الإعلام والذكاء الاصطناعي.. تغطية الأزمات وثورة الخوارزميات
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
(2-2)
هزاع أبو الريش (أبوظبي)
في هذا التحقيق، تستقصي «الاتحاد» جوانب من فرص زيادة فاعلية ورفع مهنية وتأثير وانتشار واستدامة رسالة الإعلام، من خلال توظيف استخدامات الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية، بتوفير البيانات الضرورية، واستقاء المعلومات من المصادر الرئيسة؛ بغرض إثراء وإغناء التغطيات الخبرية للأزمات الإنسانية.
عن تنامي دور الذكاء الاصطناعي والخوارزميات الذكية في صناعة الإعلام بصفة عامة، يقول الكاتب الصحافي أشرف مفيد، رئيس تحرير بوابة «مصر الآن»، وخبير تطبيقات الذكاء الاصطناعي: في تقديري الشخصي، أن التعاون بين خبراء الإعلام والتقنيين لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة حتمية لتحقيق نتائج فعّالة وملموسة في مجال التحقيقات الإنسانية، وهذا التعاون لم يعد رفاهية بل صار جوهراً أساسياً، حيث إن نوعية وفاعلية هذا التعاون هي التي تشكل المنتج النهائي، وتضمن أن يكون في خدمة القضايا الإنسانية بالدرجة الأولى. وأضاف: كما أرى أيضاً أن هذا التعاون يجب أن يرتكز على هدف طموح يتمثل في تقديم حلول حقيقية وواقعية للتحديات المعقدة التي قد يواجهها الإعلاميون المختصون في التحقيقات الإنسانية. فهذه التحديات تتزايد وتتطور. ولذا، يجب أن يكون هناك أيضاً تعاون ونظرة شاملة قائمة على فهم متبادل لأهداف وأبعاد العمل، وبناء حلول مبتكرة تستجيب لتلك التحديات بما يحقق أقصى استفادة ممكنة في المجال الإنساني.
وأضاف رئيس تحرير بوابة «مصر الآن»: من خلال تجربتي حينما قمت بتأسيس هذه البوابة، أرى أن الذكاء الاصطناعي يكاد يعيد تشكيل ملامح كل شيء بشكل جذري، وخاصة في مجال الإعلام، حيث إنه سيعيد صياغة مفرداته وعناصره بشكل شامل، وبالتالي فإن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل مباشر في تعزيز الشفافية والاستدامة في الإعلام، وخاصة منه ما يتصل بتحقيقات العمل الإنساني، من خلال توفير أدوات تتيح الوصول إلى المعلومات وتحليلها بدقة وسرعة. كما يمنح الإعلام قدرات غير مسبوقة في جمع المعلومات وإيصالها بشكل يتسم بالحياد والشفافية، ما يسهم في بناء الثقة مع الجمهور، وتحقيق استدامة أكبر في نقل الأخبار والتقارير الإنسانية.
انطباع واهم.. وغزو فضائي داهم!
يرى سامح كعوش، إعلامي فلسطيني، أن ثمة انطباعاً لدى قطاعات من الجمهور عن الذكاء الاصطناعي وكأنه نهاية البشرية، أو غزو فضائي داهم سيقضي على الإنسان! مع أنه من صُنعه وإنتاج يديه ووعيه وفكره، ولكن هذا الانطباع بحد ذاته واهم وغير دقيق، فلا يمكن للإنسان إلا الاستئناس والانتفاع بما حوله من إمكانات وأدوات، فهل كان المحراث مثلاً مهدِّداً بإزالة البشر يوم اختراعه؟ وهل كان الدولاب كذلك؟ وهل كانت اللغات والكتابة، ثم الطباعة ثم البرق والهاتف والأجهزة المحمولة كذلك؟، الجواب بالتأكيد: لا. فالذكاء الاصطناعي في النهاية سيحاكي الإنسان في تصرفاته وأخلاقياته، ولن يخرج عن ذلك أبداً طالما أن المعايير الأخلاقية التي نزوّده بها هي نفسها التي نلتزم بها، وسيكون الذكاء الاصطناعي في المحتوى والإعلام أداة مهمة في تجويد صناعته وبيانه ولسانه. وسيُتيح للإعلامي أن يتعمق في صياغة تحقيقاته الإنسانية بأدوات التحليل والاستدلال وفرضيات الخطأ والصواب التي هي أساس كل قضية وتحقيق. واستطرد كعوش: من خلال تجربتي المتواضعة في هذا المجال، أنا أستفيد يومياً من حواراتي مع تطبيق الذكاء الاصطناعي، مستغنياً بالمعلومات التي يقدّمها عن آلاف الكتب والمخطوطات. كما أستفيد أيضاً من تطبيقات الترجمة التي تسهّل عملي، وإن كانت لا تحلُّ محلي قطعاً، لا الآن ولا مستقبلاً. ولا بدّ من تطوير سياسات وتشريعات مع كلّ مستجد في هذا المجال، وهي ضرورة تصدّت لها الإنسانية دوماً. وأعتقد أن هذه التشريعات ستؤدي دور الرقابة على أية استخداماتٍ غير ملائمة أو غير ذكية للذكاء الاصطناعي الذي هو أداةٌ مهمة لابدّ من الاستفادة منها في قطاع الإعلام والتغطيات والتحقيقات الاستقصائية بأنواعها، خاصةً الإنساني منها، في تعزيز الاستدامة والشفافية وبناء الفرضيات وتقديم الحقائق والأرقام والمعلومات كقواعد بيانات مرجعية مهمة في سياق الكتابة الإعلامية وصناعة المحتوى.
استراتيجيات ذكية.. وحلول مبتكرة
بدوره، بيّن الباحث والإعلامي عبدالله عبدالرحمن الحمادي، ضرورة تعزيز التعاون بين خبراء الإعلام والتقنيين لتطوير حلول مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية، وذلك يمكن أن يحدث من خلال استراتيجيات ذكية عدة، منها:
أولاً، بناء فرق متعددة التخصصات: تشكيل فرق عمل تجمع بين خبراء الإعلام والصحفيين الاستقصائيين مع التقنيين، مثل مهندسي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات. ويمكن لهذا الدمج خلق بيئة للتعلم المتبادل، حيث يفهم كل جانب احتياجات وتحديات الجانب الآخر.
ثانياً، تحديد الاحتياجات الإنسانية: تحديد المجالات التي يمكن أن يُحدث فيها الذكاء الاصطناعي فرقاً واضحاً في التحقيقات الإنسانية، مثل تحليل البيانات الضخمة، واكتشاف الأنماط، وتقديم رؤى معمقة من البيانات غير المهيْكلة (كالفيديوهات، والتسجيلات الصوتية).
ثالثاً، ورش عمل وتدريبات مشتركة: عقد ورش عمل وجلسات تدريبية لخبراء الإعلام لتعريفهم بأدوات الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامها في التحقيقات، وللتقنيين للتعرف على أساليب العمل الصحفي ومتطلبات التحقيقات الإنسانية.
رابعاً، التجريب والتطوير التكراري: تطبيق نهج التطوير التكراري لتطوير الحلول. ويعني ذلك إطلاق نموذج أولي، ثم جمع ملاحظات من الفرق المختصة لتحسينه بشكل مستمر. ويتيح هذا النهج التعاون المستمر ويضمن توافق الحلول مع المتطلبات.
خامساً، استخدام تقنيات تحليل البيانات المتقدمة: تطوير تقنيات تعتمد على معالجة اللغات الطبيعية (NLP) والتعلم العميق (Deep Learning) لتحليل المحتوى الصحفي أو السجلات العامة بشكل أذكى، مما يسهل على الصحفيين استقصاء المعلومات بسرعة.
سادساً، الشفافية والأخلاقيات: العمل على تطوير معايير أخلاقية واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية، بما يضمن احترام الخصوصية، ويقلل من التحيزات المحتملة.
سابعاً، التمويل والدعم المؤسسي: توفير الدعم المادي من خلال شراكات مع المؤسسات الإعلامية، والمنظمات الإنسانية، والجامعات، والشركات التقنية، مما يمكن الفرق من العمل على حلول ذات تأثير إيجابي ملموس. فمثل هذه الاستراتيجيات يمكن أن تساعد على بناء نظام تعاوني فعال ومستدام، حيث يُسهم الذكاء الاصطناعي في تقديم رؤى جديدة، وتسهيل العمل الإنساني بطرق غير مسبوقة. ويختتم الحمادي قائلاً: على المؤسسات الإعلامية التي ترغب في استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تحقيقاتها الإنسانية تحديد أهدافها بوضوح، والاستثمار في تدريب فرقها الإعلامية وكوادرها المهنية، واختيار أدوات متوافقة مع الاحتياجات الإنسانية، والتفاعل مع الجمهور وتعزيز الثقة لديهم، فبمثل هذا التوظيف الثنائي المشترك ما بين الذكاء الاصطناعي والإعلام، تكون للجهود والخطوات جودتها، وتصبح أكثر فاعلية في تحقيقاتها الإنسانية، وفي الوقت ذاته تحافظ أيضاً على القيم الإنسانية، والمبادئ الأخلاقية.
المعايير الأخلاقية
بالنسبة للمعايير الأخلاقية، قالت الإعلامية ميسون عزام: لا يمكن فهم المعايير الأخلاقية التي يجب أن توجه استخدام الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية بشكل مستقل عن الهيكل الأخلاقي الأوسع الذي تُبنى عليه التحقيقات بشكل عام، فهناك أطر محددة لمبادئ المواثيق الأخلاقية، توجه العمل الصحفي، وتعتمد على قوانين الإعلام وتشريعاته وميثاق الشرف الإعلامي، مؤكدة أن هذا الهيكل الأخلاقي يفرض ضوابط تتعلق بجمع البيانات، وتحليلها، واستخدامها بصدق وأمانة. كما أنه يضمن عدم التحيُّز في المحتوى التحليلي إن كان على المستوى الفردي أو على مستوى الذكاء الاصطناعي عندما يتعلق الموضوع بالتحيُّز الخوارزمي. وباختصار يجب تطبيق منظومة الأخلاقيات العامة في سرد القصص الإنسانية على الذكاء الاصطناعي كما الحال في المحتوى غير الناتج عن الذكاء الاصطناعي، أي بغضّ النظر عن التقنيات المستخدمة في إنشائه. وأشارت عزام إلى أن هناك قصوراً على المستوى العالمي في تعزيز التعاون والتنسيق المتعلق بتنظيم الذكاء الاصطناعي على المستويات كافة، ومنها الأزمات الإنسانية. وبحسب خبراء في تدقيق المعلومات، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، في سبيل التحكم في السرد والمحتوى، بات إنتاجاً ممنهجاً. ولدينا الكثير من التجارب في منطقتنا العربية نشاهد من خلالها أحياناً تضليلاً واضحاً في الإعلام قفز على كل المواثيق التي حددت أخلاقيات العمل الإعلامي الإنساني. وعلى رغم هذا، لا يمكننا أيضاً إلا أن نثمّن جهود بعض الدول التي عملت على تنظيم العمل بالذكاء الاصطناعي وإن كان بشكل مستقل، فالحاجة ما زالت ماسّة لمزيد من التعاون والتنسيق لمواجهة المخاطر التي يمكن أن يحدثها الاستخدام الخاطئ للذكاء الاصطناعي على مجتمعاتنا وتماسكها واستقرارها.
التحيُّز الخوارزمي
ترى ميسون عزام، إعلامية فلسطينية، أن العمل على تطوير الحلول المبتكرة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي يتطلب جهداً على المستويات كافة، الدولية والحكومية والمؤسساتية، وتحت مظلتها يبرز دور التعاون بين الخبراء الإعلاميين والتقنيين، موضحة حقيقة أن التحول التكنولوجي يسير بوتيرة غير مسبوقة، تصعب مواكبتها، تحتم على الجهات المعنية كافة التكاتف وبشتى المجالات، فالدراسات تتوقع بحسب «ريبورت لينكر» أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي إلى 312.4 مليار دولار أميركي بحلول عام 2027، ما يعكس تأثيره العميق على المستوى الاقتصادي وتبعاته على القطاعات كافة، ومن ضمنها الإعلامية الإنسانية، بطبيعة الحال.
وتابعت عزام: إذا ما نظرنا إلى الذكاء الاصطناعي، من ناحية التحقيقات الإنسانية، نجد أن تقنياته المبنية على البيانات، تعمل على إحداث تحول تدريجي في تغطية المواضيع الإنسانية، فهي قادرة على توفير فرصة تحليل كميات هائلة من المعلومات التي تنتجها مصادر مختلفة، مثل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد المعلومات ذات الصلة، والتحقق من صدقية المعلومة والخبر.
ويبقى التحدي الأكبر أمام المختصين الإعلاميين في رصد أوجه القصور في التطبيقات لطرح معالجتها من قبل الخبراء التقنيين، ويعتبر التحيُّز الخوارزمي وخصوصية البيانات من أهم التحديات التي قد تواجه المختصين الذين يسعون لوضع الذكاء الاصطناعي في خدمة التحقيقات الإنسانية وليس على حسابها.
الإعلام في فكر زايد.. مرآة صادقة تعكس صورة الوطن
آمن الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأهمية الإعلام ودوره في بناء دولة الاتحاد، وتحقيق نهضة الوطن، وكان يرى أن الإعلام قاطرة تعزز مسيرة التنمية، وتنقل الحقائق والمتغيرات التي تشهدها البلاد إلى الناس، حيث كان الوالد المؤسس يتسم بحضور مميز في لقاءاته المباشرة مع الصحفيين ووسائل الإعلام، التي كان يحرص فيها على الإجابة المباشرة عن التساؤلات من دون إعداد مسبق، مؤمناً بحرية التعبير، مصغياً إلى الرأي الآخر بحرية وأريحية. وقد تطور الإعلام بشكل كبير على يد الوالد المؤسس، حيث بدأت دائرة الإعلام والسياحة كدائرة رسمية منذ أول أكتوبر عام 1968، وبدأت إذاعة أبوظبي في فبراير 1969، وكان نهج الوالد المؤسس، طيب الله ثراه، قائماً على أن مسيرة التقدم والنهضة في البلاد يجب أن تواكبها نهضة علمية ونهضة ثقافية يضطلع الإعلام بالتعريف والترويج لهما، ومن أقواله الخالدة في هذا المقام: «إنني أؤمن بدور الإعلام، وأريد من كل مواطن أن يعبر عن رأيه بصراحة».
«المتحدث الذكي والصحفي الذكي» في «أبوظبي للإعلام»
عن تجربة المتحدث الذكي والصحفي الذكي في «أبوظبي للإعلام»، يقول محمد حبيب عبدالله، أخصائي نظم التطبيقات: تم تطوير نظام «المتحدث الذكي» من قبل إدارة تكنولوجيا المعلومات المؤسساتية في شبكة أبوظبي للإعلام باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو نظام تسجيل صوتي فريد يتيح ترجمة صوت المتحدث إلى لغات أخرى مع الحفاظ على نبرة صوته الأصلية. وهذا النظام يساعد المتحدث والمستمعين على التواصل بشكل أعمق وأكثر فعالية، إذ يمكّنهم من متابعة المحتوى الإعلامي بلهجاتهم ولغاتهم المختلفة، حيث يُعدّ «المتحدث الذكي» ابتكاراً مهماً في قطاع الإعلام في الإمارات، حيث يعيش في الدولة مجتمع متنوع يتحدث العديد من اللغات. وبفضل هذا النظام، تتمكن شبكة أبوظبي للإعلام من تعزيز التواصل الثقافي وتقديم محتوى أكثر شمولية للجاليات الأجنبية، ما يسهم في تعزيز تأثيرها وتوسعها على المستويين المحلي والإقليمي، ويدعم الإمارات كمركز عالمي للابتكار الإعلامي.
ويضيف: تم أيضاً ابتكار نظام «الصحفي الذكي» في شبكة أبوظبي للإعلام باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم الكُتّاب في إنشاء محتوى مميز يناسب جميع منصات الشبكة. ويسهم هذا النظام في مساعدة الكتاب على توليد المحتوى، وتلخيصه، وتنقيحه بسرعة وكفاءة عالية، ما يسهم في تقليل الوقت والجهد المبذول في عمليات التحرير والكتابة التقليدية، كما يعزز النظام جودة المحتوى بفضل تقنياته المتطورة، التي تضمن تحقيق الدقة والشمولية في المعلومات المقدمة. ومن خلال «الصحفي الذكي»، أصبحت شبكة أبوظبي للإعلام قادرة على تقديم محتوى إعلامي متنوع ومبتكر، يواكب تطلعات الجمهور، ويعزز من ريادتها في المجال الإعلامي، ما يساهم في توسيع انتشارها، وزيادة تأثيرها في الساحة الإعلامية محلياً وإقليمياً ودولياً.
الإعلام.. وترسيخ أسس النهضة وقيم التسامح
تؤكد التجربة التنموية الرائدة لدولة الإمارات أن الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بحكمته وبُعد نظره، كان واعياً بأهمية الإعلام ودوره الأساسي في ترسيخ ومتابعة التجربة التنموية الإماراتية، ومدّ إشعاعها في إطار قيم التسامح والانفتاح التي كان يدعو إليها، وهذا ما جعله يدعو المؤسسات الإعلامية كافة لكي ترسخ هوية الاتحاد وتعبّر عنه. ومن المفاهيم التي أرادها المغفور له الشيخ زايد للإعلام أن يعبر عن واقع المجتمع، وأن يكون حريصاً على حرية الرأي والانفتاح على الآخر.
ولذلك كان الإعلام بمفهوم الشيخ زايد وفي فكره هو الذراع اليمنى للمؤسسات والدولة، والعين التي يبصر بها المسؤولون، ولذلك يتوجب على الإعلام أن يتوخى الحقيقة والدقة والمهنية، وقد أكد أن الدور الأساسي لقطاع الإعلام هو نقل الأحداث والوقائع بحرّية، وبما يسهم في نهوض الأمة وتعزيز نهضتها وتطورها. كما كان الوالد المؤسس، يرى أيضاً أن وسائل الإعلام عليها دور في تعزيز الأمن الوطني بالحفاظ على تلاحم النسيج الوطني، والإسهام في بناء وعي وثقافة المواطن، وتعزيز الهوية الوطنية، ونشر قيم التسامح.
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يؤكد في أكثر أحاديثه أن الإعلام يجب أن يكون مرآة الناس، مثمناً دوره في تعزيز السلم والتعايش ونقل الصورة المثلى للارتقاء بالمحتوى الفكري والمعرفي لدى الإنسان.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الإمارات الخوارزميات الكوارث والأزمات الإعلام استخدام الذکاء الاصطناعی شبکة أبوظبی للإعلام خبراء الإعلام الوالد المؤسس طیب الله ثراه ما یسهم فی فی تعزیز یمکن أن من خلال أن یکون فی هذا یجب أن
إقرأ أيضاً:
السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية.
واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنهاlist 2 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةend of listوفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي "إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية.
وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي.
سباق مفتوحوفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات.
لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة.
الشركات طورت نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام
كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام.
إعلانففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات.
وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة.
منافسون آخرونليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية".
وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية.
أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية.
ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله".
وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة.
ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك.
لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعيفي المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة.
وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة.
وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا.
إعلانويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة.
الصين في الصورةورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون "لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع".
موليغان: ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن نخسر سباق التبني الفعلي له
وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر.
ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم.
وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".