حتميةُ خوض الصراع من أجل إحقاق الحق
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
فضل فارس
إحقاقُ الحق حتى يتحول إلى حالة قائمة في واقع الحياة، لا يبقى فقط يتردّد على ألسنة الدعاة في محاريب الجوامع، لا يحقّق أي شيء من تلك المبادئ السامية للدين، التي يريدها الله تعالى أن تكون واقعًا حيًّا في واقع البشر في الحياة.
مبادئ الأمر بالمعروف في شتى مجالاته، كذا النهي عن المنكر بإغلاق كامل لشتى مداخله.
الحق وكسنة إلهية لا يتحقّق في واقع الناس إلا بتحَرّك، بتضحية، بمواجهة وتصادم مع أهل الباطل، الذين لا يريدون أن يكون لهذا الحق حضور فعلي في واقع الحياة، وكم هي اليوم تلك الفئة من أهل الباطل في زماننا هذا، إنها ولعلم الله الأكثرية في الساحة البشرية أنظمة وقوى وكيانات وأجندة كبرى.
وفي هذا يحتاج تقديم الحق وإحقاقه في الواقع إلى فئات مؤمنة يكون في واقعها ذكر الله، الخوف منه وحده، والاعتماد وبثقة وتوكل ويقين بالغلبة عليه في شتى جوانب حياتها؛ ذلك كونه لا يكفي وخُصُوصًا في هذه المرحلة التي طغى فيها الباطل واستحكمت قبضته على قوام هذه الأُمَّــة.
التمظهر بالحق والعمل فقط على التشيع بنشره كسنن وفقه وَمستحبات كما هو اليوم حال كثير من الأنظمة والدعاة في أمتنا، إنما يجب وتلك هي الرؤية القرآنية الصحيحة والسليمة لإحقاق الحق أن يظهر الحق وأهله بتلك القوة التي لا يمكن معها أن يستمر الباطل وتبقى معالمه، قال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} صدق الله العظيم.
في هذه المرحلة التي يريد الأعراب من مدعي الحق ومنتسبي الإسلام فيها أن يكونوا بمعزل وَبمنأى عن الصراع والتصادم مع فئة الباطل والضلال التي على رأسها في هذا الزمان أمريكا وإسرائيل والغرب الكافر، تاركين وراءهم بدونما اهتمام ونظر ديني أَو أخوي جاد أبناء دينهم ومقدسات أمتهم في فلسطين، البلد العربي المسلم، تذبح وتهان وَتلتهم من قبل تلك الحثالة من بني اليهود العاصين، وذلك ويا للأسف والخزي وَالعار الشنار؛ مِن أجلِ تحقيق مصالحهم الخَاصَّة، كذلك خوفاً ومرضاً ونفاقاً في قلوبهم.
أمام كُـلّ هذه الأحداث والوقائع التي غلبت فيها الردة والتخلي والتنصل عن الدين ومقدسات الإسلام واقع ومشاعر كثير من أبناء الإسلام، كان ولا بدَّ وحاشا الله أن يترك دينه وعباده المستضعفين وَالمظلومين المعتدى عليهم تجبراً وظلماً في الأرض، وهو القائل جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم.
وأن يأتي بقوم وفئة تأتي في ظل هذه المرحلة الحساسة، تحَرّكها وفق توجيهات إلهية وَمشروع قرآني عظيم من منطلق العدل الإلهي في إقامة الدين ونشر هدى الله والدفاع عن المستضعفين وتحريرهم لترفع راية الحق وَالإسلام بقوته ومفهومه الصحيح بحسب معايير القوة الإلهية التي تحقّق الانتصار ومقارعة الطغاة والمستكبرين، فئة مؤمنة تعمل بالسنن الإلهية، عالمة بمخطّطات اليهود الخبيثة وحتمية الصراع معهم، تعمل؛ مِن أجلِ نشر العدل الإلهي وَإرساء دعائم الانصاف والعيش الكريم لعباده المؤمنين في واقع البشر.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
البشعة.. جمعة: لا أصل لها وتحمل مخاطر جسدية وأخلاقية وقانونية
خلال الأيام الماضية، أثار مقطع فيديو لفتاة تخضع لطقوس البشعة غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت الفتاة وهي تلعق البشعة ثلاث مرات، بعد اتهام زوجها لها بعدم كونها عذراء، وسط مخاوف وانتقادات واسعة لمخاطر هذه العادة وعدم توافقها مع الشرع والقانون.
في هذا السياق، قال الدكتور علي جمعة، إن ظاهرة البشعة ما زالت موجودة في بعض القبائل العربية في البادية والحضر، حيث تُستخدم كوسيلة للتحقق من صحة التهم الموجهة للأفراد، وتتمثل هذه العادة في أن يُعرض المتهم على شخص يُسمى المبشّع، الذي يقوم بتسخين قطعة حديد مستديرة حتى الاحمرار، ويطلب من المتهم لعقها.
وفي حال لم يُصَب المتهم بأذًى، يُعتبر بريئًا، أما إذا أصيب أو رفض، يُعتبر مُدانًا، وعلى الرغم من انتشار هذه العادة في بعض المناطق، فإنها تحمل مخاطر جسدية وأخلاقية وقانونية، وتطرح تساؤلات حول مدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.
الحكم الشرعي للبشعة
أكد جمعة أن البشعة لا أصل لها في الشرع الإسلامي، فهي ممارسة مخالفة للأدلة الشرعية، ولا يجوز استخدامها لتحديد الحق أو البطلان.
وأوضح الدكتور جمعة أن المسلمين يجب أن يلتزموا بما جاء به النبي ﷺ في الحديث الشريف:«الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (رواه الدارقطني)
ويعني ذلك أن إثبات الحق يكون بالدليل، ونفي الادعاء بالقسم أو البراءة القانونية، وليس بأي وسيلة خارجية، مهما كانت التقاليد المحلية متجذرة.
مخالفة البشعة لعقائد الإيمان
إضافة إلى مخالفتها للشرع، تُنافي البشعة العقيدة الإسلامية فيما يتعلق بعلم الغيب، فقد بين الله تعالى في القرآن الكريم:﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ [الأعراف: 188]
وهذا يؤكد أن معرفة الغيب من اختصاص الله وحده، ولا يجوز للبشر ابتكار وسائل لمعرفة الحقائق بطرق غير شرعية.
البدائل الشرعية لإثبات الحق
تقدم الشريعة الإسلامية عدة وسائل شرعية لإثبات الحق ونفي الباطل:
البيّنة: تقديم الأدلة والقرائن على صحة الادعاء.
اليَمِين: اللجوء إلى القسم من قبل من ينكر التهمة.
التحكيم القانوني: احترام القوانين المدنية والجنائية في إثبات الحقوق.
وتؤكد دار الإفتاء أن هذه الطرق هي الأمانة والسبيل الصحيح للمطالبة بالحق والدفاع عن النفس، بعيدًا عن أي ممارسات بدائية تعرض المتهم للأذى.
البشعة عادة قديمة لكنها مخالفة للشرع والعقل والقانون. ويجب على المسلمين الالتزام بما جاء به النبي ﷺ من طرق شرعية لإثبات الحق ونفي الباطل، والابتعاد عن أي ممارسات تتعارض مع تعاليم الإسلام أو تعرض النفس والآخرين للأذى.