تزداد المؤشرات بشأن قرب التوصل لاتفاق في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يفضي إلى صفقة تبادل للأسرى، وهو ما أجمع عليه محللون سياسيون وسط تباين في أهداف الأطراف المعنية.

ويعتقد الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عازم على الذهاب نحو صفقة تبادل وخاصة المرحلة الأولى بعدما أصبح ملف الأسرى عبئا عليه.

ووفق حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن شركاء نتنياهو من اليمين المتطرف مثل الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش سيعارضان الاتفاق ولكن لن يسقطا الحكومة خلافا لما حدث في المرات الماضية.

ويبقى العائق الأساس -حسب الخبير بالشأن الإسرائيلي- إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ذوي المحكوميات العالية في السجون الإسرائيلية، "لذلك تحاول إسرائيل تجاوز ذلك بإبعادهم إلى خارج فلسطين".

وفي هذا الإطار، نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤولين كبار قولهم إنه "من الممكن التوصل إلى تفاصيل الاتفاق خلال أيام وتنفيذه خلال أسابيع قليلة"، لكن تبقى معارضة الجيش الانسحاب من محور نتساريم إحدى القضايا الخلافية الأساسية.

ويرى مصطفى أن نتنياهو يتباحث مع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن حول المرحلة الأولى من الصفقة والتي وصفها بالإنسانية، في حين يريد التفاوض مع خليفته دونالد ترامب بشأن المرحلتين الثانية والثالثة التي يغلب عليهما الطابع السياسي.

إعلان

وأعرب مصطفى عن قناعته بأن نتنياهو يريد استعادة أكبر عدد من الأسرى الأحياء، ولكنه لا يريد الانسحاب الكامل من غزة وخاصة محور نتساريم خشية سقوط حكومته وعدم تحقيق مفهوم "الانتصار المطلق".

وفي هذا السياق، نقلت القناة الإسرائيلية ذاتها عن مصادر قولها إن "نتنياهو يحتكر المعلومات، ولا يطلع أحدا على تفاصيل المفاوضات سوى دائرة ضيقة جدا".

وخلص مصطفى إلى أن المشهد في إسرائيل "ذاهب نحو اتفاق تكتيكي ليس فيه التزام بوقف الحرب، ومن ثم الدخول إلى مرحلة ترامب"، خاصة أن نتنياهو يعتقد أنه حقق "إنجازات تاريخية مسحت إخفاق هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".

مرونة حماس

بدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن غزة ذاهبة أكثر نحو صفقة تبادل استنادا إلى اتفاق الثاني من يوليو/تموز الماضي في ظل رغبة حماس في وقف حرب الإبادة الجماعية.

ورأى القرا أن حماس تريد منح فرصة للأطراف الدولية لوقف الحرب والذهاب قدما نحو خطوات فعلية تفضي إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.

وعدد الكاتب الفلسطيني بعضا من الاعتبارات قد تشكل عقبة أمام التوصل لاتفاق مثل عدد الأسرى الفلسطينيين، وقضية النازحين من شمال القطاع، وإدارة معبر رفح، واليوم التالي لحرب غزة.

ويعتقد القرا أن حماس تبدي مرونة، إذ لا تريد حكم القطاع وإنما تريد جسما وطنيا لا يحتكم إلى الاحتلال مع منح السلطة الفلسطينية تطمينات بألا تكون لجنة إدارة غزة بديلة عن الحكومة في رام الله.

وفي وقت أعرب فيه البيت الأبيض عن تفاؤله بسير المفاوضات، قالت حركة حماس إن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى ممكن "إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة".

لكن الكاتب الفلسطيني شدد على وجود تخوفات من تنصل إسرائيل من التزاماتها بالاتفاق المرتقب، مؤكدا أنه لا توجد أي جهة تضمن إسرائيل واستدل برفضها سابقا إضافة تركيا وغيرها كأطراف ضامنة.

إعلان

وبينما أقر أن الباب سيبقى مفتوحا بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، يرى القرا أن هناك عوامل ضاغطة بهذا الاتجاه مثل تغير الإدارة الأميركية وإبقاء أسرى إسرائيليين في غزة معظمهم عسكريون.

دوافع الأطراف

من جانبه، أقر المدير السابق بوكالة المخابرات المركزي الأميركية (سي آي إيه) برنارد هاتسون بوجود تفاؤل بشأن مفاوضات غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل حققت معظم أهدافها من الحرب مع إقراره بأن نتنياهو هو اللاعب الرئيس في المشهد.

وحسب هاتسون، فإن إسرائيل أضعفت حزب الله في لبنان، وأعادت تأسيس ردعها مع إيران خاصة مع انهيار نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

وفي هذا الإطار، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله "إننا نشهد الأيام الأخيرة من المفاوضات التي لا يمكن أن تستمر للأبد"، مؤكدا أن الاتجاه "إيجابي ولكن أي شيء يمكن أن يحدث".

ووفق هاتسون، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدرك أنه لم يتبق أمامها الكثير قبل رحيلها، وتريد إطلاق سراح الأسرى حيث لا يزال 7 أميركيين في عداد المفقودين بغزة.

وكذلك لا تريد حماس الوصول إلى تاريخ 20 يناير/كانون الثاني المقبل (موعد تنصيب ترامب) من دون تغيير على المشهد الحالي، ليخلص هاتسون إلى أن الوقت الحالي هو أفضل فرصة للوصول إلى اتفاق منذ بداية الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أن نتنیاهو القرا أن

إقرأ أيضاً:

كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأميركية؟

غزة- رفعت فصائل المقاومة الفلسطينية درجة الاستنفار الميداني في صفوف مقاتليها للتعامل مع أي تطورات محتملة بالتزامن مع تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة بإسقاط حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودراسة خيارات بديلة لإعادة "الرهائن".

وقابلت المقاومة في غزة التهديدات الجديدة بمزيد من التأهب لمواجهة أي تطورات مفاجئة، سواء فيما يتعلق برفع الاحتلال وتيرة عملياته البرية داخل القطاع، أو اللجوء إلى عمليات خاصة بهدف تحرير الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

رفع الجاهزية

وقال قائد ميداني في فصائل المقاومة بغزة للجزيرة نت إن رفع الجاهزية لدى المقاتلين يأتي لمنع أي محاولة إسرائيلية للحصول على أي من جنوده الأسرى دون مقابل، وتكبيده أكبر قدر من الخسائر في حال فكر بأي عملية خاصة أو لجأ إلى التقدم البري بشكل أكبر داخل القطاع.

وشدد القائد الميداني على أن المجموعات المقاتلة تلائم خططها بما يحقق أكبر قدر من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي يحاول الهرب من المواجهة المباشرة عبر القوة النارية الغاشمة.

وتأتي هذه التطورات الميدانية بعدما قال ترامب "إن حركة حماس لا ترغب في إبرام اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وأعتقد أنهم سيسقطون".

وأعقب ذلك حديث نتنياهو بأن إسرائيل تدرس خيارات بديلة لإعادة الرهائن إلى ديارهم وإنهاء حكم حماس في غزة، بعد أن استدعت المفاوضين من محادثات وقف إطلاق النار في قطر.

التخلص الفوري من الأسرى الإسرائيليين وسيلة المقاومة للرد على محاولة إسرائيلية لتحريرهم (الجزيرة) "التخلص الفوري"

وفي السياق، يعتقد الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة أن قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة تدخل منعطفا حساسا مع تصاعد التهديدات العلنية وعودة الحديث عن خيار الحسم العسكري المجرب خلال 22 شهرا من الحرب دون نتائج حاسمة.

إعلان

ويقول أبو زبيدة للجزيرة نت إن هناك تحولا في الموقف الأميركي تجاه تقديم غطاء سياسي لأي عملية إسرائيلية خاصة، سواء في غزة أو في الخارج، مما أدى إلى رفع المقاومة الفلسطينية منسوب الجاهزية لوحدات تأمين الأسرى، وفعّلت بروتوكول "التخلص الفوري" كإجراء ردعي عالي المستوى، مضيفا أن أي عملية إنقاذ قسرية ستكون محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى مقتل الأسرى.

ويشير إلى أن المعطيات الاستخبارية ترفع مؤشرات تنفيذ عمليات خاصة مركّبة، سواء عبر طائرات مسيرة أو وحدات كوماندوز أو عملاء ميدانيين، ليس فقط في غزة، بل في ساحات خارجية تستهدف كوادر المقاومة، وهو ما دفعها إلى إصدار تحذيرات أمنية لقياداتها في الخارج خشية تنفيذ اغتيالات أو عمليات اختطاف.

وكانت منصة الحارس التابعة للمقاومة الفلسطينية نقلت عن ضابط في أمن المقاومة بغزة قوله إن المقاومة رفعت الجاهزية لدى جميع وحدات تأمين الأسرى الإسرائيليين في القطاع، بما في ذلك العمل وفق بروتوكول "التخلص الفوري".

وأوضح الضابط في حديثه للمنصة أن هذا الإجراء يأتي في ظل وجود تقديرات بإمكانية قيام الاحتلال الإسرائيلي بعمليات خاصة بقصد تحرير أسرى في غزة، داعيا المواطنين للإبلاغ عن أي تصرف مشبوه أو سلوك مريب، سواء لأشخاص أو مركبات.

وأمام الحضور الاستخباري الإسرائيلي المكثف في غزة لفت الباحث أبو زبيدة إلى أن فصائل المقاومة تعمل ضمن معادلة استنزاف طويلة وتجهيز كمائن، وانتشار موضعي عبر مجموعات صغيرة لا مركزية، تحسبا لأي مواجهة أو عملية خاصة معقدة، ولا سيما إذا ما تم تنفيذها تحت غطاء ناري واسع.

وشدد على أنه مع تدهور البيئة الداخلية في غزة قد يعتقد صانع القرار في تل أبيب أن الزمن مناسب لمحاولة جريئة، لكن المفاجآت تبقى واردة، والتكلفة قد تكون سياسية وعسكرية وأمنية عالية.

"أوراق حماس"

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة إن ما يجري ليس مجرد تراجع في المواقف الأميركية، بل انكشاف كامل للنية السياسية التي كانت تتخفى خلف ستار الوساطة، ومع ذلك لا تزال حماس تتعاطى مع مسار التفاوض من باب القوة النسبية التي راكمتها ميدانيا وسياسيا.

وأوضح عفيفة في حديث للجزيرة نت أن الأوراق التي تمتلكها حماس تتمثل في:

الأسرى: وهو الملف الذي يبقي الاحتلال في حالة استنزاف دائم ويمنح حماس ورقة تفاوض مركزية. الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي تعاني من ضغط نفسي وسياسي متفاقم ومن حكومة عاجزة ومأزومة. الميدان الغزي: الذي يربك الاحتلال يوميا بكمائن الأنفاق والاشتباك المتقطع. البيئة الإقليمية: التي تشهد تحولا في المزاج الشعبي والرسمي يحرج العواصم الداعمة للاحتلال.

ويعتقد عفيفة أن تصريحات ترامب ليست زلة لسان، بل تعبير صريح عن العقيدة الأميركية المستقرة منذ عقود، والقائمة على التفاوض مع الفلسطينيين فقط بقدر ما يخدم أمن إسرائيل، وليس كجزء من حل سياسي متوازن، وبالتالي فإن حماس لا تفاوض فقط لإدارة كارثة، بل لتثبيت معادلة جديدة عنوانها لا أمن ولا استقرار دون حقوق سياسية واضحة للفلسطينيين.

يذكر أن حركة حماس خاضت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي بوساطة قطرية مصرية منذ 20 يوما، وكانت يسودها حالة من التفاؤل بقرب التوصل إلى هدنة لمدة 60 يوما، قبل أن يعلن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن الإدارة الأميركية قررت استدعاء فريقها التفاوضي من الدوحة.

إعلان

وقال ويتكوف في منشور له عبر منصة إكس إن رد حماس على المقترح الأخير يظهر عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار.

مقالات مشابهة

  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأميركية؟
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو وترامب تلاعبا بعائلات الأسرى وحماس تريد إنهاء الحرب
  • ترامب: حماس لا تريد اتفاقا في غزة و"ستسقط"
  • ترامب يردد مزاعم نتنياهو: حماس لا تريد التوصل إلى اتفاق في غزة
  • ترامب: حماس لا تريد التوصل إلى اتفاق .. ويجب القضاء عليها
  • ترامب: حماس لا تريد حقًا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
  • عاجل | ترامب: حماس لا تريد حقا التوصل إلى اتفاق
  • ترامب يردد مزاعم نتنياهو: حماس لا تريد حقا التوصل إلى اتفاق في غزة
  • حماس تؤكد وجود فرصة لوقف النار.. وإسرائيل تدرس رد الحركة