«أستاذ هندسة»: الذكاء الاصطناعي يستطيع قلب موازين الانتخابات بألمانيا
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور أحمد بانافع، أستاذ الهندسة وأمن الشبكات، إن ألمانيا قلقة بشأن دخول الذكاء الإصطناعي في الانتخابات لأنه سيكون سبب في تعقيد الأمور لو تم استخدامه بطريقة غير صحيحة، مشيرًا إلى أن الهجوم السيبراني الذي يحدث على الانتخابات يكون قبل انطلاقها، حيث يحدث الهجوم تضليلا علي المعلومات، فالذكاء الاصطناعي من الممكن أن يغير الصور والكتابة أو حتى على الصوت لبعض الناخبين الألمان.
وأضاف بانافع، خلال لقاءه بقناة «القاهرة الأخبارية»، أن لو تتدخل الذكاء الاصطناعي في الانتخابات من تغير أقوال الناخبين بتأيد فكرة ما أو تعامل ناخب بطريقة غير لائقه فاهذا سوف يؤثر على الأصوات المنتخبين.
وتابع، أن أجهزة ميكروسوفت تعرضت للكثير من الهجوم السيبراني و 10% من هذه المحاولات نجحت وهذا رقم كبير بالنسبة لمحاولات الاختراق، منوهًا أنه يجب النظر لحلقات المجتمع أولهم هم المستخدمين لأنهم يصدقوا هذه الأشياء ويستخدموها، ثانيًا النظر في البنية التحتية للأجهزة الموجودة في الانتخابات، حيث يجب وجود تعاون بين شركات التكنولوجيا والحكومات وفي حالة وجود أخبار غير صحيحة يتم تكذبها فورًا.
وأوضح الخبير، أن فيسبوك هو الموقع الأعلى استخدامًا في ألمانيا ويليه انستجرام يقوموا قبل العميلة الانتخابية بما يسمى بغرفة الحرب يراقبوا المنشورات ويتم فلترتها ونجحت هذه العملية في 2020، متابعًا أن الذكاء الاصطناعي لو تم استخدامه جيدًا يستطيع القيام ببحث كامل عن المعلومات المضللة ويستطيع إيقافها للتسهيل على الحكومات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الانتخابات بألمانيا الهجوم السيبراني الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: الإفتاء في زمن الذكاء الاصطناعي
لم يكن المؤتمر العاشر للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم مجرد تظاهرة علمية روتينية، بل كان انعطافة حقيقية في مسار الفكر الإفتائي المعاصر، إذ جمع بين أهل الفقه ومهندسي التقنية وصناع القرار، ليبحثوا في سؤال لم يعد مؤجلًا: كيف يمكن لمؤسسات الإفتاء أن تظل وفيّة لمرجعيتها الشرعية، وهي تخوض غمار عصر تتسارع فيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتعيد تشكيل طرق المعرفة ووسائطها؟
في قلب هذه الفعالية برزت “وثيقة القاهرة حول الذكاء الاصطناعي والإفتاء” باعتبارها أهم مخرجات المؤتمر وأبرز تعبير عن الوعي الاستباقي الذي بدأ يتشكل في العقل الإفتائي العالمي. الوثيقة لا تكتفي بتحديد موقف فقهي من التقنية، بل تؤسس لرؤية مقاصدية متكاملة، تتجاوز الانفعال الظرفي إلى رسم خطوط منهجية لضبط العلاقة بين الإنسان والآلة في ميدان الفتوى.
هذه الوثيقة تنطلق من مبدأ راسخ: أن الإفتاء فعل إنساني مركب لا ينفصل عن ملكات العقل الفقهي، ولا يجوز إسناده إلى البرمجيات استقلالًا، لأن الاجتهاد يتطلب إدراك المقاصد، وفهم السياقات، واستحضار المآلات، وهي عناصر لا تتوافر في المعالجة الآلية مهما بلغت من التطور. لكنها، في الوقت ذاته، لا تدعو إلى الانغلاق أو رفض التقنية جملة، بل تفتح الباب أمام توظيفها كأدوات مساندة للمفتي، شريطة أن تكون خاضعة لضوابط معرفية وأخلاقية واضحة.
من أبرز ما شددت عليه الوثيقة ضرورة بناء أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الإفتاء، وذلك عبر لجان رقابة علمية مستقلة، تمنع تسلل الفوضى أو التلاعب بالبيانات، وتحول دون خضوع الفتوى لهيمنة مصادر غير منقحة أو موجهة أيديولوجيًا. كما حذرت من مخاطر الاعتماد على قواعد بيانات مفتوحة مجهولة المصدر، لما يترتب على ذلك من تحريف المعاني الشرعية أو إسقاط الأحكام في غير مواضعها.
على المستوى الأصولي، اعتمدت الوثيقة على جملة من القواعد الكبرى مثل “اعتبار المآل” و”سد الذرائع وفتحها” و”الوسائل لها حكم المقاصد”، لتؤكد أن إدخال التقنية في الإفتاء لا يمكن أن ينفصل عن فقه الضوابط والحدود. وهي بهذا تضع حدًا لتوجهين متقابلين: توجه الانبهار الذي يلهث وراء التقنية دون ضوابط، وتوجه الرفض المطلق الذي يحكم عليها بالفساد قبل النظر في إمكان توظيفها الرشيد.
ولعل البعد الاستراتيجي في هذه الوثيقة يكمن في دعوتها إلى إعادة صياغة مناهج إعداد المفتين، بحيث تتضمن تدريبًا على أدوات التحليل الرقمي وفهم منطق عمل النظم الذكية، لا بهدف تحويل الفقيه إلى مبرمج، بل لتمكينه من توجيه التقنية ومساءلتها بدل الانقياد لنتائجها الجاهزة. كما طرحت فكرة التعاون الدولي بين دور الإفتاء لتوحيد المعايير والمصطلحات في ظل بيئة رقمية عابرة للحدود، وهو ما يفتح الباب أمام “حوكمة عالمية للفتوى” قادرة على مواجهة التحديات المشتركة.
بهذا التصور، يصبح الإفتاء في زمن الذكاء الاصطناعي مجالًا لإعادة هندسة العلاقة بين المرجعية الشرعية والوسائط التقنية، حيث يظل الإنسان هو صاحب القرار الاجتهادي، بينما تعمل الآلة كامتداد لأدواته، لا كبديل عنه. وإذا ما تحولت هذه الوثيقة من نصٍّ إرشادي إلى إطار إلزامي داخل المؤسسات الفقهية، فإنها قد تؤسس لمرحلة جديدة تحفظ للفتوى أصالتها، وتضمن في الوقت ذاته انفتاحها على أدوات العصر.
إن التحدي الأكبر اليوم ليس في إدخال الذكاء الاصطناعي إلى منظومة الإفتاء، بل في ضمان أن يكون دخوله مضبوطًا برؤية مقاصدية، تحفظ الإنسان من الاستلاب، والمجتمع من الفوضى الرقمية، والشريعة من التفريغ من معناها. وهذا ما جعل وثيقة القاهرة لا تُقرأ فقط كأحد مخرجات مؤتمر، بل كبوصلة فكرية توجه الإفتاء نحو مستقبل متوازن، تتكامل فيه الحكمة مع التقنية، والمرجعية مع الابتكار، في خدمة مقاصد الشريعة وحاجات الإنسان المعاصر.