثمارات الساحل الشمالي؟
  • عبد العاطي: كوت ديفوار بوابة الصادرات المصرية لغرب أفريقيا
  • وزيرا الخارجية والتعليم العالي يبحثان تعزيز التعاون التعليمي مع الخارج ودعم الطلاب المصريين المغتربين
  • الخارجية: نعمل على أن تكون كوت ديفوار بوابة الصادرات المصرية لغرب أفريقيا
  • لـ المصريين بالخارج .. احذر هذا الفعل يعرضك لغرامة مالية بالقانون
  • افتتاح النسخة الاولى من المؤتمر السنوي لرؤساء البعثات المصرية في الخارج
  • هتقبض بالدولار.. أفضل 10 تخصصات جامعية للمستقبل