ضحيتها الطالبة لالة.. واقعة اغتصاب تهز الرأي العام في موريتانيا
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تستمر في موريتانيا تداعيات قضية اغتصاب طالبة جامعية موريتانية، وسط دعوات إلى مواصلة التظاهر للتنديد بهذه الواقعة الصادمة التي باتت تعرف باسم حادثة "الطالبة لالة".
وكانت وسائل إعلام موريتانية نشرت، نهاية نوفمبر، تفاصيل قضية الطالبة التي قالت إنها تدعى لالة بنت سيدي محمد، مشيرة إلى أن مجموعة لصوص اقتحموا منزل أسرتها في العاصمة نواكشوط حيث كانت تقيم مع والدها المريض، ليقوموا بالاعتداء عليها واغتصابها بشكل جماعي تحت تهديد السلاح.
التلاميذ في ثانوية تمبدغة يحتجون تضامنا مع الطالبة الجامعية التي تم إغتصابها أمام والدها المقعد تحت تهديد السلاح في مقاطعة دار النعيم بنواكشوط #منصة #تمبدغة #ميديا #تابعونا
Posted by تمبدغه ميديا - Timbedramedias on Tuesday, December 3, 2024وتنديدا بالجريمة، خرجت مظاهرات في العاصمة الموريتانية ومناطق أخرى للمطالبة بفرض "عقوبات صارمة" ضد المتهمين في القضية، وتعزيز التشريعات والقوانين المتعلقة بحماية النساء.
وطالبت الحقوقية الموريتانية أية احمدو التيجاني، في تصريح لـ"الحرة"، بـ"وضع حد لجريمة الاغتصاب"، قائلة إن "المرأة لم تعد آمنة لا في البيت ولا في الشارع"، كما دعت السلطات إلى "إقرار قانون لحماية جميع الموريتانيات".
ونقلت وسائل إعلام موريتانية عن عضو الجمعيّة الموريتانية لصحة الأم والطفل، سعد ارّاها نانَا، قولها إن أرقام منظمتها تشير إلى وقوع ما بين 5 آلاف و6 آلاف اغتصاب في البلد منذ العام 2000.
وقفة تضامنية في انواذيبو وانواكشوط مع الطالبة الجامعية التي تعرضت للاغتصاب في منزلها بدار النعيم. كامل التضامن
Posted by Mansour Boidaha on Tuesday, December 3, 2024كما نددت منظمات حقوقية وتشكيلات سياسية بالحادثة، وسط دعوات لإنهاء "ظاهرة الإفلات من العقاب".
وفي هذا السياق، دان حزب "تواصل" الحادثة مطالبا بـ"تكثيف الجهود الأمنية لحماية أرواح وأعراض وممتلكات المواطنين في مواجهة اعتداءات عصابات الجريمة المنظمة"، حسب تعبيره.
وقفة تضامنية مع الطالبة الجامعية التي تعرضت للاغتصاب في منزلها بدار النعيم. هاذ الصورة اتوضح ان نحن الموريتانيين اخوت كاملين #شكرا_للشعب_الموريتاني_,,
Posted by الحسين ممود on Monday, December 2, 2024ومساء الاثنين، أصدرت النيابة العامة في نواكشوط الشمالية بيانا كشفت فيه عن أسماء ثلاثة متهمين في قضية الاغتصاب، قائلة إنه وجهت إليهم تهم "الحرابة وتكوين جمعية أشرار بغرض الاعتداء على الاشخاص والأملاك من خلال الإعداد والتخطيط والتنفيذ لجريمتي الاغتصاب والسرقة".
بسم الله الرحمن الرحيم التجمع الوطني للإصلاح والتنمية"تواصل" بيان في الوقت الذي تنهمك فيه عناصر الأمن...
Posted by حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية - تواصل on Sunday, December 1, 2024وقال حزب "الإنصاف" الحاكم إنه أرسل بعثة إلى أسرة الفتاة التي وقعت ضحية جريمة اغتصاب، للتأكيد على سعيه لتطبيق العدالة.
وتنتقد تقارير حقوقية وضعية المرأة في موريتانيا وسط دعوات إلى تنقيح التشريعات والقوانين الكفيلة بتعزيز حقوق المساء في هذا البلد المغاربي.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
«لِنَتَسِعْ بَعْضُنَا بَعْضًا… ونُعَلِّم قلوبنا فنّ احترام الرأي الآخر»
في كل مجتمع حيّ، يظل الاختلاف علامة صحة لا علامة خلاف، ودليل نضج لا دليل صدام. فالآراء المتعددة مثل الألوان، لا يكتمل الجمال إلا بتجاورها، ولا تكتمل الصورة إلا بتكاملها.
ومع ذلك، لا تزال بعض العقول – للأسف – تنظر إلى الرأي المخالف على أنه غزوٌ لفكرتها، أو تهديدٌ لهيبتها، أو مساسٌ بمكانتها، بينما الحقيقة أن الاختلاف لا يجرح إلا القلب الضيق، ولا يزعج إلا العقل المغلق، أما الصدور الواسعة فتتعامل مع التنوع باعتباره غنى للفكر ومساحة للتعلم.
إننا اليوم في حاجة إلى أن ننقل ثقافة احترام الاختلاف من كونها شعارات مثالية، إلى كونها ممارسة يومية في بيوتنا، ومساجدنا، ومؤسساتنا، ومدارسنا، ووسائل إعلامنا. لأن المجتمعات لا تُبنى بالاتفاق الكامل، وإنما تُبنى بإدارة الاختلاف إدارة راقية.
■ القرآن الكريم… مدرسة الاحترام قبل الحوار
حين نفتح كتاب الله تعالى، نجد قيمة احترام الرأي والحوار الحضاري راسخة منذ أول يوم.
يقول سبحانه وتعالى:
﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
لم يقل: "جادلهم بالعنف"، ولم يقل: "بالغلظة"، بل قال: بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ… أي بأفضل وأرقى ما يمكن.
وهذا دليل عظيم على أن الحوار لا بد أن يكون قائمًا على الأدب قبل الفكرة، وعلى الهدوء قبل الحدة، وعلى الفهم قبل الرد. فكيف إذا كان القرآن يأمرنا بذلك مع المخالف في العقيدة؟ فكيف بمن يخالفنا في الرأي داخل الوطن الواحد والبيت الواحد؟
والله سبحانه يعلّمنا كذلك أدب الاختلاف في قوله:
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾،
وهذا إقرار صريح بحق الآخرين في عرض ما لديهم، وحقنا في مناقشته دون تسفيه أو تجريح.
■ السنّة النبوية… قمة الأخلاق في إدارة الاختلاف
لقد قدّم النبي ﷺ نموذجًا راقيًا في احترام الرأي حتى مع أصحابه وهم في قمة الخلاف.
ولنا في موقفه يوم غزوة بدر خير شاهد، حين قال للصحابة:
"أشيروا عليّ أيها الناس"،
فأخذ برأي الحباب بن المنذر، وهو رأيٌ عسكري يخالف رأي النبي الأول، ومع ذلك قبله النبي بكل صدر رحب.
هذا هو الأدب النبوي… وهذا هو احترام العقول.
وفي حديث آخر قال ﷺ:
«رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى»،
والسماحة خلق لا يولد إلا من صدر واسع يقبل الآخر ولا يتضايق من اختلافه.
بل إن النبي ﷺ علّمنا ألا نُقصي المخالف ما دام لا يخالف الثوابت، فقال:
«إنما بُعثتم مُيسرين ولم تُبعثوا مُعسرين».
■ أدب الاختلاف… مسؤولية مجتمع كامل
إن احترام الرأي الآخر ليس وظيفة المثقفين وحدهم، ولا واجب الدعاة وحدهم، بل هو مسؤولية مجتمع بأكمله.
فالأب في بيته حين يفرض رأيه بالقوة يخسر الحوار مع أبنائه، والمعلم حين يسخر من رأي تلميذه يخسر احترامه، والمسؤول حين يضيق بالنقد يخسر ثقة الناس.
والحقيقة أن قوتنا لا تُبنى من خلال الصوت الأعلى، بل من خلال القدرة على الاستماع، ولا من خلال الإقصاء، بل من خلال الاحتواء.
فنحن أمة جعلها الله أمة وسطًا، والوسطية ليست رأيًا واحدًا جامدًا، بل فضاء واسع يتسع للجميع.
■ لماذا نخاف من الاختلاف؟
نخاف لأننا لم نتربَّ على ثقافة السؤال.
نخاف لأننا نتصور أن اختلاف الآخر يعني ضعف موقفنا.
نخاف لأننا نخلط بين الرأي والفكرة… وبين الشخص والفكرة.
بينما الحقيقة أن الفكرة التي لا تتحمل النقد هي فكرة لم تُبنَ جيدًا من البداية.
إن المجتمعات التي تتسع قلوب أفرادها للآراء المختلفة هي المجتمعات التي تطور نفسها، وتتعلم من بعضها، وتبني جسورًا لا جدرانًا.
■ فلنتسع لبعضنا… ولنربِّي في قلوبنا أدب الاختلاف
علينا أن نؤمن بأن الاستماع للآخر لا يعني التراجع، وأن قبول اختلافه لا يعني التنازل، وأن احترام رأيه لا يعني الانسحاب.
بل يعني أننا نملك وعيًا وإيمانًا بأن الحقيقة أكبر منّا جميعًا.
وفي الختام…
إن احترام الرأي الآخر ليس مجرد خُلق، بل هو مشروع حضاري يعيد للمجتمع توازنه، وللإنسان قيمته، وللنقاش روحه.
فدعونا نتسع لبعضنا، ونسمع لبعضنا، ونقترب من بعضنا…
فالوطن لا يبنيه رأي واحد… وإنما تبنيه قلوب تتسع للجميع.