الإيجار القديم| بين جهود الحكومة وتحديات التوازن بين المستأجرين والملاك
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
في السنوات الأخيرة، أصبح ملف الإيجار القديم واحدًا من أبرز المواضيع المثيرة للجدل في مصر، حيث يتناول العديد من الحقوق والواجبات المتعلقة بالعلاقة بين المالك والمستأجر.
يتعلق الملف بشكل أساسي بالعقود القديمة التي تم توقيعها بين المؤجرين والمستأجرين قبل عام 1996، والتي تتيح للمستأجر دفع إيجار رمزي مقارنة بالقيمة السوقية للعقارات في الوقت الحالي.
من جانبه، قال الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، إن ملف الإيجار القديم من الملفات المهمة التي تثير الكثير من الجدل، موضحاً أن هذا الملف كان من بين القضايا العالقة التي لم تعرف الدولة كيفية التعامل معها بشكل حاسم، بسبب وجود نقص كبير في الوحدات السكنية المتاحة، وفي ذلك الوقت، كانت القوانين في الستينات والسبعينات تهدف إلى الحفاظ على العلاقة بين المالك والمستأجر، خاصةً مع غياب خطة لبناء مدن جديدة أو توسع عمراني كبير.
وأشار حسان لـ صدى البلد، أن الإيجار القديم ليس حقاً متوارثاً، بل هو علاقة إيجارية بين شخص وآخر لفترة زمنية محددة، تهدف إلى توفير استقرار سكني. لكنه أكد أن هذا النظام أصبح غير مناسب في الوقت الحالي بسبب تغير الظروف الاقتصادية والعمرانية، مشيراً أن المحكمة الدستورية اتخذت خطوة مهمة في تعديل هذا القانون لحل الإشكاليات الكبيرة الموجودة.
وأوضح أن هناك حوالي 2 مليون شقة في مصر تحت قانون الإيجار القديم، منها نسبة تتراوح بين 35 و40% مغلقة، ويملكها مصريون في الخارج، هؤلاء يدفعون مبالغ إيجارية ضئيلة جداً، تتراوح بين 4 و5 جنيهات شهريًا، من خلال المحكمة، فقط لضمان عدم طردهم من هذه العقارات، وهذا الوضع يشكل تحدياً كبيراً، خاصة أن العديد من هذه الشقق لا تتم صيانتها بسبب تدني قيم الإيجار، مما يعرض حياة المواطنين للخطر.
وشدد انه لابد من إنهاء هذا النظام، مشيراً إلى أن التعاقدات القديمة التي يعود تاريخها إلى الستينات لم تعد تناسب الواقع الحالي، مؤكدا أن العدالة تتطلب إنهاء العلاقة الإجارية، مع توفير بدائل للمستأجرين غير القادرين على دفع الإيجار، مثل مشروعات الإسكان البديل أو الأماكن المناسبة لذوي الدخل المحدود، أما بالنسبة لأولئك الذين يملكون شققًا أخرى، فلا بد من إنهاء عقودهم، حيث لا يجوز استمرار هذه العلاقة الإيجارية غير العادلة.
تمثل مشكلة الإيجار القديم نقطة انقسام بين طرفين رئيسيين، هما المستأجرون الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا لزيادة الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة، وأصحاب العقارات الذين يرون أن الإيجار القديم لا يعكس القيمة الحقيقية للعقار في ظل التضخم الكبير الذي شهدته الأسواق العقارية في السنوات الأخيرة، ويرى الملاك أن الإيجارات لا تغطي حتى التكاليف الأساسية للعقار من صيانة أو تطوير.
ويواجه المستأجرون ضغوطًا كبيرة، فبعضهم يعيش في هذه العقارات منذ عقود طويلة، ويعتبرون أن رفع الإيجار يعني تهديدًا لاستقرار حياتهم، خاصة إذا كان هناك تدهور في قدرتهم على دفع الإيجار الجديد في حال إلغاء العقود القديمة، والبعض يعتبر أن هذا الملف جزء من أزمة أوسع تتعلق بتحديات السكن في مصر، التي تشمل النقص في المعروض من الوحدات السكنية بأسعار معقولة.
كان هناك العديد من المحاولات من قبل الحكومة لتعديل قوانين الإيجار القديم، لكن هذه المحاولات غالبًا ما كانت تواجه معارضة شديدة من المستأجرين، تمثل هذه المعارضة القلق من فقدان الاستقرار والتهجير القسري.
على الجانب الآخر، يرى البعض أن تعديل قوانين الإيجار القديم هو خطوة ضرورية لمواكبة التغيرات الاقتصادية، خاصة وأن العديد من العقارات في هذه الفئة أصبحت تشكل عبئًا على أصحابها.
في السنوات الأخيرة، ارتفعت الأصوات المنادية بضرورة إلغاء نظام الإيجار القديم أو تعديله بشكل جذري. لكن، من دون وجود حلول شاملة ومتوازنة ترضي جميع الأطراف، فإن هذا الملف لا يزال يمثل تحديًا معقدًا يتطلب استراتيجيات قانونية واجتماعية واقتصادية مبتكرة.
من جانبها، بذلت الحكومة جهودا حثيثة في التعامل مع ملف الإيجار القديم، فإنها قد تبنت عدة خطوات ومحاولات على مدار السنوات الماضية لاحتواء هذه الأزمة التي تؤثر على القطاع العقاري والاجتماعي في آن واحد، تمثلت تلك الجهود في تعديلات قانونية وتنظيمية تهدف إلى إيجاد توازن بين حقوق المستأجرين والملاك، وكذلك تلبية احتياجات سوق العقارات.
في البداية، بدأت الحكومة بتشكيل لجان لدراسة تداعيات الإيجار القديم، ومحاولة الوصول إلى حلول وسط بين الأطراف المعنية، وعُقدت عدة جلسات حوارية بين ممثلي المستأجرين والملاك لمناقشة الأزمة والبحث عن طرق لتعديل العقود القديمة بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي.
في عام 2014، بدأ البرلمان المصري في مناقشة تعديلات على قانون الإيجار القديم، حيث كان الهدف هو إيجاد حلول تدريجية تُلزم المستأجرين بدفع إيجارات أكثر تناسبًا مع القيمة السوقية، لكن هذه التعديلات كانت تواجه معارضة قوية من المستأجرين، الذين اعتبروا أن هذه التغييرات تهدد استقرارهم وتضعهم في موقف صعب.
وفي عام 2020، تم الإعلان عن مبادرات لتعديل قانون الإيجار القديم، حيث كان الهدف هو تحرير العقارات المؤجرة بنظام الإيجار القديم تدريجيًا، وبالتركيز على العقارات التي لا تسكنها الأسر المستحقة فعلاً، وتم الإعلان عن طرح مشروع قانون يهدف إلى تحديد فترات زمنية لإخلاء العقارات ورفع الإيجارات بما يتماشى مع الظروف الحالية.
من جهة أخرى، اعتمدت الحكومة أيضًا على طرح برامج دعم سكني للمواطنين الذين يواجهون صعوبة في الحصول على وحدات سكنية بأسعار معقولة، وذلك لتوفير بدائل للمستأجرين الذين قد يتأثرون بشكل مباشر بتعديل قانون الإيجار القديم، وكان هذا جزءًا من استراتيجية الحكومة لتعزيز سوق الإسكان وتوفير حلول سكنية لجميع الفئات.
في النهاية، ورغم هذه الجهود، ما زالت المشكلة عالقة بشكل جزئي، حيث إن إيجاد حل يرضي جميع الأطراف لا يزال يتطلب مزيدًا من الحوار والتشاور، بالإضافة إلى حلول قانونية تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمستأجرين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإيجار القديم المستأجر المالك الإيجار ملف الإيجار المزيد المزيد قانون الإیجار القدیم العدید من
إقرأ أيضاً:
في الساعات الأخيرة قبل امتحانات الثانوية العامة.. خطة شاملة لمواجهة رهاب اللجان واستعادة التوازن النفسي
يعيش كثير من الطلاب وأولياء الأمور حالة من التوتر والقلق، وهو أمر طبيعي في مثل هذا الظرف الحاسم. إلا أن الإفراط في هذا القلق قد يتحول إلى أحد أهم معوقات النجاح. وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، أن إدارة القلق والتوتر تُعد من العناصر الجوهرية التي تسهم بشكل مباشر في تعزيز فرص النجاح والتفوق.
ويوضح حجازي أن القلق بمستواه الطبيعي قد يكون محفزًا على الإنجاز، لكن حين يخرج عن السيطرة يتحول إلى عبء نفسي وعقلي، مما يجعل من الضروري اتباع خطة عملية متكاملة تساعد الطلاب على التعامل مع مشاعرهم واستعادة تركيزهم وثقتهم بأنفسهم.
خطوات عملية لمواجهة رهاب الامتحانات
1. تمارين التنفس العميق
ينصح بالبدء بتمرين تنفسي بسيط يمكن ممارسته في أي مكان، سواء أثناء المذاكرة أو داخل لجنة الامتحان: شهيق عبر الأنف لمدة 5 ثوانٍ، ثم حبس النفس 5 ثوانٍ، يليه زفير عبر الفم 5 ثوانٍ، ثم راحة 5 ثوانٍ، وتكرار ذلك من 3 إلى 5 مرات. هذا التمرين يساهم في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل مشاعر التوتر.
2. صرف الانتباه عن القلق
يمكن للطالب أن يحوّل تركيزه من مثيرات القلق إلى أشياء محسوسة حوله مثل صوت خارجي أو لون معين في الغرفة أو حتى ملمس مقعده، وهو ما يُعرف بـ "استراتيجية صرف الانتباه".
3. التركيز الإيجابي
بدلًا من التفكير في الصعوبات، يُفضل أن يستحضر الطالب لحظات النجاح السابقة أو مواقف شعر فيها بالفخر، مما يمنحه طاقة إيجابية وثقة بالنفس.
4. الاهتمام بالنوم والتغذية
يُعد النوم الجيد والتغذية الصحية من الركائز الأساسية التي تعزز التركيز. وينصح بتناول أطعمة تحتوي على مضادات الأكسدة وأحماض أوميغا 3، والابتعاد عن السكريات والمنبهات.
5. روتين صباحي صحي
الاستيقاظ مبكرًا، ممارسة بعض الحركات الرياضية البسيطة، وتناول إفطار خفيف متوازن مع شرب كمية كافية من المياه، كلها عوامل تهيئ الذهن ليوم دراسي أو امتحاني أكثر اتزانًا.
6. تجنب الأدوية دون إشراف
يحذر حجازي من تناول المهدئات أو المنشطات دون استشارة طبية، لما لها من تأثيرات سلبية خطيرة على التركيز والأداء.
7. التحفيز الذاتي والحديث الإيجابي
استخدام العبارات التحفيزية مثل: "على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح" أو "قيمة الفرد لا تحددها نتيجة واحدة"، يساعد الطالب على رؤية الصورة الأشمل وعدم اختزال مستقبله في امتحان.
8. خطوات داخل اللجنة
يُفضل أن يمنح الطالب نفسه من 2 إلى 3 دقائق لقراءة جميع الأسئلة قبل الشروع في الإجابة. كما يُستحسن البدء بالأسئلة السهلة لتعزيز الثقة وتنشيط الذاكرة.
9. إعادة تعريف القلق والامتحان
ينبغي النظر إلى القلق كعامل محفز على الاستعداد وليس كعدو يجب التخلص منه. والامتحانات يجب أن تُفهم كأداة لاكتشاف الذات، لا كمصير يحدد المستقبل بالكامل.
10. المرونة وعدم المقارنة
التوقعات الواقعية والتقبل لأي تغيرات محتملة في المسار الدراسي أو المهني أمر ضروري، مع تجنب المقارنة بالآخرين والتركيز فقط على التقدم الشخصي.
11. عند الضرورة.. استشارة مختص
إذا شعر الطالب بأن التوتر قد خرج عن السيطرة وظهرت أعراض نفسية أو جسدية قوية، فمن الأفضل التوجه لاستشارة طبيب نفسي مختص دون تأخير.
وفي ختام حديثه، يوجّه الدكتور عاصم حجازي رسالة للطلاب قائلًا: "أنتم لستم وحدكم.. وأن كل مجهود تبذلونه الآن سيعود عليكم بنفع كبير، سواء في الامتحان أو في بناء شخصيتكم وقدراتكم على مواجهة التحديات في الحياة".