حميدتي آخر ظهور: التحول إلى همبول (2-2)
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
حميدتي آخر ظهور: التحول إلى همبول (2-2)..
(1)
شهدت الايام الماضية بعض مظاهر الانتقال من حال إلى آخر فى ترتيبات مليشيا الدعم السريع وداعميها ، وكليهما إنتهت إلى نتائج مخيبة للآمال:
واولهما: اعادة التطبيع مع المسار السياسي ، من خلال إعلان ادارة مدنية نالت الاشادة من قيادات (تقدم) بإعتبارها شكل من الحكم المدني ، وكان ذلك تمهيدا إلى الخطوة الثانية متمثلة فى الدعوة إلى تشكيل حكومة منفى (وفق خيارين ) ، حكومة منفى فى أبوظبي أو حكومة فى المناطق التى تسيطر عليها مليشيا آل دقلو الارهابية ، وجاءت المناقشات فى اجتماع تقدم فى عنتبي اليوغندية (3-6 ديسمبر ) ، ومع إصرار البعض على ما اسماه (د.
وثانيهما: زيادة وتيرة هجمات قادتها المليشيا فى منطقتين ، الهجوم الاول استمرار لتعبئة واستنفار جديد لقوة من 8 ألف مستنفر لمواصلة الهجوم على الفاشر ، واستهدف الطيران بعضها فى جقوجقو ، وآخرين على أطراف المدينة ، وهجوم آخر على منطقة بوط جنوب ولاية النيل الأزرق ، دون هدف عسكري واضح ، فلا حاضنة شعبية ، ولا منفذ للامداد ، ولا قطع وتأثير على حركة القوات المسلحة ، هذا مجرد اشغال لعناصر يائسة تبحث عن ملاذ ومهمة.. وبلا قيادة فعلية وميدانية ، لقد فقدت المليشيا الغاية من القتال وتحولت إلى قطاع طرق ، ومع كثرة تعليمات حميدتى وتشديده ، فإن عناصره لا تسمع له ..
فهل غاب الرجل..!
(2)
– يدور سؤال مهم ، لماذا تجنبت الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على حميدتي ، واختارت فرضها على قائد ثاني المليشيا عبدالرحيم دقلو ، وعلى عدد من قادته ومستشاريه..
وقبل أيام علق المحلل السياسي الأمريكي كاميرون هدسون بالقول: إن الادارة الامريكية جعلت من الصعوبة فرض عقوبات على حميدتي ، وقال ذلك بعض اعضاء الكونغرس ، متهمين حكومة بايدين بأنها جعلت الأمر مستحيلا ، فما هى الأسباب وراء ذلك ؟ وماهى فائدة شخص بلا سلطات حتى تحيطه بالحماية ؟..
وسنضيف هنا نقطتين:
– فقد سربت بعض الدوائر عن ضغوط اقليمية على (عبدالرحيم دقلو) وقادته على تحقيق اختراق فى جبهة الفاشر قبل 20 يناير 2025م ، ولم تتحدث المصادر عن أى دور يمكن أن يلعبه حميدتى وحتى الضغوط بعيدة عنه ، وهو الأقرب إلى الداعمين من حيث المكان..
– ووفقا لمعلومات متطابقة ، فإن عبدالرحيم دقلو قائد ثاني المليشيا فى العاصمة الكينية نيروبي ، وعقد اجتماع مع فريق الدعوة إلى (تشكيل حكومة منفى) ، بينما اوكلت إلى القونى مهمة مخاطبة الراى العام الاوربي ، بمسميات مختلفة..
وكل ذلك ، وحميدتى بعيد عن الانظار..
(3)
فى احاديثه الأخيرة ، لابد من ملاحظات صغيرة عن محمد حمدان دقلو..
– اولها: الحديث الكثير عن الآخرة والموت والحساب ، ومخاطبته للبرهان بان يتذكر الآخرة والقبر هى فى حقيقة الأمر عظة ذاتية ومراجعات داخلية لرجل يغالب معاناة داخلية..
– يبدو حميدتى مكسور الخاطر والجناب ، والرجل الذي اشتهر عنه (خليها تمطر حصو هسا دا ) و القائل فى لقاءات أول أيام الحرب فى 15 ابريل 2023م (على البرهان التسليم ، ما عندنا ليه حاجة تاني) ، انهارت كل ذلك التعالى اللفظى واصبح حديثه بمسحة من أسي وحزن..
– وملامح وجهه تشير إلى أنه يتألم ، رغم أن احاديثه مسجلة ويختار زمنها ووقتها..؟
ولا يمكن القول إنها اصابة سابقة أو اعاقة ما ، فهذه أن منعت الحركة فانها لا تمنع الحديث..
(4)
والأكثر وضوحا فى مسيرة (حميدتي) هو تحوله من فاعل ومؤثر إلى (ضحية) ، ومجرد (همبول) يتم التلويح به ، الرجل الذى كان يقول فى مارس 2023م (نعترف بوجود تدخل اجنبي لكن بارادتنا نحنا) اختفى اليوم عن المشهد هو ذاته وقراره وساد التدخل والاجندة الأجنبية ، واكثر مراحل المقاتل حرجا حين يفقد (الهدف من القتال) ، وقد دفع الكثير من الاثمان..
والأشد ظهورا هو الفشل فى تسويق أى منظور سياسي يوفر للمليشيا مساحة وجود فى مستقبل البلاد ، ومع كل الحيل والمنصات والمنابر الاعلامية والسياسية وبعض الثرثاريين فى الميديا ، فإن دعاية المليشيا لا تحظى بالقبول..
وخاصة بعد أن انكشفت غطاءات حول علاقة بعض شخصيات (تقدم) بالمليشيا.. والذين رهنوا كل سلطات لجنة إزالة التمكين لخدمة اجندة المليشيا وما زالوا على ذات المنوال..
لقد انتهى حميدتى كظاهرة اجتماعية وسياسية واوشكت قوته العسكرية على الانهيار والتراجع بينما تسعى قوى اقليمية وبعض (التالفين) من الساسة على توظيف تاثيرات جرائمه بتشكيل حكومة منفى بلا سند شعبي ولا قيمة سياسية..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
18 ديسمبر 2024م.. إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: حکومة منفى
إقرأ أيضاً:
هل يضع قانون المناخ تركيا على طريق الحياد الكربوني؟
أنقرة- أقر البرلمان التركي -الأربعاء الماضي- أول قانون للمناخ في تاريخ البلاد، ليضع إطارا تشريعيا شاملا لمواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق هدف "صافي الانبعاثات الصفرية" بحلول عام 2053.
ويعَد القانون خطوة ضرورية لتطبيق اتفاق باريس للمناخ ضمن الإطار القانوني التركي، وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعلن في وقت سابق التزام بلاده بهدف الحياد الكربوني بحلول 2053، في إطار التعهدات التي أطلقتها أنقرة عقب مصادقتها على الاتفاق الدولي عام 2021.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التخفيف من قواعد إزالة الغاباتlist 2 of 2"بريكس" تطالب الدول الغنية بتمويل جهود المناخ العالميةend of list إطار إستراتيجيوتصف الحكومة التركية القانون بأنه إطار إستراتيجي لترسيخ التزاماتها المناخية وتحويلها إلى إجراءات ملزمة على أرض الواقع، بما يسهم في حماية الموارد الطبيعية وتقليل المخاطر البيئية التي تهدد البلاد.
وفي حين رحب مراقبون بتحرك أنقرة نحو التنمية الخضراء، فإن القانون أثار أيضا نقاشات واسعة عن مدى قدرته على رسم مسار عملي لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة لعام 2053.
ووصف وزير البيئة والتطوير العمراني والتغير المناخي مراد كوروم التشريع بأنه "أهم محطة في طريق التحول نحو اقتصاد نظيف وتحقيق أهدافنا المناخية". وأكد أن القانون سيعزز قدرة الاقتصاد التركي على المنافسة عالميا، ويحميه من التبعات الكارثية لأزمة المناخ.
ويركز القانون على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز قدرة تركيا على التكيف مع الآثار المتفاقمة للأزمة المناخية، عبر إطلاق خطط وطنية ومحلية لحماية البيئة، وتشديد الرقابة على الأنشطة الصناعية الملوِّثة، ودعم التحول التدريجي نحو الطاقة النظيفة والمتجددة.
يأتي سن أول قانون للمناخ في تركيا في ظل سلسلة من الظواهر المناخية القاسية، التي وجهت إنذارا واضحا لصناع القرار.
إعلانإذ تكافح فرق الإطفاء منذ أسبوع أكثر من 600 حريق تغذت برياح عاتية اجتاحت مناطق متفرقة من البلاد، مما أسفر عن 3 وفيات وخسائر بيئية واسعة، في واحدة من أكثر موجات الحرائق فتكا في السنوات الأخيرة.
وشهدت تركيا ارتفاعا حادا في انبعاثات الغازات الدفيئة بالتوازي مع توسع اقتصادها خلال العقود الماضية.
ووفق بيانات هيئة الإحصاء التركية، بلغ إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة عام 2023 نحو 599 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، بزيادة تقارب 7% عن العام السابق.
ويسجل قطاع الطاقة وحده 75% من هذه الانبعاثات نتيجة الاعتماد الكثيف على الفحم والغاز والنفط، يليه قطاع الزراعة بنسبة 12%، ثم الصناعة بنحو 11.8%.
وهذا التصاعد الحاد في الانبعاثات يبرز الحاجة العاجلة لكبح المسار التصاعدي للانبعاثات، خاصة أن تركيا باتت ضمن أكبر 20 مصدرا عالميا لانبعاثات الكربون بحصة تتجاوز 1% من الإجمالي العالمي.
لذلك، يُنظر إلى القانون الجديد على أنه خطوة إستراتيجية لكسر منحنى الانبعاثات المتزايد ووضع أسس لتنمية مستدامة توازن بين متطلبات الاقتصاد وضرورات حماية البيئة، وفق مختصين.
أبرز البنوديتضمن قانون المناخ التركي حزمة واسعة من الآليات التنظيمية والتشريعات البيئية، موزعة على 20 مادة أساسية وعدد من التعديلات للقوانين القائمة، بهدف إرساء إطار قانوني شامل لمواجهة التغير المناخي ودعم التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، أبرزها:
سوق وطني للكربون: استحداث نظام لتداول الانبعاثات يحدد أسعار الكربون ويوزع الحصص على القطاعات، مع إمكانية بيع الشركات الفائض من حصصها لمنشآت أخرى. تصاريح ورقابة مشددة: إلزام المنشآت الكبرى بالحصول على تصاريح انبعاثات خلال 3 سنوات، مع فرض تقارير سنوية دقيقة وغرامات قد تصل إلى ملايين الليرات، ومنح مديرية التغير المناخي صلاحيات التفتيش والعقوبات. خطط عمل محلية ووطنية: إلزام المحافظات بوضع خطط مناخية بحلول 2027، وتشكيل لجان إقليمية، إلى جانب إعداد إستراتيجية وطنية شاملة وخطط دورية للتخفيف والتكيف. تمويل واستثمار أخضر: تطوير أدوات تمويل جديدة ودعم مشاريع الطاقة النظيفة، مع اعتماد تصنيف "تركيا الأخضر" وتبني آليات لحماية تنافسية الصادرات التركية في ظل القيود البيئية العالمية. عدالة مناخية وانتقال عادل: إدراج مفاهيم لضمان توزيع منصف لأعباء وفوائد التحول نحو الاقتصاد النظيف، وحماية الفئات الأكثر تضررًا، مع إشراك المجتمع المدني والخبراء في رسم السياسات. جدل واسعوأثار التشريع جدلا مجتمعيا واسعا، بعد انتشار شائعات عن فرض ضرائب كربون على الأفراد أو تقييد ممارسات زراعية، وهو ما نفته وزارة البيئة مؤكدة أن الإجراءات تستهدف المنشآت الكبرى فقط، وأن القانون يهدف لحماية الموارد الطبيعية وضمان الأمن الغذائي والمائي.
في المقابل، أبدى ممثلو قطاع الصناعات تخوفهم من الأعباء المالية التي قد يفرضها الامتثال للمعايير الجديدة، خاصة على المصانع الصغيرة والمتوسطة. لكن الحكومة ترى أن هذه الإصلاحات باتت ضرورية لضمان استمرار صادرات تركيا في الأسواق الأوروبية، حيث تزداد اشتراطات الاستدامة.
بدوره، يرى الباحث البيئي في جامعة يلدريم، عثمان كورتولوش، أن قانون المناخ الجديد يشكل خطوة أولى مهمة لوضع إطار تشريعي يعزز قدرة تركيا على التكيف مع تحديات التغير المناخي، ويدفع نحو خفض الانبعاثات تدريجيا. لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن نجاح القانون مرهون بآليات التنفيذ الفعلي على الأرض، وليس بمجرد النصوص المكتوبة.
إعلانويرجح كورتولوش -في حديث للجزيرة نت- أن تطبيق القانون سيواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها اعتماد الاقتصاد التركي بشكل كبير على الوقود الأحفوري، خاصة الفحم، لتوليد الكهرباء وتشغيل الصناعات.
ويشير إلى أن التحول إلى مصادر طاقة نظيفة يتطلب استثمارات ضخمة وتقنيات متقدمة، وهو ما قد يثقل كاهل الاقتصاد في ظل الظروف المالية الحالية.
كما لفت إلى أن عديدا من البلديات والمؤسسات المحلية تفتقر إلى الخبرات والقدرات الفنية اللازمة لإعداد وتنفيذ خطط مناخية فعّالة، الأمر الذي قد يبطئ وتيرة التحول على المستوى المحلي.
ثورة خضراءمن جانبها، ترى المهندسة البيئية إليف رابعة جوربوز أن قانون المناخ الجديد يمثل خطوة محورية في مسار تركيا نحو تحقيق هدف "صافي الانبعاثات الصفرية" بحلول عام 2053.
وتشير جوربوز -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن الرئيس أردوغان وصف حينها هذا التحول بأنه "ثورة التنمية الخضراء"، في إشارة إلى دمج السياسات البيئية مع رؤية التنمية الاقتصادية للبلاد.
ووفق قولها، يضع القانون أسسا تشريعية تتيح لتركيا التصدي لمخاطر تغير المناخ، ومن ذلك أزمات المياه، وموجات الحر الشديدة، وحرائق الغابات، وانعدام الأمن الغذائي، وهي تحديات برزت بقوة خلال السنوات الأخيرة.
كما تؤكد أن تركيا -خلال مشاركاتها في قمم المناخ العالمية- شددت على أهمية مواجهة هذه المخاطر، مع الدعوة إلى تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة، ومشاريع "صفر نفايات"، وآليات التمويل الأخضر.
وترى أن القانون الجديد لا يقتصر على كونه استجابة وطنية، بل يعكس رغبة تركيا في الاضطلاع بدور إقليمي للحد من الآثار الإنسانية والبيئية والاقتصادية لأزمة المناخ، خصوصا في منطقتي الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط، اللتين تعتبران من أكثر المناطق هشاشة أمام التغيرات المناخية.