معرض البسامي للتراث الشعبي يستعرض تاريخ عُمان في ليالي مسقط
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
يبرز معرض "البسامي للتراث الشعبي" كواحد من أبرز الوجهات الثقافية والتراثية التي تُعيد الزوار إلى صفحات مضيئة من تاريخ عُمان،ضمن فعاليات "ليالي مسقط" المقامة في ولاية العامرات.
المعرض، الذي يُشرف عليه صاحب المقتنيات الأثرية و الأنتيك الجامع مرهون البسامي، يُعد نافذة على جمال الماضي، حيث يحتضن مجموعة فريدة من القطع النادرة التي تروي قصص الأجيال العمانية المتعاقبة.
ويُقدم معرض "البسامي للتراث الشعبي" مجموعة نادرة من التحف والمقتنيات الأثرية التي جمعها مرهون البسامي على مدار سنوات طويلة. هذه القطع ليست مجرد معروضات، بل هي شواهد حيّة على التاريخ العماني الغني، تضم أدوات كانت تُستخدم في الحياة اليومية، ومجسمات تعكس أصالة العمارة العمانية التقليدية، إلى جانب مقتنيات فنية وأثرية نادرة تمثل مراحل مختلفة من التراث الوطني.
كما يحتضن المعرض بين جنباته كنوزا ثمينة اقتناها البسامي بعناية على مدار سنوات طويلة، حيث تتنوع مقتنياته بين الأسلحة والخناجر العمانية التي تتفرد بتصاميمها الدقيقة وتراثها العريق، والدلال النحاسية التي تعكس عبق الضيافة العمانية، وأبرزها "الدلة النزوانية" الشهيرة. كما يضم المعرض فخاريات أصيلة وفضيات ساحرة، منها الحُلي التقليدية التي كانت تتزين بها المرأة العمانية في الزمن الماضي، لتروي قصص الجمال والأصالة. إضافة إلى ذلك، لم يغفل البسامي جمع الأجهزة الإلكترونية القديمة، مثل الراديو الذي كان يومًا المصدر الأول للأخبار المحلية والعالمية، ليضيف بُعدًا آخر من الحنين إلى تاريخ تقني تليد.
وفي أروقة المعرض، يجد الزائر نفسه مُحاطًا بكنوز أثرية تستحضر أصالة الماضي. تنوع المقتنيات ودقتها يُبرز مدى اهتمام مرهون البسامي بتوثيق التراث والحفاظ عليه. كما يُتيح المعرض فرصة فريدة للتعرف على تفاصيل الحياة العمانية القديمة من خلال شرح دقيق عن كل قطعة وقصتها، ما يُثري الزائر بمعلومات جديدة ويعزز ارتباطه بالهوية العمانية.
وحظي معرض البسامي للتراث الشعبي بإقبال كبير من الزوار، خاصة من مرتادي "ليالي مسقط" في العامرات، حيث يتوافد السياح بشغف لاستكشاف عبق التراث العماني الأصيل، حيث يُبدع مرهون البسامي في تعريف الزوار بالتراث العماني القديم، مستعرضًا أمامهم تفاصيل تاريخية غنية تشد الأنظار وتُثري العقول.
وما يميز المعرض هو تنوع زواره من مختلف الفئات العمرية؛ فمنهم الشباب الذين يتعرفون للمرة الأولى على ملامح حياة الأجيال السابقة، ومنهم من عاشوا تلك الفترة، ليجدوا في أركان المعرض ذكريات طفولتهم تلامس وجدانهم وتعيدهم إلى أيام خالدة في ذاكرة الزمن. هنا، تتلاقى الأجيال على أرضية التراث، حيث تُحكى القصص وتُنسج الحكايات التي تُعزز الارتباط بالموروث الثقافي العماني.
ويتعدى دور معرض البسامي للتراث الشعبي مجرد عرض للقطع الأثرية، فهو يحمل رسالة وطنية عميقة تُبرز أهمية التراث كجزء لا يتجزأ من الهوية العمانية، ويسعى المعرض إلى تعزيز الانتماء الوطني من خلال تقديم التراث بأسلوب يُثير الإعجاب ويحفز الجيل الجديد على الاهتمام بجذورهم الثقافية، ويُبرز البسامي من خلال مقتنياته جانبًا من القيم العمانية الأصيلة التي تتجسد في تفاصيل الحياة اليومية، من أسلوب العيش البسيط إلى الهندسة المعمارية المتأصلة في الطابع العماني. هذه الرسالة الحضارية تضع الزوار في حالة تأمل، وتدفعهم إلى إدراك أهمية نقل هذا التراث للأجيال القادمة.
ويؤكد مرهون البسامي، الذي يُعرف بشغفه في جمع المقتنيات الأثرية و الأنتيك، أن هذا المعرض يمثل رسالة حضارية تعكس أهمية الحفاظ على التراث ونقله للأجيال القادمة. وأضاف: إن القطع المعروضة ليست مجرد تحف، بل هي جزء من ذاكرة وطنية تُجسد قيم الأصالة والهوية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
بين الرخام والحرير.. متحف اللوفر يستضيف معرض الكوتور لسرد قصة الأناقة بالخيط والإبرة
بين أعمدة اللوفر الرخامية وعلى مقربة من جناح الموناليزا، التي حيّرت ابتسامتها المؤرخين، يستضيف متحف اللوفر في باريس معرض "كوتور" للأزياء الراقية، في حوار غير مسبوق بين الموضة والفن، يضم قطعا بارزة من تاريخ الأزياء المعاصرة تمتد من ستينيات القرن الماضي وحتى عام 2025، من كريستوبال بالنسياغا إلى إيريس فان هيربن.
وبفضل هذا المعرض، لم يعد اللوفر حكرا على الفنون التشكيلية والكلاسيكية، بل كسر القاعدة ليقدّم سردية متكاملة عن الجمال والهوية، ويعيد حياكة تاريخ دور الأزياء الفرنسية بخيط وإبرة.
وبينما يتنقّل الزائر بين قاعات المعرض، تتردد في ذهنه أسئلة جوهرية: "هل الأزياء محض استهلاك، أم لغة تعبّر عن الروح وتغذّي الإحساس؟" ويأتي جواب اللوفر واضحا: كل قطعة هنا تحكي قصة، تتمحور حول الأنوثة والفخامة والفن.
منذ افتتاحه عام 1793، لم يشهد متحف اللوفر تنظيم أي معرض مخصص بالكامل لعالم الأزياء، رغم موقعه الفريد في قلب باريس، بالقرب من أشهر دور الأزياء الراقية (الهوت كوتور).
وفي هذا السياق، أوضح أوليفييه غابيه، مدير قسم الفنون الزخرفية بالمتحف، أن هذه هي المرة الأولى التي يُقام فيها معرض داخل اللوفر يُعنى بالموضة، من حيث التصميم والتقديم، ضمن مجموعاته الفنية.
وأشار غابيه، في حديثه لموقع الجزيرة نت، إلى أن المتحف كان قد استضاف عام 2022 فعالية صغيرة بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس دار "إيف سان لوران"، وذلك بناءً على اقتراح من المؤسسة نفسها.
إعلانوعند سؤاله عن إمكانية تنظيم معارض مماثلة في المستقبل، قال: "اللوفر لا يملك مجموعة أزياء خاصة به، لذا فهو غير ملزم بتقديم معارض للموضة بشكل دوري. لكن من حسن حظنا أن اللوفر، بطبيعته، هو متحف يتقاطع مع عالم الموضة، الذي يتميز بدورات قصيرة وتجدد مستمر. وأعتقد أن الوقت المناسب لمعرض جديد سيأتي، عاجلا أم آجلا".
في الوقت الذي كانت تُنظر فيه إلى الأزياء الراقية على أنها حكر على الملكات وزوجات القادة ونجمات السينما، كان مصمموها يرون فيها خطابا اجتماعيا بصيغة أنثوية. فالثوب والخيوط الذهبية، من وجهة نظرهم، لا تُصمَّم فقط لتلائم الجسد، بل لتعيد تشكيل ثقة المرأة بنفسها وتعزز حضورها، بعيدا عن القيود والتصورات النمطية.
اليوم، وعلى مساحة تُقارب 9 آلاف متر مربع، يعرض متحف اللوفر 65 تصميما معاصرا، إلى جانب نحو 30 إكسسوارا، في حوار بصري وشاعري يمتد من بيزنطة إلى الإمبراطورية الثانية.
وقد سلط أوليفييه غابيه، مدير قسم الفنون الزخرفية في المتحف، الضوء على مجموعة المصممة ماري لويز كارفن، مؤسسة دار كارفن بعد الحرب، والتي تبرعت بأكثر من 300 عمل لقسم الفنون الزخرفية في اللوفر، قائلا: "كان الهدف هو خلق حوار ناجح يضع الموضة في قلب صالات العرض".
وأضاف غابيه: "أردنا أن نظهر كيف شكّلت بيزنطة، والعصور الوسطى، وعصر النهضة، والقرن الـ17 مع شخصية لويس الرابع عشر وفرساي، مصادر إلهام أساسية للعديد من المبدعين".
وأشاد غابيه ببعض القطع البارزة في المعرض، من بينها فستان جون غاليانو المصنوع من الأورجانزا الحريرية والمرفق بغطاء رأس، وفستان صممه كارل أغرافيل عام 2019 مستوحى من خزانة أدراج الكونتيسة دي مايي المعروضة في اللوفر، بالإضافة إلى فستان من تصميم عز الدين علية مستلهم من الفن المصري القديم.
وبمجرد الدخول إلى إحدى القاعات، ستُغرم بالتقاطع الفريد بين فستان أسود من دار ديور يعود لمنتصف القرن الـ20 وُضع بمحاذاة منحوتة لرأس إمبراطور روماني، وفستان ذهبي من جيفنشي يقف تحت لوحة "أفروديت" الإغريقية، بالإضافة إلى التقاء خيوط شانيل بخيوط الذاكرة.
ومن المصمم الشهير جاك دوسيه إلى مدام كارفن، أعارت 45 دار أزياء راقية مجموعات استثنائية تتناغم بشكل رائع مع اللوحات المعلقة على جدران قسم الفنون الزخرفية باللوفر.
وعندما يتعلق الأمر بالتاريخ والموضة، فإن الروابط لا تُحصى، وغالبا ما تتجسد من خلال المعرفة والتقنيات اللامتناهية والثقافة البصرية، فضلا عن التفاعل الدقيق بين معنى اللوحة أو القطعة الأثرية وكتالوج المصمم. ليبدو الفستان كأنه درع يحمل في طياته شهادة ميلاد الزمن.
ولعل أهم ما يميز معرض "كوتور" هو أنه لا يقدم عرضا للأزياء بقدر ما يُصوغ حوارا بين القرون، وكأن فستان هذا العصر يلقي التحية على تمثال فرعوني، وثنيات قماش مطرز يقلد انسياب الرداء الروماني.
كما تمكنت كل القطع المعروضة في صالات العرض، التي تعرف جيدا لوحات وتحف القرون الماضية، من إخفاء الفوارق بين الفن والموضة، وبين الإبرة والريشة.
إعلان