يمانيون../
كان منظر اللبنانيين العائدين الى قراهم وبلداتهم في جنوب لبنان فجر اليوم، وفور اعلان وقف إطلاق النار رسميا، ملوحين بعلم حزب الله الأصفر من نوافذ سياراتهم، كان منظرا مؤثرا ومفرحا يعكس نشوة الانتصار.

بنيامين نتنياهو الذي مارس حرب الإبادة والتدمير طوال حربه التي شنها على لبنان، ومستهدفا “حزب الله” وحاضنته الشعبية، رضخ لقبول وقف إطلاق النار مكرها، وذلك للأسباب التالية:

أولا: ضغوط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي أبلغت نتنياهو بأنها باتت في حال إنهاك ولم تعد تتحمل الخسائر البشرية الكبيرة، والقتال على جبهتين في آن واحد، أي لبنان وقطاع غزة، وأنها تعاني من نقص شديد في عدد الجنود لمواصلة خوض هذه الحرب.

ثانيا: حالة الهلع الكبيرة التي سادت مستوطني دولة الاحتلال في الأسابيع الأخيرة، وخاصة يوم الاحد الماضي “المشرف” من جراء صواريخ (350 صاروخا) ومسيّرات “حزب الله” التي قصفت مدن في عمق دولة الاحتلال مثل تل ابيب الكبرى، وحيفا وعكا وصفد، ووصلت الى ميناء أسدود في الجنوب، وأدت الى هرولة أكثر من مليونين الى الملاجئ، واغلاق مطار اللد، واشتعال نيران ضخمة في هذه المدن، وتدمير قواعد عسكرية ومراكز استخبارية.

ثالثا: ضغوط الرئيس الأمريكي جو بايدن وخاصة وقفه لإرسال الذخائر والأسلحة لدولة الاحتلال، وأفادت تقارير رسمية ان مخازن الذخائر في جيش الاحتلال اوشكت على النفاذ، فبايدن يريد ان يختم حياته السياسية بوقف الحرب في لبنان بعد ان خسر حزبه الديمقراطي الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة.

رابعا: أدرك نتنياهو انه لا يستطيع تحقيق أبرز أهدافه من هذه الحرب على لبنان، وأهمها تدمير “حزب الله”، وإعادة أكثر من مئة ألف مستوطن الى مستوطناتهم في الجليل نزحوا منها الى الوسط، بالوسائل العسكرية، ولهذا بادر الى التوجه الى الإدارة الامريكية ومبعوثها لطلب وقف لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية، ومتنازلا في الوقت نفسه عن بعض شروطه، وأبرزها حرية القصف لأهداف لبنانية وقتما أراد، ومنع وصول امدادات أسلحة إيرانية الى حزب الله عبر الأراضي السورية، واستبعاد فرنسا من لجنة المراقبة.

***

السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في هذه العجالة، يتعلق بمدى التزام نتنياهو بالبنود الـ 13 لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه الساعة الرابعة من فجر اليوم الأربعاء بالتوقيت المحلي، ومن المقرر ان يستمر لشهرين، فمن المعروف انه لا يحترم أي مواثيق او معاهدات إقليمية او دولية، ويمكن ان يكون قبوله بوقف إطلاق النار مجرد مؤامرة او خدعة لكسب الوقت.

نتنياهو قال انه وافق على هذا الاتفاق الذي فك الارتباط بين الجبهتين اللبنانية والفلسطينية في قطاع غزة من أجل التفرغ لمواجهة الجبهة الأهم وهي ايران ومنشآتها النووية، والقضاء على حركة حماس في قطاع غزة. ربما يكون من السابق لأوانه التنبؤ بما يحمله المستقبل القريب او البعيد من تطورات مفاجئة، خاصة في لبنان وقطاع غزة وربما المنطقة كلها، ولكن الامر المؤكد ان نتنياهو الذي فشل في تحقيق النصر الساحق في لبنان وقطاع غزة، لن يخرج منتصرا من أي عدوان يشنه على ايران الدولة الإقليمية العظمى التي باتت قريبة جدا من انتاج قنبلتها النووية الأولى، واذا تورط في الهجوم عليها فلن يخرج منها، او كيانه الا مهزوما ومثخنا بالجراح القاتلة.

***

نبارك للنازحين اللبنانيين عودتهم الى مدنهم وقراهم وبلداتهم، ونتمنى ان نرى أشقاءهم في قطاع غزة يتمتعون بالشيء نفسه بعد 13 شهرا من المعاناة، والحصار، والعيش في الخيام بدون ماء او غذاء او دواء، وتقديم اكثر من 45 الف شهيد، 27 الفا منهم من الأطفال، وأكثر من 150 الف جريح، وتدمير 95 بالمئة من منازلهم بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في القطاع، ولعل البيان الذي أصدرته حركة “حماس” وباركت فيه انتصار المقاومة اللبنانية وعودة النازحين،

وأعربت فيه عن استعدادها للقبول بوقف لإطلاق النار وفقا لشروطها في انسحاب إسرائيلي كامل، ووقف دائم لإطلاق النار وعودة النازحين، وتبادل للأسرى، وإعادة الاعمار، هذا الموقف يشكل بارقة أمل، وعدم التجاوب معه لن يحد من عزم الحركة وشقيقاتها على مواصلة المقاومة، ومضاعفة خسائر الاحتلال البشرية والمعنوية، بل ربما يزيدها قوة وصلابة، ومن صمد أكثر من 13 شهرا، وكبد العدو خسائر كبيرة، مادية وبشرية، سينتصر حتما..

والأيام بيننا.

لهذه الأسباب الأربعة رضخ نتنياهو وقَبِل “مكرها” لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
عبدالباري عطوان |

كان منظر اللبنانيين العائدين الى قراهم وبلداتهم في جنوب لبنان فجر اليوم، وفور اعلان وقف إطلاق النار رسميا، ملوحين بعلم حزب الله الأصفر من نوافذ سياراتهم، كان منظرا مؤثرا ومفرحا يعكس نشوة الانتصار.

بنيامين نتنياهو الذي مارس حرب الإبادة والتدمير طوال حربه التي شنها على لبنان، ومستهدفا “حزب الله” وحاضنته الشعبية، رضخ لقبول وقف إطلاق النار مكرها، وذلك للأسباب التالية:

أولا: ضغوط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي أبلغت نتنياهو بأنها باتت في حال إنهاك ولم تعد تتحمل الخسائر البشرية الكبيرة، والقتال على جبهتين في آن واحد، أي لبنان وقطاع غزة، وأنها تعاني من نقص شديد في عدد الجنود لمواصلة خوض هذه الحرب.

ثانيا: حالة الهلع الكبيرة التي سادت مستوطني دولة الاحتلال في الأسابيع الأخيرة، وخاصة يوم الاحد الماضي “المشرف” من جراء صواريخ (350 صاروخا) ومسيّرات “حزب الله” التي قصفت مدن في عمق دولة الاحتلال مثل تل ابيب الكبرى، وحيفا وعكا وصفد، ووصلت الى ميناء أسدود في الجنوب، وأدت الى هرولة أكثر من مليونين الى الملاجئ، واغلاق مطار اللد، واشتعال نيران ضخمة في هذه المدن، وتدمير قواعد عسكرية ومراكز استخبارية.

ثالثا: ضغوط الرئيس الأمريكي جو بايدن وخاصة وقفه لإرسال الذخائر والأسلحة لدولة الاحتلال، وأفادت تقارير رسمية ان مخازن الذخائر في جيش الاحتلال اوشكت على النفاذ، فبايدن يريد ان يختم حياته السياسية بوقف الحرب في لبنان بعد ان خسر حزبه الديمقراطي الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة.

رابعا: أدرك نتنياهو انه لا يستطيع تحقيق أبرز أهدافه من هذه الحرب على لبنان، وأهمها تدمير “حزب الله”، وإعادة أكثر من مئة ألف مستوطن الى مستوطناتهم في الجليل نزحوا منها الى الوسط، بالوسائل العسكرية، ولهذا بادر الى التوجه الى الإدارة الامريكية ومبعوثها لطلب وقف لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية، ومتنازلا في الوقت نفسه عن بعض شروطه، وأبرزها حرية القصف لأهداف لبنانية وقتما أراد، ومنع وصول امدادات أسلحة إيرانية الى حزب الله عبر الأراضي السورية، واستبعاد فرنسا من لجنة المراقبة.

***

السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في هذه العجالة، يتعلق بمدى التزام نتنياهو بالبنود الـ 13 لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه الساعة الرابعة من فجر اليوم الأربعاء بالتوقيت المحلي، ومن المقرر ان يستمر لشهرين، فمن المعروف انه لا يحترم أي مواثيق او معاهدات إقليمية او دولية، ويمكن ان يكون قبوله بوقف إطلاق النار مجرد مؤامرة او خدعة لكسب الوقت.

نتنياهو قال انه وافق على هذا الاتفاق الذي فك الارتباط بين الجبهتين اللبنانية والفلسطينية في قطاع غزة من أجل التفرغ لمواجهة الجبهة الأهم وهي ايران ومنشآتها النووية، والقضاء على حركة حماس في قطاع غزة. ربما يكون من السابق لأوانه التنبؤ بما يحمله المستقبل القريب او البعيد من تطورات مفاجئة، خاصة في لبنان وقطاع غزة وربما المنطقة كلها، ولكن الامر المؤكد ان نتنياهو الذي فشل في تحقيق النصر الساحق في لبنان وقطاع غزة، لن يخرج منتصرا من أي عدوان يشنه على ايران الدولة الإقليمية العظمى التي باتت قريبة جدا من انتاج قنبلتها النووية الأولى، واذا تورط في الهجوم عليها فلن يخرج منها، او كيانه الا مهزوما ومثخنا بالجراح القاتلة.

***

نبارك للنازحين اللبنانيين عودتهم الى مدنهم وقراهم وبلداتهم، ونتمنى ان نرى أشقاءهم في قطاع غزة يتمتعون بالشيء نفسه بعد 13 شهرا من المعاناة، والحصار، والعيش في الخيام بدون ماء او غذاء او دواء، وتقديم اكثر من 45 الف شهيد، 27 الفا منهم من الأطفال، وأكثر من 150 الف جريح، وتدمير 95 بالمئة من منازلهم بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في القطاع، ولعل البيان الذي أصدرته حركة “حماس” وباركت فيه انتصار المقاومة اللبنانية وعودة النازحين،

وأعربت فيه عن استعدادها للقبول بوقف لإطلاق النار وفقا لشروطها في انسحاب إسرائيلي كامل، ووقف دائم لإطلاق النار وعودة النازحين، وتبادل للأسرى، وإعادة الاعمار، هذا الموقف يشكل بارقة أمل، وعدم التجاوب معه لن يحد من عزم الحركة وشقيقاتها على مواصلة المقاومة، ومضاعفة خسائر الاحتلال البشرية والمعنوية، بل ربما يزيدها قوة وصلابة، ومن صمد أكثر من 13 شهرا، وكبد العدو خسائر كبيرة، مادية وبشرية، سينتصر حتما..

والأيام بيننا.

عبدالباري عطوان

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: لاتفاق وقف إطلاق النار فی لبنان وقطاع غزة وقف لإطلاق النار وعودة النازحین دولة الاحتلال نتنیاهو الذی حرب الإبادة فی قطاع غزة على لبنان هذه الحرب فجر الیوم حزب الله أکثر من لن یخرج یخرج من انه لا فی هذه

إقرأ أيضاً:

نعيم: تصريحات ويتكوف تخدم الاحتلال وتخالف السياق التي جرت فيه جولة المفاوضات

الدوحة - صفا قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم إن تصريحات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف السلبية، تخالف السياق الذي جرت فيه جولة المفاوضات الأخيرة تمامًا، وهو يعلم ذلك تمامًا. وأوضح نعيم في تصريح صحفي يوم الجمعة، أن تصريحات ويتكوف تأتي في سياق خدمة الموقف الإسرائيلي. وقال إن ويتكوف صرّح قبل أيام فقط "أننا وصلنا للتوافق على 3 نقاط من 4 ونقترب من إحداث اختراق"، إذًا لا يوجد تفسير للتصريحات إلا ممارسة مزيد من الضغط لصالح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الجولة القادمة. وأضاف أن الوسطاء تلقوا رد حركة حماس بشكل إيجابي جدًا، واعتبروه ردًا بناءً يُوصل إلى اتفاق ويقترب كثيرًا مما عرضه الوسطاء على الطرفين. وتابع "وبعد ساعات عادوا للاجتماع مع الوفد المفاوض من الحركة، وأبلغوهم أن التغذية الراجعة من الطرف الآخر إيجابية، وأن الوفد سيغادر للتشاور وسيعود بداية الأسبوع لاستكمال المفاوضات على تفاصيل تنفيذ الاتفاق". وبين أن النقطة الأساسية التي دار حولها الحديث في الأيام الأخيرة هي "خرائط الانسحاب وإعادة الانتشار"، بعد أن حُسم تقريبًا البند المتعلق بالمساعدات الإنسانية، وجدول أعمال التفاوض أثناء فترة وقف إطلاق النار المؤقت "60 يومًا"، وضمانات استمرار التفاوض لحين الوصول إلى وقف إطلاق النار الدائم. وأما فيما يتعلق ببند صفقة التبادل للأسرى، قال نعيم إنه تم التوافق على صيغة عامة لتنجز تفاصيلها الوفود عند العودة للمفاوضات بداية الأسبوع. وأكد أن حركته وبالتنسيق والتشاور مع الفصائل قدمت هذا المستوى العالي من المرونة والإيجابية بالأساس؛ استجابةً لنداءات شعبنا في قطاع غزة، وحرصًا على إيقاف هذه المجزرة والمجاعة، رغم تشككنا الكبير في نوايا الاحتلال ومخططاته، والتي كنا نراها في كل كلمة وجملة يقترحها، وخاصة نوايا العودة للحرب وتنفيذ مخططات التطهير العرقي والتهجير. وقال: "ما قدمناه، بكل وعي وإدراك لتعقيد المشهد، نعتقد أنه يوصل لصفقة، لو كانت لدى العدو إرادة لذلك، ويمكن أن يبنى عليه اتفاق وقف إطلاق نار دائم وانسحاب القوات المعادية بشكل كامل". وأكد نعيم أن الكرة الآن في ملعب العدو الإسرائيلي وداعميه لإنهاء هذه اللعبة القذرة بالاستمرار في الحرب، خدمةً لأهداف سياسية لنتنياهو، وأيديولوجيات سوداء مريضة، لن تتحقق مهما كان الثمن ومهما طال الزمن، لأن شعبنا لن يتنازل عن حريته وحقه في تقرير مصيره. وشدد على أن ويتكوف مطالب أن يكون "وسيطًا نزيهًا" ويمارس الضغط على حكومة الاحتلال لإنجاز اتفاق في أسرع وقت، والالتزام بالذهاب إلى إنهاء الحرب، وانسحاب القوات المعادية الشامل، من أجل الذهاب لمسار يفضي إلى نوع من الهدوء والاستقرار في المنطقة. 

مقالات مشابهة

  • قطر ومصر: مستمرون بمساعينا للتوصل لاتفاق شامل وعاجل في غزة
  • مأزق الحرب في غزة.. هدنة إسرائيل المؤقتة لتخفيف حدة الانتقادات الدولية .. نتنياهو سيقبل اتفاق وقف إطلاق النار فى هذه الحالة
  • استشهاد شاب بغارة إسرائيلية قرب صور جنوب لبنان
  • قتيل في غارة إسرائيلية على سيارة جنوب لبنان
  • مصر وقطر تؤكدان مواصلة جهودهما الحثيثة من أجل الوصول لاتفاق لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية بقطاع غزة
  • أعضاء بالكونغرس يدعون ترامب للضغط على نتنياهو للتوصل لاتفاق بغزة
  • شهيد وجريح وخروقات متواصلة لوقف إطلاق النار في لبنان (شاهد)
  • نعيم: تصريحات ويتكوف تخدم الاحتلال وتخالف السياق التي جرت فيه جولة المفاوضات
  • رد حركة الفصائل الفلسطينية “إيجابي”.. نتنياهو يطلب من وفد التفاوض في قطر العودة إلى إسرائيل للتشاور حول “قرارات مصيرية”
  • "حماس" تُفند اتهامات واشنطن: ردّنا يفتح الباب لاتفاق شامل