سامح قاسم يكتب: سنوات النمش.. سيرة االإنسان في مواجهة القهر
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتسم رواية "سنوات النمش" للروائي وحيد الطويلة بكثافة رمزية وأبعاد اجتماعية ونفسية عميقة. تُقدَّم الرواية بوصفها سردًا يُبحر في الذاكرة الفردية والجمعية، وتُجسد رحلة وجودية معقدة لشخصية تعيش في هوامش الحياة، حيث يصبح النمش استعارة شاملة للاغتراب والتمايز الذي يُعرِّي الأفراد أمام مجتمع قاسٍ وغير متسامح.
تمتد الرواية في سردها عبر فضاءين متداخلين: العالم الخارجي المحكوم بالقهر والسلطة، والعالم الداخلي للشخصية الرئيسية المليء بالتأملات والصراعات. تُمزج الأحداث اليومية بالتاريخ الشعبي والرمزية، ما يمنح الرواية طابعًا مزدوجًا يجمع بين الواقعية والنزعة التأملية.
يأتي النمش في الرواية كرمز متعدد الدلالات يعكس التمايز والاختلاف والبحث عن الهوية في عالم يفرض التجانس. هذه الرواية ليست مجرد سرد لتجارب شخصية، بل هي انعكاس لصراعات اجتماعية ونفسية أوسع، تُبرز ببراعة قدرة الأدب على التعمق في التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية والارتقاء بها إلى مستوى من التأمل الفلسفي.
يحمل عنوان الرواية "سنوات النمش" دلالة مزدوجة، فهو من جهة يحيل إلى تفاصيل شخصية بطل الرواية وتجربته مع الاختلاف، ومن جهة أخرى يشير إلى الزمن كحاضن لهذه التجربة. النمش ليس مجرد ظاهرة جسدية، بل هو استعارة تُمثل ندوب الحياة وصراعات الهوية في مواجهة التنمر المجتمعي والقيود العائلية والبحث عن الحرية. يضعنا الكاتب أمام نص يمزج بين الشعرية والواقعية، حيث تتجلى تفاصيل البيئة الريفية والمدينة بأسلوب مشحون بالمشاعر والانفعالات.
ينتمي وحيد الطويلة إلى جيل من الروائيين الذين يعيدون صياغة السرد العربي بطرق جديدة ومبتكرة، حيث لا يكتفي بتقديم قصة، بل يتحدى القارئ للتأمل في أعماق النفس البشرية. الرواية تتناول قضايا تتعلق بالطفولة، العائلة، الهوية، الغربة، والبحث عن الذات. ومن خلال لغة مكثفة وحبكة متعددة الطبقات، يُظهر الطويلة كيف أن هذه القضايا متشابكة ولا يمكن فصلها عن السياقات الاجتماعية والثقافية.
في "سنوات النمش"، يلتقط الطويلة تفاصيل الحياة اليومية ليعيد تشكيلها في إطار أدبي مميز. القرية هنا ليست مجرد مكان جغرافي، بل هي كيان حي يعكس التقاليد الصارمة والتناقضات الاجتماعية، حيث تصبح العلاقات بين الشخصيات مرآة لصراعات أعمق بين السلطة والحرية، الانتماء والاغتراب. كما أن الغربة في الرواية ليست مجرد انتقال مكاني، بل هي تجربة وجودية تعكس الصراع الداخلي للراوي، الذي يبحث عن ذاته بين ماضيه القروي وحاضره الجديد.
الرواية تمثل دعوة للتأمل في كيفية تأثير الطفولة والعائلة والمجتمع على تشكيل الفرد. وحيد الطويلة يأخذنا في رحلة تبدأ من الطفولة، حيث يتعرف الراوي على العالم من خلال قيود الأسرة ونظرات المجتمع، وتمر بمراحل النضج والتمرد والغربة، لتنتهي برحلة التصالح مع الذات. من خلال هذه المحطات، يُبرز الكاتب كيف أن النمش، الذي كان مصدرًا للمعاناة، يتحول إلى رمز للحرية والتفرد.
لغة الرواية هي عنصر رئيسي في تميزها، حيث يستخدم الطويلة لغة شاعرية مكثفة تمتزج بالواقعية. تفاصيل الحياة اليومية، من مشاهد القرية إلى حوارات الشخصيات، تُقدم بمهارة تجعل القارئ يشعر بأنه جزء من هذا العالم. كما أن الحوارات ليست مجرد وسيلة للتواصل بين الشخصيات، بل هي انعكاس لصراعاتها الداخلية وتوتراتها مع الآخرين.
رواية "سنوات النمش" ليست مجرد سرد لتفاصيل حياة شخصياتها، بل هي وثيقة أدبية تُلقي الضوء على حقبة تاريخية واجتماعية ذات تعقيدات متعددة في الريف المصري. من خلال تتبع السرد، تظهر الرواية بوصفها سجلًا للذاكرة الجماعية، توثق ملامح التحولات الاجتماعية والسياسية وتأثيراتها على الفرد والمجتمع.
الرواية تستعرض تفاصيل الحياة في الريف خلال منتصف القرن العشرين، وهي فترة مشحونة بالتحولات السياسية الكبرى. يظهر تأثير ثورة يوليوعام 1952 وقانون الإصلاح الزراعي الذي غير شكل الملكية الزراعية وفرض إعادة توزيع الأراضي على الفلاحين. هذه التغيرات تنعكس بوضوح في الرواية من خلال النزاعات بين العائلات، والاهتمام المتزايد بالسلطة والمال، ومحاولة السيطرة على الأراضي.
الشخصيات في الرواية ليست بمنأى عن الصراعات السياسية. تُظهر الرواية كيف شكّلت هذه التحولات علاقات القوة داخل العائلات والمجتمع، حيث تسلط الضوء على دور السلطة في تشكيل مصائر الأفراد. شخصية الأب مثلًا، تُجسد دور السلطة الأبوية المهيمنة، والتي ترتبط رمزيًا بممارسات السلطة السياسية الكبرى في تلك الفترة.
تمثل الرواية الريف بوصفه فضاءً مغلقًا تقيده العادات والتقاليد، حيث تنظم العلاقات الاجتماعية وتحدد أدوار الأفراد. يظهر هذا في علاقة الأب بأبنائه، حيث يفرض عليهم قواعد صارمة تعكس مركزية القوة الذكورية في الأسرة. كما أن العادات المتعلقة بالزواج، مثل "القرعة" لتحديد الأزواج، تكشف عن افتقار الأفراد للحرية الشخصية أمام القواعد الاجتماعية الصارمة.
الصراع بين العائلات في الرواية يعكس النزاعات الطبقية الناتجة عن تفاوت الملكية الزراعية. رغم التغييرات التي فرضتها الثورة، لا يزال الصراع حول النفوذ والمال يسيطر على العلاقات بين العائلات، مما يؤدي إلى استدامة مظاهر الظلم الاجتماعي.
من خلال التطرق للسياق التاريخي والاجتماعي، تناقش الرواية قضايا متعددة، منها:
السلطة الأبوية: تُبرز الرواية كيف يستخدم الأب سلطته لفرض قراراته، محولًا الأبناء إلى أدوات تنفيذ لرغباته.
العنف المجتمعي: يظهر العنف كجزء من الحياة اليومية، سواء في العلاقات العائلية أو بين الأفراد في المجتمع.
الهوية والصراع: تصف الرواية النضال المستمر للأفراد لإيجاد هويتهم وسط تناقضات البيئة الريفية.
السياق التاريخي والاجتماعي في "سنوات النمش" ليس مجرد خلفية للأحداث، بل هو أحد المحركات الرئيسية للسرد. من خلال تصوير حياة الريف بتفاصيلها الدقيقة، يكشف وحيد الطويلة عن تعقيدات الواقع، حيث يتشابك الماضي مع الحاضر، والعادات بالتغيرات السياسية، ليصوغ عملًا أدبيًا ثريًا.
الشخصيات في "سنوات النمش" ليست مجرد أدوات تحرك الأحداث؛ بل هي لوحات تعكس التناقضات والصراعات التي يعيشها الإنسان في مجتمع تقليدي. من خلال المزج بين الشخصيات الواقعية والرمزية، استطاع وحيد الطويلة تقديم عمل أدبي يلامس أشواق الإنسان وطموحاته بعمق ودقة.
البنية السردية لرواية "سنوات النمش" تمثل عنصرًا جوهريًا في صياغة الأحداث ونقل الرسائل. يعتمد وحيد الطويلة على تقنية سردية متعددة الطبقات، حيث يدمج بين الحكاية التقليدية والرمزية المعقدة، مما يجعل النص يتجاوز السرد الخطي البسيط ليصبح عملًا متشابكًا غنيًا بالتفاصيل.
البناء الزمني في الرواية
الرواية لا تلتزم بخط زمني صارم؛ بل تمزج بين الماضي والحاضر، مما يعكس طبيعة الذاكرة البشرية المتقطعة. يعود الراوي باستمرار إلى ذكريات الطفولة، بينما تندمج هذه الذكريات مع أحداث الحاضر في تناغم سردي يخلق تجربة زمنية مركبة.
تقنية الاسترجاع تُستخدم ببراعة لتقديم خلفيات الشخصيات وتوضيح السياق الاجتماعي. مثال ذلك، مشاهد الطفولة التي تكشف عن العلاقة بين الأب والراوي، ودورها في تشكيل رؤيته للعالم.
يُبرز النص الفرق بين الزمن النفسي (الإحساس بالوقت) والزمن الواقعي. في لحظات الصراع أو الحنين، يبدو الزمن النفسي للشخصيات ممتدًا أو متجمدًا، مما يُعمق الأثر العاطفي للأحداث.
الرواية ليست أحادية الصوت؛ بل تمنح الشخصيات المختلفة فرصة للتعبير عن وجهات نظرها. تُبرز هذه التقنية تعددية الرؤى داخل النص، حيث يعبر كل صوت عن تجربة إنسانية فريدة، مثل صوت فريال الذي يعكس صراع النساء، وصوت الأب الذي يُجسد السلطة.
تعتمد الرواية بشكل كبير على المنولوج، خاصة في لحظات التأمل والصراع النفسي للشخصيات. هذا يُتيح للقارىء فهم تعقيدات الشخصيات وأعماقها.
تقسيم الرواية إلى فصول ذات نهايات مفتوحة يجعل السرد أكثر إثارة وتشويقًا. كل فصل يُضيف بُعدًا جديدًا للشخصيات أو الحبكة، مما يُشجع القارئ على المتابعة.
يجمع النص بين السرد الحركي الذي يروي الأحداث والوصف التفصيلي الذي يخلق عالمًا غنيًا. الوصف المكثف للأماكن والأشخاص يجعل النص أقرب إلى لوحة فنية متعددة الأبعاد.
الإيقاع يتغير بين السرعة والبطء حسب طبيعة الأحداث. في المشاهد الحماسية مثل المواجهات بين الأب وأبنائه، يزداد الإيقاع سرعة. أما في لحظات التأمل أو استعادة الذكريات، فيصبح السرد أبطأ وأكثر شاعرية.
البنية السردية في "سنوات النمش" تبرز عبقرية وحيد الطويلة في المزج بين السرد التقليدي والحداثي. استخدامه لتعدد الأزمنة، التعدد الصوتي، والرمزية يجعل النص غنيًا بطبقاته الدلالية، مما يتيح لكل قارئ فرصة لإعادة تفسيره وفهمه بشكل مختلف.
يُعد الزمن في رواية "سنوات النمش" عنصرًا حيويًا في بناء السرد. من خلال التلاعب بالزمن، يبرز وحيد الطويلة التأثير العميق للماضي على الحاضر، ويكشف عن الصراع بين الفرد والبيئة المحيطة. الزمن ليس مجرد إطار خارجي، بل هو قوة داخلية تؤثر على الشخصيات وتُعيد تشكيل مصائرها.
المكان في رواية "سنوات النمش" ليس مجرد مسرح للأحداث، بل هو عنصر حيوي يُساهم في تشكيل الشخصيات وتطوير الحبكة. من خلال وصفه التفصيلي والدقيق للأماكن، يستخدم وحيد الطويلة المكان كمرآة تعكس صراعات الشخصيات وواقعها الاجتماعي والنفسي.
اللغة والسرد في رواية "سنوات النمش" يشكلان العمود الفقري الذي يُبرز تميز وحيد الطويلة كروائي. من خلال مزيج بين العامية والفصحى، ووصف دقيق للأحاسيس والأماكن، يقدم الكاتب نصًا يحمل عمقًا أدبيًا وفنيًا يميز الرواية عن غيرها.
يعتمد الكاتب على لغة فصحى رشيقة ومليئة بالصور البلاغية، مما يمنح النص قوة تعبيرية وثراء أدبيًا.
مثال: "الحقول تمتد كبحر أخضر لا نهاية له، بينما تسكن الشمس فوقها كعين متلصصة."
تظهر العامية في الحوارات، حيث يستخدم الكاتب تعابير تنبع من البيئة الريفية، مما يُضفي أصالة على الشخصيات ويعزز ارتباط القارئ بالواقع الذي تقدمه الرواية.
مثال: "لا تاخد الهجالة ولو كان خدها تفاح، تعيش ما تعيش بالك مصيره ما يرتاح."
وحيد الطويلة يستخدم لغة مكثفة تخلو من الزوائد، مما يجعل كل كلمة في النص ذات معنى ودلالة.
تمثل اللغة في رواية "سنوات النمش" قلب النص الذي يمنحه شخصيته الفريدة. من خلال المزج بين الفصحى والعامية، والاعتماد على الوصف الحسي والرمزية، يخلق وحيد الطويلة نصًا عميقًا يحمل جماليات أدبية تعبر عن بيئة غنية بالمعاني والتفاصيل.
النمط الحكائي واستخدام الأسطورة
النمط الحكائي في رواية "سنوات النمش" يبرز تداخلًا بين الحكاية الشعبية والأسطورة، حيث يستعين وحيد الطويلة بالتراث لتقديم نص يجمع بين الواقعية والرمزية. من خلال هذه التقنية، تصبح الرواية أكثر من مجرد سرد للأحداث، بل هي انعكاس للذاكرة الجماعية والتجربة الإنسانية العميقة.
تستند الرواية إلى بنية الحكاية التقليدية التي تتناول الصراعات الأسرية والاجتماعية.
مثل: الصراعات حول الأرض، الزواج بالإكراه، والتوترات بين السلطة الأبوية ورغبات الأبناء، كلها تحمل طابع الحكايات الشعبية التي تتوارثها الأجيال.
وتستلهم الرواية الأسطورة ليس فقط كموضوع بل كآلية سردية.الأب يُصور كرمز للملك المستبد، وفريال كشخصية تمثل التمرد أو البحث عن الخلاص.
النمش، كعنصر رمزي، يرتبط باللعنة أو الوصمة الاجتماعية التي تُلاحق الأفراد.
يستخدم الكاتب أسلوبًا حكائيًا يدمج بين الواقعية في تصوير التفاصيل اليومية واللمسات الفانتازية التي تُضفي على النص بعدًا أسطوريًا.
مثال: مشاهد النمش الذي يبدو وكأنه ينتشر بطريقة خيالية، مما يجعل الشخصية تحمل إرثًا رمزيًا أكبر من ذاتها.
النمط الحكائي واستخدام الأسطورة في "سنوات النمش" يقدمان بعدًا إضافيًا للنص، حيث يتجاوز السرد المباشر ليصبح تأملًا عميقًا في الذاكرة الجماعية والصراعات الإنسانية. من خلال دمج الحكاية والأسطورة، يخلق وحيد الطويلة عملًا أدبيًا يحمل طابعًا عالميًا رغم جذوره المحلية.
النمش في رواية "سنوات النمش" ليس مجرد صفة جسدية تظهر على وجه الراوي، بل هو رمز مركزي يحمل أبعادًا متعددة. يمثل النمش وصمة اجتماعية ونفسية، تتجلى من خلال حياة الراوي وشخصيات أخرى في الرواية. عبر استخدام هذا الرمز، يعبر وحيد الطويلة عن صراعات الفرد مع المجتمع وتجاربه المؤلمة التي تترك أثرًا لا يُمحى.
النمش في رواية "سنوات النمش" يُعتبر أكثر من مجرد تفصيل جسدي؛ إنه رمز متعدد الأبعاد يعكس الصراعات النفسية والاجتماعية والإنسانية. من خلال النمش، يصور وحيد الطويلة الألم كجزء من الهوية، والاختلاف كقوة تحمل إمكانيات التحدي والتغيير.
الرواية تعكس كيف أن القهر الاجتماعي يمكن أن يُنتج في النهاية مقاومة، وكيف يمكن للضعف أن يتحول إلى قوة. إنها دعوة للنظر عميقا في تأثير التقاليد والمجتمع على الفرد، ورحلة لفهم الذات في مواجهة كل ما يقيدها.
"سنوات النمش" ليست مجرد عمل أدبي؛ بل هي شهادة على تجربة إنسانية عميقة. من خلال السرد الرمزي والحبكة المعقدة، يقدم وحيد الطويلة نصًا يُجسد الصراع بين الفرد والمجتمع، بين السلطة والحرية، وبين الهوية والاغتراب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الروایة لیست فی الروایة لیست مجرد فی روایة لیس مجرد من خلال أدبی ا الذی ی التی ت
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة: شرم الشيخ الخضراء حلم مصري تحقق في 3 سنوات
أكدت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، أن الحكومة المصرية بذلت جهودًا كبيرة لتجعل مدينة شرم الشيخ مدينة خضراء يحتذى بها ولا تقتصر على كونها مجرد مدينة جميلة تستضيف أكبر الفاعليات والمؤتمرات الدولية، وذلك من خلال منظومة كبيرة مرتبطة ببعضها البعض.
جاء ذلك خلال قيام وزيرة البيئة يرافقها محافظ جنوب سيناء الدكتور خالد مبارك، بتكريم عدد من رواد مستثمري القطاع الخاص بمجال السياحة في التنمية المستدامة بمدينة شرم الشيخ، وذلك خلال احتفالية نظمها مشروع جرين شرم التابع لوزارة البيئة بحضور اليساندرو فراكستي الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، النائب جيفارا الجافى نيابة عن الأستاذ حسام الشاعر رئيس اتحاد الغرف السياحية، الدكتور علي أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة، المهندس محمد عليوه مدير مشروع جرين شرم وممثلي قطاع السياحة في مصر ورجال الأعمال، وذلك فى إطار زيارتها لمدينة شرم الشيخ لافتتاح مشروع تطوير قرية الغرقانة بمحمية نبق، أحد المشروعات الرائدة ضمن أنشطة مشروع جرين شرم.
وأوضحت «فؤاد»، أن مشوار إعلان شرم الشيخ خضراء، مر بالعديد من الإجراءات، فعندما تم إعلان تحويلها لمدينة خضراء بمؤتمر المناخ COP27، أثبتنا للعالم أننا قادرون من خلال عمليات التحول على مدار 3 أعوام.
ولفتت إلى أن القطاع الخاص شريك هام وضروري لتحقيق الاستدامة، والدور الكبير لأصحاب الفنادق والشركات الذين قاموا بتركيب الأجهزة الخاصة بالطاقة الشمسية، وواجهوا العديد من التحديات والصعوبات أهمها تحدي الوقت ولكنهم اثبتوا أنهم على قدر المسئولية، كانوا يد بيد معنا في كل خطوة، مُشيرةً أيضاً إلى دور القطاع المصرفي الذى قدم قروضا ميسرة ليمكن القطاع الخاص فى مجال السياحة ليقوم بهذه المهمة.
وأضافت أن تمكين القطاع الخاص تطلب خلق فرص وبدائل ومبادرات التحول الأخضر الذي يجب أن يكون تحول عادل، بحيث لا يكون مجحف من الناحية المالية مما يشكل ثقل على القطاع الخاص، مشيرة إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستمرار لتصبح شرم كلها مباني تعمل بالطاقة الشمسية، والاستفادة من المبادرة الخاصة بوزارة السياحة والمتعلقة بالسياحة المستدامة و البيئية، لتوفير قروض ذات الفائدة البسيطة كأحد الحلول لاستكمال المشوار.
وفيما يخص الطاقة، أوضحت الوزيرة أن تقرير الإبلاغ الوطني الذي قدمته مصر في ديسمبر 2024 مشيرة إلي أن مصر تطمح إلى الوصول إلى 42% من مزيج الطاقة تكون من الطاقات الجديدة والمتجددة في جمهورية مصر العربية بحلول عام 2030، لافتة إلى وصول مصر لحوالي 37% من الهدف الذي كان مقررا عام 2022.
وأكدت أن الطاقة الجديدة والمتجددة تتميز بالمساهمة في خفض الانبعاثات الخاصة بتغير المناخ، والاهم إتاحة فرص واعدة للقطاع الخاص وخلق وظائف جديدة، وأيضا عائد اقتصادي بتقليل الفاتورة الخاصة بالكهرباء، وقد قدمت الحكومة المصرية مشروعاتها المستقبلية في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة حتى عام 2030، وهذا يعنى أن مصر تسير فى المسار الصحيح، فالحكومة تحاول توفير الدعم والتمويل والقطاع الخاص شريك رئيسي لكى نستطيع تنفيذ تلك المنظومة بنجاح.
وتقدمت الدكتورة ياسمين فؤاد، بالشكر لمحافظ جنوب سيناء على دعمه المستمر لمحميات مصر الطبيعية، كما تقدمت بالشكر للممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي كان دائما بمثابة عضو من عائلة وزارة البيئة وليس شريك فقط وخاصة فى اللحظات الصعبة، وساهم في تسريع وتسهيل كافة الإجراءات والأعمال الخاصة بتحويل المدينة لمدينة خضراء.
وأعربت وزيرة البيئة، عن بالغ شكرها لحسام الشاعر رئيس اتحاد الغرف السياحية والذى شارك وزارة البيئة في رحلتها التي استطاعت من خلالها تحويل التحدي الى فرصة، خاصة فى محمية رأس محمد، حيث آمن بفكر وزارة البيئة وبادر بالاستثمار في أنشطة المحمية ليساعد في تعزيز فكر الاستدامة في تطوير المحميات من خلال الاستثمار في تنفيذ الأنشطة المختلفة بها، بما يحقق التوازن بين البيئة والتنمية.
وشددت وزيرة البيئة، على استكمال المشوار للحفاظ على موارد مصر الطبيعية، مُعربة عن ثقتها فى مواصلة النجاح لإعلان مدن جديدة خضراء.
وكرمت وزيرة البيئة، ومحافظ جنوب سيناء، 10 فنادق تقوم بتنفيذ محطات شمسية ليصل عدد فنادق شرم الشيخ التي بها محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية إلي أكثر من 25 فندقا في ظل إقبال متزايد من فنادق شرم الشيخ علي الاستثمار في الطاقة الشمسية لتوفير طاقة نظيفة والعمل على خفض تكلفة استهلاك فاتورة الكهرباء، كما تم تكريم أحد سلاسل الفنادق لتخلصها من استخدام زجاجات المياه البلاستيكية واستبدالها بنظام قياسي داخلي لتنقية وتعبئة المياه في زجاجات يعاد استخدامها وأول فندق ينضم إلي مبادرة التخلص من زيت الطعام المستعمل.
من جانبه.. أعرب محافظ جنوب سيناء، عن سعادته بالمشاركة فى الاحتفاء بشركاء حقيقيين لمسيرة التحول الأخضر في مدينة شرم الشيخ، من مؤسسات وطنية ودولية، ومن رواد القطاع الخاص الذين آمنوا بفكرة "السياحة المستدامة" وقدموا نماذج ناجحة على أرض الواقع، مشيرا إلى أن لحظة تكريم اليوم ليست لأفراد أو جهات فقط، بل نكرّم رؤية ومسارًا جديدًا تتبناه الدولة المصرية لتحويل مدنها إلى بيئة نظيفة، ومجتمع واعٍ، واقتصاد مستدام، وذلك في إطار استراتيجية مصر للتنمية المستدامة “رؤية 2030”، وبما يتسق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التي تُشدد على أهمية الشراكات والتكامل بين القطاعين العام والخاص.
ودعا محافظ جنوب سيناء، القطاع الخاص والشركاء لتنظيم ورش عمل يكون هدفها خدمة المواطنين وإشراكهم في خطة التنمية المستدامة وتحقيق أعلي استفادة من المتحقق في طريق الاستدامة، مؤكداً على مواصلة البناء على ما تحقق، والعمل على التوسع في نشر الوعي البيئي، ونقل هذه التجربة الناجحة إلى باقي مدن المحافظة، لترتقي جنوب سيناء بكاملها إلى مستوى طموحات الدولة المصرية في التنمية المستدامة.
بدوره، أعرب أليساندرو فراكاسيتي الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن سعادته بالإنجاز الذى تحقق بالتنسيق مع محافظة جنوب سيناء، وبتمويل ومشاركة فعّالة من القطاع الخاص، والذى ساهم في زيادة سعة الطاقة الشمسية في شرم الشيخ بأكثر من عشرة أضعاف، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز تم تحقيقه من خلال حشد شبكة واسعة من الشركاء على الصعيدين الوطني والدولي شملت وزارات كلا من الخارجية والصناعة والكهرباء، بالإضافة إلى شركاء التنمية مثل الاتحاد الأوروبي واليابان ومرفق البيئة العالمية.
وأشار إليساندرو إلى أهمية تحول الفنادق نحو استخدام الطاقة النظيفة المتمثلة في الطاقة الشمسية لما له من أثر كبير على البيئة وصحة الإنسان، متطلعاً إلى تحول جميع فنادق شرم الشيخ للعمل بالطاقة المتجددة، مقدما التهنئة للدكتورة ياسمين فؤاد على منصبها الجديد في منظمة الأمم المتحدة.
من جهته.. أكد المهندس محمد عليوه، أن برنامج جرين شرم يهدف إلى تحقيق تنمية خضراء مستدامة في مدينة شرم الشيخ، من خلال تطبيق تكنولوجيات منخفضة الانبعاثات والحفاظ على الموارد الطبيعية، لنحصد اليوم نتاج عمل متواصل لأكثر من عامين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومحافظة جنوب سيناء، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، مثمنا الدور الفاعل للقطاع الخاص، سواء من خلال المساهمة في تنفيذ التطبيقات البيئية، أو من خلال الاستثمار في الطاقة النظيفة.
اقرأ أيضاًوزيرة البيئة: نحتاج 300 مليار دولار لمواجهة آثار تغير المناخ.. والقطاع الخاص شريك رئيسي
وزيرة البيئة تبحث مع مفوض الاتحاد الأوروبي مستجدات معاهدة الحد من التلوث البلاستيكي
وزيرة البيئة تدعو لإطلاق حوار بيئي لرجال الأعمال المصريين