الهند تتحول نحو ممارسات التعدين المستدامة
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
نيو دلهي : البلاد
تعمل الهند على تحقيق توازن بين زيادة إنتاج الفحم وتقليل المنتجات الثانوية الناتجة عن التلوث بشكل استراتيجي حيث يشهد قطاع التعدين في الهند تحولاً نحو الإستدامة والإبتكار التكنولوجي في حين بدأت البلاد في تطبيق نستختها الخاصة من مفهوم ” التعدين الأخضر” من خلال تصنيف المناجم بنظام النجوم استناداً إلى اطار التنيمة المستدامة الذي حددته الأمم المتحدة .
يذكر أن عملية التعدين الأخضر، التي تشمل التعدين مع الحد من تدهور البيئة وهي تتطلب تبني تقنيات التعدين المتقدمة وفقاً لما جاء في بيان أصدرته الحكومة الهندية مؤخراً حيث تفتخر الهند بوجود إثنين من أكبر عشرة مناجم للفحم في العالم والتي تستخدم بعض الآلات المتقدمة للتعدين من أجل التحول إلى التعدين الأخضر. وهي تستفيد من “آلة التعدين السطحية”، وهي تقنية متطورة تستخرج الفحم وتعالجه دون الحاجة إلى التفجير مما يعزز عمليات التعدين الصديقة للبيئة.
كما يتضمن التعدين الأخضر تنفيذ ممارسات وتقنيات صديقة للبيئة مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة وإعادة تدوير مخلفات المناجم، وتقليل استهلاك المياه، واعتماد تقنيات الإستخراج المستدامة لتقليل تأثيره البيئي. ومن الممارسات المهمة التي يتم تبنيها في عملية التعدين الأخضر استصلاح المناطق المستنفدة من التعدين وإجراء تشجير مكثف في المناطق المحيطة من مناطق الفحم باستخدام النباتات المحلية.
وذكر البيان أن الشركات المملوكة للدولة أو ما يسمى وحدات القطاع العام ، بدأت تشارك الآن جهوداً مخلصة ومتواصلة للحد من آثار تعدين الفحم من خلال خطط إغلاق المناجم المصممة والمعتمدة بعناية والتي تتضمن تفاصيل دقيقة لأنشطة إغلاق المناجم حيث تم تنفيذ هذه الخطط بنجاح في المناجم المفتوحة في ولايات كل من ماديا براديش، وجهاركاند، وتيلانجانا الهندية.
وفي إطار المبادرة الوطنية للهيدروجين، تجري ايضاً محادثات حول إعادة استخدام مناجم الفحم المتوقفة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وسيكون ذلك حلاً فعالاً من حيث التكلفة لمعالجة مشكلات توافر الأراضي والمياه العذبة، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية اللازمة لإنتاج الهيدروجين. كما سيوفر هذا النهج فرص عمل للمجتمعات التي كانت تعتمد سابقًا على الفحم.
في اطار التوجه نحو ممارسات التعدين المستدامة، تبنت شركة سيسا ستيرلايت المحدودة حلولًا تعتمد على التكنولوجيا الحيوية بما في ذلك التخلص من مخلفات المناجم وإعادة استخدام مياه المناجم بعد عملية الاستخلاص. كما يتم تبني تقنيات متقدمة مثل مثبطات الضباب الحمضي، وأنظمة التحكم في الغبار، والمصفّفات الكهروستاتيكية، وأجهزة التنظيف، وأنظمة تهوية العمليات، وأنظمة التحكم في التلوث بشكل متزايد من قبل شركات التعدين، خاصة الشركات في القطاع الخاص.
علماً أن اعتماد التعدين الأخضر يغير الطريقة التي يتم بها تنفيذ عمليات التعدين في جميع مراحلها حيث تُصنف هذه الممارسات بشكل رئيسي من ضمن سبعة مجالات رئيسية في سلسلة التوريد التعدينية بما في ذلك التحكم في الغبار المتطاير، وتقليل انبعاثات الغازات المسببة في الإنحباس الحراري العالمي، والتحكم في الضوضاء، وإدارة المياه، وممارسات إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، وإدارة المخلفات، وممارسات تثبيت مكبات النفايات علماً أن التوسع السريع في تبني الواسع النطاق لإدارة سلسلة التوريد الخضراء في الهند خطوة مرحبًا بها على واسع النطاق .
والجدير بالذكر أن الهند أحرزت تقدمًا ملحوظًا في كل من هذه المجالات ضمن تعدين الحديد والفحم والمنغنيز على سبيل المثال، اعتمدت شركة هندوستان زنك المحدودة إجراءات تعبئة خلفية بالمعجون، حيث يتم استخدام المخلفات والإسمنت والماء لتكوين مادة تشبه المعجون يتم ضخها مرة أخرى إلى الفراغات الموجودة تحت سطح الأرض الناتجة عن التعدين، بهدف التحكم في النفايات الناتجة عن عمليات التعدين.
وفقاً لمجلة “رينيوفال واتش” أصبحت شركة نيفيلي ليجنيت المحدودة أول كيان في القطاع العام في الهند يحقق قدرة على توليد الطاقة الشمسية تزيد عن 1 جيجاواط مع هدف الوصول إلى إجمالي قدرة للطاقة المتجددة تبلغ 6,031 ميجاواط بحلول عام 2030م . كما تعمل شركة كول إنديا المحدودة على تطوير مشاريع للطاقة الشمسية مع خطة لإنتاج 3 جيجاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2023-2024 في حين تعتزم الشركة استثمار حوالي 426 مليار روبية هندية في الطاقة الخضراء والبنية التحتية ذات الانبعاثات المنخفضة للتعدين الأحفوري لتحقيق أهداف الهند للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
كما يلاحظ أن الدفع الكبير نحو التعدين المستدام في يحظى بتفويض حكومي قوي حيث تخطط شركات الفحم والليغنيت الهندية لاستثمار أكثر من 150 مليار روبية هندية لإضافة قدرة تبلغ 5560 ميجاواط من الطاقة المتجددة من اجل تحقيق هدف الوصول إلى 500 جيجاواط من الطاقة غير الأحفورية بحلول عام 2030م. وقد أجرت المكتب الهندي للمناجم العام الماضي مسحًا شمل 293 منجمًا لدراسة إمكانية تركيب محطات للطاقة المتجددة في مواقع التعدين في جميع أنحاء البلاد وخلص المسح إلى أن إجمالي القدرة المثبتة لمحطات الطاقة المتجددة في هذه المواقع (من الرياح والطاقة الشمسية) بلغ 583 ميجاواط.
حالياً، يتركز اعتماد ممارسات التعدين المستدام بشكل رئيسي بين الشركات الكبرى في الصناعة ولكن مع مرور الوقت ومع توفر تقنيات أكثر بتكلفة معقولة من المتوقع أن تصل هذه التقنيات إلى اللاعبين الأصغر أيضًاحيث تتجه صناعة التعدين في الهند نحو التحول الأخضر، سواء من خلال اعتماد تقنيات أكثر نظافة وكفاءة أو اللجوء إلى حلول الطاقة المتجددة أو إدارة عمليات إغلاق المناجم بشكل صحيح لتجنب ترك الأراضي مهملة وغير مستغلة.
كما تتوافق هذه الإجراءات مع العديد من أهداف التنمية المستدامة مثل المياه النظيفة والصرف الصحي، العمل المناخي، الوصول إلى الطاقة المستدامة، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين. ورغم أن تحقيق التنمية المستدامة والخضراء يمثل تحديًا كبيرًا في صناعة التعدين، فإن التقدم التكنولوجي، والسياسات الوطنية، واستعداد شركات التعدين، كما هو واضح في الهند، يمثل مزيجًا مثاليًا لتحقيق الفصل الناجح بين النمو الاقتصادي وتدهور البيئة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: التعدين الهند الطاقة المتجددة التعدین الأخضر التعدین فی التحکم فی فی الهند
إقرأ أيضاً:
"ممارسات غير إنسانية".. الأصوات المعارضة للحرب على غزة تعلو في صفوف الجيش الإسرائيلي
مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وارتفاع أعداد القتلى، تتزايد الأصوات المعارضة داخل الجيش الإسرائيلي لا سيما بين جنود وضباط الاحتياط. وقد خرج بعضهم عن صمته علنًا، في انتقاد غير مسبوق للحكومة وقراراتها التي يصفونها بأنها غير أخلاقية وتحمل دوافع سياسية. اعلان
ومن بين هؤلاء يوڤال بن آري، جندي احتياط خدم في جولتين داخل القطاع، الأولى في الشمال والثانية في الجنوب، وقد أعلن عبر مقابلة مع شبكة NBC أنه يرفض المشاركة في ما وصفه بـ"جرائم حرب"، مشددًا على أن "الموقف الوطني الحقيقي هو أن تقول لا".
كما عبّر عن شعوره بالخجل والذنب حيال معاناة المدنيين في غزة، قائلاً: "أناشد الحكومة الإسرائيلية وقف تجويع مليوني إنسان".
بن آري، الذي أعيد تجنيده في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 رغم إصابته السابقة في ساقه، أشار إلى أن صدمته من حجم الدمار الذي شاهده خلال المهمة الأولى دفعته لاحقًا إلى طلب إعفائه من المهمة بعد أسبوع واحد فقط على انتشار جديد جنوب القطاع في آذار/مارس. وقد كتب عبر وسائل التواصل: "لن أرتدي هذا الزي العسكري ما دامت هذه الحكومة في السلطة".
ورغم تلقيه دعمًا من بعض أفراد عائلته وأصدقاء مقرّبين، فقد واجه بن آري أيضًا اتهامات بـ"الخيانة" و"التخلي عن الرهائن"، وهي اتهامات قال إنه كان يتوقعها. ودوّن تجربته لاحقًا في مقال بصحيفة "هآرتس" دون الإفصاح عن هويته.
تصاعد المعارضة داخل المؤسسة العسكريةلم يكن موقف بن آري معزولًا عن موجة اعتراض آخذة في الاتساع، فمع انطلاق عملية "عربات جدعون" مطلع الشهر الجاري، تصاعد زخم الرافضين داخل الجيش الإسرائيلي.
ووفق منظمة "ريستارت إسرائيل"، التي ترصد الاعتراض على سياسات الحكومة، فقد وقّع أكثر من 12 ألف جندي حالي وسابق على رسائل احتجاج منذ انهيار الهدنة في آذار/مارس، دعوا فيها إلى وقف الحرب، وأعلنوا رفضهم أداء أي مهام قتالية مستقبلية في حال استمرارها.
وفي هذا السياق، برز موقف الطيار المتقاعد غاي بوران (69 عامًا) في مقابلة مع شبكة NBC، والذي عبّر عن رفضه العلني لما يجري، مؤكدًا من تل أبيب أن الاعتراض لا يأتي من منطلق التعب بل لأن "هذه الحرب غير شرعية".
وكان بوران من أوائل من بادروا إلى صياغة رسالة احتجاج وقّع عليها نحو 1200 من الطيارين الحاليين والسابقين. واعتبر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "غارق في مشاكل قانونية خطيرة"، في إشارة إلى محاكمته في قضايا فساد.
ورأى بوران أن الحرب تُدار خدمةً لمصالح الشركاء اليمينيين في الائتلاف الحاكم، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين هددا بإسقاط الحكومة في حال التوصل إلى هدنة مع حماس، كما دعا كلاهما إلى "إبادة كاملة" للحركة، واحتلال غزة مجددًا وإعادة توطينها. وعلّق بوران قائلًا: "إسرائيل أصبحت رهينة لهذا الابتزاز السياسي".
حرب "غير إنسانية"اعتراضات أخرى برزت من داخل صفوف ضباط الاحتياط. أحدهم، برتبة رائد، أعرب عن قلقه من تصريحات بعض الوزراء بشأن استخدام التجويع كأداة ضغط، قائلاً: "هذه لم تعد حكومة أخلاقية... على الجيش أن يضع حدًا لهذا الجنون".
وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي يمنع فصل الموظفين دون مبرر قانوني، أفادت تقارير بأن الجيش قام فعلًا بفصل أو تهديد عدد من الجنود الموقّعين على رسائل الرفض.
في المقابل، اكتفى الجيش الإسرائيلي بإصدار بيان مقتضب قال فيه إن "الجنود الاحتياطيين الذين يتركون عائلاتهم ووظائفهم للدفاع عن البلاد هم ركيزة أساسية في قوة الجيش"، من دون أن يتطرق إلى الانتقادات أو الخلفيات السياسية المرتبطة باستمرار الحرب.
Relatedمظاهرات في تل أبيب تطالب بعودة الرهائن وبإنهاء الحرب في غزةإسرائيل تتهم ماكرون بشن "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية" بعد انتقاده الحرب على غزةغزة: جوع وطوابير ولا حل في الأفق.. الآلاف يتجمعون أمام مركز جديد للمساعدات في رفحوفي ختام تصريحاته، قال بوران إن الصراع الجاري لم يعد سوى "حرب انتقام"، محذرًا من غياب الحلول الواقعية: "حتى الجيش يقول إن هذا ليس حلًا طويل الأمد. إذا احتلّ غزة، فعليه أن يطعم سكانها، ويعالجهم، ويوفر لهم التعليم والبنية التحتية. من سيتولى ذلك؟".
أما بن آري، فاختصر موقفه بالقول: "لا يمكن تهجير مليوني إنسان من ديارهم بهذه البساطة... هذا فعل غير إنساني".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة