جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-30@13:37:09 GMT

التكافل الاجتماعي

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

التكافل الاجتماعي

 

 

 

أحمد بن سعيد كزرات المعشني

 

في عالم مليء بالصخب والضغوطات، وحياة صعبة تحيطها التعثرات، يأتي التكافل الاجتماعي كنجمة مشرقة في السماء الصافية. إنه يُحيي فينا روح الإنسانية النبيلة والقيم الأخلاقية السامية، ويمنحنا السلام والسعادة عندما نمد أيدينا لتقديم العون وبذله لمن يحتاج إليه في أوقات الشدة.

ولا يقتصر هذا التكافل على المستوى الفردي فقط، بل يمتد إلى المجتمع بأسره، سواء كان ذلك بتقديم المساعدة المادية للمحتاجين أو المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية.

يشمل التكافل الاجتماعي الدعم المعنوي والعاطفي للأفراد الذين يمرون بظروف صعبة. فمن الأجدر أن تُمد يد العون لكل شخص يبدي حاجته، سواء كانت المساندة مادية أو معنوية. فالمسلم مجبول على بذل الرحمة والإحسان لأخيه المسلم، مصداقًا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

إن بناء جسر من الحب والتعاون وتعزيز الانتماء والتضامن هو السبيل للسعادة الحقيقية والرضا الداخلي. ففيه تزدهر الراحة النفسية وتتوطد الروابط الاجتماعية. وعندما نتكاتف، فإننا نبني مجتمعًا قويًا مترابطًا. وفي ظل التفكك العالمي والعصف التقني الذي ينخر في ترابط المجتمعات، يصبح الشعور بالأمان والسعادة المجتمعية أمرًا لا يُقدّر بثمن.

حين نكون أفرادًا في مجتمع مترابط ومتراحم، نؤسس بذلك درعًا واقيًا وجدارًا عاليًا ضد التحديات العالمية التي تستهدف إنسانية الإنسان وتعمل على تفتيت ما تبقى له من وحدة واتصال مع محيطه ومجتمعه.

التكافل الاجتماعي هو خصلة مجتمعية حميدة توارثناها عبر الأزمان والأجيال، ويجب أن نحميها ونرعاها ونحث عليها ما دمنا نحمل قيم الإسلام والعروبة والإنسانية.

المجتمع في محافظة ظفار، على سبيل المثال، يشتهر بالأصالة والنخوة والشهامة؛ فكثيرًا ما نجدهم يدًا واحدة في الرخاء والشدة، وعاداتهم التي تربوا عليها منذ الصغر تظهر في كل المنعطفات. ومن أبرز صور هذا التكافل، حين يعاني مريض من تكاليف علاج باهظة، تجد شيوخ وأعيان القبائل يجتمعون لدعمه ماديًا ومعنويًا، بل ويمتد الأمر إلى إشراك القبائل الأخرى إذا تطلب الوضع.

وتشمل مظاهر التكافل أيضًا المعونات التي يقدمها المجتمع في ظفار لفك كربة المدين، أو دعم الشباب في استكمال تكاليف الزواج من خلال نظام "الشتر" المالي.

إذن، فإن الاستمرار في تطبيق التكافل الاجتماعي، رغم تغيرات العصر، ضرورة قصوى للحفاظ على التلاحم والترابط بين الناس. وبهذا الاستمرار، نقدم القدوة للعالم الذي يغرق في متاهات الفردية والأنانية والتفكك المجتمعي. ومن أعظم القيم التي غرسها النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه هو مبدأ التكافل والتكاتف، الذي تُبنى به قواعد هذه الأمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ذمار.. حملة حوثية تنكل بأهالي عنس وتحّول مدرسة إلى ثكنة عسكرية

لليوم الخامس على التوالي؛ تواصل ميليشيا الحوثي الانقلابية حملتها العسكرية التعسفية ضد أهالي قرى مديرية عنس في محافظة ذمار، جنوب صنعاء، ضمن سياسة ممنهجة لإخضاع القبائل الرافضة لسطوتها، في وقت تصاعدت فيه المناشدات القبلية بوقف الاعتداءات ومحاسبة المتورطين فيها.

وبحسب مصادر قبلية ومحلية، بدأت الميليشيات منذ أيام انتشارًا عسكريًا في قرية المطاحن، حيث عمدت إلى مضايقة السكان وممارسة الانتهاكات بحقهم، في حملة قالت إنها مرتبطة بنزاع على بئر ارتوازية، بينما رأى السكان أنها مجرد ذريعة جديدة لتبرير التنكيل والترهيب بحق المدنيين.

وأكد الأهالي أن عناصر الحملة الحوثية، الذين قدموا بعدة أطقم عسكرية، اقتحموا مدرسة القرية، وحولوها إلى ثكنة عسكرية ومركز للتحقيق والاعتقال، في مشهد يعكس طبيعة تعاطي الجماعة مع التجمعات السكانية القبلية، لاسيما تلك التي تُبدي رفضها العلني لممارسات الحوثيين.

وأشار الأهالي، في مناشدات نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تعرض مزارعهم وممتلكاتهم للاعتداء والنهب من قبل مسلحي الحوثي، الذين يعيثون في القرية فسادًا منذ أيام دون رادع، مؤكدين أن استمرار الحملة فاقم التوتر، وهدد بتحويل النزاع إلى مواجهة قبلية مفتوحة.

ولفتت المصادر إلى أن جذور الأزمة تعود إلى نزاع محلي بين قريتين بشأن بئر مياه، إلا أن السلطات الحوثية المحلية تقاعست عن حل النزاع منذ أكثر من سبعة أشهر، وتعمدت التلاعب بالقضية وتحويلها إلى وسيلة للابتزاز، ما أدى لاحقًا إلى مقتل شخصين من الطرفين وتصاعد التوتر.

في السياق ذاته، حمّل الأهالي سلطات جماعة الحوثي – بمن فيهم محافظ ذمار ومدير الأمن – مسؤولية تصاعد الأزمة، داعين إلى رفع الحملة فورًا، وإنهاء الاعتداءات على المواطنين، ووقف مصادرة حقوقهم وحرياتهم، والاتجاه الجاد نحو حل النزاع بدلًا من إذكاء الصراع بين القبائل.

وتأتي هذه الحملة الحوثية بعد أقل من أسبوعين على حادثة اقتحام نفذتها قبائل عنس ضد مكاتب استحدثتها الجماعة لفرض جبايات على شاحنات نقل المواد الإنشائية، حيث أقدمت القبائل على إحراق تلك المكاتب، في خطوة احتجاجية رافضة لما وصفته بـ"الجبايات الجائرة التي تهدد مصادر رزق أبنائها".

وكان الشيخ محمد حسين المقدشي، أحد أبرز الشخصيات القبلية في المديرية، قد وجّه انتقادات لاذعة لقيادة الجماعة، متهمًا إياها بافتعال الأزمات وتأجيج الصراعات المحلية تحت ذرائع واهية، محمّلًا المسؤولين الحوثيين مسؤولية التوترات المتصاعدة في المنطقة.

وتعكس هذه التطورات مستوى الاحتقان الذي وصلت إليه العلاقة بين القبائل وسلطات الحوثيين في عدد من المحافظات، في ظل تصاعد وتيرة القمع والنهب والتعسف، وسط مخاوف من تحول الخلافات القبلية إلى صراعات مسلحة تهدد الاستقرار الهش في تلك المناطق.

مقالات مشابهة

  • حفلات التخرج الخاصة.. عرف فرضه مجتمع وسائل التواصل
  • التضامن الاجتماعي تعلن قرب إعلان الفائزين بمسابقة "الأب القدوة" في نسختها الثالثة
  • أوربان: مئات الآلاف شاركوا في مسيرة مجتمع الميم ببودابست بأمر من بروكسل
  • ذمار.. حملة حوثية تنكل بأهالي عنس وتحّول مدرسة إلى ثكنة عسكرية
  • البلوشي لـ"الرؤية": يجب تحرير التفكير التقليدي تجاه السياحة.. وارتفاع تكاليف الأنشطة يُضعف تنافسية عُمان
  • البلوشي لـ"الرؤية": يجب تحرير التفكير التقليدي تجاه السياحة.. وارتفاع تكاليف الأنشطة يُضعف تنافسية عُمان إقليميا ودوليا
  • دور الأعراف القبلية في اليمن في حفظ التوازن الاجتماعي وتعزيز النسيج المجتمعي .. قراءة قرآنية وتطبيقية
  • كفر السنابسة تودع شهداء لقمة العيش.. قرية ترتدي السواد وتعلم معنى التكافل في وجه الفقد
  • الإصلاحية المركزية في رداع تُحيي ذكرى الهجرة النبوية
  • محافظ القليوبية: التبرع بالدم سلوك حضاري يعكس روح التكافل والتضامن