فى مكان منمق ومنظم بشكل يليق بضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب، وهى سلطنة عمان، مجموعة من نوادر الكتب والمخطوطات العريقة، التى تتحدث عن الطب والفلك والعلوم المختلفة، وبعض الرسائل القديمة وحكايات الرحلات، وريقات قديمة محفوظة داخل فاترينات زجاجية، تحفظ الباقى من أثر أصحابها.

«تيمورة العبرى»، أخصائية وثائق فهرسة وتحقيق مخطوطات، تحدثت لـ«الوطن» من داخل الجناح العمانى بالمعرض، عن حكاية كل مخطوطة بإيجاز، وقالت: «هذه المخطوطات الموجودة هنا من نوادر المخطوطات فى الطب والفلك والأدب، وغيرها من العلوم»، وأشارت إلى أن «مخطوطة السير والجوابات» هى أقدم مخطوطة فى سلطنة عمان، يتجاوز عمرها 900 سنة، وأضافت أن المخطوطة الثانية فى القرآن هى «مصحف القراءات السبع»، للشيخ عبدالله بن بشير الحضرمى، وأشارت إلى أن أهم ما يميز هذه المخطوطة هو طريقة الكتابة التقابلية التناظرية، بمعنى حرف الواو فى السطر الأول من الصفحة الأولى، يقابله فى آخر سطر من نفس الصفحة حرف الواو.

وبالنسبة للمخطوطة الثالثة فى الجناح العمانى بمعرض الكتاب، قالت «تيمورة» إن العمانيين مشهورون فى التجارة إلى مصر وأوروبا، كما معروف عنهم دراستهم للفلك، وكتبوا مخطوطات نادرة فى هذا المجال، منها «مخطوطة معجم الأسرار»، التى كتبها ناصر بن على بن ناصر الخضورى، وهذه المخطوطة مسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة للتعليم والعلوم والثقافة «اليونيسكو» منذ عام 2017، أما المخطوطة الرابعة، فهى «مخطوطة الطب»، لراشد بن عُميرة، الذى تعتبره «اليونيسكو» من المؤثرين فى عصره، حيث تتضمن المخطوطة شرحاً لأجزاء العين، كتبها بأبيات شعرية، دمج فيها الأدب مع الطب، مشيرةً إلى أنه كان ينتمى إلى ولاية «الرستاق»، وهى ولاية تراثية عريقة ثرية بالقلاع، وكان يخصص جزءاً من بيته لعلاج الفقراء والمساكين، كما كان كثير السفر للعراق بحثاً عن الدواء، وأضافت أن المخطوطة تتضمن شرحاً لأجزاء العين والدماغ.

وتتحدث المخطوطة الخامسة، التى توصف بأنها «معجم أسرار الفلك»، عن علم الأبراج، وتسمى «مخطوطة الأبراج الثابتة»، وتتضمن وصفاً لكل برج من الأبراج الفلكية، مثل «العقرب والسرطان»، وهذه المخطوطة تمت كتابتها قبل عام 995 هجرية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معرض القاهرة للكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض الكتاب

إقرأ أيضاً:

صوت ثقافي يبحث عن صداه .. دور النشر العمانية.. هل تنجو وسط دوامة السوق المزدحم وأزمة الثقة ؟

تمتاز الساحة الثقافية العمانية بالإنتاج الفكري المتنوع والذي يتزايد يوما بعد يوم، عاكسا صورة واضحة للوعي الثقافي المتنامي، إلا أن دور النشر العمانية لا تزال تواجه تحديات جمة، سواء على المستوى المحلي أو المستوى العربي، فساحة النشر –التي تشهد تحولات متسارعة في صناعة النشر- تسيطر عليها دور نشر عريقة لها انتشارها وقدرتها الفذة للوصول للقارئ العربي في شتى أرجاء المنطقة، وإلى جانب التنافس الكبير، تدخل أزمات الإمكانيات، وضعف الدعم، وصعوبة الوصول، وعراقيل التسويق والتوزيع، ليواجه الناشر المحلي دوامة تتطلب منه بذل جهد، وإيجاد حل، وإثبات حضور.

وبالحديث عن التحديات التي تواجه دور النشر العمانية نفتح نافذة على الواقع من خلال صوت الناشرين العمانيين، لا سيما التجربة العملية في معارض الكتب، ونستعرض صعوبات المنتج الثقافي العماني في مواجهة المنتج العربي والعالمي في رفوف الكتب.

النشر يحتاج للدعم ..

وحول ذلك قال الكاتب والناشر محمد سيف الرحبي- مدير دار لبان للنشر: "دور النشر العمانية تواجه تحديات داخلية وخارجية، التحديات الداخلية تتمثل في ثقة الكاتب العماني فيها، وثقته بدور النشر العربية أكثر، باعتبار أنه أيضا واقع تحت وهم أن دور النشر العربية ستسوق كتابه في كل المعارض الدولية والعربية التي تشارك فيها، بينما هي في الحقيقة لا تباع كتبهم إلا في معرض مسقط للكتاب، ومسألة أن الكاتب يدفع، فهو يدفع في دور النشر العمانية، أو في الدور الخارجية، ولكن بعض دور النشرة العمانية يكون بينها وبعض المؤلفين شراكة، بحيث أن الطرفين يستفيدان من مبيعات الكتاب".

وأضاف: "هنا أيضا تحديات داخلية، وهي غياب المكتبات وغياب سلاسل التوزيع التي توصل الكتاب إلى القارئ، دار النشر يجب ألا تقوم بدور الموزع أو المكتبة، وفي وجود ضعف في انتشار المكتبات، أو هو ضعف المكتبات نفسها، المكتبات في الأصل ضعيفة، ولا تستطيع أن تقف على قدميها عندما يتعلق الأمر بالكتاب، فلذلك تلجأ بعض المكتبات إلى وضع قرطاسية لرفع ميزانيتها أو استمراريتها على الأقل".

كما تحدث الرحبي عن التحديات الخارجية التي تواجهها دور النشر فقال: "التحديات الخارجية تتمثل في علاقة دور النشر العمانية بدور النشر العربية، فإنها أيضا تواجه مسألة غريبة جدا، وهي أن جمعية الكتاب في عمان تدعم دور النشر العربية، وتتوقف عن المشاركة أو دعم دار النشر العمانية، رغم أنه من ضمن أهدافها أن جمعية الكتاب تدعم الكاتب والمؤلف ودار النشر العمانية والمكتبة العمانية، ولكن للأسف معنا الحالة مقلوبة، حيث أن جمعية الكتاب تطبع خارج عمان، كما أنها أنشأت أيضا في تطور غريب وعجيب دار نشر خاصة بها، وهذا شيء مستغرب جدا، ولم تكتف بأن توزع من خلال دار النشر الخاصة بها، ولكن أيضا قامت بالتعاون مع دار نشر خارجية ليس لها تاريخ، حيث أنشئت قبل بضع سنوات تقريبا، وهذا أيضا من أحد الغرائب التي تواجه أو تعتبر تحد آخر في مسيرة دور النشر العمانية".

وأشار الرحبي في حديثه إلى اللوم الذي يلقيه الكاتب العماني على دار النشر المحلية، حيث قال: "من السهل إلقاء اللوم على دار النشر العمانية على اعتبار أنها تستغل الكاتب، وكأن دور النشر العمانية تربح الآلاف أو مئات الآلاف، بينما هي أمامها تحديات صعبة، وبالكاد تواصل رسالتها".

واستطرد مدير دار لبان للنشر بحديثه عن واقع دور النشر المحلية حيث قال: "دور النشرة في عمان تعتبر جزء من المنظومة الثقافية، وعندما نقول المنظومة الثقافية فإننا نبدأ من وزارة الثقافة والرياضة والشباب، كحلقة أولى داعمة لكل ما يتعلق بالثقافة، سواء من جمعية الكتاب والنادي الثقافي، وصولا إلى كل المراكز أو المكتبات العامة، ومن بينها دور النشر لأنها المسوق الأساسي للكتاب العماني في الداخل وفي الخارج، ودعونا نقول أن ما يبقى من تراثنا الثقافي المكتوب هو الكتب أولا وأخيرا، ولذلك فهناك غياب عن دعم دور النشر العمانية، وهي باقية لوحدها تناضل في الساحة، فلا يوجد مثلا اتفاقيات أو دعم من وزارة الثقافة، ومن النادي الثقافي، أو من جمعية الكتاب". وأضاف: "المراكز الثقافية المعروفة لطباعة كتب عبر دور النشر المعروفة، نتحدث عن دار النشر الحقيقية، وليست عن الدكاكين التي تتوزع الآن كمكتبات، وتقوم بطباعة كتب، حيث اختلت الحواجز بين مهمة دور النشر وبين المكتبات، فصار الكل يطبع، والكل يبيع، وفي المقابل، ليس هناك دار توزيع تقوم بتسويق الكتاب العماني، فتحول الناشر إلى ناشر وطابع ومسوق وبائع، يقوم بكل الأدوار، بينما يفترض أن هذه مسؤولية مسؤولة، جهات أخرى، لكن ضعف التسويق يجعل الكاتب العماني يصدق أن دور النشر العربية قادرة على تسويق كتابه وتسويقها في جميع المعارض، وأنها تطوف بها من معرض إلى معرض، بينما هي الحقيقة مختلفة تماما، وأنا لا أتهم دور نشر العربية باعتبار أني صاحب دار نشر العمانية، ولكن لأني أنا قمت بتأسيس دار نشر عمانية بسبب ما عانيته من دور النشر العربية من إجحاف في حقي ككاتب، وتتعامل معنا في دول المنطقة على أساس أننا نملك نقود لطباعة كتب، ولا نملك الفكر لكتابة الكتب".

منافسة محلية وخارجية ..

ويشير حمود الشكيلي صاحب دار نثر إلى أن التحديات التي تواجه الناشرين كثيرة، فدار نثر التي بدأت من أكثر من 6 سنوات، إلا أنها مازالت تواجه تحديات وأزمات أبرزها عدم توفر الدعم الحكومي، وربما الدعم له أشكال مختلفة ومنها دعم الكاتب والناشر في حصوله على الجوائز، وقال الشكيلي أن النشر هو صناعة مهمة لكل دولة، ولابد من الاعتناء بها.

ومن جانب آخر يثير الشكيلي موضوع إنشاء الجمعية العمانية للكتاب والأدباء لدار نشر تنافس الدور المحلية التي هي تحاول أن تواجه التحديات الخارجية وتوجه الكتاب العمانيين لدور نشر عربية، وأن تحل دار نشر منبثقة من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء تمتلك مظلة للكتاب العمانيين، وهو ما يضيق الدائرة للناشرين المحليين أكثر، ويقول: "هناك تردي في طلب الكتاب، ونحن ندخل مغامرة كبيرة، والدعم غائب بكل أشكاله، وتقف في تحدي ومنافسة مع بعض المؤسسات، فماذا سيواجه الناشر المحلي وماذا سيترك؟".

أزمة الثقة بالناشر العماني..

كما تحدث الكاتب علي المجيني عن دار عرب التي تواجه التحديات أيضا في مجابهة الدور العربية، حيث قال: "أهم التحديات أن الكاتب العماني ليس لديه الثقة بالناشر العماني، بلغني من صديق أنه سمع ذات مرة من أحد أهم الكاتبات العمانيات تقول لكاتبة مبتدئة إياك ونشر كتابك الأول مع دار نشر عمانية، فنحن حقيقة نعاني من انعدام الثقة ، وربما نتفهم انعدام الثقة هذا قد يكون عائدا من عدم قدرة دور النشر العمانية من التوزيع بشكل واسع بقدر ما تستطيع دار مثل الآداب أو الجمل وغيرها، فهذه الدور لديها شبكات كبيرة، وموزعين كثر، ولكن حتى يتوسع وينتشر وتصبح للناشر العماني شبكات كبيرة لابد من منحه الثقة، وأن يكون هناك جسر تعاون بين الكاتب العماني والناشر، فالنجاح للكاتب هو نجاح للناشر أيضا والعكس صحيح، ويمكننا أن نقدم مثالا على ذلك من خلال رواية الحرب، وهي لأحد أهم الأسماء في الساحة الثقافية العمانية الدكتور محمد اليحيائي، حيث وضع ثقته في دار عرب، وتم الاشتغال على هذه الرواية، وخرج العمل ليلقى نجاحا لا سيما فوزه بجائزة كتارا، وهذا كان نجاح لدار عرب".

وأكد المجيني على أن أحد أهم أحجار الأساس التي تقوم عليها مسيرة أي دار هي ثقة الكاتب العماني، واستطرد في القول: "نحن لا نتحدث عن أي كاتب، وإنما عن الكاتب العماني الأكثر طلبا والذي تتهافت دور النشر العربية عليه لأهميته، أما ما يتعلق بالطاتب الناشئ فهم كثر، ففي كل شهر يتواصل معنا عشرات الكتاب من يودون نشر إصدارهم الأول، ولكن أيضا للدار معيار ومستوى معين لا ترضى أن تهبط عنه، بينما آخرون ونعطي مثالا على أسماء الشامسي، رغم أنه إصدارها وكان عن دار عرب إلا أنه حقق نجاحا، وفاز بجائزة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، كذلك المترجمة عائشة الفلاحي، قدم أو عمل مترجم لها كان مع دار عرب، أي أننا لا نقلل من شأن الكاتب الذي ينشر إصداره الأول، ولكن لابد أن تكون المعادلة متوازنة، وتقدم للسوق منتج يليق بالقارئ الذي تستهدفه".

وقال المجيني حول تحديات النشر: "أنا لا أقدم نفسي كدار نشر تنشر الكتاب العماني فقط، بل هي دار نشر عربية تريد أن تنطلق من عمان وتحمل اسم عمان، ولكن هويتها عربية، وعلى سبيل المثال هناك أسماء من السعودية، وأسماء من ليبيا، ومن موريتانيا، فالثقة موجودة من الخارج، ولكن أحيانا هذه الثقة يكون وطائها أكبر وقيمتها أعظم حين تأتي من الداخل أيضا، ولكني لا أستطيع أن أقول أن الثقة هي المشكلة الرئيسية، وإنما هي إحدى المشكلات، فهناك مشاكل أخرى متعلقة بالبنية التحتية للنشر في عمان، البنية غير موجودة، بمعنى لا توجد مطابع، ولا موزعين، وبسبب عدم وجود تنافس، وعدم وجود طلب عالي، فبالتالي الأسعار مرتفعة جدا، والمكتبات تريد الكتاب الجاهز للبيع، لا تريد الاشتغال على الكتاب، والتسويق له".

وبالحديث عن الدعم قال المجيني: "لا أحب الحديث عن الدعم الحكومي، فأنا لا اعتقد أن مسؤولية الحكومة دعم دار النشر، ورغم أن تحدي الدعم موجود ولكن يمكن النجاح بدونه، ودار عرب قدمت مثال جيد للنجاح بدون دعم حكومي، ولكن أقل ما يمكن تقديمه لدور النشر من المؤسسات الثقافية في عمان أن تطبع إصداراتها عن طريق دور النشر المحلية بدل الاتجاه للطباعة في الخارج، وهذا يوصلنا إلى أن مشكلة الثقة قد لا تكون لدى القارئ والكاتب فقط، ربما هي مشكلة أوسع، ومهمة المؤسسات الحكومية هنا ليس التوزيع بقجر أهمية دعم الصناعة وتقويمها، فصناعة النشر في عمان جزء كبير ومهم منه تقع على عاتق الحكومة، وحين نتحدث عن صناعة النشر في عمان، فهو مسؤولية الحكومة، فهذا اقتصاد وخط صناعي واقتصادي يجب دعمه حتى يتمكن، دون التفكير في التكلفة لأنها صناعة لها قيمة وطنية كبيرة".

ضعف التوزيع وارتفاع التكاليف ..

وحول واقع النشر المحلي قالت عبير الرواحية صاحبة دار مسار الفكر: "أثمن عاليا التقييم الإيجابي لدور النشر والمكتبات العُمانية في معرض مسقط الدولي للكتاب هذا العام، والذي يعكس حضورا لافتا ومبهرا، خاصة في مجال كتب الأطفال والرواية. لقد برزت الإصدارات العُمانية بحلّة جديدة وهوية بصرية قوية، تؤكد على وعي متزايد بأهمية التميز والتجديد في الطرح الثقافي والأدبي".

وأضافت: "لا شك أن هذا الحضور القوي يشير إلى تطور ملحوظ في المشهد الثقافي المحلي، وسعي حثيث لمنافسة الأدب العربي من خلال إنتاجات نوعية تُعلي من قيمة المحتوى وتواكب تطلعات القراء. نأمل أن تستمر هذه الجهود، وأن يُترجم هذا الحراك إلى مشاريع مستدامة تعزز من مكانة الكتاب العماني في الداخل والخارج".

وتحدثت الرواحية عن التحديات التي تواجه الناشر المحلي والعربي فقالت: "أبرز تحدي هو ضعف التوزيع الإقليمي والدولي: يعاني الناشرون من محدودية قنوات التوزيع داخل وخارج بلدانهم، ما يحدّ من وصول الكتب إلى القرّاء في الأسواق العربية والعالمية، كذلك ارتفاع تكاليف الطباعة والإنتاج: بسبب تقلب أسعار الورق والخامات وغياب الدعم الحكومي المنتظم، يتحمل الناشر أعباء مالية تؤثر على جودة الكتاب وكميته، وضعف ثقافة الشراء والقراءة، إذ لا يزال الإقبال على شراء الكتب ضعيفا في بعض المجتمعات، ما يجعل السوق محدودا ويصعّب تحقيق عوائد مستدامة، إلى جانب القرصنة الرقمية والورقية: يعاني الناشرون من التعدي على حقوق النشر من خلال طباعة الكتب دون إذن أو نشرها إلكترونيًا بطرق غير قانونية، ونقص التشريعات الموحدة لحماية حقوق المؤلف والناشر: تفاوت القوانين بين الدول العربية يعوق مكافحة التعديات على الملكية الفكرية، ومنافسة المحتوى الرقمي: تراجع الاهتمام بالكتاب الورقي لصالح المحتوى السريع عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وقلة المبادرات الحكومية والخاصة لدعم صناعة النشر: مقارنة بالأسواق العالمية، لا تزال برامج الدعم والتمويل والتدريب محدودة، وضعف المشاركة في المعارض الدولية: لأسباب لوجستية ومالية، يعاني العديد من الناشرين من ضعف تمثيلهم في المحافل الدولية".

إصدار كتب بأقل التكاليف ..

وبالحديث عن واقع النشر في سلطنة عمان تحدث الكاتب سليمان المعمري عن بدايته في النشر والذي كان من خلال دار نشر خارج سلطنة عمان حيث قال: "في ذلك الزمن، أعني حين دفعتُ بمجموعتي القصصية الأولى إلى دار الانتشار العربي في بيروت عام 1999، لم يكن لديّ أي خيار محلي. كل الكتّاب العمانيين كان عليهم أن يبحثوا عن دور نشر خارجية في بيروت والقاهرة وعَمّان. بل إنه حتى مشاريع النشر المحلية التي تبنتها وزارة التراث والثقافة عام 2006 بمناسبة مسقط عاصمة الثقافة العربية أسندتها إلى مطابع، لا إلى دور نشر. وحين بدأت جمعية الكتاب مشروع النشر عام 2008 كانت مضطرة لإسناده إلى دار نشر عربية لعدم توفّر البديل المحلي الموثوق، وكذلك أيضا مشروع النشر في مجلس البحث العلمي. دور النشر العُمانية بدأت بالظهور والتكاثر في العقد الثاني من الألفية فقط، وما زالت حتى اليوم في مرحلة إثبات الذات".

وتأتي مسألة اختيار الكاتب لدار نشر من غيرها لأسباب عديدة، وهو ما أكده الكاتب سليمان المعمري في حديثه، وأضاف: "أهم الأسباب من وجهة نظري هي تعامل الناشر، عندما يشعر الكاتب باحترام الناشر له، وحرصه على إرضائه سواء بتنضيد الكتاب وتنسيقه، أو اختيار الغلاف الذي يرضي المؤلف، أو بالتعامل المادي السلس، فإن علاقة ود تنشأ بين الكاتب والناشر وتستمر في مشاريع أخرى بينهما، وهذا ما حصل بالفعل بين كثير من الكتاب العُمانيين ودار الانتشار العربي، حيث وجد هؤلاء في الأستاذ نبيل مروة أخًا أكبر أكثر منه ناشرا. بالتأكيد هناك أسباب أخرى تجعل الكاتب يستمر مع دار النشر، منها مهنيتها في التعامل مع الكتاب، وشعبيتها لدى القراء، وغيرها من الأسباب".

وفي سؤالنا عن مقدرة استيعاب دور النشر المحلية لكل ما يحتاجه الكاتب العماني وهل تغنيه عن النشر خارجيا قال المعمري: "الإجابة هنا مركّبة، ويمكن أن تكون: "نعم ولا". فمن ناحية الكمّ هناك عدد لا بأس به من دور النشر المحلية بدأ يظهر في السنوات الأخيرة، ونظريًّا لو أن كل دار وضعت لنفسها خطة إصدار ثلاثين كتابًا في السنة، فإن هذه الدور قادرة على استيعاب كل مؤلفات الكتاب العمانيين خلال العام الواحد، دون اضطرارهم للبحث عن دور خارجية. لكن هذا الكلام نظري فقط، والشيطان يكمن في التطبيق. فمعظم هذه الدور المحلية غير مؤهل أصلًا لإغراء الكاتب؛ عُمانيًّا كان أو غيره، لأن المنطق التجاري للقائمين عليها يغلب المنطق الثقافي؛ بمعنى أن معظمهم يسعى لإصدار الكتاب بأقل تكلفة ممكنة، فلا محرر، ولا مدقق لغوي، ولا مصمم أغلفة، (رغم أنهم يدّعون عكس ذلك) وحتى ورق الطباعة يختارون الأرخص. والأدهى والأمر أنهم يأخذون في أحيان كثيرة مبلغًا كبيرًا من الكاتب بحجة مساهمته في تكاليف الطباعة، وتكون النتيجة كتابًا مليئًا بالأخطاء. لا يعني هذا بالطبع تبرئة دُور النشر الخارجية من مثل هذه العيوب، ولكن على الأقل هناك خيارات خارجية كثيرة أمام الكاتب في مقابل الخيارات الداخلية القليلة. وعليه؛ فإن الإجابة عن سؤالك هي: نعم، دور النشر المحلية قد تكون قادرة على استيعاب كل ما يحتاجه الكاتب العماني، ولكنها لن تغنيه عن النشر خارجيا.

وعن عدم ثقة الكاتب العماني بدور النشر المحلية قال المعمري: "نعم. هناك عدم ثقة من الكاتب العُماني بدور النشر المحلية، إلا في استثناءات قليلة. وقد أسهمت هذه الدُور بنفسها في هذه "اللا ثقة" من الكاتب تجاهها، فقد "لدغتْه" كثيرًا. هناك دُور نشر محلية تضع مجرد "عمانيتها" سببًا لاستحقاق الدعم من الكاتب، ولكي لا أُفهَم خطأً فأنا مع دعم أي مشروع عُماني جاد، سواء كان دار نشر أو غيرها، وعلى الكاتب - بل وحتى المؤسسات - أن يضعوه في أولوية خياراتهم، ولكن على هذا المشروع أن يثبت جديته أولًا. وهذه الجدية لن تتضح إلا من خلال تفاصيل كثيرة خلال التعامل مع الكتاب. أما لجوء الكاتب إلى دُور نشر عربية لها صيتها وجماهيريتها فهو أمر طبيعي وبديهي إن وجد لديها التعامل الاحترافي أكثر من الدور المحلية. ولا ينبغي أن يُغضِب هذا أحدًا.

مشهد ثقافي مفتوح

يبقى النشر في الساحة العمانية - رغم غزارة الإنتاج- مواجها لتحديات متباينة، فمن أزمة الثقة وإشكالية الدعم، ومصير تنافسي مجهول، يبقى السؤال مفتوحا، وكل تحدي يمكن مواجهته بإشراك الأمر بين الناشر والكاتب والجمهور، مع الحفاظ على أهمية أن تكون صناعة الثقافة ليست مرتبطة ببيع الكتب فقط، بل هي معتمدة على أسس تعزيز الوعي، وبناء منظومة تكاملية لأسس صناعة النشر.

مقالات مشابهة

  • صوت ثقافي يبحث عن صداه .. دور النشر العمانية.. هل تنجو وسط دوامة السوق المزدحم وأزمة الثقة ؟
  • أمير المدينة المنورة يستقبل رئيس بعثة الحج العمانية
  • السوداني يؤكد حرص الحكومة على أن تتضمن الموازنة أولوياتها في تنفيذ جداولها
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في مواطن أقدم على ارتكاب جرائم إرهابية
  • لم تتزوج وعكفت على تحفيظ الأطفال.. وفاة جنات مبارك أقدم محفظة قرآن في المنوفية
  • هيئة الكتاب تصدر السبنسة لسعد الدين وهبة
  • تاج الدين: الجينوم الرياضي نقطة تحول في مستقبل الطب والرياضة برعاية الرئيس السيسي
  • رحل وترك ابنتيه.. لماذا أقدم أحمد الدجوي على إنهاء حياته بهذه الطريقة؟
  • جيل ألفا وما بعده في معرض الكتاب
  • في احتفالية ببلوغه الثمانين.. وزير الثقافة يوجه بإنتاج إحدى مؤلفات محمد سلماوي