المملكة المغربية.. والتعايش الديني والثقافي
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
المملكة المغربية.. بلد إسلامي يتميز بتاريخه العريق وحاضره المشرق، استطاع على مر العصور أن يُكَوِّن نسيجا متكاملا ومنسجما بين المسلمين واليهود والمسيحيين، فهو اليوم يعد نموذجا فريدا للتعايش السلمي لأنه جمع بين التنوع الديني والثقافي وأصبح منارة الإسلام المنفتح، المعتدل والمتسامح.
التسامح وقبول الاختلاف في المغرب ليست مجرد شعارات، بل هو واقع يظهر في الحياة اليومية، فاليهود المغاربة عاشوا جنبا إلى جنب مع المسلمين لقرون طويلة، كما أن وجود الكنائس المسيحية في المدن الكبرى دليل على انفتاح المجتمع المغربي، هذا التعايش الذي يشكل جزءا من التراث الوطني هو مصدر قوة واستقرار البلد، يساهم في إثراء المجتمع كما أنه يجسد مبادئ التسامح التي تدعو إليها الأديان السماوية.
كان للمؤسسة الملكية دور محوري في تعزيز قيم التعايش والتسامح، فالملك محمد السادس ليس فقط قائدا سياسيا، بل أيضا راعيا لهذه القيم، له رؤية حضارية ساهمت في تحويل البلاد إلى نموذج عالمي للتعايش الديني والثقافي من خلال مؤسسات ومبادرات عديدة، فقد أسس جلالته معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات ليكون مركزا لنشر الوسطية والاعتدال، كما قام برعاية عدد من المؤتمرات آخرها المؤتمر الدولي حول موضوع "الوئام بين أتباع الديانات: تعزيز التعايش السلمي"، الذي عقد بهدف إذكاء الوعي بأهمية التسامح والحوار بين الأديان والثقافات لتعزيز التعايش السلمي.
ومن الأحداث المهمة التي أبرزت الأهمية الدولية للمغرب، زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس عام 2019 للمملكة المغربية، حيث ألقى البابا خطابه بساحة مسجد حسان، ودعا فيه إلى مجابهة "التعصب والأصولية" بـ"تضامن" جميع المؤمنين، كما أضاف أن "حرية الضمير والحرية الدينية، التي لا تقتصر على حرية العبادة وحسب بل يجب أن تسمح لكل فرد بالعيش بحسب قناعاته الدينية، ترتبطان ارتباطا وثيقا بالكرامة البشرية".
وعن خطاب الملك محمد السادس الذي أكد فيه أن مواجهة التطرف بالتربية، حيث صرح بأنه "لمواجهة التطرف بكل أشكاله، فإن الحل لن يكون عسكرياً ولا مالياً، بل يكمن في شيء واحد هو التربية".
كلنا شركاء على الأرض.. شعار رفعه المغرب عبر تاريخه الطويل، حيث أصبح التسامح والتعايش وقبول الاختلاف ليس مجرد خيار، بل شرطا أساسيا لبناء عالم يسوده السلام والازدهار.
*كاتبة وإعلامية مغربية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المملكة المغربية
إقرأ أيضاً:
فريق الإمارات يواصل عمليات البحث والإنقاذ في سريلانكا
صالح البحار ووام (أبوظبي، كولومبو)
وصلت أمس إلى مطار العاصمة السريلانكية كولومبو طائرة المساعدات الإنسانية رقم (8) ضمن الجسر الجوي الإماراتي، حاملة (1080) طرداً غذائياً، ليصل إجمالي المساعدات الإماراتية المقدمة منذ بدء الاستجابة إلى أكثر من 116 طناً من المواد الإغاثية المتنوعة، تشمل الغذاء ومواد الإيواء والدعم اللوجستي.وتؤكد دولة الإمارات، من خلال فرقها الميدانية وجسرها الجوي المتواصل، التزامها بدعم الشعب السريلانكي الصديق، وتعزيز جهود الإنقاذ والإغاثة والتعافي من آثار الفيضانات.
وتتواصل في سريلانكا عمليات البحث والانتشال التي ينفذها فريق الإمارات للبحث والإنقاذ، التابع لهيئة أبوظبي للدفاع المدني، وذلك ضمن جهود الدولة في مساندة المتضررين من الانهيارات الأرضية التي خلفها الإعصار في المناطق الجبلية، لا سيما في إقليم المرتفعات الوسطى الذي شهد خسائر بشرية ومادية واسعة.
وفي هذا السياق، انتقل الفريق مؤخراً إلى الموقع السادس في منطقة إلكادوا، وهو أحد أكثر المواقع صعوبة في الوصول والتعامل الميداني نظراً لطبيعة تضاريسه وشدة الانهيارات الطينية التي ضربت طوابق جبلية بأكملها.
يقع الموقع السادس في قلب منطقة جبلية تتداخل فيها الأشجار المنهارة مع صخور ضخمة، ما يجعل عمليات الحركة والتمشيط عملاً بالغ الحساسية.
وتعمل فرق البحث الإماراتية التابعة لهيئة أبوظبي للدفاع المدني باستخدام معدات متخصصة وأجهزة استشعار وكلاب من وحدة K9، وسط تحديات متزايدة ناجمة عن استمرار هطول الأمطار، والتي تؤدي إلى تفتت التربة وتضاعف احتمالات الانهيارات، الأمر الذي يستدعي تطبيق بروتوكولات أمان صارمة وتقييم ميداني لحظي قبل أي تحرك.
الأمطار التي لا تكاد تتوقف تحول الأرض الجبلية إلى طين زلق، وتزيد من هشاشة المرتفعات، مما يجعل حياة أفراد الفريق في مواجهة مباشرة مع احتمالات سقوط صخور أو انزلاق مسارات البحث. ومع ذلك، فقد أعلنت قيادة فريق الإمارات استمرارها في العمل وفق خطط طوارئ تتيح تعليق العملية عند الضرورة وإعادة الانتشار عند تغير الظروف، مع تأمين فرق طبية ميدانية تحسباً لأي إصابة.
وقال العميد مظفر محمد العامري، قائد فريق الإمارات للبحث والإنقاذ التابع لهيئة أبوظبي للدفاع المدني، في تصريح خاص لـ «الاتحاد»: «نحن الآن في الموقع السادس، وما زال فريق الإمارات للبحث والإنقاذ التابع لهيئة أبوظبي للدفاع المدني مستمراً في عمليات البحث، رغم هطول الأمطار الذي لا يتوقف، وكثافة الطين والأمطار المتواصلة تؤدي إلى صعوبات في بعض عمليات الانتشال، لكن الفريق يواصل العمل دون توقف. في هذه المنطقة تحديداً، تعمل وحدات البحث على تمشيط الموقع بعد أن ورد بلاغ من الأهالي عن وجود عائلة مفقودة، وقد أعطت فرق الـ K9 مؤشرات إيجابية في هذا الموقع، وتم العثور بالفعل على جزء من المفقودين، ونسعى، بإذن الله، إلى إخراجهم في أسرع وقت ممكن».
وأضاف: صحيح أن الظروف الجوية صعبة للغاية، فنحن الآن فوق قمم جبلية تشهد انحدارات وخطورة واضحة، ومع ذلك يواصل أفراد الفريق عملهم بكل عزيمة. وبالتأكيد، فإن سلامة عناصرنا تأتي في المقام الأول، لذلك نتخذ المواقع المناسبة ونتعامل مع طبيعة المنطقة وفق إجراءات أمان دقيقة، بينما تستمر أعمال البحث والإنقاذ بوتيرة متواصلة حتى هذه اللحظة.
وشهدت الساعات الماضية العثور على جثمان أحد المفقودين بعد جهود مضنية استغرقت ساعات من العمل المتواصل. وقد حاولنا الحديث إلى أبناء المتوفى الذين كانوا يتابعون لحظة استخراج الجثمان، إلا أنهم لم يتمكنوا من إكمال الحديث، وفضّلوا الرحيل بصمت يختصر حجم الفاجعة التي تعيشها أسر عديدة في هذه المنطقة منذ بدء الانهيارات. ويصف سكان المنطقة ما يجري بأنه «أكبر كارثة عرفوها منذ عقود».
لقد أثبتت الإمارات، قيادة وشعباً ومؤسسات، حضورها الإنساني في مختلف مناطق الكوارث حول العالم.
وفي ظل التحديات الكبرى التي تفرضها تضاريس الجبال وهطول الأمطار، يواصل فريق الإمارات في الموقع السادس جهوده بحثاً عن ناجين أو مفقودين، في سباق مع الزمن قبل تفاقم الظروف الجوية.