كيف قاد تجاوز إعلان قوى الحرية والتغيير لإجهاض الثورة؟
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
بقلم: تاج السر عثمان
١
مضت ست سنوات على ميثاق قوى الحرية والتغيير الذي تم التوقيع عليه في يناير ٢٠١٩.
أشار الميثاق إلى الآتي :
- تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية بتوافق جميع أطياف الشعب السوداني تحكم لأربع سنوات. وتكون مهامها: وقف الحرب بمخاطبة جذور المشكلة
-ترتيبات أمنية لاتفاق سلام شامل وعادل.
- المحاكمات العادلة للجناة.
- وقف التدهور الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين المعيشية، ودعم الصحة والتعليم والإسكان وحماية البيئة.
- استقلال القضاء وحكم القانون.
- حل وتسريح الدفاع الشعبي ومليشيات الدعم السريع وجميع المليشيات التي أنشأها النظام البائد، ونزع أسلحتها، وقومية القوات النظامية كحامية للوطن وسيادته.
- انتهاج سياسة خارجية متوازنة.
- إلغاء قانون الأمن 2010 وكل القوانين المقيدة للحريات وأهمها قانون النقابات 2010 ( قانون المنشأة)، واستبداله بقانون ديمقراطي يكرّس ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية.
-إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية ( النظامية) بصورة تعكس قوميتها وعدالة توزيع الفرص دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة .
- تحسين علاقات السودان الخارجية وبنائها على الاستقلالية والبعد عن المحاور.
٢
لكن كان من أسباب اجهاض الثورة، عدم الالتزام بإعلان قوى الحرية والتغيير، بالتوقيع على الوثيقة الدستورية التى قامت علي الشراكة مع العسكر والدعم السريع وقننت الجنجويد دستوريا، وابقت علي التحالفات العسكرية الخارجية التي تمس السيادة الوطنية مثل المشاركة في حلف حرب اليمن،الخ.
حتى الوثيقة الدستورية لم يتم التقيد بها وتم خرقها، كما في مجزرة فض الاعتصام، والتوقيع على اتفاق جوبا الذي فشل في تحقيق السلام والتوجه للحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة، اضافة لعدم قيام المجلس التشريعي، والبطء في تفكيك التمكين ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية، وعدم تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، وعدم اصلاح القوانين وإجازة قانون ديمقراطي للنقابات يؤكد ديمقراطية واستقلالية العمل النقابي، والسير في سياسة النظام البائد الاقتصادية القائمة على تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي في السودان التي أدت لتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية، والاعتراف بالكيان الصهيوني، وغير ذلك من سياسات الفترة الانتقالية التي قادت لانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي اعاد التمكين، ووجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى في تشكيل حكومة، بعدها تدخلت المحاور الاقليمية والدولية لفرض الاتفاق الإطاري الذي أعاد الشراكة وكرس الدعم السريع واتفاق جوبا، وأدي الصراع على السلطة والثروة بين الرأسمالية الطفيلية في قيادتي الدعم السريع والجيش، والخلاف حول دمج الدعم السريع في الجيش الي تفجير الحرب الجارية حاليا بين الجيش والدعم السريع المدعومة من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب بهدف تصفية الثورة ونهب ثروات البلاد، تلك الحرب اللعينة التي أدت للمزيد من تدمير البنية التحتية والماسي الانسانية والابادة الجماعية والتطهير العرقي والعنف الجنسي، كما حدث من طرفي الحرب، والتعذيب الوحشي للمعتقلين السياسيين ولجان المقاومة والناشطين في لجان الخدمات، وتشريد حوالي ١٢ مليون مواطن سوداني، حتى أصبحت البلاد اليوم على حافة المجاعة بعد انهيار القطاعين الزراعي والصناعي والخدمي، واضحي حوالي ٢٥ مليون سوداني حسب بيانات الأمم المتحدة يعانون من مشكلة عدم تأمين الغذاء.
٣
وكان ذلك امتدادا لفشل تجارب الديمقراطيات الثلاث في حل مشاكل : السلام ،الديمقراطية والدستور الدائم، الأوضاع المعيشية والاقتصادية ،والسيادة الوطنية، مما يؤكد ضرورة الخروج من النفق المظلم للحلقة الشريرة ( ديمقراطية – انقلاب - ديمقراطية . الخ) وفتح صفحة جديدة في تاريخنا لمواجهة وحل المشاكل نفسها المتراكمة منذ الاستقلال التي عمقّها بشكل كبير انقلاب الإسلامويين الذي أطاحت به الثورة، مما يتطلب التوافق والصبر والمثابرة والعمل الدؤوب لحلها جذريا.وهذا يتطلب تقوية وتمتين الجبهة الجماهيرية لوقف الحرب واسترداد الثورة ومن أجل مواصلتها وتصحيح مسارها، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد وقيام الحكم المدني الديمقراطي، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات المؤتمر الوطني وجيوش الحركات وَكل المليشيات المتكاثرة، وقيام الجيش القومي المهني الموحد، والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، واستمرار زخم الثورة والعمل الجماهيري المتعدد المستويات باعتباره الحاسم في وقف الحرب واستمرار الثورة ونجاحها وتحقيق أهدافها.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ديمقراطية السكاكين والبنادق
بقلم : كمال فتاح حيدر ..
يبدو اننا امام ممارسات مغلوطة للديمقراطية، يمكن ان نطلق عليها: (البندقراطية). لأنها تسلحت بالبنادق والسيوف والخناجر والسكاكين والهراوات. ونشئت على الفزعات العشائرية والنعرات القبلية، فالديمقراطية نظام سياسي يعتمد على إرادة الشعب، تمارس فيه الجماهير سلطتها السياسية بشكل مباشر. أو من خلال الانتخابات العادلة لضمان حقوقها وحرياتها الأساسية. .
ولكن البندقراطية التي نشاهدها الآن في العراق تؤكد بما لا يقبل الشك ان بعض افراد القبائل حملوا بنادقهم، وصاروا يطلقون عياراتهم النارية الطائشة بالذخيرة الحية لدعم مرشحيهم، وإدخال الرعب في قلوب المنافسين. وربما يلجأون إلى الاستعانة بالألغام والعبوات الناسفة لمؤازرة شيخهم أو رئيسهم، ومساندته من أجل إحكام قبضته على صناديق الاقتراع، وسوف يسجل التاريخ اننا اول من أدخل السلاح إلى حلبات البندقراطية، وأول من أضاف إليها حرية الانفلات والانحياز والتهور. .
وهكذا بات من الشائع الآن أن مفهوم البندقراطية يعكس حجم التحديات التي تواجه العملية السياسية، حيث يجري استخدام القوة والسلاح في بعض الحالات للتأثير على الانتخابات والقرارات السياسية. .
وفقاً لبعض التحليلات، فإن العراق شهد فترات من ديمقراطية البنادق، حيث لعبت الجماعات العشائرية المسلحة دوراً سلبياً في المشهد السياسي، مما سوف يؤثر على نتائج الانتخابات والاستقرار السياسي. .
الديمقراطية الحقيقية تعتمد على حرية التعبير، الانتخابات العادلة، وسيادة القانون، وليس على التهديد بالسلاح أو العنف. ومع ذلك، فإن بعض التقارير تشير إلى أن العراق لا يزال يواجه تحديات في تحقيق ديمقراطية مستقرة بسبب الصراعات الطائفية، التدخلات الخارجية، وانتشار السلاح بين القبائل المتنافسة. .