عادل حمودة يكتب: ترامب يشكل حكومة حرب ضد أمريكا
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
اختار وزراء من أصحاب السوابق ليضمن ولاءهم
عاد «ترامب» لينتقم.
تراكمت فى صدره أوجاع سوداء أصابته وهو فى البيت الأبيض وأصابته وهو خارجه.
حاولوا إقالته من الرئاسة مرتين. وحاولوا أن يقضى ما تبقى من حياته فى السجن متهما بستين جناية شخصية وسياسية ومالية. بل حاولوا اغتياله ثلاث مرات.
سعوا جاهدين للتخلص منه حتى لا يعود إلى الرئاسة مرة أخرى.
ضمير الغائب هنا يعود إلى المؤسسات البيروقراطية التقليدية التى تحكم الولايات المتحدة والتى يطلق عليها «الدولة العميقة».
لكن «ترامب» عاد إلى الرئاسة بأصوات حاسمة كاسحة فاجأ الجميع بالحصول عليها.
فى الوقت نفسه حصد حزبه الجمهورى مقاعد الأغلبية فى مجلس الشيوخ مما يعنى أن «ترامب» جاء مسلحا بقوة السلطتين التنفيذية والتشريعية معا ولن ترفض قراراته أو ترشيحاته فى الكونجرس.
بتلك القوة الاستثنائية قرر «ترامب» الانتقام.
بدت الحكومة الجديدة التى يشكلها وكأنها حكومة حرب.
لكنها حرب ليست ضد الصين أو روسيا أو إيران وإنما ضد الولايات المتحدة.
ما يحدث هناك يلخصه الجميع بكلمة واحدة «صدمة» أو «كارثة» أو «زلزال».
على شبكة «سى. إن. إن» الإخبارية الأمريكية الشهيرة قال «مايك جونسون» رئيس مجلس النواب الذى احتفظ بمنصبه بعد تأييد «ترامب»:
ــ يجب أن نشكل فريقًا يقوم بهز النظام من الداخل.
وعلى شبكة «الحرة» أضاف:
ــ التغيير القادم صادم.
وعلى موقع «إكس» كتب «ترامب» الابن:
ــ نحن هذه المرة أكثر خبرة من المرة السابقة.
فى الرئاسة السابقة استعان ترامب بسياسيين من النظام الذين وصفوه بالفساد فنجحوا فى خنقه ولكنه هذه المرة اختار شخصيات معادية للنظام.
على منصة «إكس» أضاف «بارون» ابن «ترامب» الأصغر:
ــ يجب أن نحيط والدى بمجموعة من الأوفياء. فات زمن أن نأتى بشخصيات غير منتخبة يصفهم أبى برموز الدولة العميقة.
بدا أن «ترامب» يختار حكومته من خارج النظام بل يكرهون النظام وفى الوقت نفسه يدينون بالولاء له وحده.
جاءت اختيارات «ترامب» مثيرة للجدل.
كتب «بيتر بيكر» كبير مراسلى البيت الأبيض فى صحيفة «نيويورك تايمز»:
ــ إن ترامب باختياراته يريد الانقلاب على المؤسسات الأمريكية.
وكتب «ديفيد إجناسيوس» فى صحيفة «واشنطن بوست»:
ــ إن الشعب الأمريكى أعطى فوزًا كبيرًا لترامب ولكنه لم يعطه وسائل تدمير المؤسسات المهمة فى البلاد.
لكن هل ستتركه هذه المؤسسات يفعل بها ما يشاء دون أن تتحد فى مواجهته للتخلص منه؟
هل سترفع الراية البيضاء أم أنها ستؤجر من يتخلص منه حفاظا على سطوتها ومصالحها التى لا يستهان بها؟
بدأت الترشيحات بمنصب المدعى العام.
اختار النائب عن ولاية فلوريدا «مات جينز» للمنصب الذى يشغله «الفين براج» الذى وجه إلى ترامب اتهامات تودى به إلى السجن مدى الحياة.
قطعا سيقدم «ألفين براج» استقالته قبل أن يحلف ترامب اليمين وسيحذو حذوه «جاك سميث» المستشار الخاص الذى رفع دعوى قضائية ضد ترامب تتهمه بالاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانونى.
لكن «مات جينز» أثار الجدل بعد أن فتحت ملفاته ونشرت اتهامات نسبت إليه منها تعاطى المخدرات ومنها الاتجار بالجنس واغتصاب القاصرات ومنها قبول هدايا غير مسموح بها.
غضب الجمهوريون فى مجلس النواب من اختياره واتهمه اليهود بأنه وثيق الصلة بالجماعات التى تنكر المحرقة أو الهولوكوست.
وسيطر القلق على ١١٥ ألف موظف تابعين له بعد أن أعلن أنهم لا يستحقون رواتبهم.
وقبل أن يفيق الأمريكيون من صدمة «مات جينز» تلقوا صدمة «بيت هيجيسيت» مرشحا لوزارة الدفاع التى يتبعها مليون و٤٠٠ ألف ضابط وجندى.
كان «بيت هيجيسيت» مذيعا فى قناة «فوكس نيوز» وكل خبرته فى الشئون العسكرية أنه خدم وهو ضابط صغير فى جوانتانامو والعراق وأفغانستان وألف كتابا بعنوان «الحرب على المحاربين» كشف فيه عن معاناة الجنود فى الحروب التى تتورط فيها الولايات المتحدة.
لكن ترامب يريد الاستفادة من ضعف خبرته فى تنفيذ فكرة «مجلس المحاربين» الذى يتكون من قدماء العسكريين الذين سيمنحهم ترامب سلطة إقالة جنرالات الجيش الذين يغضب عليهم أو الذين لا يدينون له بالولاء.
كيف سيواجه ترامب هذه المؤسسة القوية المنظمة المنضبطة؟
هل ستستسلم له أم ستسعى إلى توريطه فى أمور تضعف منه؟
وعلى منصة إكس أكد بارون أن والده اختار روبرت كيندى جونيور لوزارة الصحة.
اختار شخصا ضد وزارة الصحة وضد شركات الأغذية والأدوية.
يعتبر اللقاحات نوعا من الاحتيال وطالب بإلغاء قسم التغذية التابعة لإدارة الغذاء والدواء وحذر موظفى الوزارة بالتسريح فى قطاع صحى يصل إلى ١٦مليون شخص.
أكثر من ذلك سيعيد النظر فى نظام «الميد كير» للرعاية الصحية الذى يستفيد منه ٧٢ مليون مواطن أمريكى محدود الدخل.
باختصار سيحرض «روبرت كيندي» الصغير نحو ٨٨ مليون مواطن ضد ترامب فهل سيتحمل إضافتهم إلى خصومه وأعدائه؟
ولا تتوقف الجبهات التى يفتحها ترامب ضد مؤسسات تقليدية مسيطرة على الولايات المتحدة منذ عقود وعقود.
إن الاستخبارات الوطنية قوة لا يستهان بها. قوة يحسب لها الرئيس ألف حساب. قوة تساهم فى صناعة القرار بما تقدم من معلومات.
والأهم أنها الفلتر الذى ينقى الشخصيات المرشحة لتولى المناصب العليا الحساسة.
لكن رغم هذه الأهمية فإن ترامب اختار للمنصب «تولسى جايارد» التى تعرف الرئيس الروسى «بوتين» عن قرب.
لكن ليست المشكلة فى أنها تعرف بوتين ولكن المشكلة أن معرفتها به أثرت فى رؤيتها للحرب فى أوكرانيا.
فى نهاية فبراير ٢٠٢٢ كتبت فى حسابها على منصة إكس:
«كان من الممكن تجنب هذه الحرب بسهولة لو أن الرئيس بايدن اعترف بالمخاوف الأمنية المشروعة لروسيا.
ووجهت اللوم إلى حلف الناتو للسبب نفسه.
وفى ١٦ أغسطس ٢٠٢٠ قالت:
ــ إن عقوبات بايدن على روسيا فشلت والسبب أن عائدات الطاقة الروسية أصبحت أعلى مما كانت عليه قبل غزو أوكرانيا.
ورفضت أن يتحمل الشعب الأمريكى العبء الضريبى لدعم أوكرانيا ولكنها لم تذكر العبء الذى يتحمله لدعم إسرائيل.
ويتكرر السؤال:
هل سيحتمل مجتمع الاستخبارات مديرا بهذه الشخصية؟
هل سينضم إلى خصوم ترامب فى حرب لا مفر منها؟
هل سينضم مجتمع الاستخبارات إلى أفراد المؤسسة العسكرية وموظفى وزارات العدل والصحة فى مواجهة ترامب؟
والسؤال الأهم: هل اكتفى ترامب بهم أم أضاف إليهم أعداء آخرين؟
لم يكتف ترامب بهم.
أضاف إليهم مجتمع المثليين الذين أعلن أنه ضدهم.
هناك بالقطع جماعات محافظة تشكل نسبة مؤثرة فى المجتمع ضد المثليين ولكن المشكلة أن المثليين حصلوا على حقوق قانونية يصعب التراجع عنها كما أن كثيرًا من التنظيمات والمؤسسات تساندهم مثل هوليوود والجمعيات الأهلية وتيارات سياسية ليبرالية.
لن يسكت هؤلاء إذا ما شن الحرب عليهم.
سينضمون إلى باقى خصوم ترامب وسيقفون مع باقى أعدائه.
وسينضم إليهم فى مواجهة ترامب أنصار البيئة وأحزاب الخضر والمؤمنون بتغير المناخ الذى يعتبره ترامب خدعة لم تنطل عليه وجعلته ينسحب من اتفاقية باريس فى ولايته الأولى.
وحسب ما تعهد به ترامب فإنه سيأمر قوات إنفاذ القانون بترحيل ما بين ١٠ و٢٠ مليون لاجئ مهاجر غير شرعى.
رقم ضخم جدا.
رقم سيؤثر فى اقتصادات البلاد.
السبب أن هؤلاء البشر يعملون فى وظائف دنيا بأحور زهيدة مثل النظافة والبستنة والسباكة والحراسة ورعاية الأطفال والكلاب.
وسيعنى ترحيلهم فراغًا فى مئات الوظائف البسيطة والحيوية ولو وجدت من يشغلها فإنه سيتقاضى أضعاف أضعاف ما كان يتقاضاه المهاجرون غير الشرعيين مما يؤثر على تكاليف المعيشة.
يضاف إلى ذلك أن ترحيلهم لن يكون سهلا.
لنتخيل كيف سيقبضون على عشرة أو عشرين مليونا؟ وكيف سيحملونهم إلى خارج الحدود؟ وهل سيسكت كل هؤلاء؟ هل سيقبلون بترحيلهم طواعية دون غضب أو مقاومة أو إثارة الشغب أو تحطيم وتخريب كل ما يصلون إليه؟
لقد سبق أن عالجت الدول الأوروبية هذه المشكلة بتوفيق أوضاع المهاجرين غير الشرعيين ثم قيدت منح تأشيرات الدخول.
لكن المشكلة أن ترحيل غير الشرعيين كان أهم وعد انتخابى يقطعه ترامب على نفسه فكيف سيتراجع عنه؟
لقد انتقد ترامب الهجرة غير الشرعية قائلا:
ــ إنها حولت أمريكا إلى سلة مهملات العالم.
وألمح إلى استخدام الجيش فى الترحيل الجماعى لغير المقيمين إقامة قانونية.
ولكن لا أحد مهما سرح خياله سيصدق أن ترامب سيقدر على ترحيل كل هذه الملايين مرة واحدة.
لا أحد مهما كان متفائلا يتصور أن القوة ستلقى بهم خارج الحدود وهم مبتسمون مستسلمون.
قطعا سيكون رد فعلهم حادًا.
وسيكون ذلك عبئا على ترامب فى الحرب التى يشنها على الجميع.
إن من حق ترامب أن يختار من يشاء ليكونوا مسئولين فى حكومته.
ومن حقه أن ينتقم من الذين أساءوا إليه ودفعوا به إلى القضاء ليبدو السجن قريبا منه.
لكن مشكلة ترامب أنه فتح جبهات كثيرة عديدة ضده فى وقت واحد.
تصور أنه بالحرب على الدولة العميقة سيغير النظام السياسى الأمريكى.
لكن السؤال هو:
هل حشد أسلحة مناسبة ليكسب الحرب ضد كل هذه المؤسسات البيروقراطية العميقة المدربة على البقاء مهما تغيرت الظروف؟
سؤال صعب.
لا أحد يقدر على الإجابة عنه.
أما السؤال السهل فهو:
ترى من سيدفع ثمن هذه الحرب؟
والإجابة: الولايات المتحدة نفسها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ترامب أمريكا انتخابات أمريكا عادل حمودة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كيف تدعم حكومة بريطانيا جرائم الحرب وتكمّم أفواه المدافعين عن غزة؟
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للممثلة الدّاعمة لغزة، جولييت ستيفنسون، قالت فيه إنّ: "لدينا قوانين للتعامل مع الجرائم المرتبطة بالاحتجاجات. ولكن الأمر في الواقع يتعلق بحكومة متواطئة في فظائع غزة تسعى إلى إسكات المعارضة".
وأكدّت الكاتبة، في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "رسائل البريد الإلكتروني شديدة اللهجة لم تجد نفعا. كما أن مناشدات أعضاء البرلمان لم تجد نفعا. النزول إلى الشوارع بمئات الآلاف حاملين اليافطات واللافتات لم يجد نفعا. لقد وقف ممثلون منتخبون من جميع الأحزاب في البرلمان في مجلس العموم وطالبوا الحكومة بالتحرك".
وتابعت: "أدان بعض وزراء الحكومة تجويع إسرائيل للفلسطينيين في غزة. ويظهر كل استطلاع للرأي العام أن الأمة تطالبنا بوقف تسليح إسرائيل، وتريد أن ترى وقفا فوريا وغير مشروط ودائما لإطلاق النار. لكن لا شيء من هذه المحاولات أجدى نفعا".
وأشارت الممثلة البريطانية الحائزة على عدد من الجوائر، إلى أنّ: "كير ستارمر وحكومته لا يزالا منعزلين عن جميع الدعوات للتدخل الإنساني ولا تزال إسرائيل تقتل الأطفال في غزة بدعم من الحكومة البريطانية".
وشددت على أنّ: "تصنيف جماعة عمل مباشر سلمية، مثل "بالستاين آكشن"، كمنظمة إرهابية يهدد الحقوق الأساسية لحرية التعبير والاحتجاج السلمي. ومن المؤكد أن على الحكومة تطبيق قانون الإرهاب بأقصى درجات ضبط النفس والدقة، وإلا فإنه يسمح للدولة بقمع الحريات المدنية التي ناضلنا من أجلها ونلناها بشق الأنفس، والتي تمثل أساس ديمقراطيتنا".
وقالت إنّ: "هذه الحريات المدنية تعرضت بالفعل لتهديد حقيقي وخطير. فقد ازدادت الصلاحيات الممنوحة للشرطة تدريجيا إلى درجة مقلقة، ويعود ذلك جزئيا إلى قانون الإرهاب لعام 2000 وقانون الشرطة والجريمة والأحكام والمحاكم لعام 2022. وقد أدى كلاهما إلى تآكل خطير في حق الاحتجاج العام، ومنح الشرطة صلاحيات أكبر بكثير ومساءلة أقل بكثير".
"شهدنا منذ فترة استخدام هذه الصلاحيات لقمع الاحتجاجات القانونية واحتجاز المتظاهرين السلميين" أردفت الممثلة، عبر المقال ذاته، مبرزة أنّه: "بالإضافة إلى ذلك، وبغض النظر عن أعضائها، فإن حظر "بالستاين آكشن" سيؤثر بشكل مباشر على العديد من النشطاء الآخرين الذين يساورهم قلق بالغ إزاء مذبحة الفلسطينيين في غزة. حتى مجرد الظهور بمظهر الداعم للعمل المباشر السلمي لبالستاين آكشن سيُعرّضهم لخطر التجريم".
وأشارت إلى أنّ: "رد الحكومة على الخروقات الأمنية المحرجة في قواعد سلاح الجو الملكي البريطاني من قبل "بالستاين آكشن" يبدو غير متناسب، ويسلط الضوء، في رأيها، على تأثير المصالح الخاصة عليها"، موضّحة: "لطالما شنّ كبار السياسيين اليمينيين ومدراء شركات الأسلحة وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل حملة لإغلاق "بالستاين آكشن" وحظرها".
وقالت إنّ: "شركة لوكهيد مارتن البريطانية تعد مصنعا رئيسيا لقطع غيار طائرات إف-35 المقاتلة التي ساعدت إسرائيل على سحق قطاع غزة، وقتل أكثر من 56,000 شخصا، وتسببت في بتر أطراف عدد أكبر من الأطفال للفرد الواحد مقارنة بأي مكان آخر في العالم. أنهت الحكومة المبيعات المباشرة لإسرائيل لبعض الأسلحة، لكنها منحت "إعفاء لطائرات إف-35" يسمح باستمرار وصول مبيعات هذه القطع إلى إسرائيل عبر الولايات المتحدة، حيث تُجمّع الطائرات".
وذكرت أنّ: "شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية تعمل لتصنيع الأسلحة أيضا على الأراضي البريطانية، والحكومة لديها صفقات ثنائية مربحة مع الشركة. في عام 2022، عقدت وزيرة الداخلية آنذاك، بريتي باتيل، اجتماعا مع مارتن فوسيت، الرئيس التنفيذي لشركة "إلبيت سيستمز" في المملكة المتحدة، لمناقشة كيفية التعامل مع حملة: بالستاين آكشن".
وأوضحت أنّ: "تعريف الإرهاب كما هو منصوص عليه في قانون الإرهاب لعام 2000 يشمل إلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات". فيما تساءلت: هل يعد رش الطلاء الأحمر على المعدن ضررا جسيما؟" وعلقت بالقول: "يبدو أن إدانة رش الطلاء الأحمر على الطائرات، كما عبرت عنها وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، لا تقابلها إدانة مماثلة من جانبها لرش الدم الأحمر على جدران خيام غزة".
إلى ذلك، أقرّت أنّ: "جرائم تتعلق بإلحاق الضرر بالممتلكات ارتكبت"، موضحة أن "هناك قوانين سارية للتعامل معها. وأن وصف هذه الجرائم بالإرهاب لا يؤدي إلا إلى تعميق تواطؤ حكومة المملكة المتحدة في جرائم الحرب المرتكبة في فلسطين".
وأشارت إلى أنه: "في خطوة يائسة أخرى، بذلت جهود لتقويض دوافع حركة فلسطين من خلال ربطها بشكل واهٍ بإيران، حيث أفادت مصادر لم تكشف هويتها في وزارة الداخلية للصحف بأنها تحقق في أموال المجموعة"، مؤكدة أنّ: "حملات التشهير هذه تعد جزءا من سياسة أوسع نطاقا تنتهجها الحكومة لتخويف المعارضة وقمعها".
وسردت تجربتها الشخصية في أحد الاحتجاجات هذه حيث قالت: "لقد مررت بنفسي بتجربة صغيرة من هذا القبيل. في 18 كانون الثاني/ يناير، حضرت تجمعا في وايت هول نظمته منظمة "أوقفوا الحرب"، ولاحظت على الفور أن تكتيكات الشرطة في ذلك اليوم بدت مختلفة تماما".
"كانوا حاضرين بالآلاف، وكانوا بالفعل يحاصرون الناس في بداية الحدث، ويتصرفون بطريقة بدت عدوانية واستفزازية. كانت مسيرة إلى مبنى هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي المخطط لها احتجاجا على تغطيتها للصراع، قد منعت من قِبل شرطة العاصمة (قبل مهلة وجيزة، واقتصر التجمع على وايتهول. طلب مني الانضمام إلى مجموعة من حوالي 12 شخصا يشكلون وفدا رمزيا، ويطلبون المرور عبر صفوف الشرطة للوصول إلى مبنى هيئة الإذاعة البريطانية. وهناك، خططنا لوضع الزهور على الباب" استرسل المصدر نفسه.
وأوردت: "بعد تردد ومقاومة، وصلنا إلى صفوف الشرطة، سمح لنا أحد الضباط بالمرور. لكن بعد ذلك بوقت قصير، عرقل صف آخر من الشرطة تقدمنا. وهنا رأيت عن كثب الأساليب غير المتناسبة التي تستخدمها الشرطة. شهدت وصول المزيد من شاحنات الشرطة إلى المنطقة، تحاصر المتظاهرين السلميين وتجري اعتقالات عديدة - 77 شخصا في ذلك اليوم".
وتكمل: "بعد ثلاثة أسابيع، وصلتني رسالة من شرطة العاصمة تهددني بتهم بموجب المادة 14 من قانون النظام العام. ثم واجهت استجوابا مع الشرطة لمدة ثلاث ساعات، قبل أن يقال لي بعد عدة أسابيع (وبعد دفع آلاف الجنيهات الإسترلينية من الرسوم القانونية) أنني لن أواجه أي إجراء آخر".
وأشارت إلى أنها: "التقت، على مدار الواحد والعشرين شهرا الماضية، بمئات الأشخاص الذين خرجوا، وغالبا ما كانوا يقطعون مسافات طويلة، للاحتجاج على هذه الإبادة الجماعية. شيوخ وشباب، من كل دين وعرق وجيل وهوية. يأتون مذعورين من الوحشية التي تمارس على سكان غزة. وكثيرون من بينهم يهود".
وبينت أنه: "مع ذلك، لا تزال جماعات الضغط تتهم المحتجين بمعاداة السامية. مشيرة إلى أنها: "تتجاهل مثل هذا الاتهام كونها متزوجة من رجل يهودي، كانت والدته لاجئة من فيينا هتلر، وهربت في الوقت المناسب عام 1938 كلاجئة، وقضي على معظم أفراد عائلتها لاحقا في المحرقة". وأضافت أنّ: "أطفالها يعرفون أنفسهم كيهود، وأن لدى العائلة العديد من الأصدقاء اليهود الأعزاء، وجميعهم يشعرون بالفزع من أنشطة بنيامين نتنياهو وحكومته والقوات الإسرائيلية".
وأوضحت أنّ: "هؤلاء الأصدقاء اليهود أناس مدفوعون بالرحمة والإنسانية وإحساس بالصواب والخطأ لا يلين للترهيب. في غزة، يشاهد العالم أبشع أعمال العنف التي شهدتها في حياتي. كأن جلدا قد سلخ عن وجه البشرية ليكشف عن أعماق مرعبة من السادية والانحطاط".
وختمت مقالها بالتأكيد على: "إدراكها التام لفكرة: لا أريد أن أجد نفسي في نهاية حياتي أستعيد ذكريات هذا الوقت، نادما على أنني كان بإمكاني فعل شيء ولم أفعله - وأنني كنت خائفة جدا من التحدث أو التصرف. لن تشعر منظمة "بالستاين آكشن" وأنصارها بمثل هذا الندم. مع ذلك، قد تشعر به حكومتنا البريطانية الحالية".