المقاومة ضد إسرائيل.. بين الإرهاب والمشروعية
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
د. عبدالله الأشعل **
من الطبيعي أن تعتبر إسرائيل المقاومة ضدها من الأعمال الإرهابية، ولكن ليس من الطبيعي أن يعتبر العرب هذه المقاومة من قبيل الإرهاب.
وإذا صح ذلك على إسرائيل فأنه لا يصح بالنسبة للعرب والسبب معروف للكافة وهو أن الضغوط الأمريكية على معظم الدول العربية تجعل الدول العربية تصمت او في صف إسرائيل بل صرح أحد المسؤولين الأمريكيين يقول علنا أن الحكام العرب قربًا أو بعدًا من واشنطن بقدر تفانيهم في خدمة إسرائيل ولذلك صرح المبعوث الأمريكي لدمشق بعد التقائه بالقادة الجدد في سوريا بأن الولايات المتحدة وإسرائيل نجحت في تحويل سوريا من بؤرة للإرهاب إلى دولة نظيفة تحارب الإرهاب، كما إن الولايات المتحدة تعتبر من يعارض مصالحها مشمولة بإسرائيل إرهابيا وتضعه على قوائم الإرهاب الأمريكية.
وواقع الأمر أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما تجسيد للإرهاب الدولي لأن كليهما بنى على جثث سكان البلاد الأصليين. وهذه النقطة هي التي تجمع بين أمريكا وإسرائيل على أساس أن أمريكا لا تريد أن تنفرد بصفحات التاريخ باعتبارها مرتكبة للإبادة للسكان الأصليين في أمريكا الشمالية في نهايات القرن الخامس عشر، وتأمل أن إسرائيل تبيد الفلسطينيين وتتربع على كل فلسطين كما انفردت الولايات المتحدة بالجزء الأكبر من أمريكا الشمالية ولذلك لا بُد أن نفهم تصريح ترامب بأنه في عهده سوف يضم كندا وخليج المكسيك إلى الولايات المتحدة لكي تكون الولاية رقم 51 وهذه الخلفية لازمة لتصريح ترامب.
والحق أن المقاومة للعمل الضار، طبيعة بيولوجية ولذلك فإن كلمة المقاومة وردت إلينا من علم الأحياء كما أن نظريات الدفاع بنيت على القواعد العامة لعلم الأحياء. ذلك أن الدفاع الشرعي، لكي يسمى بهذا الاسم حق طبيعي؛ أي قبل نشأة القوانين.
ونصت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على أن رد الفعل الذي يعتبر حق الدفاع الشرعي يجب أن يكون بقدر دفع الضرر وأن لا يكون مسلحًا. والمؤكد أن المقاومة في القانون الدولي لها وضع متميز.
وهي من ناحية حركة تحرر وطني وفي فلسطين تواجه المقاومة استعمارا من نوع خاص؛ فالمستعمر التقليدي كان يدير البلاد ادارة مباشرة من عاصمته ولكنه لم يدعى مطلقًا ضم هذه الأراضي إلى إقليمه.
أما إسرائيل فإنها تجمع للصهاينة الذين كذبوا على المجتمع الدولي حتى تستمر هذه الاكذوبة الكبرى وهي تريد أن تبيد سكان فلسطين وتستولى على الأرض كلها ثم أنها خدعت العالم عن طريق بريطانيا وأمريكا والغرب عمومًا بإنها تريد قسما من فلسطين ولا تريد فلسطين كلها ومن هذه النقطة نشأت أسطورة حل الدولتين.
ولذلك كانت إسرائيل صريحة عندما قرر الكنيسيت الإسرائيلي علم 2023 حظر اقامة دولة فلسطينية في فلسطين. وفي نفس الوقت كان الكنيسيت قد أصدر قانونا عام 2017 باعتبار إسرائيل الحالية والكبرى "دولة يهودية" لهدف واحد فقط وهو طرد الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل المعروفين بـ"عرب 48"، خاصة أنهم انضموا إلى الشعب الفلسطيني في الأراضي الأخرى لمقاومة الاحتلال.
والحق في المقاومة للشعب الفلسطيني يتمتع بشرعية مضاعفة؛ فإذا كانت المقاومة في الظروف العادية مشروعة ما دام الاحتلال قائما على اساس ان الاحتلال عدوان دائم، فإنها في حالة إسرائيل الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية مشروعة عدة مرات.
وتكتسب المقاومة ضد إسرائيل مشروعيتها من 3 مصادر؛ المصدر الأول القانون الدولي الذى يعطيها الحق في الدفاع عن النفس بكل الوسائل بما فيها ما تسميه إسرائيل الوسائل الإرهابية وتحرم المحتل من هذا الحق وقديمًا قال شاعرنا في مصر أنه لن يقوم العدل إلا إذا تصادم الإرهاب بالإرهاب بمعنى تصدى المقاومة للعدوان وهو قمة الإرهاب.
المصدر الثاني هو مشاركة واشنطن إسرائيل في إبادة الشعب الفلسطيني؛ بل إن إسرائيل مجرد أداة في خطط واشنطن في الإبادة؛ بل إن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن قرر أن يعطى إسرائيل في الأيام الأخيرة له في البيت الأبيض أسلحة فتاكة محظورة دوليا بمبلغ 8 مليارات دولار لكي لا يقال إنه قصّر في أعمال الإبادة ضد الفلسطينيين. كذلك فإن واشنطن أضافت إلى المقاومة مصدرا جديدا لشرعيتها وهي أن الشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية والإسلامية وما دام معرضًا للإبادة من جانب اللصوص الصهاينة، فإنه توقع أن تحميه أجنحة الأمتين، لكن واشنطن بضغوطها عطلت هذه الحماية فأصبحت المقاومة تضيف مصدرًا اضافيًا لشرعيتها وهي الاعتماد على النفس ثم أن العالم كله يتفرج على انفراد إسرائيل بالشعب الفلسطيني دون أن تفلح الأجهزة في النظام الدولي الموالي للغرب في وقف إسرائيل أو ردعها.
المصدر الثالث لشرعية المقاومة خاصة في فلسطين هو أن حماس تتمتع بشرعية دستورية؛ حيث حصلت حماس في الانتخابات التشريعية الوحيدة التي جرت عام 2006 على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، رغم أن إسرائيل هي التي أعطت الموافقة على إجراء الانتخابات حتى في القدس أملًا في استقطاب حماس إليها.
الخلاصة.. أن المقاومة ضد إسرائيل عموما تتمتع بالشرعية وأنه حتى استخدامها للإرهاب مبرر لها فلا يجوز وصفها بالإرهاب كما تفعل إسرائيل والغرب.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فلسطين: سحب تشيلي ملحقيها العسكرييْن من إسرائيل خطوة شجاعة
فلسطين – أشادت فلسطين، امس الأربعاء، بقرار تشيلي سحب ملحقيها العسكرييْن من سفارتها لدى إسرائيل؛ احتجاجا على استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب منذ 20 شهرا في قطاع غزة.
وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان، إنها ترحب “بقرار الرئيس التشيلي جابرييل بوريك سحب الملحقيْن العسكرييْن من سفارة بلاده لدى تل أبيب”.
وأضافت أن هذه الخطوة تأتي “احتجاجا على استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومنع إدخال المساعدات، وحرمان أكثر من 2 مليون فلسطيني من حقهم الإنساني من الحصول على الغذاء والدواء والخدمات الأساسية”.
الرئاسة الفلسطينية وصفت قرار تشيلي بـ”الخطوة الهامة والشجاعة، التي تعبر عن الرفض الدولي لما تقوم به سلطات الاحتلال من إجرام وقتل وتدمير وتجويع بحق الشعب الفلسطيني”.
وتابعت قائلة: “خطوة إضافية للضغط على سلطات الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا”.
ودعت إلى “مواقف دولية جادة وفورية لإجبار دولة الاحتلال على وقف حربها الدموية في قطاع غزة، واعتداءاتها في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وامتثالها لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
وبالتوازي مع إبادة غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 972 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.
والأربعاء، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: “وجَّه رئيس تشيلي غابرييل بوريك بسحب الملحقيْن العسكرييْن لبلاده من إسرائيل”.
ووصفت هذه الخطوة بأنها “تصعيد جديد في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ اندلاع حرب غزة، والاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب”.
وقالت الخارجية التشيلية على موقعها الإلكتروني، إن سفارتها أبلغت السلطات الإسرائيلية “سحب الملحقين العسكريين والدفاعيين والجويين، اللذين كانا يؤديان مهامهما في بعثتنا في تل أبيب”.
وأرجعت القرار إلى “الحالة الإنسانية البالغة الخطورة التي يعيشها السكان الفلسطينيون في قطاع غزة، نتيجة للعملية العسكرية غير المتناسبة والعشوائية للجيش الإسرائيلي”.
كما أرجعته إلى “العقبات المستمرة التي تحول دون السماح بدخول المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية”.
ومنذ 18 عاما تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع مجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.
ودعت تشيلي إسرائيل إلى “وقف عمليتها العسكرية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والسماح بدخول المعونة الإنسانية، واحترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي”.
ووفق “يديعوت أحرونوت” كان لدى تشيلي ثلاثة ملحقين عسكريين للبحرية والبر وسلاح الجو، إلا أن “أحدهم سُحب قبل أشهر أما الآن، فقد تم سحب الاثنين المتبقيين بشكل نهائي”.
وقبيل خطاب بوريك السنوي للأمة الأحد المقبل، قدرت مصادر دبلوماسية إسرائيلية “أن هناك احتمالا كبيرا أن يعلن الرئيس قطع العلاقات تماما مع إسرائيل”، حسب الصحيفة.
وتابعت المصادر: “هذه الخطوة الجديدة تُعد تصعيدا إضافيا في العلاقات، بعد أن أعلن الرئيس التشيلي في 31 أكتوبر 2023 استدعاء السفير التشيلي من إسرائيل”.
والخميس الماضي، قال بوريك عبر منصة “إكس”، إن “الحكومة الإسرائيلية تقوم بتطهير عرقي في غزة، ووصل الأمر إلى حد أن آلاف الأطفال قد يموتون في الساعات القادمة لأن إسرائيل لا تسمح بدخول المساعدات الإنسانية”.
وأكد أن “من يقومون بهذا ومن يغضون الطرف عنه، مجرمو حرب وستحاسبهم الإنسانية بطريقة أو بأخرى، وتمارس تشيلي الضغوط اللازمة على جميع المنابر لوضع حد لهذه الوحشية”.
الأناضول