محللون: مشروع اليمين الإسرائيلي انهار ونتنياهو خسر رهانه على ترامب
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خسر رهانه على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب؛ بعدما دفع الأخير بقوة نحو القبول بصفقة تبادل الأسرى التي ترفضها تل أبيب منذ مايو/أيار الماضي، كما يقول خبراء.
ففي الوقت الذي تتزايد فيه إرهاصات التوصل للاتفاق المتعثر، دخلت إسرائيل حالة غليان سياسي بعدما بدأ وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش التلويح بالانسحاب من الائتلاف الحكومي.
لكن هذه التهديدات لم تنجح في إثناء نتنياهو عن المضي قدما في الاتفاق الذي بات وشيكا بعدما وصلته رسالة واضحة من ترامب بضرورة التوصل لاتفاق قبل العشرين من الشهر الجاري، برأي المدير السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية برنارد هادسون.
ووفقا لما قاله هادسون، خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث"، فإن قرب تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة "لعب دورا أساسيا في دفع كافة الأطراف نحو القبول بالاتفاق، لأن الجميع يعرف التداعيات التي قد تترتب على فشل المفاوضات".
وحاليا، يتوقف إعلان الاتفاق رسميا على تقديم إسرائيل ردودها بشأن أمور تعتبرها المقاومة أساسية ومنها خريطة المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال، وآلية عمل معبر رفح، وإخراج الجرحى، وطريقة تبادل الأسرى، وفق الباحث السياسي سعيد زياد.
إعلانوقد أكد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري تذليل القضايا الخلافية بين الطرفين، وقال في إحاطة صحفية اليوم الثلاثاء إن العمل يجري حاليا على بعض التفاصيل الصغيرة، دون الخوض فيها.
ويمثل الاتفاق المرتقب فشلا في مشروع الحكومة واليمين الإسرائيلي ككل والذي كان يراهن على احتلال شمال القطاع وإعادة الاستيطان له، وهو ما لم يتحقق بعد فشل علمية إخلاء الشمال التي كانت تستهدف تركيع المقاومة، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى.
وبدلا من أن يصبح الشمال نقطة ضعف للمقاومة، أصبح خنجرا في جنب الحكومة التي عطلت الاتفاق شهورا من أجل مشروع أيديولوجي لا يراه الشارع الإسرائيلي مهما بالنسبة لأمنهم القومي، برأي مصطفى.
تراجع إسرائيل
كما تراجع نتنياهو في الاتفاق المطروح عن أمور كان اليمين المتطرف يعتبرها خطوطا حمراء وهي إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وإجبار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الاستسلام، والانسحاب من القطاع والتراجع عن فكرة الاستيطان فيه، وهو ما سيحدث زلزالا داخل هذا التيار المتشدد، على حد تعبير مصطفى.
وكان نتنياهو يراهن على وصول ترامب للسلطة حتى يمنحه الانتصار السياسي المتمثل في تحقيق كافة الأمور السالفة، لكنه اصطدم بموقف الرئيس الأميركي المنتخب الذي أجبره على قبول الاتفاق الذي رفض قبوله منذ مايو/أيار، بحسب المتحدث نفسه.
وينطلق موقف ترامب -الذي فاجأ البعض ربما- من أنه يضع مصالح الولايات المتحدة نصب عينيه على عكس إدارة جو بايدن التي اتسمت سياستها في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب بالتعبية لما تريده تل أبيب، على حد تعبير هادسون.
وهذه الفلسفة هي التي جعلت ترامب يهدد الإسرائيليين من أن الجحيم الذي هدد به سيطالهم أيضا وهم الذين كانوا يراهنون على دعمه لتحقيق كل ما يريدون تحقيقه، برأي المدير السابق بوكالة الاستخبارات الأميركية.
إعلانوحتى طموحات اليمين الإسرائيلي في الضفة الغربية قد تنهار أمام موقف ترامب الذي يقول هادسون إنه قد تماشى إلى حد كبير مع حديث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قال فيه اليوم الثلاثاء "إن على الإسرائيليين نسيان أسطورة الضفة".
المقاومة فرضت إرادتها
واعتبر هادسون أن إسرائيل فشلت في تحقيق كافة أهداف الحرب التي أعلنتها، والتي يرى أنها "واجهت انتكاسة كبيرة". وهو موقف يوافقه فيه زياد الذي قال إن إسرائيل "دمرت القطاع لكنها لم تنزع إرادة القتال من المقاومة التي كانت تراهن على إفنائها وإفناء سكان القطاع أو تهجيرهم على الأقل".
ويعتقد زياد أن المقاومة كسبت رهانها الذي كان ينصب على كسر مشروع إعادة احتلال القطاع وتهجير سكانه، رغم الأثمان الباهظة التي دفعها السكان خلال الحرب.
ومع ذلك، يقول إن الفلسطينيين يخرجون من هذه الحرب منتصرين رغم جراحهم الكبيرة لأنهم لم ينهزموا سياسيا ولم يغادروا أرضهم كما أريد لهم.
والأهم من كل هذا -برأي زياد- هو حالة الوحدة غير المسبوقة التي تعيشها المقاومة حربا وسياسة، ونجاحها في عدم التنازل عن خطوطها الحمراء التي يلبيها الاتفاق والمتمثلة في وقف الحرب وعودة النازحين وإعادة الإعمار وإغاثة السكان.
واستدل زياد على شعور الغزيين بالنصر بتلك الاستعدادات الجارية للاحتفال بوقف إطلاق النار بينما بن غفير يصف الاتفاق المرتقب بأنه "اتفاق استسلام لحماس".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الرنتاوي يكتب .. “بيت جن” حين جُنّ جنون إسرائيل
#سواليف
#بيت_جن …حين جُنّ #جنون_إسرائيل
كتب: #عريب_الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية
5 كانون الأول/ديسمبر 2025
مقالات ذات صلة إعلان تشكيلة النشامى أمام الكويت / أسماء 2025/12/06فجر الثامن والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، وقع ما لم يكن في حسبان #جيش_الاحتلال_الإسرائيلي…لم تكن طريقه إلى بلدة بيت جن سالكةً وآمنة، وفي الاتجاهين معاً، لا عند الدخول ولا عند الانسحاب، وجد ما لم يكن ينتظره…غطرسة القوة واستعلائها، أوقعته في شرّ أعماله، لم ينجح في تأمين القوة الغازية إلا بالاستناد لتفوقه الجوي، ولم يقو على سحب آلياته المعطلة، فآثر تدميرها.
إنه الاحتلال، الذي يستدعي المقاومة، حيثما وجد، وطالما وجد على أرض الغير…هو قانون المجتمعات والشعوب، الذي يحاكي قوانين الطبيعة…ولأن الاحتلال فعل عدواني لا يستأذن أحداً، فإن المقاومة هي رد الفعل الطبيعي، الذي لا ينتظر الإذن من أحد، وهي مكفولة للمقاومين، وفقاً لمختلف الشرائع السماوية والوضعية، لا تنتظر قراراً “من فوق”، ولا تراعي موازين القوى وحساباتها “من تحت”.
السوريون في بيت جن، انتصروا لأرضهم وعرضهم، ودافعوا عن حق في البقاء الآمن، الحر، السيّد، والمزدهر، فوق تراب وطنهم…ليست مؤامرة سقطت الخارج، ولا هي فعل دٌبّر في ليل بهيم، هي التعبير العفوي، عن أنهم شعب لا يقبل الضيم والذل والاستباحة…هذه هي سوريا التي عرفنا منذ مطلع القرن الفائت، زمن التصدي للاحتلالات الاستعمارية المتعاقبة.
وليست الخسارة الإسرائيلية تنحصر في الجنود والضباط الستة الذي أصيبوا برصاص أهل البلدة وأصحابها، الخسارة التي لم تحسب إسرائيل حسابها، أن عملية بيت جن، والمجزرة التي قارفها الاحتلال ضد سكانها الآمنين، والتصدي الشعبي البطولي للغازي والمحتل، إنما أعادت تصويب البوصلة السورية بالكامل، وكانت بمثابة “أحدث تذكير” للسوريين، بأن عدوهم، الذي يحتل أرضهم، ويمثل أمامهم كتهديد لمستقبلهم ووحدة كيانهم وأرضهم ومجتمعهم، هو إسرائيل، وإسرائيل وحدها، أما باقي من أدرجوا لأسباب سياسية ومذهبية، سورية وإقليمية، في عداد “الأعداء”، فهم ليسوا في أسوأ الأحوال سوى خصوم، والخلاف معهم، يحل على موائد التفاوض والحوار، والتفاهم معهم، ممكن، بل وقد يصبح ضرورة ذات مرحلة قادمة.
العدوان على بيت جن، ومقاومة أهلها، أنعش الهوية الوطنية السورية الجامعة من جديد، رأينا ذلك في الهتافات ضد العدوان والمعتدين، وفي صيحات التضامن مع أهل الجنوب السوري، التي صدحت في مختلف المحافظات السورية، وتردد صداها في الأرجاء … لم تكن إسرائيل تقصد ذلك بالمرة، وهي صاحبة المشروع التقسيمي-التفتيتفي لسوريا، صاحبة نظرية “حلف الأقليات”، الذي لا وظيفة له، سوى تفتيت سوريا، دولة وشعباً وسيادة وكياناً.
إنها الضارة التي أصبحت نافعة، فقد قدمت الفعلة الإسرائيلية النكراء في بيت جن، خدمة جليلة لكل سوري حر، هَالَه ما تمر به سوريا من “يقظة” لـ”الهويات القاتلة”، الهويات الفرعية المتدثرة بلبوس فيدراليات الطوائف والأقوام، كلام الحق الذي يُراد به باطل…أصحاب هذه الدعوات، تلقوا صفعة في الصميم، وانكشف المستور من رهاناتهم البائسة على عدو يعترف العالم بمقارفته لجرائم الفصل والتمييز العنصرية، وممارسته لحرب التطهير والإبادة، و”عسكرته” للمساعدات والإغاثة، واتخاذه من التجويع والترويع سلاحاً ضد نساء غزة وأطفالها وشيوخها…لقد ضربت إسرائيل بخنجرها المسموم، في اللحم السوري الحي في بيت جن، وهي فعلة ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة.
لقد تابعنا باهتمام وارتياح بالغين، متحدثين ومواطنين سوريين، ينافحون عن الهوية الوطنية السورية الجامعة، ويتوعدون إسرائيل بأن بلادهم لن تكون لقمة سائغة لشهيتهم المفتوحة على التوسع والهيمنة والعربدة، لقد رأينا ما يشبه إعادة ترتيب جدول الأولويات السورية، مع أن البلاد تمر بظروف لا تحسد عليها، وهي خارجة لتوها من عشرية مثقلة بالدم والخراب والحصار والعقوبات.
لا يعني ذلك، ولا يجوز أن يعني للحظة واحدة، أن قوى التقسيم والانقسام والانفصال في سوريا، قد ابتلعت مطالبها وطوت صفحة مشاريعها، فهؤلاء ما زالوا على رهانهم بالتبعية والولاء للعدو الإسرائيلي، ما زالوا على مقامرتهم بطلب الحماية والرعاية من مقترفي مجزرة بيت جن، وأبشع ما أقدموا عليه بعد المجزرة، مطاردة عشرة من شبان السويداء واعتقالهم بتهمة “التعامل مع دولتهم”، لكأن دمشق باتت طرفاً خارجياً في حسابات هؤلاء تستوجب الصلة بها أو التعامل معها، المحاسبة والمساءلة، أما طوابير الذين يمموا وجوههم شطر تل أبيب، فلا ذنب لهم ولا جُناح عليهم.
غطرسة القوة وعماها
إسرائيل لم تتعلم دروس “الأحزمة الأمنية” و”الأشرطة الحدودية”، لقد فعلتها في لبنان، فماذا كانت النتيجة، إذ لولا الشريط الحدودي، الدويلة العميلة، التي أوكلتها لسعد حداد، ومن بعده أنطوان لحد، لما تنامت مقاومة لبنان، وصولاً للتحرير، بلا قيد أو شرط، بلا تفاوض ولا معاهدات واتفاقيات، في أيار 2000، لولا “الشريط” لما تداعت كافة القوى الوطنية لإطلاق جبهة المقاومة الوطنية، ولما تسلم حزب الله الراية من بعدها، ليواصل مشوار المقاومة ضد احتلال جائر.
اليوم، في ذروة غطرسة القوة، وعماها، تسعى إسرائيل في استنساخ تجربة الشريط الحدودي، في لبنان مرة ثانية، وفي سوريا كذلك، تريد للمنطقة من جنوب دمشق، وحتى الحدود مع الجولان السوري المحتل، أن يكون منطقة خالية، منزوعة السلاح، وربما تُنَصّبُ عليها، أمراء وعملاء محليين، ليقوموا بالدور نيابة عنها، ودائما من طراز سعد حداد، وعلى شاكلة أنطوان لحد، وما لا يأتي بالقوة قد يأتي بالمزيد منها، هكذا يرد نصاً في خطاب الاستعلاء والاستكبار.
والحقيقة التي ستتعلمها إسرائيل بالطريقة الصعبة، إن لم تستوعبها بالطريقة السهلة، أن الاحتلال يولد المقاومة، وأن القوة تستدعي القوة، والمزيد منها، يستجلب مقاومة أشد وأذكى، وإن الضعيف اليوم، لن يبقى كذلك أبد الدهر، وأن القوي اليوم، لن يستفيد من فائض قوته غداً، وتلك الأيام نداولها بين الناس، والمجتمعات والشعوب والدول.
ما لا تدركه إسرائيل بالطريقة السهلة ستدركه بالطريقة الصعبة، وهو أن تفريغ جنوب سوريا من رموز الدولة وقواها العسكرية والنظامية، لن يجلب لها الأمن والاستقرار، بل قد يحيلها إلى ما آل إليه جنوب لبنان وبقاعه، طيلة أزيد من خمسين عاماً: “فتح لاند”، و”حزب الله لاند” …. وإنه سيصبح نقطة جذب، لكل من له حساب مع إسرائيل، من فصائل ومنظمات وحركات ودول كذلك، وأنه من دون التعامل مع سوريا كدولة سيدة مستقلة موحدة، ومن دون انهاء احتلالاتها القديمة والجديدة لأراضٍ سورية، لن تنعم لا بأمن ولا باستقرار، وأن “الهيمنة” و”الغطرسة” لحظة لن تدوم طويلاً، وأن من يضحك أخيراً يضحك كثيراً.
وستدرك إسرائيل، بالطريقة الصعبة كذلك، أن إضعاف المركز السوري، لن يعزز مكانة الأطراف، فهذه فاقدة لقدرتها على الديمومة والبقاء بذاتها، وهي بتغريدها خارج السرب الوطني السوري، ستجد نفسها في بحر متلاطم من القوى الشعبية المعادية لها، وإن ما لا تستطيع الدولة السورية الضعيفة، أن تقوم به، ستقوم به قوى “لا-دولاتية”، إن لم يكن اليوم، فغداً، وتلكم هي سيرة العلاقة بين قوى الدولة و”اللا-دولة” في كل التجارب العربية الحديثة، وما يتخطاها من دول في العالم الثالث.
وأحسب أنه من غير المتوقع، لحكومة نتنياهو في لحظة الغطرسة والكبر والاستعلاء، أن تفكر بعقل بارد في هذه المشكلات الساخنة، وأرجح أن إسرائيل سيُجَنُّ جنونها، وستلجأ إلى نظرية “أن ما لا يتحقق بالقوة سيتحقق بالمزيد منها”، وستعتمد سياسة الاستباحة وسيناريو غزة والضاحية الجنوبية، ضد القرى والبلدات المقاومة في جنوب سوريا، وستعتمد على تفوقها الجوي والتكنولوجي، في كل مرة، تستشعر فيها خطراً على جنودها وضباطها، لكن حبل الغطرسة قصير، مهما طال واستطال.
أما الذين في قلوبهم زيغ، ممن استسهلوا الارتماء في أحضان عدو بلادهم القومي، واستمرأوا طعم الرعاية والحماية، فنحيلهم إلى المصائر البائسة التي انتهى إليها من سبقوهم على دروب العمالة والتعاون مع الاحتلال، وطلب الحماية من دولة النازيين الجدد والقدامى، لعلهم يستبصرون ويرتدعون قبل فوات الأوان.