د. صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الإسلامية فى جامعة الخرطوم

ملخص المقال :
إن محاولات القوى "المحلية والإقليمية والدولية"، التى تقف خلف مشروع الشرق الأوسط الجديد " إلإمبريالى - الصهيونى "، الرامية لإلغاء إرادة الأمة، قد نجحت تعطيلها على المستوى الرسمى، ولكنها فتحت الباب أمام تفعيلها على المستوى الشعبى ، ومن مظاهره نشوء المقاومة العربية " السلميه والمسلحه " ، لمظاهر ومراحل وأدوات هذا المشروع، منذ بداية تطبيقه .

ومحاولاتها الجارية للقضاء على المقاومة الشعبية ، قد تنجح فى تعطيل المقاومة الشعبية ، المدعومة من نظم محلية واقليمية ودولية ، لأهداف مختلفة - كما هو ماثل فى محاولاتها الجارية، لإضعاف التنظيمات التى ترفع شعار المقاومة، وتفكيك أو تحييد النظم التى تدعمها- ولكنها ستفتح الباب
امام إمكانية تفعيل مقاومة شعبية لهذا المشروع ، مدعومة من شعوب الأمة ، و بالتالى فإن حركتها غير مقيده بالكوابح الداخلية والخارجية لحركه النظم السياسية والدول .
.......

المتن التفصيلى للمقال :

واقع مأزوم كمؤشر- على مستويين- على مرحلة جديدة لمشروع : إن الواقع المأزوم للأمة ، الذى أصبح مهدد وجودى لها ، هو مؤشر- على المستويين الإقليمى والدولى- على مرحلة جديدة ، من مراحل تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد " الإمبريالى - الصهيونى "، والذى يتم تطبيقه فى المنطقة ، منذ العقد السابع من القرن الماضى ، والذى يهدف إلى الإرتداد بالنظام الرسمى العربى ، من مرحلة التجزئة على أساس شعوبى " إتفاقية سيكس- بيكو ١٩١٦ "، إلى مرحلة التفتيت على أساس طائفى- قبلى، بمحاولة إقامة دويلات طائفية- قبلية، على انقاض الدولة الوطنية العربية، مع بقاءالكيان الصهيونى كحارس للتفتيت ، كما كان فى المرحلة السابقة حارس للتجزئة.

المشروع والحرب العالمية الثالثة والمعركة بين إستخلاف الأمة الثانى والإستكبار العالمى الخامس: وتطبيق هذا المشروع فى المنطقة ، هو مؤشر على بداية الحرب العالمية الثالثة ضد الأمة، كما انه مؤشر على بداية المعركه الفاصله بين الإستخلاف الثانى للامة، والأستكبار العالمى الخامس " الإمبريالى- الصهيونى "، والذى سبقه أنماط أخرى للاستكبار العالمى " الامبراطورى " الرومانى والفارسى" ، " المغولى - التتارى " ، الصليبى، الإستعمار القديم"

تعطيل إرادة الأمة على المستوى الرسمى : وقد نجح هذا المشروع فى تعطيل إرادة الأمة، على المستوى الرسمى، فإرتد بالنظام الرسمى العربى، خطوات تجاه مزيد من التفتيت الرسمى، حتى وصلت
النظم الرسمية العربية- موضوعيا وبعيدا عن الإتهامات الذاتية لها بالعمالة والخيانة - إلى درجة من الضعف، بحيث أصبحت عاجزة عن مواجهة التحديات التى تهدد وجودها ، ناهيك عن تلك التى تهدد وجود الأمة ككل.

التعطيل الإرتدادى للنظام الرسمى العربى: وهذه المرحله يمكن أن نطلق عليها اسم " مرحله التعطيل الإرتدادى للنظام الرسمى العربى ، والتى تأسست على الإرتداد " السياسى " عن الخطوات التى حققتها إرادة الأمة - على المستويين الوطنى والقومى - على المستويين الرسمى و الشعبى،طوال العقدين الخامس والسادس من القرن الماضى، تجاه اهدافها فى الحرية والتحرر الوطنى ، الوحدة والتضامن، والعدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة...

نجاح جزئى" التأثير السلبى على قوى المشروع " : غير ان هذا الإرتداد الرسمى، أفرز العديد من الظواهر السالبة ، التى تجاوز تاثيرها السلبى، الواقع السياسى العربى ، الى ذات القوى المحلية والإقليمية والعالمية ، التى تقف خلف هذا المشروع ، ومن هذه الظواهر السالبة :
* الإرهاب الذى ساهمت هذه القوى فى البداية فى نشوء تنظيماته- أو تغاضت على الأقل عنه- لتحقيق اهداف المشروع فى التفتيت الطائفى للأمة ، لكنها فقدت تأثيرها عليها لاحقا، وشكلت تهديدا لمصالحها او وجودها، مما إضطرها إلى محاربتها ، بهدف تحجيمها ، وليس القضاء النهائى عليها، حتى تتوافر لها إمكانيه إستخدامها مره اخرى ، لتحقيق اهداف اخرى.
* تدفق اللاجئين على دولها ، وما لزم منه من كلفة اقتصادية ، واثاره مخاوفها فى تغيير التركيبة السكانية لمجتمعاتها.
* عدم الإستقرار السياسى فى المنطقة ، وما لزم منه من إضعاف قدرتها على التحكم فى أجزاء عديده من النظام الرسمى فيها.
* ايضا ما لزم من عدم الاستقرار من تفاقم المنافسة، بين القوى العالمية والاقليمية على مناطق النفوذ ، كمحصلة لتعدد السلطات فى الدوله الواحده ، ولجوء كل منها لأحد هذه القوى ، لدعمها فى صراعها ضد الأخرى.

الفشل فى إلغاء إرادة الأمة" تعطيل رسمى وتفعيل شعبى " : و رغم نجاح المشروع " الجزئي" فى تعطيل إرادة الأمة ، على المستوى الرسمى ، الا انه فشل فى الغائها ، ففتح الباب أمام تفعيلها على المستوى الشعبى.

نشوء المقاومة الشعبية : ومن مظاهر هذا التفعيل الشعبى نشوء المقاومة الشعبية - السلمية فى بعض الميادين، والمسلحة فى ميادين اخرى- لمظاهر ومراحل تطبيق وأدوات هذا المشروع.

محاولة القضاء على المقاومة الشعبية: وهذه المرحله من مراحل تطبيق مشروع الشرق الاوسط الجديد " الإمبريالى - الصهيونى " تهدف- بالأصاله- الى القضاء على المقاومة الشعبية لهذا المشروع.

من الدعم الرسمى الى الدعم الشعبى : وهذه المحاوله قد تنجح فى تعطيل المقاومة الشعبية المستنده الى الدعم الرسمى ، اى مدعومة من نظم محلية واقليمية ودولية متعدده، لأهداف متباينه،- وهو ما تحقق قدر منه ، من خلال إضعاف التنظيمات التى ترفع شعار المقاومة، وإغتيال العديد من قياداته ، وتفكيك او تحييد النظم - المحلية والإقليمية والدولية- التى تدعمها - ولكنها ستفتح الباب امام إمكانية تفعيل مقاومة شعبية مستنده الى الدعم الشعبى، اى مدعومه من شعوب الأمة، وبالتالى تكون حركتها غير مقيده بالكوابح - الداخلية والخارجية- لحركه الأنظمة السياسية والدول.

من التفعيل التلقائي الى التفعيل القصدى : غير ان تفعيل هذه المقاومه الشعبية المدعومة بشعوب الأمة مشروط - فى هذه المرحلة - بإنتقال إرادة الأمة، والمقاومة الشعبية بإعتبارها احد مظاهرها ، من مرحلة التفعيل التلقائي ( رد الفعل: العاطفى ،العفوى ، العاطفى ، المؤقت)، إلى مرحلة التفعيل القصدى( الفعل: المخطط، العقلانى ، المؤسسى ).

المستويين النظرى والعملى : وهذه المرحله تتحقق:
أولا: المستوى النظرى: تأسيس تيار فكرى شامل، يؤسس نظريا لتحقيق ما هو ممكن من خطوات، تجاه الانتقال بالأمة، من مرحله الإستضعاف إلى مرحلة الإستخلاف ، ويتضمن توافق القوى السياسية والتيارات الفكرية، على الثوابت " الوطنية والقومية والدينية" للأمة - وهو ما يقتضى ضرورة إجراءها لمراجعات فكرية ذاتية - ويتضمن هذا التوافق على التصدى لهذا المشروع وأهدافه التخريبية.
ثانيا: المستوى العملى: إنشاء أو تفعيل مبادرات شعبية" ديمقراطية مؤسسية" ، تعبر عن إرادة الأمة فى كل المجالات- واهمهما مجال التوافق والإصلاح - والميادين - ومنها ميدان التصدى لمظاهر ومراحل تطبيق وأدوات هذا المشروع التخريبى-

إتساق وليس تطابق أو تناقض: فعلاقة هذه المقاومة الشعبية المدعومه شعبيا بالنظم الرسمية ليست علاقة تطابق - فهى ليست مؤسسة رسمية - ولكنها ليست علاقه تناقض- ففى هذه الحالة تتحول إلى مليشيات متمرده عل. الدولة - ولكنها علاقة اتساق- إلتقاء على الأهداف الوطنية والقومية والدينية -

التمييز بين الممكن وما ينبغى أن يكون: غير انه يجب تقرير أن دور المقاومة الشعبية، كمظهر لإرادة الأمة ، مقصور على تحقيق ماهو ممكن من اهداف إرادة الأمة، ومن تصدى لأهداف هذا المشروع، فمسئولية المقاومة الرسمية، كمظهر آخر لإراده الأمة على مستوى أخر ، فى مرحلة لاحقة، عندما يستمد النظام الرسمى شرعيته من إرادة الأمة ، وليس من تبعيته لقوى خارجيه.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المقاومة الشعبیة إرادة الأمة هذا المشروع فى تعطیل

إقرأ أيضاً:

أردوغان وبوتين يتفقان: “العودة الفورية للمفاوضات تنقذ الشرق الأوسط من كارثة”

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالًا هاتفيًا بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، تناول خلاله الطرفان التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، إلى جانب تطورات الحرب في أوكرانيا، وعدد من القضايا الإقليمية.

اقرأ أيضا

حذاء أردوغان يُشعل الجدل.. هل فعلاً يساوي 252 ألف ليرة؟

الإثنين 16 يونيو 2025

أردوغان: لا حل إلا بالدبلوماسية

وأفاد بيان صادر عن الكرملين بأن الرئيس أردوغان شدد خلال المحادثة على أهمية المبادرات الدبلوماسية التي تقودها تركيا منذ بداية الأزمة، مؤكدًا أن:

“الطريقة الوحيدة لحل الأزمة المرتبطة بإيران هي الحلول الدبلوماسية، ويجب العودة إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن”.

ونقل البيان عن الرئيس التركي تحذيره من أن دوامة العنف التي انطلقت بالهجوم الإسرائيلي على إيران تُشكّل تهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة بأسرها، مشيرًا إلى أن:

“الموقف غير القانوني لحكومة بنيامين نتنياهو يمثل تهديدًا واضحًا للنظام الدولي، والمنطقة لا تحتمل حربًا جديدة”.

اتفاق على وقف فوري للأعمال العدائية

مقالات مشابهة

  • التقارب مع إثيوبيا -لعبة المخابرات
  • بيان لـ”مجموعة السبع” عقب انعقادها في كندا: ندعم إسرائيل في مواجهتها مع إيران.. ولن نسمح لطهران بامتلاك سلاح نووي
  • 21 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات “الإسرائيلية” على إيران
  • هل أنقذت إيران العرب أم دمرتهم؟ مواجهة فكرية في باب حوار
  • حاملة الطائرات الأميركية “نيميتز” تتجه نحو الشرق الأوسط
  • أردوغان وبوتين يتفقان: “العودة الفورية للمفاوضات تنقذ الشرق الأوسط من كارثة”
  • أبو العلا: نناقش مشروع موازنة الدولة في ظل تلاعب الكيان الصهيوني بمقدرات الشرق الأوسط
  • إيران لا تواجه “إسرائيل” فقط.. قراءة أعمق في مشهد الصراع في الشرق الأوسط
  • ترامب يتوقع اتفاقًا قريبًا بين إيران وإسرائيل: “السلام قادم”
  • ⭕️بيان⭕️ بسالة قواتنا المسلحة والمشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين في أداب العاصي، حوّلت طموحات العدو إلى هزيمة نكراء