الاقتصاد نيوز - متابعة

مع سقوط النظام السوري وهروب بشار الأسد الحليف لإيران بات الإيرانيون يتساءلون عن حجم مستحقات إيران على سورية ومصيرها واستثماراتها التي باتت في مهب الريح بعد التغيير الذي تشهده البلاد.

في الأثناء، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، في معرض ردها على سؤال بشأن مصير الديون الإيرانية على دمشق، قائلة إن مسألة ديون دمشق لطهران وإنفاق إيران في سورية “تتعدى صلاحيات الحكومات، وأنها تقر في المجموعات السيادية” (جهات أعلى من الحكومة)، مشيرة إلى أن بلادها ترصد الأوضاع في سورية “بشكل جاد”، ومضيفة أن “علاقاتنا الدولية تبنى على الحكمة والمصلحة والعزة”.

تضارب أرقام الديون

لم تعلن الدولة الإيرانية حجم إنفاقها ومستحقاتها على سورية حتى الآن، غير أن أرقاما غير رسمية تطرح في تصريحات نيابية من 20 إلى 30 مليار دولار، حيث قال البرلماني الإيراني يعقوب رضا زادة، السبت الماضي قبل يوم من سقوط نظام بشار الأسد في معرض رده على سؤال بشأن حجم هذه الديون إن هناك من يتحدث عن أن سورية عليها ديون لإيران تقدر بنحو 30 مليار دولار، مضيفاً: “إنني لا أمتلك معلومات خاصة حول الديون وربما الرقم غير صحيح”.

وأضاف رضا زادة أن “هناك أعدادا كبيرة من الإيرانيين في سورية تفوق 10 آلاف شخص”، وموضحا أن “مصير هذا البلد يهمنا لكون وجود أماكن مذهبية للشيعة في سورية”.

وترفع مصادر أخرى غير رسمية رقم الديون الإيرانية المستحقة على نظام بشار المنهار إلى نحو 50 مليار دولار حصل عليها منذ العام 2015 وحتى قبيل سقوط نظامه.

وفي شهر مايو/أيار 2023، كشف البرلماني الإيراني المحافظ محمد حسن آصفري في مقابلة مع وكالة ميزان الإيرانية التابعة للسلطة القضائية، أن بلاده لها ديون على النظام السوري تبلغ أكثر من 20 مليار دولار، مؤكدا ضرورة تسديد هذه المستحقات لإيران.

وثمة تقارير تتحدث عن أن إيران أنفقت على النظام السوري منذ عام 2011 إلى اليوم ما يراوح بين 30 إلى 50 مليار دولار.

لم يكن لإيران حضور اقتصادي قوي في سورية رغم حضورها العسكري والسياسي الكبير إلى جانب النظام السوري، وهو أثار انتقادات مستمرة في الداخل الإيراني من نخبة وبرلمانيين، حيث انتقد البرلماني الإيراني آصفري، ما وصفه بأنه “عدم حضور اقتصادي قوي” لطهران في سورية، محملا حكومة بلاده السابقة المقربة من الإصلاحيين مسؤولية ذلك.

وقال إن “الحكومة السورية (السابقة) كانت قد طلبت مرارا إبرام اتفاقيات لكن للأسف رئيس الجمهورية السابق (حسن روحاني) تجاهل هذه الطلبات”.

استثمارات فشلت قبل السقوط

بناء مصنع سايبا الإيراني لصناعة السيارات في سورية، كان أكبر مشروع استثماري إيراني فيها تدشن عام 2007، لكن المشروع فشل بسبب مشكلات قبل سقوط الأسد بأشهر واليوم بعد سقوطه بات ملف المصنع الذي استثمرت فيه طهران 50 مليون دولار منتهيا ومغلقا، وفق تقرير لصحيفة دنياي الاقتصاد الإيرانية.

وكان الأمين العام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران وسورية، سعيد عارف، قد أعلن في منتصف الشهر الماضي إغلاق مصنع “سايبا”، مشيرا إلى أن مصانع إيرانية أخرى أنشئت سابقا لم تعد تعمل بسبب “مشكلات تتصل بالبلدين”.

وبلغت صادرات إيران إلى سورية 218 مليوناً و260 ألف دولار عام 2021، مسجلة نمواً بنسبة 99% مقارنة بالعام الذي سبقه، لكنه تراجع خلال العام الماضي أيضا إلى 124 مليون دولار، حسب بيانات رسمية.

وكانت طهران تصدر إلى دمشق مواد غذائية وألبانا ومنتجات زراعية، وأدوية ومعدات طبية، وأسمدة ويوريا وزيوتا صناعية، فضلا عن منتجات بتروكيمائية ومشتقات نفطية.

تعثر رفع التبادل التجاري

يأتي تراجع التبادل التجاري بين إيران وسورية فيما كان يخطط الطرفان إلى رفعها إلى 500 مليون دولار وهو ما لم يحدث. ولم يساهم اتفاق البلدين على تصفير التعرفة الجمركية لتصدير السلع في رفع التبادل التجاري.

وكان الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي قد زار العاصمة السورية دمشق عام 2023، مبرما 15 وثيقة تعاون اقتصادي مع النظام السوري في مجالات مختلفة، غير أن هذه الاتفاقيات لم تر النور وبعد سقوط الأسد بات مصيرها مجهولا إن لم يكن منتهيا.

إلى ذلك، أخفق مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسورية، حيث بدأ الحديث في عام 2016 عن مشروع سكة حديد تربط شلمجة الإيرانية بالبصرة في العراق، وصولاً إلى ميناء اللاذقية على البحر المتوسط في سورية.

وحسب مراقبين، كان استكمال مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسورية، سيتيح إمكانية نقل البضائع من باكستان أو ميناء تشابهار الإيراني (جنوب شرق) والبضائع التي تصل من الصين وآسيا الوسطى عبر القطار إلى منطقة “سرخس” (شمال شرق)، ثم إلى الموانئ السورية والبحر المتوسط عبر شبكة سكك الحديد العراقية.

وستنعكس التبدلات الكبيرة في سورية بعد سقوط الأسد على التجارة الخارجية لدمشق التي ستتجه إلى تنويع وتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع مختلف دول العالم بعد أن كانت محصورة في روسيا وإيران وعدد محدود من الدول في ظل العزلة الدولية والعقوبات الغربية على النظام السابق.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار النظام السوری ملیار دولار بین إیران فی سوریة

إقرأ أيضاً:

قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد

آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:36 ص بقلم:ادهم ابراهيم أثار القرار الأخير الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، والقاضي باتخاذ إجراءات قانونية بحق كل من يحرض أو يروج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية، موجة من التخوفات المشروعة.
فالقرار، رغم مايراه البعض من هدف معلن يتمثل في حماية الاستقرار، يثير في المقابل تساؤلات مشروعة تتعلق بحرية الرأي والتعبير التي نصّت عليها المادة (38) من الدستور العراقي، وبالخصوص في ظلّ بيئة سياسية معقّدة ومثقلة بإرثٍ ثقيل من الأزمات.
حيث يكفل الدستور العراقي حرية التعبير والصحافة والتجمع، بل يعتبر انتهاك تلك الحريات جريمة يُحاسَب عليها القانون. ويقع على القضاء واجب دستوري أساسي يتمثل في مراقبة التشريعات والقرارات بما يضمن عدم المساس بهذه الحقوق، لأن المساس بها يعني المساس بروح النظام الديمقراطي نفسه. وهنا يتولد السؤال الجوهري: كيف يمكن التوفيق بين قرار كهذا وبين الالتزام الدستوري بحماية الحريات، خصوصاً إذا كانت صياغته قابلة لتأويلات واسعة؟ لقد عانت دول عديدة من صعوبة الانتقال من أنظمة شمولية إلى أنظمة تقوم على سيادة القانون . ومصداقية القضاء، في أي تجربة ديمقراطية، لا تقوم على النصوص وحدها، بل على السلوك القضائي ذاته : النزاهة، الحياد، والالتزام بوقائع القضايا دون تأثير سياسي.فثقة المجتمع بالقضاء ليست ترفاً، بل شرطاً أساسياً لاستقرار الدولة. وحين تتزعزع تلك الثقة، يبدأ المواطن بالتشكيك في قدرة القضاء على حماية الحقوق وتحقيق العدالة. في العراق، تتصدر ملفات الفساد المشهد السياسي، وهي ملفات تمسّ مباشرةً حياة المواطن وخدماته الأساسية: الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، والإعمار.ومع ذلك، يلاحظ كثيرون أن الادعاء العام لا يتحرك بالزخم نفسه تجاه ملفات الفساد الكبرى، رغم وجود تصريحات علنية واعترافات تُعرض في وسائل الإعلام حول هدر المال العام وتقاسمه. وهذا التفاوت في الحزم يثير تساؤلات لا يمكن تجاهلها:
هل يُحاسَب من ينتقد الفاسدين قبل محاسبة الفاسدين أنفسهم؟ وأين هي المذكرات القضائية بحق سراق المال العام مقارنةً مع إجراءات تُتخذ ضد المنتقدين أو الإعلاميين أو الناشطين؟وهل أصبح النقد السياسي جريمة؟ الخلط بين “إسقاط النظام” كفعل عنفي أو تحريضي، وبين نقد الأحزاب أو المسؤولين، يشكّل خطراً على الديمقراطية.فانتقاد الأداء السياسي، والسؤال عن الخدمات، والاعتراض على الفشل الإداري، والمطالبة بالإصلاح، ليست دعوات لهدم النظام الديمقراطي، بل أدوات لحمايته وتصويبه.
وعندما يصبح مجرد السؤال عن الخدمات العامة مقدمة لاتهام بالترويج لإسقاط النظام، فإن معنى المواطنة يتعرض للاهتزاز، ويصبح الفضاء العام ضيقاً إلى حدّ الاختناق .كما ان هناك ازدواجية خطيرة حيث لا يُحاسَب خطاب الكراهية والطائفية بنفس القدر؟
فبالرغم من وجود قوانين واضحة تجرّم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، إلا أن المحاسبة لا تطال إلا فئات محددة، بينما تبقى فصائل مسلحة وأحزاب تمتلك أذرعاً عسكرية خارج نطاق المساءلة، بالرغم من ان ذلك يشكل خرقاً دستورياً واضحاً. ان القرارات التي تصاغ بعبارات عامة وفضفاضة تمنح السلطة التنفيذية مساحة واسعة للتأويل، قد تتحول مع الوقت إلى أدوات لتكميم الأفواه.وكلما اقترب القضاء من العمل السياسي، أو بدا وكأنه حامٍ للسلطة لا للمجتمع، دخلت الدولة في مسار خطير يهدد جوهر النظام الديمقراطي ويقربه من أنماط حكم استبدادية، حتى لو كانت ترتدي عباءة الديمقراطية . المعركة الحقيقية التي ينتظرها العراقيون ليست معركةً ضد منشور في منصّة إلكترونية، بل معركة ضد شبكة فساد متجذرة تهدر الثروة العامة وتفرغ الدولة من معناها.وحين يرى المواطن أن من يتجرأ على كشف الفساد يُلاحق، بينما من يمارس الفساد يُحمى، فإن الإحباط يتحول إلى غضب، والغضب إلى فقدان ثقة، وفقدان الثقة إلى التمرد. إن بناء دولة قانون حقيقية يتطلب قضاءً مستقلاً لا يخشى مواجهة الفاسدين، ويعتبر حماية المواطن أولوية فوق حماية المسؤول.حماية النظام لا تتحقق بتقييد النقد، بل بتقوية المؤسسات، وتحقيق العدالة، واستعادة ثقة الناس. فالدول لا تنهض بإسكات الأصوات، بل بالاستماع إليها، ولا تستقر بالخوف، بل بالعدالة.والقضاء، بما يمثّله من سلطة مستقلة، هو حجر الأساس في هذا البناء؛ فإذا فقد استقلاله، اهتزّ كل شيء من بعده.

مقالات مشابهة

  • السعودية.. أول تعليق رسمي على كمين داعش في سوريا ومقتل جنود بدورية مشتركة أمريكية سورية
  • الوكيل: 5 أضعاف نموًا في التجارة البينية و13 مليار دولار استثمارات قطرية قائمة وجديدة في مصر
  • "إيني" الإيطالية تخطط لضخ استثمارات بـ 8 مليارات دولار في مصر
  • طارق الشناوي: السوشيال ميديا حالة مرضية ولا تُمثل الرأي العام
  • بالفيديو: داتا النظام تعود.. ماذا يجري بين سوريا ولبنان؟
  • سوريا:مقتل وإصابة عناصر دورية أمريكية-سورية مشتركة بكمين غامض
  • دورية عسكرية أميركية سورية تتعرض لإطلاق نار في سوريا
  • قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
  • الحكومة تعلن قبول استثمارات جديدة بقيمة 2.9 مليار دولار.. تفاصيل
  • نائب وزير الدفاع البريطاني يعترف بسعي لندن إلى "عسكرة" الرأي العام في البلاد