سودانايل:
2025-07-29@20:26:17 GMT

الحرب والأدب – رائحة الدم وسلطة الحكي

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

منذ البدء أدركت أن الحرب، كالأدب، هي فن قلة أدب... مؤلم ولكنه مغرٍ. لم يكن مطلوباً من الحروب أن "تصلح" العالم، بل إن أكثر الحروب دماراً كانت تحركها دوافع لا أخلاقية: السلطة، المال، الانتقام، وأحياناً مجرد النزوات. مثل الأدب، الحروب التي تُشعل الصفحات وتجذب الأنظار هي تلك التي تقلب الطاولة على الرتابة وتعيد ترتيب الأدوار، حيث يصبح الضعيف قوياً والقوي هشاً، ولو للحظات.


لا تبتعد الحرب كثيراً عن وظيفة الطُّعم في الروايات. إنها لعبة يجيدها الكبار الذين يكتبون مصائر الشعوب بالرصاص والقنابل. في كل حرب، قصة غير مكتملة تحتاج لشهودٍ كي تكتمل: شهداء في الأرض، أرقام على الشاشات، وذاكرة مشوهة.
الأدب والحرب شهوة الحكي وصمت الفجيعة
الحروب، كما الأدب، تجرّ كتّابها نحو التناقضات. ماركيز دو ساد كانت فجاجته في الأدب انعكاساً لتخيلاته المتطرفة، أما أدب الحروب العربية فكان مرآةً لنفاق واقعها. الحرب، في عمقها، تشبه الجنس في الأدب: محرك خفي للمشاعر والقرارات، محرّم أحياناً، لكنه حاضر كظل ثقيل في كل زاوية.
مثلما كانت رواية "أنا أحيا" لليلى بعلبكي تصرخ في وجه الصمت المجتمعي، تخرج الحروب بوحشيتها لتكشف عن ضعف الشعوب وقوة الحاكم، لتعيد ترتيب الخرائط السياسية والمجتمعية كما تفعل الروايات الجريئة بنصوصها. محمد شكري جُرّ إلى المنع بسبب الكتابة عن جسده، بينما تُساق شعوب بأكملها نحو الموت بسبب أجساد تملك السلطة ولا تُمس.
لغة الدماء و"ماركيتينغ" الحرب
في زمن "البيست سيلر"، الحروب أيضاً تخضع لقواعد السوق. مشاهد الدمار تُباع، وصور اللاجئين تُستهلك، وقصص الأبطال تُصنع في مكاتب العلاقات العامة. الحرب، مثل الأدب الرديء، قد تبدو مفبركة أحياناً، لكن تأثيرها حقيقي ومدمر. الفرق الوحيد هو أن النصوص تُطوى بينما الجثث تُترك للتراب.
أدب الحروب من الاحتشام إلى الوقاحة
كما الجنس في الأدب، تتأرجح الحروب بين الوقاحة المفرطة والاحتشام الزائف. هناك من يكتب عن الحرب كفعل نبيل، وهناك من يراها مجرّد أداة لنشر الخوف وإحكام السيطرة. الحروب تبيع نفسها للجماهير كضرورة، لكنها في جوهرها تظل كاتباً مهووساً بتسجيل الفوضى.
سؤال السقوط هل يفقد الأديب قيمته؟
حين يكتب الأديب عن الجنس، بشكل مباشر أو فاضح، وحين يغوص في المناطق المحرمة من الذات والواقع، تُثار أسئلة حول أخلاقيته ودوره. لكن، هل يُسقط ذلك الأديب من عليائه؟ أم أن الأدب بطبيعته فعل تمرّد على الخطوط الحمراء؟
يبقى السؤال معلقاً في الهواء، بلا إجابة حاسمة هل يكتب الأديب ليصنع فناً خالداً يتسامى على القبح، أم يكتب ليواجهنا بمرآة صادمة تكشف أكثر أوجهنا انكساراً؟ وهل يكفي الالتزام بالقيم، أم أن الحقيقة—مهما كانت عارية—هي القيمة العليا في الكتابة؟

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

انبعاث رائحة .. صيانة طارئة بشارع البحر الأعظم للغاز الطبيعي بالجيزة

أعلنت محافظة الجيزة أن الشركة المصرية لتوزيع الغاز الطبيعي للمدن تاون جاس سوف تقوم بأعمال صيانة طارئة بشارع البحر الأعظم ، وذلك اليوم الاثنين الموافق ٢٨ يوليو ٢٠٢٥، بدءا من الساعة ١١ مساءً، وحتى نهاية الأعمال
وهو ما قد ينتج عنه انبعاث رائحة غاز في محيط المنطقة خلال فترة العمل.

وتوضح محافظة الجيزة أن الشركة قد افادت انه لن يتم قطع الغاز عن أي منشأة أو عقار وقد تم اتخاذ كافة الإجراءات الفنية والوقائية اللازمة، بما في ذلك تنفيذ مناورة فنية للتأكد من عدم تأثر أي عقار سلبًا نتيجة هذه الأعمال .

وتهيب المحافظة بالمواطنين بعدم القلق أو الانزعاج من رائحة الغاز المؤقتة حيث أن فرق الطوارئ والصيانة تتواجد بالموقع لضمان تنفيذ الأعمال بأعلى درجات الأمان والسلامة.

وتؤكد محافظة الجيزة انه حرصًا منها على طمأنة الجميع وجب التنويه بذلك، وفي حال وجود أي استفسارات، يرجى التواصل مع طوارئ الشركة من أي هاتف أرضي على الرقم 129.

طباعة شارك اخبار الجيزة محافظة الجيزة غاز طبيعي

مقالات مشابهة

  • التلقي الطبيعي للأدب
  • مرصد بيئي يتوقع عودة انتشار رائحة الكبريت في سماء بغداد اعتبارا من آب المقبل
  • احنا عندنا حرب ملعلعه.. جدل في اليمن بعد نيل وزير الدفاع درجة الدكتوراة في "الحروب الصامتة"
  • تقرير: الحروب التجارية الأمريكية تُكبد الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بـ2 تريليون دولار
  • انبعاث رائحة .. صيانة طارئة بشارع البحر الأعظم للغاز الطبيعي بالجيزة
  • انتشار رائحة غاز قوية في شوارع العمرانية.. شركة تاون جاس توضح الأسباب
  • مكون منزلي يخلصك من رائحة العرق نهائيا
  • الحروب والإجرام أساس ومُنطلق المشروع الصهيوني
  • كاتب بريطاني: إبادة غزة كانت متوقعة نظرا لخطاب صراع الحضارات والإسلاموفوبيا لسنوات
  • إغلاق كلي للطريق المحاذي لإشارات طريق دوحة الأدب