سام برس
أحتفل منتدى الحداثة والتنوير الثقافي في بيت الثقافة بالعاصمة صنعاء صباح الخميس ، بالتجربة الابداعية للاديب الكبير عبدالله سلام ناجي رحمة الله عليه.

والقى الدكتور احمد قايد الصايدي كلمة بالمناسبة قال فيها :

عبدُ الله سلام ناجي .. فارسٌ من زمن الحُلم العربي .. الحاضرون جميعاً في هذه المناسبة الدالة على الوفاء الزاخرة بالذكريات المليئة بالعبر ، أحسست وانا أراجع ذكرياتي مع المناضل الوطني الأديب الشاعر، الصديق عبد الله سلام ناجي، وأقرأُ مرةً أخرى ما كنت قد كتبته عند رحيلِه، قبل أكثرَ من عِقدين من الزمن، أحسست بأن ما كتبتُه في لحظة الوداع الحزينة، يمكن أن يعبر عن اللحظةِ الراهنة، في هذه القاعة التي تطالعني فيها وجوه بعض من تبقى من أبناء جيله، ووجوه شبابٍ من جيلٍ جديد، نعول عليهم في وصلِ ما انقطع، وفي إحياءِ الأملِ في نفوسِنا المتعبة، وفي حملِ رسالةِ جيلِ سبقَهم، ولم يبلغ نهايةَ الشوط، رغم كلِ التضحياتِ التي قدمها، والأحلامِ التي نسج خيوطَها، والمسالكِ التي عبدها ليمضي عليها أبناؤنا وأجيالُنا القادمة.



واسمحوا لي أيها الأعزاء أن أقتبس مما كتبته في لحظة الوداع الحزينة تلك.
ولن أُثقلَ عليكم :

عبدالله سلام ناجي (أديبٌ وشاعر). هذا هو التعريف الذي تردد على الألسنة، وسمعته يتكرر على ألسنةِ أناسٍ، لا يعرفون عبد الله سلام سوى معرفةِ سماعٍ ناقصة.

وأكثرهم لا يعرف من نضاله الوطني وإبداعه الشعري وإنتاجه الأدبي والفكري سوى ملحمةِ (نشوان والراعية). وبدلاً من أن تعرَّفَ الملحمةُ بشاعرِها، أصبح شاعرُها يعرَّفُ بها. مع أنه أكبرُ حجماً وأوسعُ امتداداً، في الزمان والمكانِ من تلك الملحمةِ الذائعةِ الصيت. ولا أخفي أنني شعرت بالحزنِ الممض، أثناءَ توديعِ الفقيدِ إلى مثواهُ الأخير. ليس فقط لفقد رجلٍ من الرجالِ الصادقين، ورفيقٍ من زمن الحُلم العربي، بل لأن النفرَ القليلَ، الذين جاؤوا لتوديعه في ذلك اليومِ الحزين، كانوا ينتمون إلى ذلك الحُلم، وبدوا لمن يراهم، شعثاً غبراً، وكأنهم بُعثوا من كهوف الذكريات، ومن زمنٍ غيرِ هذا الزمن. معظمُهم رفاقُ قضيةٍ، بدت وكأنها قد ماتت. ولهذا انزووا في زوايا الذكريات. ماعدا قلةٍ منهم، مايزالون مصرين على تحريك المياهِ الراكدة، علها تعاودُ التدفق، ويهدهدون أحلاماً غفت، علها تستيقظ.

لقد وضع عبد الله رأسَه المتعب على وِسادة الغيابِ الأبدي، وودع الحياةَ، قبل أن تستيقظَ الأحلامُ وتعاودَ السيرَ من جديد.

وحزنتُ، لأن الصادقين يتامى في زمننا هذا. فلو كان ابن سلام، تلك الشعلةُ التي كان لها بريقٌ وصوتٌ هادرٌ في زمن الحُلم العربي، لوكان ذا ثروةٍ أو سلطان، لامتلأت جنباتُ المقبرة بعشاقِ الحياة، ولتبارتِ الأقلامُ، وتنافست وسائلُ الإعلامِ، بمختلف مشاربها، في الحديث عن دورهِ وتاريخِه ومناقبِه. ولَأشهر الكثيرون حبَهم ووِدَهم وحزنَهم، حتى من لم يعرفوه.

أما ابن سلام، ذلك البلبلُ العاشقُ لليمن، والمناضلُ الصلب، الذي لم يعد يذكرُ نضالَه سوى قلةٍ من رفاقِ الأمس، وربما قلةٍ قليلةٍ من شباب اليوم، أما ذلك المغوارُ اليمنيُ، فقد ولى زمانُه وزمانُ أمثالِه. ولما لم يكن في يده ما يغري عشاقَ الدنيا، فقد ماتَ بهدوءٍ ودُفنَ بصمتٍ، صاحبُ الصوتِ المجلجلِ الهادر، الذي كان يوماً ملءَ السمعِ والبصر.
كان هذا مما كتبته في ذلك اليوم الحزين، الذي لحقت به أيامٌ حزينةٌ أخرى كثيرة. ودعنا فيها أحبابَنا، من أبناءِ الحُلم العربي، الواحد تلو الآخر، والغُصةُ تخنقنا، وحُلمنا يبدو أكثرَ بعداً، مما كان عليه ذات يوم، ووطننا العربيُ الكبير، أكثرَ تمزقاً، محاط بالمؤامرات. يقتتل أبناؤه فيما بينهم، يخوضون حروباً ليست حروبهم، ويخدمون مصالح ليست مصالحهم، ويأتمرون بأوامرَ دولٍ، لا تضمر الخير لهم، بل تسعى إلى تجزئة وطنهم وتفتيت مجتمعهم ونهب ثرواتهم، وتحويلِهم إلى طوائفَ وعشائرَ ومناطقَ متناحرة، تسخِّر قدراتِها وشجاعتَها وبسالتَها لتحقيقِ مآربِ أعدائها.

ولكن رغم ما تبدو عليه الصورةُ من سوادٍ، تنقبض له النفس، ورغم ما نعيشه من كوارثَ ومحن، ورغم ما تغمرنا به المناسباتُ الحزينةُ من ألمٍ، ومن إحساسٍ بالإحباط، فإن الاحتفاء بالتجربة الإبداعية لمناضلٍ وطنيٍ مبدع، بحجم الصديق عبد الله سلام، رحمه الله، بعد مضي أكثرَ من عِقدين من الزمن على رحيله (رحل في الثاني من يونيو، عام 1999م)، بما يحمله هذا الاحتفاء من دِلالاتٍ ومعانيَ وطنية، يشعرني بأن النهرَ سيتدفق، وإن انحبست مياهُهُ لبعضِ الوقت، وأن حُلمَ جيلِنا، الذي بدا لبعضِ الوقتِ وكأنه قد أفل، سيعود من جديدٍ، أكثر تألقاً وبهاءً، وأكثرَ نضجاً وعقلانيةً. ولن يكون مظهرُ أفولِه الحاليٍّ سوى سحابةِ صيفٍ ولحظةِ تراجعٍ مؤقتة. فالاحتفاء بتجربة رمز من أبرز رموزنا الوطنيةِ والأدبية، حمل حُلمَنا وكرس حياتَه له، هو في حقيقته إحياءٌ لهذا الحُلم، وتعبيرٌ عن إصرارِ شبابِنا، على مواصلةِ ما بدأته الأجيالُ السابقةُ من نضالٍ، في سبيلِ تقدُّمِ اليمن ونهضتِه، وبناءِ دولتِه القوية، دولةِ التنمية والخدمات، دولة الشراكةِ الوطنيةِ، والمواطنةِ المتساويةِ، والتبادلِ السلمي للسلطةِ، عبر صناديق الانتخابات.

شكراً لجهود الشباب، الذين جمعونا هنا، لنحتفي بالتجربة الإبداعية لفارس من زمن الحُلم العربي، الشباب الذين حرِصوا ويحرصون، بثباتٍ يثير الإعجاب، على التمسك بهذا الحُلم، وتحويله إلى واقعٍ معاشٍ يستحقه اليمن، ويستحقُه اليمنيون الطيبون.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: عبد الله من زمن

إقرأ أيضاً:

من هي المرأة التي تعرف أسرار ترامب أكثر من نفسه؟

صراحة نيوز- من قلب “بلاد الفولاذ”، خرجت الصحفية الأمريكية سالينا زيتو لتصبح واحدة من أكثر الأصوات الإعلامية قربًا من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حتى أن الأخير قال عنها: *”تفهمني أكثر مما أفهم نفسي”*.

زيتو، البالغة من العمر 56 عامًا، بدأت مسيرتها الصحفية متأخرة بعد طلاقها، وعملت لاحقًا في صحيفة “بيتسبرغ تريبيون ريفيو” و”واشنطن إكزامينر”، لتصبح لاحقًا من الصحفيات القلائل اللواتي رافقن ترامب في طائرته الرئاسية، وحتى في لحظات الخطر، مثل محاولة اغتياله في ولاية بنسلفانيا، حين كانت على بُعد خطوات فقط من موقع إطلاق النار.

تميزت بتغطيتها المتواصلة لترامب وقاعدة أنصاره من الطبقة العاملة في الغرب الأوسط الأمريكي، وتعرضت لهجوم من خصومها الإعلاميين بسبب ما وُصف بـ”تقاربها الشديد” مع ترامب، وهو ما ردت عليه بثقة قائلة: *”أنا مرتاحة بموضوعيتي”*.

رغم الانتقادات، وحتى خلافها العلني مع ترامب نفسه في إحدى المرات، لم تنكر زيتو ارتباطها الوثيق بقضايا الناس العاديين، مؤكدة أن “النجاة من محاولة اغتيال ترامب غيّرت كثيرًا في طريقة تعامله مع السياسة”.

مقالات مشابهة

  • من هي المرأة التي تعرف أسرار ترامب أكثر من نفسه؟
  • يناديها سالينتي .. من هي المرأة التي تفهم ترمب أكثر من نفسه؟
  • الكرملين يرفض مقترحات السلام التي تتضمن قوات حفظ سلام في أوكرانيا
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • المخرج أحمد الجندي يكشف كواليس اختيار رحمة أحمد في الكبير..وخلاف سلام وبيومي فؤاد
  • عبدالله: الغرب ينتظر انجازات أكثر من لبنان
  • المخرج أحمد الجندي يكشف تأثير الخلاف بين بيومي فؤاد ومحمد سلام على تصوير "الكبير أوي"
  • المخرج أحمد الجندي: فصلنا بين بيومي فؤاد ومحمد سلام في كواليس تصوير الكبير أوي
  • العتيبي يحتفل بزفاف نجله عبدالله
  • الفرقة 70 في الجيش العربي السوري تنهي عمليات التمشيط التي بدأت قبل أيام في مواقع تلال الصفا بريف دمشق الشرقي