الرّاحلون يتركون خلفهم أبوابًا للذكرى
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
يقول الكاتب المصري الراحل د. أحمد خالد توفيق: "عندما يرحل شخصٌ عزيزٌ، لا نودّع فقط شخصًا، بل نودّع معه جزءًا من أنفسنا، من ذكرياتنا، من طريقتنا في رؤية العالم. يترك الراحلون خلفهم ثقوبًا لا يمكن لرجلٍ أو امرأةٍ أخرى أن تملأها، لأن الفراغ الذي تركوه ليس مجرد مساحة، بل هو شكلٌ محدّدٌ من العاطفة والتجربة لا يتكرّر".
لا نريد أن نفتح على أنفسنا أبوابًا نعلم بأن خلفها نهرًا جارِيًا من المشاعر الجياشة والأحاسيس المرهفة المتعبة بشقاء الفراق وشتات الفكر، ولكن ما يعنيها هو رصد كمية المعاناة الإنسانية التي تشتعل في قلب أي أمٍّ حنون فقدت أحد أبنائها، فكيف يكون حالها لو أنها فقدتهم جميعًا!
لله الأمر من قبل ومن بعد، صبرٌ جميل والله المستعان. ما أصعبه من فقدٍ، وما أقساه من ألم في هذا الوجود! يقول الشاعر السعودي الدكتور فواز اللعبون:
يا راحلين بعذبِ الذكرياتِ قِفوا
ردّوا عليَّ بقايا الروحِ وانصرفوا
لا تتركوني على الأعتابِ منتظرًا
وأنصفوني من الأشواقِ وانتصفوا
أي حزن يشبه فاجعة الألم في قلب أم أو أب فقدوا فلذات أكبادهم! وقد ورد في القرآن الكريم لفظ الحزن في مواضع كثيرة، منها حزن أبو يوسف على ولده بقوله: "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ".
وورد أيضًا في القرآن الكريم قصة أم موسى وحزنها على ابنها الذي ألقته في اليم، وفي قصة أخرى لمريم بنت عمران وخوفها على ابنها.. ومع ذلك فالله تعالى يربط على القلوب الموجوعة، ويلهمها الصبر والسلوان. وفي حياتنا اليومية، كم نرى بأم أعيننا كيف يفعل الحزن بالقلوب، وكيف يؤثر على وجه الحياة بشكل عام، ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى يخفف الحزن بالصبر والإيمان والاحتساب، ولهذا نزلت العديد من الآيات البيّنات التي لا يريد الله تعالى الحزن للنساء، مثل قوله تعالى في سورة القصص: "كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ"، وفي سورة الأحزاب: "أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنْ"، وفي سورة مريم: "فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي"، وفي سورة القصص: "وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي".
وقد أكد علماء الدين والفقه أن حزن المرأة هو حزن عميق، فمشاعرها رقيقة، والحزن يفقدها جمالها، ويزيدها ضعفًا ووهنًا لا يُطاق، وقد يحولها إلى شخصية أخرى غير التي ألفها الناس من حولها. فالحزن عند المصيبة يصبح قطعة من عذاب، تشتعل نيرانه في القلب ولا تموت إلا برحيل الأم من على ظهر الدنيا، ولهذا فإن الكثير من الأمهات تظل على حزنها حتى النهاية.
وقد أثبت علماء الطب بأن الحزن يؤثر سلبِيًّا على الغدد المفرزة للهرمونات الأنثوية. فكم هناك في هذا العالم المترامي الأطراف من امرأة حزينة لم تنجب أطفالًا، وكم حزينة تساقط شعرها بعد أن كان يسافر مع الريح، وكم من حزينة شحب لونها من فراق أحبتها، وكم وقفت امرأة أو رجل على قبر أبنائهم ممزّقي المشاعر، يتفكرون في الذي قد مضى من الوقت وقد ملأ الشوق قلوبهم، ولسان حالهم كما قال الشاعر:
كمْ نشتاقُ تحتَ الأرضِ قومًا
وقد رحلوا إلى ربّ كريمِ
إذا مروا بخاطرنا بكينا
وأغضينا على جرحٍ أليمِ
وكلٌّ عندهُ ميتٌ حبيبٌ
به يشتاقُ للعهدِ القديمِ
ألا يا ربِّ فارحمهم جميعًا
وأنزلهم بجناتِ النعيمِ
إن فقدان الأبناء "مصيبة عظيمة وجرح دامٍ لا يبرأ سريعًا"، بل يظل ينزف طوال الوقت، وربما يتسع مدى هذا الجرح مع الوقت، خاصة عندما تأتي الذكريات بشيء من ريح الماضي وذكريات الأبناء وصراخهم وضحكاتهم في المكان الذي أصبح فارغًا بعد رحيلهم. لذا فإن الصبر والاحتساب أجرٌ، وهو الطريق الصحيح لتجاوز مثل هذه المحنة العظيمة.
فرحم الله أرواحًا اشتقنا إليها، وبقيت في جوارحنا نبضًا لا يتوقف مع الزمن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی سورة
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث عندما تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة؟.. 3 عجائب فورية
لاشك أن معرفة ماذا يحدث عندما تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة ؟ تعد ضرورة، لما فيها دلالة على فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، والتي من شأنها زيادة الحرص ومن ثم الاغتنام فالفوز بنفحات اتباع الهدي النبوي الشريف، حيث يتعلق الاستفهام عن ماذا يحدث عندما تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة ؟ بإحدى السنن النبوية الشريفة الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتي حث على اغتنامها ، بما يشير إلى عظيم فضلها، ومن ثم يطرح السؤال عن ماذا يحدث عندما تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة ؟، لأن معرفة الفضل والثواب تزيد الحرص والاتباع.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه فيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أوصى بالحرص على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
وأوضح “ جمعة ” في إجابته عن سؤال : ( ماذا يحدث عندما تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة ؟)، أن هناك ثلاثة أمور تحدث لمن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة ، وهي أن الله تعالى يحفظه من الجمعة إلى الجمعة، ويقيه الله تعالى فتنة الدجال ، ويضيء وجهه يوم القيامة.
واستشهد بما ورد عن أبي قلابة -رضى الله عنه- قال: " من حفظ عشر آيات من الكهف عصم من فتنة الدجال، ومن قرأ الكهف في يوم الجمعة حفظه من الجمعة إلى الجمعة، وإذا أدرك الدجال لم يضره ، وجاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر".
ودلل بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء»، كما ووردت أحاديث في فضل سورة الكهف.
وأردف: منها حديث عن أن حفظ عشر آياتٍ من سورة الكهف يعصم من فتنة المسيح الدّجال، وكذلك أيضا أنّه من قرأها يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين، وفي حديث آخر من قرأها كانت له نورًا يوم القيامة.
وذكر الفقهاء أنه يجوز قراءة سورة الكهف بعد غروب شمس يوم الخميس ، أي أنه يجوز قراءة سورة الكهف بعد أذان المغرب يوم الخميس، حيث يبدأ وقت قراءة سورة الكهف بعد مغرب الخميس.
وأوصانا -صلى الله عليه وسلّم-، بالحرص على قراءة سورة الكهف يوم جمعة، لقوله، صلى الله عليه وسلّم: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».
وقت قراءة سورة الكهفورد عن وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ، أن قراءتها تكون من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، وعن وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة بالتحديد .
وقال المناوي: فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-، وذكر العلماء أنها تقرأ في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس، ويُستحب للمسلم أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة لما رود في فضلها من أحاديث صحيحة.
وورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها: عن أبي سعيد الخدري، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ في يَوْمَ جُمُعَةٍ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ»، فالوقت الشرعي لقراءة سورة الكهف، بأن قراءتها تبدأ من مغرب يوم الخميس إلى مغرب يوم الجمعة.
قراءة سورة الكهف يوم الجمعةوجاء عن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها، عليه ينقسم الناس ما بين مداوم على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ولا يعرف فضلها، وآخر تارك قراءة سورة الكهف يوم الجمعة رغم علمه بفضلها، والبعض حريص على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وعلى علم بفضلها، وآخرين اهملوا قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ويغفل فضلها.
ورد في سورة الكهف أربعة أنواع من الفتن، التي يمكن للإنسان أن يقع فيها في الدنيا، بأن الفتن المذكورة في سورة الكهف، أولها فتنة الدين، وتعبر عنها قصة أهل الكهف، وثانيها فتنة المال وتتمثل في قصة صاحب الجنتين، وثالثها فتنة العلم وجاءت في قصة النبي موسى –عليه السلام- مع سيدنا الخضر.
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ،الفتنة الرابعة الواردة بسورة الكهف، هي فتنة الملك ، وعبرت عنها قصة ذو القرنين، و هذه الفتن الأربع تكون مجتمعة في شخص الدجال، لذا فمن قرأ سورة الكهف في كل جمعة وقاه الله سبحانه وتعالى فتنة الدجال، أي أن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة تحفظ الإنسان من هذه الفتن الأربع.
وقد أوصانا النبي -صلى الله عليه وسلّم- بالحرص على قراءة سورة الكهف في كل يوم جمعة، لقوله -صلى الله عليه وسلّم- «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».
ووردت أحاديث في فضل سورة الكهف، منها حديث عن أن حفظ عشر آياتٍ من سورة الكهف يعصم من فتنة المسيح الدّجال، وكذلك أيضا أنّه من قرأها يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين، وفي حديث آخر من قرأها كانت له نورًا يوم القيامة.
القصص المذكورة في سورة الكهفقصة أصحاب الكهف.قصة أصحاب الجنتين.قصة سيدنا موسى والعبد الصالح.قصة ذي القرنين.قصة آدم -عليه السلام- وإبليس.