النصيرات.. من بين الركام تنبعث حكايات الشهداء
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
غزة- في غياب آليات تحطيم الخرسانة (الباطون) ورفعها، تبدو جهود عائلتي "الشيخ علي" و"القصاص" في العثور على جثامين أربعة من شهدائهم، شبه عبثية.
وتعمل جرافة بجد على إزالة الركام، لكن من الواضح أن جهودها غير كافية في الكشف عن أجساد الشهداء الأربعة، القابعة أسفل مبنى كان يتكون من 3 طبقات، تداعت بفعل الصواريخ الإسرائيلية.
وقصفت طائرة إسرائيلية المنزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ليل الخميس الماضي، ما أسفر عن استشهاد ما يقرب من 40 شخصا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات.
وتبحث عائلة "الشيخ علي" عن جثمان المسنة "نوال" البالغة من العمر 70 عاما، والدكتور "محمود" (45 عاما)، فيما تبحث عائلة القصاص عن عبد الرحمن (27 عاما) وليلى (17 عاما).
ويعاني جهاز الدفاع المدني بغزة من قلة الإمكانيات جراء منع إسرائيل إدخال الآليات والمعدات اللازمة بالإضافة للوقود اللازم لتشغيلها.
ونجا الشاب عبد اللطيف الشيخ علي (19 عاما) من الموت المحقق بعد أن أصيب برضوض خفيفة في الاعتداء الإسرائيلي، لكنّه فقد غالبية أفراد عائلته بمن فيهم شقيقته الصغيرة "نوال" البالغة من العمر 10 أعوام.
إعلانولا يزال عبد اللطيف يبحث عن جدّته واسمها أيضا نوال (65 عاما) وعمّه محمود، ويصر على الوجود قرب المنزل طوال الوقت. ويقول للجزيرة نت "كنا قاعدين في الدار، فجأة صار قصف.. وشهداء وإصابات، 40 شهيدا و4 تحت الأنقاض".
ويعدّد شهداءَ عائلته قائلا "جدّي وجدتي عبد اللطيف ونوال، وأختي نوال وعمي محمود، وعمي محمد وزوجته فاطمة وأولادهما: جمانة وعبود وهلا، وأحلام زوجة عمي خالد وأولادهما: بشار وغِنى ونغم وغزل، وابنيْ عمي ثائر: عبد الرحيم ومريم".
ويُعد الشهيد الصيدلي محمود الشيخ علي، من الشخصيات المشهورة في قطاع غزة، حيث أسس شركة تجارية ناجحة متخصصة في الطب البديل والنباتات الطبية، وتُنتج أدوية ومحليات صناعية، وتضم مركزا رائدا في تخفيف الوزن، ويقدم برنامجا إذاعيا صحيا أسبوعيا.
وبدا الحزن جليا على الشاب صهيب الشخريت، ابن شقيقة الشهيد محمود الشيخ علي. واختار أن يجلس فوق مكان مرتفع على حطام المنزل، مراقبا أعمال البحث عن الشهداء المتبقين في الأسفل.
وبكى وهو يعدد أسماء الشهداء "سيدي عبد اللطيف وستي نوال وأعمامي.. وعمي محمود تحت الأنقاض…"، قبل أن يعتذر عن إكمال الحوار.
على الجانب الغربي من المنزل، تبحث عائلة القصّاص عن اثنين من أبنائها وهما الشاب عبد الرحمن، وابنة أخيه ليلى.
ويعمل عبد الرحمن مصوّرا لجامعة فلسطين (أهلية) ويحمل شهادة جامعية في الوسائط المتعددة، أما ليلى فتدرس في الصف الحادي عشر.
ويقول أسامة القصاص إنه نجا من المجزرة، لعدم وجوده في المنزل ساعة القصف. ويضيف للجزيرة نت أن عائلته فقدت 17 شخصا، بينهم والداه أحمد وليلى (70 و62 عاما)، وأشقاؤه وشقيقاته: فاطمة، وإيمان، وحنان، ومحمد، وعبد الرحمن، وعامر.
إعلانكما فقد من أبناء وبنات أشقائه وشقيقاته: لانا وآية وليلى "بنات إبراهيم"، وميرا "ابنة خالد"، وحلا وابتسام وأحمد "أبناء حنان"، وشام وتالين "ابنتا إيمان".
بدوره، يوجد نعيم ياغي، شقيق الجدة الشهيدة "الجدة" ليلى في المكان، على أمل العثور على جثماني عبد الرحمن وليلى "الحفيدة".
ويقول للجزيرة نت إن 13 من الشهداء الـ17 هم من الأطفال والنساء، وإن العديد من أبناء وأحفاد شقيقته مصابون، ويتلقون العلاج في المستشفى.
على أمل العثور على جثمان صديقه عبد الرحمن، يرابط خالد أبو حية طوال الوقت في المكان. وقد بدأت صداقة الشابين خلال الدراسة الثانوية، حسبما يقول خالد للجزيرة نت.
ويضيف "قبل أسبوع زارني عبد الرحمن في منزلي بمدينة دير البلح، وبقي عندي أكثر من ساعتين، لم أتخيل أن تكون هذه النهاية".
ويذكر أن صديقه بدأ في ممارسة هواية التصوير الفوتوغرافي منذ الصف العاشر، وكان يثير دهشة المحيطين به لجمال وإبداع صوره، وهو ما مكّنه من الحصول على وظيفة "مصور جامعة فلسطين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تحت الأنقاض عبد الرحمن عبد اللطیف للجزیرة نت الشیخ علی
إقرأ أيضاً:
حكايات المحاصصة التي حوّلت الدبلوماسية إلى دار مزاد حزبي مغلق وفاسد
30 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: ارتفعت الأصوات الغاضبة من عمق الوجع الوطني بعد إعلان قائمة تعيين 112 سفيراً دفعة واحدة، وسط صمت حكومي مريب يراوح بين التجاهل والتبرير، ما ألقى بظلال قاتمة على صورة الدولة العراقية في أعين مواطنيها، وجعل من سفاراتها بوابات للغضب أكثر من كونها نوافذ للتمثيل الحضاري.
وانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بسيل من الانتقادات، حيث غردت الناشطة زهراء العتابي: “هل سقطت العدالة على بوابات السفراء؟”، بينما كتب الصحفي ناصر العكيدي: “كأن العراق أصبح مقاولة سياسية تتقاسمها الأطراف برؤوس أموال من دم الشهداء”.
وتصدّر وسم #سفراء_الصفقات الترند العراقي خلال الساعات الماضية، مترافقاً مع تسريبات تفيد بتورط بعض الأسماء في ملفات فساد أو أقرباء واصدقاء ومعارف وانجال الطبقة السياسية.
واستنكرت لجنة الشهداء النيابية وجود أسماء مرتبطة بأجهزة النظام السابق في قائمة السفراء، معتبرة أن ذلك “طعنة في خاصرة العدالة، واحتقاراً لدماء الذين واجهوا الجلاد يوماً دون سلاح سوى الإيمان بالوطن”. وعبّرت اللجنة في مؤتمرها الصحفي عن رفضها لما سمته بـ”الصفقات الدبلوماسية”، مطالبة بمراجعة عاجلة وشاملة لكل الأسماء وإعادة الملف إلى هيئة المساءلة والعدالة.
ووجّه مواطنون تساؤلاتهم إلى الحكومة عن المعايير التي أُعتمدت في التعيينات، في وقت تشير فيه الإحصائيات إلى أن نسبة البطالة بين حملة الشهادات العليا في العراق بلغت 27% بحسب الجهاز المركزي للإحصاء، ما يزيد من حدة السخط الشعبي إزاء توزيع المناصب على أبناء النخب وأقارب المتنفذين.
وأكد محلل سياسي في بغداد أن “المؤسسات العراقية تُفرّغ من مضمونها الحقيقي حين تتحول المواقع السيادية إلى غنائم شخصية”، مضيفاً: “ما يجري هو قتل للثقة بين الدولة وشعبها، ولن تنفع الابتسامات الرسمية حين تنقلب السفارات إلى عناوين للذل لا للكرامة”.
واعتبر الناشط محمد رحيم أن “ما من دولة في العالم تعين أكثر من مئة سفير دفعة واحدة، إلا إذا كانت تسعى لشراء الصمت الخارجي لا لبناء العلاقات الدولية”، متسائلاً: “من سيمثلني في الخارج؟ ابن وزير أم ابن شهيد؟”.
وأبدى كثير من العراقيين خيبة عميقة، حيث لم يظهر أي تفسير رسمي واضح، ولا نُشرت السير الذاتية أو شهادات الخبرة للسفراء المعينين، ما يجعل القرار برمّته محاطاً بضباب الشك والإحباط، كأنما يراد للتمثيل الخارجي أن يتحول إلى مرآة داخلية لفساد الداخل.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts