في مشهد يعكس حجم التوتر الجيوسياسي الذي يعيشه العالم اليوم، ألتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، في ولاية ألاسكا، وسط أجواء محمّلة بالرسائل السياسية والتوقعات المتباينة.


اللقاء، الذي يصفه مراقبون بأنه من أكثر القمم حساسية منذ عقود، يأتي على خلفية حرب أوكرانيا المستمرة، وتنامي الصراع على النفوذ بين واشنطن وموسكو، فيما يلوّح ترامب بإمكانية الانسحاب من الاجتماع إذا لم يحقق أهدافه، بينما يحاول بوتين الظهور بوجه رجل الدولة المنفتح على الحلول، دون أن يتخلى عن أسلوبه المعروف في إدارة اللقاءات.


تهديد مبكر من ترامب
على متن الطائرة الرئاسية المتجهة إلى ألاسكا، أطلق ترامب تصريحًا مفاجئًا: "لا أعرف ما الذي سيجعل القمة مع بوتين ناجحة... أريد أشياء محددة، وأولها وقف إطلاق النار".

ترامب أوضح أنه إذا شعر بعدم جدية الطرف الآخر، فإنه لن يتردد في مغادرة الاجتماع والعودة إلى واشنطن "بسرعة كبيرة". وعندما سأله المذيع مجددًا عن احتمال الانسحاب، أجاب ترامب بحسم: "أجل، سأنسحب".

هذا التصعيد اللفظي قبل بدء القمة بساعات يضع اللقاء في إطار غير مألوف، إذ نادرًا ما يعلن رئيس أمريكي نيته الانسحاب قبل أن تبدأ المفاوضات، وهو ما يزيد من حالة الترقب ويضفي على الحدث طابع المواجهة المفتوحة.

أوكرانيا في قلب القمة

ترامب لم يخفِ أن هدفه الأساسي من الاجتماع هو التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا. وأكد أنه لن يبرم أي اتفاق مع موسكو دون مشاركة كييف، مضيفًا أن أوروبا والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيكونان جزءًا من أي مسار تفاوضي لاحق.

لكن ترامب شدد في الوقت نفسه على استقلالية قراره، قائلاً:"أوروبا لا تملي علي ما أفعله".

هذه التصريحات تعكس رغبة ترامب في الظهور بمظهر الزعيم الحاسم، لكنه أيضًا يواجه معضلة مزدوجة: كيف يحقق تقدمًا في الملف الأوكراني دون أن يُتهم بالتخلي عن حلفاء واشنطن؟

بوتين.. الحاضر في الموعد؟

من جهته، أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن بوتين سيصل إلى القمة في موعدها المحدد، في محاولة لقطع الطريق على التكهنات بشأن أسلوبه الشهير في التأخير عن الاجتماعات.

بوتين كان قد توقف قبل رحلته إلى أنكوريج في مدينة ماغادان بأقصى شرق روسيا، حيث زار مصنعًا، وترأس اجتماعًا للحكومة المحلية، وقضى وقتًا مع تلاميذ المدارس في حلبة هوكي. وبحسب بيسكوف، فإن طائرة بوتين ستصل إلى ألاسكا عند الساعة 3 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، حيث سيكون ترامب في استقباله.

تاريخ من التأخير المتعمد

رغم تطمينات الكرملين، فإن التاريخ الشخصي لبوتين مع المواعيد يثير الشكوك. فقد أبقى البابا الراحل فرنسيس منتظرًا ساعة كاملة في 2013، وجعل المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تنتظر أربع ساعات كاملة، فيما سبق أن تأخر عن قمة هلسنكي مع ترامب عام 2018 لأكثر من ساعة.

هذه الممارسات فُسرت على أنها أسلوب دبلوماسي لإظهار النفوذ والسيطرة. وبالتالي، فإن لحظة وصول بوتين إلى ألاسكا قد تكون أول "إشارة سياسية" في هذه القمة، قبل حتى أن تبدأ المحادثات.

محادثات طويلة.. ونتائج غير مضمونة

بحسب ما نقلته وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، يتوقع الكرملين أن تستمر المحادثات بين الزعيمين لمدة لا تقل عن ست إلى سبع ساعات. ويأمل الجانب الروسي أن تكون القمة مثمرة، رغم إدراكه لعمق الخلافات.

المؤشرات الأولية توحي بأن جدول الأعمال سيكون مكثفًا، يشمل الحرب الأوكرانية، وأمن أوروبا، والعقوبات الاقتصادية، إلى جانب ملف حساس وهو احتمال التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين البلدين.

اجتماع حساس بين ترامب وبوتين

في أجواء مشحونة بالتوتر الجيوسياسي، تنعقد قمة ألاسكا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يرى اللواء نبيل السيد الخبير الاستراتيجي، أن قمة ألاسكا ليست مجرد اجتماع ثنائي بل واحد  من أكثر اللقاءات حساسية وتأثيرًا في المشهد الدولي الراهن. توقيت القمة ومكانها، ورسائلها المباشرة وغير المباشرة، كلها عوامل تجعل من هذا اللقاء محطة فارقة في رسم ملامح العلاقات بين القوتين العظميين.

رمزية المكان وأبعاد التوقيت
ويشير السيد إلى أن اختيار قاعدة جوية تعود إلى حقبة الحرب الباردة كمسرح لهذا اللقاء، ليس صدفة، بل يحمل دلالات واضحة على عودة أجواء المنافسة الاستراتيجية بين واشنطن وموسكو. ومع ذلك، فإن هذه القمة تمثل أيضًا فرصة نادرة للحوار المباشر بعد فترة جمود وعزلة دبلوماسية منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

ترامب… صانع الصفقات أم رهين التعقيدات؟
استراتيجيًا، يسعى ترامب إلى الظهور بمظهر "صانع الصفقات" القادر على حل الملفات المعقدة، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا. ورغم وعوده السابقة بإنهاء الصراع في غضون 24 ساعة، إلا أن اعترافه مؤخرًا بصعوبة الوضع يعكس إدراكه لتعقيدات الملف الأوكراني وتشابك مصالح الأطراف المتصارعة.

بوتين وعرض اللحظة الأخيرة
من الجانب الروسي، يدخل بوتين القمة وهو يحمل عرضًا أخيرًا لاتفاق نووي محتمل، خطوة قد تعيد صياغة معادلة الردع بين القوتين. ومع ذلك، يرى السيد أن هذا العرض ليس مجرد مبادرة سلام، بل ورقة ضغط قوية تهدف إلى انتزاع تنازلات أمريكية في الملف الأوكراني.

قلق أوروبي وأوكراني مشروع
ويحذر السيد من أن غياب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن هذه القمة يزيد من مخاوف كييف والعواصم الأوروبية. فهناك خشية من أن يفضي اللقاء إلى تسوية سريعة قد تُفسر على أنها تخلي واشنطن عن التزاماتها تجاه أوكرانيا، أو على الأقل تقليص حجم هذا الدعم.


ويرى اللواء نبيل السيد، أن قمة ألاسكا ليست مجرد اجتماع ثنائي، بل مباراة شطرنج سياسية كبرى قد تعيد ترتيب التحالفات وتحدد مسار النظام الدولي في السنوات المقبلة. والأنظار تتجه نحو ترامب ليرى العالم إن كان سيسلك طريق الضغط المستمر على موسكو، أم يفتح الباب أمام صفقة كبرى تنهي صراعًا استنزف الجميع.

طباعة شارك ترامب ألاسكا واشنطن بوتين موسكو حرب

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب ألاسكا واشنطن بوتين موسكو حرب قمة ألاسکا

إقرأ أيضاً:

ترامب يصل ألاسكا للقاء القمة مع بوتين بصيغة ثلاثة لثلاثة

ترامب يصل ألاسكا للقاء القمة مع بوتين بصيغة ثلاثة لثلاثة

مقالات مشابهة

  • بدء أعمال قمة ترامب وبوتين بألاسكا تحت شعار "السعي نحو السلام"
  • بدء القمة بين ترامب وبوتين في ألاسكا
  • انطلاق قمة ترامب وبوتين في ألاسكا
  • ترامب وبوتين يلتقيان في مطار ألاسكا تمهيدا لاجتماع القمة
  • ترامب يصل ألاسكا للقاء القمة مع بوتين بصيغة ثلاثة لثلاثة
  • قمة اللحظة الحاسمة: ترامب وبوتين وجهًا لوجه والعالم يترقب بحذر
  • الكرملين: قمة ألاسكا بين بوتين وترامب ستركز على الأزمة الأوكرانية دون اتفاقات
  • الكرملين: قمة بوتين وترامب في ألاسكا لن تشهد توقيع أي وثائق
  • ما المتوقع من لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا؟