مصر تدعو لتبني عملية سياسية شاملة في سوريا
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
قالت الخارجية المصرية، إن مصر تؤكد ضرورة تهيئة الظروف الملائمة لبدء مرحلة إعادة الإعمار والعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين والنازحين السوريين إلى ديارهم.
ونوهت إلى أن مصر تؤكد ضرورة قطع الطريق على أي محاولة لاستغلال الأوضاع الحالية للمساس بسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.
وأكدت أن مصر تؤكد حرصها على التواصل مع الأشقاء في سوريا وبذل كل الجهد لإنجاح العملية السياسية الشاملة التي تحقق طموحات الشعب السوري.
وتابعت: “يجب أن تنسجم العملية السياسية في سوريا مع قرار مجلس الأمن 2254 بما يفسح المجال أمام مشاركة السوريين في رسم المستقبل وإعادة بناء مؤسسات الدولة”.
وأكملت: “يجب أن تدعم العملية السياسية وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وشرائحه وتتبنى مقاربة شاملة وجامعة للقوى الوطنية السورية”.
ولفت إلى أن هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سوريا تتطلب تكاتف جهود أبنائها لتدشين عملية سياسية شاملة ذات ملكية وطنية سورية خالصة دون إملاءات، مشددة على أن مصر تدعو لتبني عملية سياسية شاملة في سوريا.
وأعلنت الحكومة المصرية في عدة مناسبات خلال السنوات الماضية عن دعمها لحرية الشعب السوري ورفع الظلم عنه، مقدمةً كافة أشكال الدعم لبناء دولة مدنية حديثة خالية من الحزبية والطائفية والمحاصصة. وقد حرصت مصر على التواصل مع جميع المكونات الرئيسية في سوريا لتعزيز الحوار المشترك وتطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار رقم 2254 الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات وكتابة دستور جديد تحت رعاية الأمم المتحدة.
ومنذ بداية الأزمة السورية، استضافت القاهرة اجتماعات للمعارضة السورية المعتدلة من خلال مؤتمري "القاهرة 1 و2"، حيث تم التأكيد على أهمية الحل السلمي للأزمة السورية والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية. كما تم التشديد على ضرورة الحوار بين المعارضة والسلطات في دمشق للوصول إلى نقاط مشتركة تساهم في إنهاء الصراع العسكري ووقف إراقة دماء مئات الآلاف من السوريين.
وتُعتبر مصر الدولة الوحيدة التي استقبلت أبناء الشعب السوري وفتحت لهم أبوابها، مما أتاح لهم فرصة الاندماج في المجتمع المصري، على عكس العديد من الدول الإقليمية والدولية التي وضعتهم في مخيمات لجوء. وقد استفاد السوريون من التسهيلات التي قدمتها لهم مصر، حيث تمكنوا من إطلاق مشروعاتهم الخاصة التي حققت نجاحًا بفضل دعم الشعب السوري للأشقاء الذين عانوا كثيرًا نتيجة التدخلات الخارجية في شؤون بلادهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النازحين الظروف الملائمة مصر سوريا الأوضاع الحالية الشعب السوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الانعطافة السورية الروسية.. الدوافع والفرص والعقبات
أسهم التدخل الروسي في سوريا عام 2015 في الحيلولة دون سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بسرعة وإطالة عمره في السطلة، كما مكّن موسكو من إبراز قدرتها في المشهد العسكري والتدخل المباشر لأول مرة خارج الحدود التقليدية للاتحاد السوفياتي منذ عام 1991.
ومن خلال التدخل العسكري والقتال في صفوف نظام الأسد المخلوع، أثبتت روسيا حضورها في الشرق الأوسط عبر بوابة سوريا ومن قاعدتي حميميم وطرطوس، بالإضافة إلى مطار القامشلي وعدة نقاط في شمال البلاد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل اقتربنا من سيناريوهات انفجار الذكاء الاصطناعي؟list 2 of 2لماذا تدعم دول جزر المحيط الهادي إسرائيل؟end of listلكن بعد اندلاع حرب أوكرانيا عام 2022، وما تبعها من استنزاف، تقلّص دور موسكو في إدارة الملف السوري، الأمر الذي نتجت عنه تحولات جيوسياسية أهمها تراجع نفوذ طهران في دمشق وهي حليف رسمي لروسيا في المنطقة.
ومع بدايات معركة ردع العدوان التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تبين أن الدعم الروسي للأسد تراجع إلى أبعد الحدود، وسرعان ما تحول موقف الكرملين في اتجاه الانسحاب من الخطوط الأمامية رغم الإبقاء على القواعد العسكرية.
وبعد تولّي الحكومة السورية الجديدة قيادة البلاد، بدا أن دمشق وموسكو أبقيا أبواب التفاهم مفتوحة رغم ضبابية المشهد، إذ تم الاتصال -عبر الهاتف- بين الرئيسين فلاديمير بوتين وأحمد الشرع في 12 فبراير/شباط 2025.
كما أن زيارة وزير الخارجة السوري أسعد الشيباني إلى موسكو في نهاية يوليو/تموز 2025، أعطت مؤشرا على الاهتمام بروسيا بوصفها شريكا عسكريا، وقوة ذات ثقل في ميزان القوى التي تتصدر المشهد الإقليمي.
ويبدو أن المتغيرات في الساحتين السورية والروسية قد تدفع البلدين إلى إعادة تفعيل قنوات الشراكة، ولكن وفقا لأسس ومعطيات جديدة.
وحول هذا الموضوع، نشر مركز عمران للدراسات الإستراتيجية ورقة تحليلية حول دوافع الطرفين في استعادة العلاقات في الظروف الراهنة، ورسم الملامح المتوقعة لتلك العلاقة ومحدّداتها.
إعلانالورقة التي جاءت تحت عنوان "بين الإرث السياسي الثقيل الانعطافة الروسية السورية: الدوافع والفرص والعقبات" أعدها الباحثان ساشا العلو وصبا عبد اللطيف.
دوافع الحكومة السورية الجديدة نحو موسكونتيجة لبحثها عن الاستقرار الداخلي، والانفتاح في العلاقات الخارجية، تعتبر الحكومة السورية الجديدة أن موسكو تبقى خيارا ووجهة قديمة وجديدة، رغم العداء في مرحلة ما قبل سقوط الأسد.
ويعزز هذا الخيار أن روسيا لها القدرة على لعب أدوار في المرحلة الحالية والمقبلة نظرا لخبرتها الطويلة وعلاقاتها المتشابكة مع مختلف أطراف الصراع.
ويرجع الحضور الروسي في الساحة السورية إلى مرحلة وصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة عام 1963، حيث لبعت موسكو أدوارا مختلفة في سياق تشكل الدولة السورية وقتها، إذ أبرمت علاقات أمنية وعسكرية متينة استمرت إلى ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991.
وبعد أن أصبح بشار الأسد رئيسا لسوريا، يمّم وجهه نحو الغرب وخاصة باريس ولندن، لكنه بعد اندلاع الثورة 2011، رجع إلى موسكو بوصفها حليفا قديما، وشكّلت له حماية من الاحتجاجات الداخلية وارتداداتها الدولية.
هذه الخبرات المتراكمة التي تملكها روسيا في الساحة السورية، جعلت السلطة الجديدة لا تمانع من الشراكة معها، ولكنها تريد أن يكون ذلك وفقا لمحدّدات أهمها إعادة التفاوض على كافة الاتفاقيات وعقود التأجير طويلة الأمد.
وبقدر ما تسعى الحكومة الجديدة في دمشق، إلى توظيف خبرات روسيا في تدعيم الأمن والاستقرار الداخلي، فإنها تهدف بالدرجة الأولى إلى أن لا تستغل موسكو الشبكات الخطيرة والموجودة داخل أرضها في الإضرار بأمنها.
يبدو أن السلطة السورية تسعى بالدرجة الأولى إلى تحييد قدرة موسكو عن استخدام تلك الشبكات كأدوات في زعزعة الأمن أو تعطيل أي توافقات محلية. ثم السعي بالدرجة الثانية إلى محاولة توظيفها في تدعيم الأمن والاستقرار.
على الجانب الآخر، لا يبدو أن موسكو الساعية للحفاظ على الحد الأدنى من نفوذها تمانع هذه الأدوار والتنسيق فيها، والذي بدأت تظهر مفاعيله في بعض المناطق والملفات.
ففي الساحل السوري، حيث تتواجد القوات الروسية في قاعدتي "حميميم وطرطوس"، يلحظ تنسيق أمني أكبر بين القوات الروسية والحكومية لتأمين استقرار المنطقة التي شهدت في مارس/آذار 2025 أحداثا دامية، كان خلالها الدور الروسي ملتبسا في تغطية بعض عناصر النظام السابق ضمن المنطقة، أو على الأقل عدم مشاركة معلومات أمنية مع السلطات الجديدة.
أما بالنسبة للشمال الشرقي -حيث تتواجد القوات الروسية في مطار القامشلي- فتظهر مؤشرات متزايدة حول محاولات موسكو استثمار تموضعها العسكري وعلاقتها بما تسمى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) باتجاهات تصب في مصلحة الحكومة السورية ضمن المنطقة. وكانت موسكو قد عرضت سابقا التوسط بين الحكومة السورية وقسد التي قد تجد في روسيا أيضا هامشا إضافيا للمناورة وسط احتماليات تراجع الدعم الأميركي وتصاعد ضغط الحكومة المركزية في دمشق وتركيا على جانب الحدود.
أما في الجنوب السوري، فيبدو أن الحكومة تنظر أيضا إلى إمكانية تفعيل أدوار روسية محتملة في سياق "خفض التوتر" وتدعيم مواقفها من إسرائيل، خاصة مع تأكيد الرئيس بوتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على دعم روسيا لوحدة وسلامة الأراضي السورية.
إعلانمقابل تلك التوقعات، تضع السلطة السورية أمام موسكو مُحددات واضحة لتنظيم العلاقات وتفعيلها:
إعادة تعريف الشراكة والتواجد على الأراضي السورية وفق أسس السيادة واستقلال القرار. احترام القرار السوري المستقل والتحرّر من عقلية التبعية الجيوسياسية، وأن تتعامل موسكو مع دمشق المعتمد شريكا سياديا مستقلا، لا تابعا ضمن محور طهران موسكو، أو منصة ضغط ضد الغرب. لا يبدو ملف بشار الأسد وحاشيته، رغم حساسيته البالغة، من بين المحددات الرئيسية التي قد تعيق استعادة مسار العلاقات السورية الروسية.الانعطافة الروسية نحو دمشق وعراقيلها
من جانبها، تدرك موسكو حجم التغيير الذي حدث في سوريا بعد الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، والخسارة الإستراتيجية التي لحقت بها بعد الإطاحة بحليفها بشار الأسد، الأمر الذي تعزز بالانفتاح الغربي على السلطة الجديدة، وخروج إيران من المعادلة.
وموازاة مع ذلك، تسعى موسكو إلى عدم الخروج من المعادلة وفقدان مواطن نفوذها التقليدية عبر إدارة الخسائر حتى يبقى لها حضور إستراتيجي في الشرق الأوسط.
وتعدّ انعطافة موسكو نحو سوريا الجديدة مدفوعة بأسباب اقتصادية متعلقة بتحصيل ديونها المتراكمة والتي حصلت عليها مقابل عقود امتيازات واستثمارات خاصة.
ورغم مؤشرات التقارب بين دمشق والكرملين، فإن مسار استعادة العلاقات بشكل فعال ويخدم الطرفين، تعترضه العديد من المعوّقات والعراقيل.
ومن أهم تلك العقبات هو إرث الحرب، وأزمة الثقة مع الرأي العام والنخبة الجديدة، إذ إن الجميع يتذكّر الدور الروسي في سوريا خلال السنوات الماضية التي شهدت الكثير من قتل المواطنين وتعذيبهم وتهجيرهم.
وجدير بالسلطات الجديدة أن تربط هذا الملف ببرنامج إعادة العلاقات، وتطالب بتعويض المتضررين من القصف الروسي خلال فترة الأسد.
وفي هذا السياق، تحتاج موسكو أن تتبنّى مقاربة مختلفة، وتعترف بالأخطاء والانتهاكات التي ارتكبتها في حق المدنيين السوريين، والثوار الباحثين عن مستقبل أفضل لبلدهم.
وانطلاقا من هذه المحدّدات، يمكن القول إن مكانة روسيا في الشرق الأوسط وسوريا تراجعت بعد سقوط الأسد، وإن إعادة التموضع متاحة من خلال الإشارات التي أعطتها السلطة الجديدة في دمشق، لكن ذلك لن يتم إلا بأدوات وسياسات مختلفة.
الفرص والتحدياتومن خلال المواقف السياسية الجديدة للبلدين، تبين أن كلا منهما يقف على عتبة إعادة ضبط العلاقة بحذر وترقّب.
ففي سياق التحديات الداخلية لسوريا، تعتبر الحكومة الجديدة أنها تعاني من أزمات أمنية وخاصة بعد مشكلة السويداء، وما صاحبها من الضربات الإسرائيلية، الأمر الذي قد يدفعها إلى البحث عن القوة الروسية بوصفها شريكا قد يضمن التوازن.
وفي المقابل تملك روسيا رصيدا من الخبرة وقنوات الاتصال الواسعة مع الأطراف المعارضة في المشهد السوري، كما أن لها معرفة بالتعامل مع التهديد الإسرائيلي الذي خبرته ميدانيا منذ عام 2015.
ورغم كل ذلك فإن المؤشّرات توحي إلى أن إعادة التفاوض والجدية في العلاقات، قد تنكشف من خلال مراجعة عقود القواعد العسكرية (حميميم وطرطوس) وإعادة توسيع العلاقات في المجالات التنموية والاقتصادية بدلا من الاكتفاء بصفقات التسليح.
وتشير المعطيات إلى أن نجاح هذا المسار مرهون بإرادة الطرفين وقدرتهما على إدارة معادلة دقيقة تتمثل في "صيانة السيادة السورية وضمان الحضور الروسي على أسس جديدة".
وإن تحقّقت تلك المعادلة فيمكن لدمشق وموسكو أن تنتقلا من الحساسيات وثقل إرث الماضي إلى واقعية التحوّل وإكراهاته، حيث تقاس الشراكة بقدرتها على تثبيت الاستقرار.
وفي هذا السياق، تراهن موسكو على البقاء حتى ولو كان النفوذ محدودا، في انتظار متغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية وما تحمله من فرص.
من جانبها، لا تخفي السلطات السورية الجديدة أنها بحاجة إلى التجربة الروسية وخبرتها الطويلة في الميدان التي ترجع إلى عقود من الزمن، لكنّها نتيجة للظروف الحالية تستطيع تطويع تلك العلاقة ومراجعتها بأكبر كم من المكاسب.
إعلانومع الأخذ بعين الاعتبار، أن الحكومة السورية تطمح إلى أن تكون أبوابها مفتوحة أمام الجميع، إلا أنها ليس بوسعها أن تكون حليفا إستراتيجيا للجميع، مما يعني أن تحديد البوصلة لا بد أن يتم ولو بعد حين.
وانطلاقا من ذلك فإن السياسة الخارجية للنظام الحالي ستنعكس بشكل كبير على الاستقرار الداخلي، ووحدة البلاد وأمنها.
ولتجنّب الانعكاسات الخارجية، يتحتّم على النظام الجديد في دمشق أن يتجه نحو حوكمة رشيدة، وإبرام عقد اجتماعي يصلح علاقة الدولة بالمجتمع، ويؤسس لشرعية داخلية تكون قادرة على حمايته وصموده أمام التحديات والتجاذبات الخارجية.
كما أنه يجدر بالنظام الحالي أن ينطلق من مبدأ الابتعاد عن التخندق والتحالف ضمن الأحلاف الخارجية، حتى يحقّق قطيعة مع إرث النظام السابق وتجاربه.