لجريدة عمان:
2025-10-15@19:58:03 GMT

قصة عن حبه وظلامه

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

في روايته الشهيرة المنشورة بالعبرية عام 2002 (قصة عن الحب والظلام،) والتي ترجمها للغة العربية جميل غنايم وصدرت عن دار نشر (الجمل) يكتب الروائي الإسرائيلي عاموس عوز 1918-1939 بصراحة متناهية حياته وحياة عائلته في القدس، وهذه الصراحة لها فائدتان أولاها أنه حاز على إعجاب القارئ الغربي والاسرائيلي الذي انبهر أمام جرأته في كشف أسرار العائلة وخصوصيتها، و ثانيها (وهي فائدة لن تعجب المؤلف) حاز على غضب الكثيرين ممن قرؤوا وسيقرؤون روايته من العرب الفلسطينيين الذين استغربوا و سيستغربون وقاحته وهو ينفي وجود العرب مؤسسات وشعراء ومفكرين.

في القدس، كلمة عربي ُذكرت في رواية عاموز عوز فقط لمدح طعم لبنة قرية لفتا الشهية، في رأس المؤلف فقط لم يكن هناك (خاصة في الثلاثينيات و الاربعينيات) حركة ثقافية فلسطيينية، ولم يجر معرض كتاب دولي ضخم عام 1964 في القدس وشارك فيه دول عديدة، ولم تأت فيروز الى القدس لتغني، ولم يحضر العقاد ليلقي محاضراته في جمعية الشبان المسيحية، ولم تحي اسمهان امسياتها الصاخبة في القدس، أما عبد الوهاب، فلم يأت الى القدس، ويحيي حفلاته ولم تؤسس الكلية العربية في القدس،عام 1918 (وهي سنة ميلاد المؤلف) الكلية الشهيرة التي ستخرج المئات من المفكرين والعلماء والشعراء، كل ذلك لم يحدث في رأس أشهر روائيي إسرائيل، (الذي يدعي أنه يساري ويدعم حل الدولتين) لكنه حدث بشهادة التاريخ والوثائق.

موقف عاموس متذبذبٌ من قضية فلسطين، فمرّة هو مع قصف غزة (بشكل مركّز ومحدود) ومرةً ضد الاحتلال، كيف سأقرأ ظلام عاموس وحبّه إذاً؟ ما الذي سوف أجده هناك، لأستمتع به؟ لماذا لا أقرؤه إذاً قراءةً معرفيةً تاريخيةً فضوليةً، لأطلّ على تاريخ القدس من منظار الآخر الذي يعيش أحلام تاريخٍ غريبة، ومريضة وهواجس أسطورية ودينية لا أصل لها، و لا يمكنها أن تتحقّق، إلا على أنقاض حرية بلادي وسيادتها وتاريخها، هل بالإمكان الاستمتاع جمالياً وبنائياً بأدبٍ يتضارب محتواه وعلاماته مع معايير العدالة والحرية الإنسانية؟ هل تلتقي العنصرية مع الفن؟ هل أقدر على قراءة حاييم بياليك قراءةً جماليةً فنيةً محايدةً، نازعاً عنها الحمولات العنصرية؟ هل في وسع مستوطنٍ إسرائيلي في أرض رام الله قراءة قصيدة "لاعب النرد" لمحمود درويش قراءةً شعريةً، مستمتعاً بصورها وبنيانها ولغتها ومجازاتها، بعيداً عن إشاراتها التاريخية، وخلفياتها الوطنية الفلسطينية؟ الفنانون الإسرائيليون الذين يسكنون بيوت العرب المطرودين في قرية حوض الفلسطينية، هل هم فنانون حقاً؟ كيف يلتقي الفن مع السكن في بيوتٍ طُرد أصحابها منها عنوةً؟ هل نستطيع الاستمتاع بلوحاتهم؟ أسئلة كثيرة وإجابات معروفة..

أرهقني كتاب ظلام عوز أرهقني بالغضب، ربما يقول قائل أن المؤلف يكتب عن طفولته وعن شخصيات رآها، هذا صحيح فعلى الرغم من كل الفظاعات التاريخية والمغالطات والأوهام المرعبة التي آمنت بها شخصياته. أعرف أنه كان ابن مناخه التربوي الصهيوني المتطرّف، وأنه نقل تماماً ما كنت شاهداً عليه كطفل وصبي، لكني أريده أن يعرف وكان عليه أن يعرف، وهو بالتأكيد عرف حين كبر ونضج أن ثمة بشراً آخرين، كانوا يعيشون في القدس نفسها التي عشت فيها في تلك الفترة، يبدعون أدباً وفناً، ويعيشون حياتهم ويحلمون ويسكنون بيوتهم، وأن أحلام شخصياتهم الفظيعة التي كنت شاهداً عليها جرّدتهم من هذه البيوت وشردتهم في منافي الأرض، كان ثمة مبدع اسمه خليل السكاكيني، هل سمعت به يا عاموس؟ يعيش في حي القطمون في بيتٍ جميلٍ بناه مع العائلة بتؤدة الطير، ولهفة العينين، وعشق العاشق وتوق المنفي، سكن فيه ‬10 سنوات تقريباً مع زوجته أم سري وابنتيه دمية وهالة وابنه سري، قبل أن تجتاحه وتنهبه أساطير الذين صوّرتهم في كتابك، كأنهم خلفاء الحقيقة والسلام والثقافة والحب على الأرض، أو كأنهم سكان الأرض الوحيدون.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی القدس

إقرأ أيضاً:

الوراثة وتفتت الحيازات الزراعية

نعاني من مشكلة تفتت الحيازات الزراعية نتيجة للوراثة ما يؤدي إلى صغر مساحتها، وعدم قدرتها على تحمل المشاريع الزراعية الكبرى والمهمة أو إهمالها.

يقول محمد نعمة الله الخبير الزراعي المصري: إن من أهم مساوئ تفتت الحيازة الزراعية غياب اقتصاديات الحجم الكبير عن الزراعة، والزراعة العلمية، وعدم تطبيق دورات زراعية تراعي عدم إجهاد التربة واستنزافها فضلا عن صعوبة تطوير الري واستخدام التقنيات المتطورة في الري، وعدم إمكانية اتباع سياسة زراعية رشيدة تتيح تطوير الحاصلات، وإدخال أنواع متميزة تسهم في حل الفجوة الغذائية وتحد من تفاقمها.

يضاف إلى ذلك تزرع أغلبها بالحشائش، فتستهلك مياه الآبار بكثرة؛ فالحشائش تستهلك ماء كثيرا خاصة إذا كان أصحابها يعتمدون على الغمر. أو يهمل الملاك لحيازاتهم الصغيرة والمفتتة فلا جدوى اقتصادية من استثمارها، فتعلوها الملوحة وتموت الأرض، أو يسعى مالكها بكل قوة إلى تحويلها إلى سكنية أو تجارية أو صناعية، وعندما يتعب من التحويل الرسمي يبني فيها غرفا خشبية مؤقتة، ويؤجرها لسكن الأيدي العاملة الوافدة.

لجأت بعض الدول إلى قوانين صارمة؛ بحيث لا تقل مساحة الحيازة عن 5 أفدنة في كل الأحوال، وأن يسعى الورثة إلى بيعها إلى أحدهم؛ كي لا تتفتت. وإذا لم يستطع ذلك يرفع الموضوع إلى المحكمة الجزائية، فتطرحها للبيع في مزاد علني، وتؤول الأموال المتحصلة إلى الورثة.

وهناك حل آخر، وهو حل مرن وجيد وتلجأ إليه الدول الغربية بكثرة، وهو إنشاء التعاونيات الزراعية بكثرة في المناطق والبلدات؛ بحيث يصبح من الإلزام انضمام أصحاب الحيازات الصغيرة إليها، والعمل ضمن نشاط تعاوني متكامل ما يساعد على دمج المساحات الصغيرة، وإلغاء الحواجز بينها، وزراعتها بشكل متعاون بين الملاك، واستخدام تقنيات حديثة ليتضاعف إنتاجها. وقد لاحظت ذلك في أرياف هولندا. ويمتد الأمر إلى تعاونهم في رعاية قطيع الأبقار والضأن، وتوجد قريب منها مصانع الألبان والأجبان المتعاونة.

عندما ندخل إلى بلدات ساحل الباطنة نشهد كما كبيرا من الحيازات الصغيرة التي مات فيها النخيل واقفا، شاهدا على الإهمال والنسيان. وتزداد ملوحة هذه الحيازات، وتأتي ملوحة الآبار لبعضها لتزيد كآبة المنظر ومواته.

ونكتشف أن هناك مزروعات تنجح مع الماء المالح، وتشرب الملوحة من الأرض؛ لتعود الأرض صالحة لزراعة بعض المحاصيل المنزلية. ومن جانب آخر قامت الصين بثورة في مجال تحلية المياه، فانخفضت أسعار محطات التحلية الصغيرة بشكل دراماتيكي؛ بحيث أصبح من السهولة شراءها واستخدامها.

مقالات مشابهة

  • تحذير دولي من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة.. وتل أبيب تؤكد: الجثة الرابعة التي سلمتها حماس ليست لمختطف إسرائيلي
  • ثقوب الجاذبية.. الفخ الكوني الذي يعيد الكويكبات المدمرة إلى الأرض
  • على هذه الأرض ما يستحق الحياة
  • أثارت حيرة العلماء.. ماذا تعرف عن عين الصحراء في موريتانيا؟
  • الإصلاح الزراعي.. يغتال أحلام الفلاحين؟
  • وزير الصناعة: مهلة 6 أشهر للمشروعات الصناعية التي أنجزت أكثر من 50% من الإنشاءات
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • الوراثة وتفتت الحيازات الزراعية
  • محمود حمدان: مصر لا تزال تزخر بالمبدعين والفن الحقيقي
  • قراءة في تأثيرات العقوبات الأميركية.. الاقتصاد العراقي ليس المتضرر الوحيد