هل يحق لنا البحث عن اليقين؟أم هو واجب علينا؟
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
بقلم : الخبير المهندس حيدر عبدالجبار البطاط ..
السؤال عن الحق في البحث عن اليقين ليس مجرد استفسار فكري بل هو تأمل في طبيعة الإنسان وحقيقة وجوده.
فمنذ فجر التاريخ كان البحث عن الحقيقة وسعي الإنسان لفهم الكون والخالق جزءاً جوهرياً من تجربته البشرية.
السؤال الذي يطرح نفسه ؟؟
هل هذا البحث حق مشروع؟
أم أنه واجب يفرضه علينا وجودنا؟
التأمل في تجربة الأنبياء ، رحلة البحث عن اليقين !!
القرآن الكريم يعرض لنا نماذج مضيئة لرحلة البحث عن اليقين وأبرزها تجربة نبي الله إبراهيم عليه السلام.
إبراهيم النبي و ابن الانبياء الذي وهب حياته للبحث عن الحقيقة مرّ بمراحل من التأمل العميق.
رأى الكوكب والقمر والشمس وتساءل عما إذا كانت هذه الأجرام السماوية هي الإله الذي يستحق العبادة.
لكنه حين رأى أفولها قال بحسم
لَا أُحِبُّ ٱلۡأٓفِلِينَ ( الأنعام: 76).
هكذا أدرك إبراهيم أن الإله الذي يستحق العبادة هو الذي لا يغيب ولا يتغير بل هو خالق السماوات والأرض.
رحلته لم تكن فقط حقاً بل ضرورة عقلية وروحية للوصول إلى اليقين.
و عاد الكرة نبي الله ابراهيم عليه السلام الذي خاطب الله مباشرة طلب من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى !!
قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِي ( البقرة: 260).
هذا الطلب ليس إنكاراً للإيمان بل هو رغبة في تحقيق الطمأنينة القلبية واليقين العميق.
البحث عن اليقين حق أم واجب ؟؟
كل إنسان وُلد بعقل قادر على التفكير وتأمل الكون.
القرآن نفسه يحثنا على النظر في ملكوت السماوات والأرض
أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ( الأعراف: 185).
البحث والتساؤل هو حق أساسي للإنسان وهو جزء من طبيعته وفطرته.
الله أعطانا هذا العقل لنستخدمه ونبحث به عن الحقائق وهذه نعمة يجب أن تُستغل.
البحث عن الحقيقة ليس فقط حقاً بل يمكن اعتباره واجبًا.
الإيمان كما يقدمه القرآن ليس مجرد تسليم أعمى بل نتيجة للتفكر والتدبر.
الله يوجهنا إلى النظر في آياته الكونية والبشرية والتأمل في معانيها للوصول إلى اليقين.
يقول تعالى:
إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ( آل عمران: 190).
هنا يتجلى أن الإيمان ليس حالة ساكنة بل رحلة تتطلب السعي والتدبر وهو واجب على كل إنسان يطلب معرفة خالقه والحقائق المحيطة به.
البحث عن اليقين بين العقل والقلب
البحث عن اليقين يشمل العقل والقلب معاً .
تجربة إبراهيم كانت عقلية وروحية وكذلك طلب موسى الطمأنينة القلبية.
إذن اليقين ليس مجرد معرفة عقلية بل حالة تكامل بين الفكر والإيمان العميق.
البحث عن اليقين حق وواجب في آنٍ واحد.
إنه حق يمنحنا الحرية للتساؤل والتأمل وواجب يفرضه علينا كوننا كائنات عاقلة مسؤولة عن إدراك الحقيقة والعيش بناءً عليها.
الرحلة إلى اليقين هي جوهر الإنسانية، وهي دعوة القرآن الكريم لكل من أراد أن يفهم هذا الوجود وخالقه.
فإذا كان الأنبياء أنفسهم قد سلكوا هذا الطريق فكيف بنا نحن الذين نسعى للاقتداء بهم؟
التأمل والتدبّر فريضة العقل الحر
فإن عبادة تخلو من التفكر ليست إلا انقيادًا أعمى يُطفئ شعلة الإنسان التي وُهِبَت له ليبحث عن الحق بمحبة واعية لمن أوجده من العدم.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟..الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: كيف يتطهَّر المريضُ الذي يركّب قسطرةَ البول، وما حكم صلاته؟
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة:هذا المريض له حالتان: إما أَنْ يخرج مِنه البول بدون تَحَكُّم منه أو لا.
فإن خرج منه البول دون تَحَكُّم منه فهذا ما يعرف عند الفقهاء بـ«السَّلَس»؛ فيُعفَى عنه حينئذٍ، وحكمه في هذه الحالة: وجوب غسل محل النجاسة، ثم الربط على عضو التبول، ثم الوضوء، ويصلِّي مَنْ هذا حالُه بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها.
أما إذا خرج منه البول في الكيس المعلَّق خارج جسده بتَحَكُّمٍ منه: فإنه يجب عليه الطهارة للعبادات التي تحتاجها؛ فيتوضأ للصلاة بخروج شيء من البول، ويُصَلِّي عقب وضوئه.
وبخصوص صحة الصلاة؛ فإذا استطاع إزالة هذا الكيس أثناء الصلاة فلا تصح الصلاة في هذه الحالة إلا بعد إزالة هذا الكيس، وإن لم يستطع إزالة الكيس الذي به البول أثناء الصلاة للمشقة البالغة في ذلك فهذا من المعفو عنه؛ لأَنَّ الشريعة مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين.
المقصود بـ"قسطرة البول" وبيان نواقض الوضوء
وأوضحت ان «قسطرة البول»: هو كيس خارج البدن يوجد به بعض الأنابيب ليخرج منها البول المحتبس في جسم المريض.
وهذا البول الخارج من الجسد الأصل فيه شرعًا أَنَّه من نواقض الوضوء، فمن النواقض: خروج شيء من السبيلين -القُبُل والدُّبُر-، ويشمل ذلك البول والغائط وغيرهما؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: 43].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»، رواه مسلم.
وعن صفوان بن عسّالٍ المُرادِي رضي الله عنه قال: "أَمَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا كُنّا سَفْرًا ألَّا نَنْزعَ خِفَافَنا ثلاثةَ أيامٍ بِليَالِيهنَّ، إلا من جنابة، ولكن من بولٍ، أو غائطٍ، أو نومٍ" رواه الترمذي.
فدلّ هذا الحديث على أن النقض بالبول، والغائط، والنوم.
وروى الإمام عبد الرزاق في "المصنف" عَنْ عبد اللهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "إِنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ، وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ، وَالْفِطْرُ فِي الصَّوْمِ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ".
ومعنى انتقاضِ الوضوء في كلام الفقهاء: أنَّه لا يصح فعل أي شيء من العبادات التي اشترط الشرع الشريف لها الطهارة.
كيفية طهارة مريض القسطرة وحكم صلاته والأدلة على ذلك
لكن هذا المريض والحالة السابقة له حالتان في العبادات المشترطة للطهارة؛ كالصلاة، والطواف؛ إما أَنْ يخرج مِنه البول بدون تَحَكُّم منه أو لا.
فإن خرج منه البول دون تَحَكُّم منه فهذا من الأحوال التي وَضَّح الفقهاء أنه يُعذَر فيها الشخص من اشتراط الطهارة، وهو ما يعرف عند الفقهاء بـ«السَّلَس»؛ فيُعفَى عنه حينئذٍ، سواء في كل الطهارة أو في بعضها؛ ومعنى السَّلَس: استدامة انفلات الحدث من القُبُل أو الدُّبر مع العجز عن التحكم في منعه، ولو في فتراتٍ متقطعة، فيكون حكمه في هذه الحالة حكمَ المرأة المستحاضة التي يسيل منها الدمُ مرضًا ونزيفًا لا حيضًا، وهو: وجوب غسل محل النجاسة، ثم الربط على عضو التبول، ثم الوضوء، ويصلِّي مَنْ هذا حالُه بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها، ويتوضأ لفرض آخر بدخول وقته.
أما إذا كان الشخص يخرج منه البول في الكيس المعلَّق خارج جسده بتَحَكُّمٍ منه: فإنه يجب عليه الطهارة للعبادات -كالصلاة مثلًا- المحتاجة إليها بخروج شيء من البول، ويُصَلِّي عقب وضوئه.
لكن يُفَرَّق بين حالين في صحة الصلاة؛ حال كون الكيس المحمول الذي في البول -سواء تَحَكَّم الشخص في الخارج منه أو لا- على الشخص، فقد يَقْدِر الشخص على إزالة هذا الكيس أثناء الصلاة أو لًا؛ فإن قَدَر على إزالة هذا الكيس فلا تصح الصلاة في هذه الحالة؛ وذلك لأن مِن شروط صحة الصلاة طهارة الثوب والبدن من النجاسة.
أما إذا لم يَقْدِر الشخص على إزالة الكيس الذي به البول أثناء الصلاة للمشقة البالغة في ذلك فهذا من المعفو عنه؛ ذلك أَنَّ الشريعة مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، وقد دَلَّ على ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والقواعد الفقهية:
1- فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله: ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].
2- ومن السنة المطهرة: عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» رواه أحمد.
3- ومن القواعد: قاعدة "المشقة تجلب التيسير" وغيرها.
وفي ذلك دليل على رفع الحرج والمشقة الزائدة عن المكلفين.