كل ما يجري في السودان اليوم هو نتيجة مباشرة لصنيع قادة الحركة الإسلامية الذين يتحملون مسؤولية كبرى عن الانتهاكات المرتكبة من قبل طرفي القتال. هذه الأزمة التي تفاقمت منذ عام 1989، تعتبر تجسيدًا لعقود من البراغماتية السياسية للإسلاميين، حيث قادت مغامراتهم للاستيلاء على السلطة البلاد إلى شفا الانهيار.
لقد بدأت ملامح عدم التعافي السياسي مع حادثة معهد المعلمين في الستينيات، والتي رسّخت وجود الإسلاميين في المشهد السياسي بدعم من قوى حزبية مدنية تعرضت للمزايدة والإرهاب.

وكان تبني الدستور الإسلامي بمثابة الشرارة الأولى التي عمّقت الصراع مع الجنوب، وزادت من تعقيد العلاقات بين التيارات السياسية المختلفة.
الإسلام السياسي وجذور الأزمة
منذ استقلال السودان، هيمنت قضايا الإسلام السياسي على المشهد، مما استنزف طاقة النخبة السياسية وأدخل المجتمع في دوامة من التشظي والانقسام. أما ظهور الحركة الإسلامية في السلطة عبر انقلاب 1989، فقد عمّق الصراعات السياسية والاجتماعية وأوصلها إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد.
وبرغم سقوط نظام الإنقاذ، فإن الإسلاميين استمروا في التحكم بمفاصل الدولة من خلال اختراق القوات النظامية، وتحويل الخدمة المدنية إلى أدوات لخدمة أجندتهم. تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في معالجة إرث المشروع الحضاري، مما سمح للإسلاميين بإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لاستعادة السلطة.
الميليشيات الإسلامية في المشهد الحالي
في ظل الحرب الحالية، تسعى الميليشيات الإسلامية المسلحة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي. تنظيمات مثل "البراء بن مالك" تُذكرنا بسنوات ازدهار داعش في الشرق الأوسط، حيث تمارس الأساليب ذاتها من الترهيب والقتل والتطرف الدموي.
ما يثير القلق هو أن هذه الميليشيات تُسهم في استدامة الحرب بممارسات تعيدنا إلى زمن استبداد الإسلاميين في عهد المؤتمر الوطني. تلك الحقبة شهدت تعذيب المعارضين، واغتصاب النساء، وقمع الحريات، وهي ذات السياسات التي تسعى هذه الجماعات لتكرارها تحت مسميات جديدة.
التحدي الديمقراطي
النخبة السودانية المستنيرة تواجه اليوم تحديًا وجوديًا: إما بناء سودان موحد وديمقراطي، أو الخضوع لهيمنة الإسلاميين ومتطرفيهم. إن بروز تيارات داعشية جديدة داخل الحرب يعكس خطرًا كبيرًا يتمثل في تحول السودان إلى بؤرة للإرهاب والتطرف.
ولذلك، فإن تشكيل رأي عام مدني وديمقراطي قوي، يعارض استمرار الحرب ويدعم السلام الشامل، يمثل السبيل الوحيد لمنع السودان من الوقوع في قبضة التطرف مرة أخرى.
الحرب الحالية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الصراع الذي قادته الحركة الإسلامية منذ عقود. إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب، وتفكيك البنية الفكرية والتنظيمية للإسلام السياسي، فإن مستقبل السودان سيظل رهينة لمشاريع متطرفة تهدد وجوده كدولة حرة ومستقلة.

زهير عثمان

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

“جستن” بالتعاون مع المعهد الوطني تقدم برنامجاً لتطوير (مهارات معلم المستقبل )

البلاد (الرياض)
تنطلق يوم الأحد المقبل الموافق ٢٧ يوليو ٢٠٢٥م باكورة الدورات التدريبية الخاصة بالمعلمين والمعلمات الجدد تحت عنوان (ممارسات _معلم_المستقبل) والذي تنفذها الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ” جستن” احدى الجمعيات العلمية بجامعة الملك سعود بالتعاون مع المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي. حيث تنفذ هذه الدورات على يد نخبة من الخبراء والمتخصصين لتطوير مهارات المعلمين والمعلمات وتنمية قدراتهم المستقبلية.

وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور فايز بن عبد العزيز الفايز أن الدورات تستهدف شريحة المعلمين والمعلمات الجدد الذين سيبدؤون رحلتهم الوظيفية التعليمية مطلع العام الدراسي الجديد، حيث تهدف الدورة إلى تدريبهم في عدد من المهارات العامة التي تساعدهم في خوض هذا المجال بكل ثقة واقتدار مثل تعلم أساسيات التدريس الفعال للمعلم الجديد، واكتساب مهارات تطبيق نظريات التعلم الحديثة، وتصميم بيئات تعلم محفزة، واستخدام أدوات تقويم صفي فاعلة، كما تهدف الدورة إلى تأهيل المعلم والمعلمة في كيفية إعداد وتنفيذ خطة تدريس علمية، وفهم متطلبات التدريس وفقاً للمعايير الحديثة وتطوير اتجاهات إيجابية نحو مهنة التعليم.

من جهته، بين نائب رئيس مجلس الإدارة المشرف على الفروع الدكتور عبد المحسن بن سعد الحارثي أن الجمعية تسهم وبشكل فعال ومتميز في تنمية وتطوير القدرات البشرية لجميع الفئات المستهدف من لدى الجمعية؛ حيث دربت خلال العامين الماضيين أكثر من عشرة آلاف متدرب ومتدربة من جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، وتنوعت الدورات بين الحضوري و الاونلاين، وغطت العديد من المجال التعليمية والتربوية والتقنية.

وقد حظيت بإقبال كبير من المعلمين والمعلمات؛ ما انعكس على مستوياتهم الوظيفية بما يحقق التميز التعليمي في عملهم الوظيفي.

من جهته، أشار الدكتور أنس بن إبراهيم التويجري المدير التنفيذي للجمعية إلا أن فعاليات البرنامج تنطلق بتنفيذ (٣٥) دورة تدريبية في الأسبوع الأول في (١٠) مدن من مختلف المناطق والمحافظات. وهي: (الرياض – جدة – الدمام – مكة المكرمة – الطائف – بريدة – المدينة المنورة – أبها – جازان – تبوك) ومدة هذه الدورة (٥) أيام وبعدد (٤٠) ساعة تدريبية معتمدة. تساعد في التطوير المهني للمعلمين والمعلمات. ويستمر تقديم الدورات على مدار ثلاثة أسابيع لتشمل جميع مناطق المملكة، حيث تستهدف ما يقارب (٥٠٠٠) معلم ومعلمة.

مقالات مشابهة

  • لن نفرط.. وزير “المعادن” السوداني يعلن الحرب على مهربي الذهب
  • مسؤول “أممي” في السودان لمتابعة العدالة والعودة الطوعية للنازحين
  • موسى هلال.. شوكة حوت جديدة في حلق حكومة “تأسيس”
  • نداء لوقف الاقتتال: عرمان يحذر من تكرار كارثة إقليمية
  • “الإسلامية” تحصد إنجازا أكاديميا جديدا
  • “شياخات المحس” تحذر من “انفجار اجتماعي” قادم.. والسبب…
  • المسافة السياسية بين واشنطون والخرطوم
  • ” أحمد هارون لـ”رويترز”: الانتخابات قد توفّر طريقاً لعودة حزبنا والحركة الإسلامية إلى السلطة
  • “جستن” بالتعاون مع المعهد الوطني تقدم برنامجاً لتطوير (مهارات معلم المستقبل )
  • أحمد هارون يكشف استراتيجية “المؤتمر الوطني” بشأن العودة للحكم في السودان