موقع النيلين:
2025-07-30@19:05:39 GMT

المليشيا … جماعة ارهابية (3)

تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT

نواصل الحديث عن صور إجرام مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد الشعب السوداني ، تلك الجرائم التي تجعلها بكل المعايير جماعة إرهابية أمام القانون وأمام كل السودانيين ، وأمام كل من يمتلك ضميراً إنسانياً حياً وحراً.

هذا المقال يناقش تمويل المليشيا المجرمة ، التمويل الذي لو انقطع عنها لماتت سريرياً وتقطعت بها السبل ، وتلاشت ، ولولا استمراره لانتهت الحرب في أيامها الأولى.

لقد أجمع خبراء القانون الدولي أن تمويل الإرهاب أخطر مهددات الأمن والسلم الدوليين، لأن أي تنظيم إرهابي يستمد قوته من التمويل المستمر ، لذلك اهتم العالم بمنع تمويل أية عمليات مشبوهة لا يعرف الغرض منها واعتبر أن أي تمويل يتم عبر أية صورة من الصور الآتية يعد تمويلاً لعمليات إرهابية إلى أن يثبت العكس ، إذا تم ما يلي : “جمع أو تلقي أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أو إرسال أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو متفجرات أو مهمات أو آليات ، أو عبر نقل بيانات أو إحداثيات أو معلومات حربية أو أمنية، بشكل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة كانت رقمية أو الكترونية ، بما يخدم أو يحقق أو يدعم أو يسهل عمليات غير معروفة الغرض أو تحمل شبهة إجرامية أو يشتبه أن تكون إرهابية ” ، فإنها تصنف أعمالا إرهابية يجرمها القانون الدولي.

لذا فالمال يشكل عصب استمرار الأعمال الإرهابية لأنه يساعد في شراء الأسلحة والذخائر والمعدات وجلب المرتزقة ولشراء الذمم في كثير من الأحيان ، ولتجفيف منابع الحياة للإرهاب كان لابد من معرفة مصادر وطرق تمويله وتجريم كل ما يتعلق بتمويل الإرهاب دولياً، لذلك سعى العالم إلى وضع اتفاقية تتوافق عليها دول العالم لمكافحة تمويل الإرهاب، وكان ذلك بالفعل في العام 1999م حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية منع تمويل الإرهاب، وجاء بعدها قرار مجلس الأمن 1373 لعام 2001م ، وقرار مجلس الأمن رقم 2462 لعام 2019م ، هذه القرارات إلى جانب اتفاقية منع تمويل الإرهاب كونت مرجعية قانونية حثت دول العالم على إنشاء آليات قانونية وطنية وآليات مراقبة مالية تعمل على كشف الأموال والأنشطة التجارية التي تدعم أو تمول الجماعات الإرهابية وتعمل مباشرة على كشف أموالها وحركة هذه الأموال وتداولها وإذا ثبت أنها أموال مشبوهة يتم تجميد أصولها مباشرة.

ثم جاء قرار مجلس الأمن رقم 2178 لعام 2014م والذي دعا دول العالم للتدقيق في السفر إلى البلدان التي تواجه عمليات إرهابية خشية سفر الإرهابيين أو المرتزقة إليها ، وحث الدول على تبادل المعلومات وتجهيز قوائم بجرائم الإرهاب وأنواعها والجماعات الإرهابية المسجلة عندها ، وجهة قدوم المرتزقة أو الإرهابيين وأماكن تجنيدهم وأية معلومات عنهم ، وجهات تمويل العمليات الإرهابية أياً كانت (دول ، شركات ، أفراد ، جمعيات .. إلخ).

لم يقف العالم عند هذا الحد بل صدرت عدد من قرارات مجلس الأمن بين حين وآخر تدعو الدول إلى تنفيذ ما اتفق عليه مثل (قرار مجلس الأمن رقم 1617 لعام 2015م ، قرار مجلس الأمن رقم 2253 لعام 2015م ، قرار مجلس الأمن رقم 2368 لعام 2017م ، قرار مجلس الأمن رقم 2395 لعام 2017 م ، قرار مجلس الأمن رقم 2462 لعام 2019م ) .

من المتابعة لملف الإرهاب وجد أن مصادر التمويل غالباً ما تأتي عبر بعض المنظمات غير الربحية او جمعيات تتستر خلفها جريمة غسيل الأموال أو الاتجار غير المشروع في سلع مثل النفط أو الذهب أو الماس أو المخدرات أو السلاح ، مع ملاحظة أن جريمة غسيل الأموال تختلف تماماُ عن جريمة الإرهاب ، كل منهما جريمة مستقلة بذاتها وأركانها، لكنهما يكملان بعضهما البعض إذا ما اجتمعا علي مسرح الأحداث.

بما أن حركة المال المستخدم في تمويل الإرهاب يتم غالباً عبر آليات دولية ، كان من الضروري وضع موجهات ومعايير دولية تحكم حركة الأموال وتداولها فتم إنشاء مجموعة العمل المالي ، لتكون آلية مراقبة دولية.

و مجموعة العمل المالي (FATF) هي هيئة دولية FINANCIAL ACTION TASK FORCE أنشئت في العام 1989م من قبل الوزراء المعنيين في الدول الأعضاء فيها ، وتضم 38 دولة ومنظمتين اقليميتين هما مجلس التعاون الخليجي والمفوضية الأوربية، مقرها في باريس، وهي تهدف إلى وضع سياسات و معايير وموجهات لمكافحة جريمة غسيل الأموال وجريمة تمويل الإرهاب ، وانتشار أسلحة الدمار الشامل ، وأصدرت توصياتها أول مرة في العام 1990م ثم توالى تطوير وتحديث التوصيات كل عامين حسب متطلبات المرحلة والتحديات التي تواجهها وقد أصدرت مؤخرا توصيات العام 2024م.

تقوم مجموعة العمل المالي بمراقبة أعضائها في تنفيذ التدابير اللازمة للمكافحة ، وتعمل على تحديد نقاط الضعف على المستوى الوطني لمعالجتها ولحماية النظام المالي الدولي من إساءة الاستخدام.

من جهة أخرى قامت مجموعة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإنشاء مجموعة للعمل المالي علي غرار مجموعة العمل المالي الدولية ، وذلك عقب اجتماع وزاري عقد في البحرين في 30 نوفمبر 2004م ، حيث قررت حكومات 14دولة عربية إنشاء مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وأن تكون دولة المقر لها البحرين ، وهي ذات طبيعة تعاونية لا ينبثق عنها معاهدة دولية وهي مستقلة عن أية هيئة او مؤسسة دولية أخرى ، وتضم كلاً من الاردن ، الإمارات، البحرين ، تونس، الجزائر، السعودية ، السودان ( انضم في 2006)، سوريا ، العراق ، سلطنة عمان ، قطر، الكويت ، لبنان ، ليبيا، مصر ، المغرب ، موريتانيا ، اليمن.
ويشغل مقعد المراقب فيها 13عضواً ما بين دول ومنظمات. و أهم التزام لهذه المجموعة التزام أعضائها بالمعايير الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب.

بناء على ما ذكر نجد أن السودان والإمارات أعضاء في هذه المنظمة التي تمنع تمويل الإرهاب ، والمفترض أن تلتزم الدولة العضو بكافة توصيات مجموعة العمل المالي سواء الدولية أو مجموعة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولكن الحرب التي اندلعت صباح السبت 15 ابريل 2023 في السودان أظهرت داعمين لاستمرارها والقيام بعمليات إرهابية برعاية ودعم دبلوماسي وسياسي ولوجستي ومالي وإعلامي للمليشيا من دولة الامارات في المقام الأول ودول أخرى.

والراجح أنها هنا مكلفة وفق توزيع الأدوار للخطة الصهيونية الخبيثة، و دورها هو زعزعة الاستقرار في دول المنطقة ، حيث يتم اختيار الدول التي بها تصدع في الأوضاع السياسية وتقوم بزعزعة الاستقرار وتمزيق الدولة ونهب ثرواتها ، وهي بذلك تخرق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و تدعم الإرهاب من جهة أخرى ، مما يستوجب محاسبتها .

وقد تقدم السودان بشكوى رسمية لمجلس الأمن ضد الإمارات، مسنودة بأدلة دامغة، اتهمها بتجنيد مرتزقة للقتال في السودان وإشعال الحرب ونهب وسرقة ثروات السودان والسودانيين.

و تحصلت القوات المسلحة السودانية بعد معارك جبل موية (وسط البلاد) علي أدلة مادية منها صناديق ذخيرة مدفعية ثقيلة مطبوع عليها إسم الإمارات، كان الجيش قد استولى عليها في عتاد المليشيا الهاربة من المعارك ، بالإضافة لشاحنات نقل الأسلحة والذخائر للمليشيا تحمل أرقام وبطاقات ترخيص إماراتية. كما نشرت مقاطع فيديو لعدد من جنود القوات المسلحة وهم يعرضون معدات حربية كتب عليها صنع في الإمارات، وعثر كذلك على أدوية واسعافات ووجبات جاهزة إماراتية وسترات واقية من الرصاص ومضادات دبابات ومضادات طيران ومسيرات حديثة الصنع ، وجدت جميعها في أماكن كانت تحتلها المليشيا قبل هروبها واستولى عليها الجيش السوداني وصورها كأدلة دامغة للدعم الإماراتي للمليشيا الإرهابية.

من المعتاد ألا تقوم حكومة أو دولة ما بدعم الجماعات الإرهابية بشكل مباشر ، لكنها تقوم بدعمها تحت ستار منظمة أو جمعية أو مجموعة شركات ، وتقوم بمدها بالأموال لشراء الأسلحة والعتاد والذخائر واستجلاب المرتزقة وتجنيدهم ودفع الأموال لهم والإمارات تقوم بذلك خلف ستار المساعدات الإنسانية، وأحياناً بشكل مباشر !!!

وتشير التقارير إلى جلب الإمارات لمرتزقة من دول وسط أفريقيا وتشاد ومالي ومؤخراً من كولومبيا التي اعتذرت سفيرتها في القاهرة للسفير السوداني عما حدث من مشاركة مرتزقة من بلادها مع المليشيا ، واعتذار السفيرة الموقرة يعد دليلا آخر على جلب المليشيا للمرتزقة بواسطة دويلة الشر والتي أصبحت المنسق والمخطط للأعمال الإرهابية في السودان ، وهي بذلك تعد شريكاً اصيلاً في كل الانتهاكات والجرائم التي حدثت مما يستوجب محاسبتها.

وفي السياق، أكدت منظمة (مراقبة الإبادة الجماعية) ، أن الإمارات تنتهك حظر الأسلحة المفروض على دارفور منذ العام 2005م ولا زال ساري المفعول ، وينبغي محاسبتها على تورطها في إدخال السلاح والذخائر إلى دارفور ، وارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين هناك.

وتقول المنظمة أنها منذ يونيو 2023م رصدت زيادة كبيرة في عدد طائرات الشحن المتجهة من مطار أبوظبي إلى مطار أم جرس في دولة تشاد ، إذ تقدم الإمارات الدعم للمليشيا عبر مطار أم جرس، الى جانب وجود مخبأ للذخيرة في ذات المطار ومحطة تحكم ارضية للطائرات بجانب المدرج على بعد 750 ياردة فقط من مستشفى إماراتي لعلاج مصابي المليشيا ، ويتم نقل شحنات الأسلحة والذخائر والمعدات من أم جرس إلى داخل الأراضي السودانية مباشرة.

كما أنها تزود المليشيا بالوقود من جنوب ليبيا وتمدها بسيارات الدفع الرباعي التي تستخدم في العمليات العدائية الإرهابية.

في نهاية التقرير شددت المنظمة على ضرورة إيقاف الإمارات لدعمها العسكري لمليشيا الدعم السريع و التوقف عما ترتكبه من جرائم بحق المدنيين عبر تجنيد المرتزقة والزج بهم للحرب في السودان ، وكذلك توقف دول أخرى في المنطقة عن التواطؤ مع الإمارات وفتح أراضيها ومطاراتها لدعم المليشيا الإرهابية المتمردة ، مقابل الأموال الاماراتية.

وحسب تقرير خبراء نشر في صحيفة نيويورك تايمز أكد أن الإمارات تستخدم المساعدات الإنسانية كغطاء لتهريب السلاح والمعدات الحربية ، بينما تقوم الطائرات بدون طيار لتحلق على طول الحدود السودانية موجهة قوافل الأسلحة المهربة وعربات الدفع الرباعي التي تحمل المرتزقة ، للحاق بالمليشيا في الاراضي السودانية لمواصلة ارتكابها لجرائم الحرب والإبادة الجماعية والعمليات الإرهابية ضد المدنيين العزل.

رغم هذه التقارير والإدانات والأدلة الدامغة على جرائم المليشيا ، ورغم التقارير التي وثقتها المنظمات الدولية والاقليمية، والتقارير المنشورة عبر وكالات إعلامية عالمية، والأدلة المادية الواضحة على أرض المعركة والتي قدمها السودان في شكواه لمجلس الأمن ، والصور التي سجلتها الأقمار الاصطناعية للدعم الإماراتي للمليشيا ، ومشاركة عدد من الدول في تأجيج الحرب في السودان ، لا يزال المجتمع الدولي يقف صامتا ، في موقف محير لمن يفكر ومخزي لمن يعتبر !!!

وهو – المجتمع الدولي – مطالب باتخاذ إجراءات قانونية حاسمة تجاه الدول التي تسعى لاستمرار الحرب وتدعم المليشيا في أعمالها الإرهابية ، بوضع المليشيا ضمن المجموعات الإرهابية وحظر نشاطها وتجميد أصولها ومصادرة أموالها المشبوهة ومحاسبتها على عملياتها الإرهابية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والمذابح التي تمت بحق المدنيين العزل.

وكذلك محاسبة الإمارات وتشاد والدول التي تواطأت لإشعال الحرب واستمرار العمليات الإرهابية وانتهاك حقوق الإنسان في السودان ، وسرقة ثرواته ، وفقا لأحكام القانون الدولي ، والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان.

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مجموعة العمل المالی قرار مجلس الأمن رقم القانون الدولی تمویل الإرهاب فی السودان

إقرأ أيضاً:

الرباعية حول السودان… محاولة جديدة بمآلٍ مألوف

تشهد الساحة الدبلوماسية حراكًا متجددًا في ملف الأزمة السودانية، تجسد في اجتماعات الرباعية التي تضم كلًا من الولايات المتحدة، السعودية، مصر، والإمارات. ورغم ما توحي به التشكيلة من ثقل إقليمي ودولي، إلا أن القراءة المتأنية لهذه المبادرة تكشف عن خلل هيكلي في تكوينها، وانفصام واضح بين رؤيتها السياسية والحقائق الميدانية في السودان. وعليه، فإن احتمالات فشلها تظل راجحة، إن لم تكن حتمية، ما دامت تعيد تدوير نفس الأخطاء السابقة.

أولًا: الإمارات… الفيل في الغرفة
من غير المنطقي، سياسيًا وأخلاقيًا، أن تكون دولة متورطة بشكل مباشر في تأجيج الصراع جزءًا من آلية يفترض أن تلعب دور الوسيط أو الراعي للحل. الإمارات، وفقًا لتقارير دولية وشهادات ميدانية، قدمت دعمًا عسكريًا وسياسيًا لقوات الدعم السريع، ما جعلها طرفًا في النزاع وليس مراقبًا محايدًا. تجاهل هذه الحقيقة لن يُنتج إلا المزيد من انعدام الثقة من الجانب السوداني وهذا يضر جدا بعلاقة السودان مع مصر والسعودية تحديدا، خصوصًا من الجيش السوداني، الذي يرى في استمرار دور أبوظبي انتقاصًا من سيادة الدولة ومحاولة لشرعنة المليشيا تحت عباءة “الحل الإقليمي”.

ثانيًا: تجاوز اتفاق جدة… نزع لغطاء الشرعية
اتفاق جدة، الموقع في مايو 2023، هو الوثيقة الوحيدة التي وقّعها الطرفان المتحاربان – الجيش والدعم السريع – برعاية سعودية أمريكية، ما يمنحه شرعية تفاوضية لا يمكن القفز فوقها. ما يُطرح اليوم من الرباعية، سواء من حيث الأسماء المطروحة، أو طبيعة المقترحات المسربة، يعكس محاولة للعودة إلى نماذج التسوية السابقة التي قامت على شراكة شكلية مع فصائل سياسية نفعية، وتجاهلت الديناميكيات الأمنية والمؤسسية التي فجّرت الحرب ابتداءً.

إن أي تجاوز لهذا الاتفاق هو بمثابة العودة إلى مربع الصفر، بل والتمهيد لانفجار جديد أكثر تعقيدًا، خاصة وأن المرحلة الحالية تتطلب مقاربة أمنية تُنهي وجود المليشيات، لا سياسية تعيد تدويرها في واجهات السلطة.

ثالثًا: السعودية ومصر… بين النوايا والمصالح
على الضفة الأخرى، تمثل السعودية ومصر عنصرين يمكن البناء عليهما، لكن مع فوارق في الرؤية والتأثير. السعودية، بحكم رعايتها لاتفاق جدة، تملك سجلًا أكثر توازنًا، ولكنها قد تجد نفسها في موقف حرج إن استمرت في تجاهل تحفظات الخرطوم بشأن دور الإمارات. أما مصر، التي تراقب تطورات المشهد عن كثب، فإن مصالحها الأمنية المباشرة في شرق السودان وأمن البحر الأحمر تفرض عليها مقاربة أكثر براغماتية، لكنها محدودة النفوذ ميدانيًا مقارنة بغيرها من الأطراف.

رابعًا: أمريكا… الرغبة في الحل دون أدواته
الولايات المتحدة، التي تتصدر التحالف الرباعي، تبدو وكأنها تريد تحقيق اختراق دبلوماسي دون استعداد لتحمل كلفته. فهي لم تمارس أي ضغط حقيقي على الإمارات، ولم تقدم حتى الآن تصورًا موضوعيًا لمعالجة جوهر الأزمة: السلاح الخارج عن الدولة، وتفكيك المليشيات. سياسات واشنطن الرمادية، التي تتجنب تسمية المتورطين بأسمائهم، تفقدها تدريجيًا مصداقيتها كقوة راعية للسلام في السودان.
خاتمة: من يملك رؤية الدولة، ومن يسعى لتقاسمها؟
ما يجري اليوم هو صراع بين رؤيتين للسودان:
رؤية وطنية تسعى لاستعادة الدولة السودانية الموحدة ذات القرار السيادي والمؤسسة العسكرية الواحدة.
ورؤية خارجية هجينة تحاول فرض واقع سياسي جديد يتسع للمليشيات ورعاتها الإقليميين، ولو على حساب أمن السودان وسلامة شعبه.

ما لم تحسم الرباعية أمرها، وتُخرج الأطراف المنحازة من معادلة الوساطة، وتلتزم صراحة باتفاق جدة كمرجعية تفاوضية، فإنها ستتحول من أداة للحل إلى وعاء لتأبيد الأزمة، وتغذية مشاريع التقسيم، تحت شعار السلام الشامل.

في النهاية، السودان ليس مائدة فارغة لتقاسم النفوذ، بل دولة ذات تاريخ وثمن باهظ دفعه شعبها دفاعًا عن كرامته. وأي مبادرة لا تعي هذه الحقيقة مصيرها الإخفاق، ولو اجتمع حولها العالم.
وليد محمد المبارك
وليد محمدالمبارك احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كرت تفاوض: حكومة المليشيا: مقاربات وخيارات
  • الرباعية حول السودان… محاولة جديدة بمآلٍ مألوف
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في مواطن لارتكاب عددًا من الجرائم الإرهابية
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: جماعة الإخوان الإرهابية هم كلاب النار وخدام إسرائيل
  • “التحالف الإسلامي” يُطلق في العاصمة القمريّة أعمال الدورة التدريبية المتخصصة في محاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال
  • مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب..هذه أبرز الخطوات التي خطتها الجزائر
  • لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • بدون إصابات.. انفجار مسيرة مفخخة في أربيل
  • بعد تأجيل محاكمتهما إلى 15 سبتمبر..معتز مطر ومحمد ناصر يواجهان هذه العقوبة
  • تأجيل محاكمة الإخواني يحيى موسى و16 آخرين بتهمة تمويل الإرهاب