الحوار الأسري هو الغائب المفقود في كثير من الأسر وهذا بحد ذاته يدفع بعض أعضاء الأسرة إلى الانحراف بكل الطرق الدافعة للانحراف السلوكي ولذلك ميز علم الاجتماع الأمريكي روبرت ميرتون بين نوعين من الانحراف السلوكي وهما :
1- السلوك الغير متماثل وهذا السلوك يدفع المنحرف إلى عدم الامتثال للقيم والمعايير الاجتماعية التي تشكل الإطار العام للمجتمع في شؤون الحياة الاجتماعية ويشكل جزء منها الإطار الخاص للأسرة التي تستمد جزء من هذه المعايير والقيم من هذا الإطار العام باعتبار أنها جزء من هذا المجتمع، وصاحب هذا السلوك في أغلب حالاته لا يعلن انحرافه أمام الناس بل يخفي هذا السلوك ويخشى من مواجهة الأسوياء.
2- السلوك المنشق أو المعارض وصاحب هذا السلوك يعلن بكل صراحة خروجه وانشقاقه وانحرافه عن المعايير والقيم الاجتماعية ولا يهرب أو يخشى من مواجهة الآخرين الذين يعيشون في الواقع الاجتماعي الذي يعارضه بل يصرح وربما يدافع عن هذا السلوك في بعض الأحيان.
أن من أهم ما يدفع أعضاء الأسرة إلى براثن الانحراف هو فقدان فن الحوار الأسري داخل الحياة الأسرية وهذا يكرس الانحراف الأسري ويزيد من حدته سواءً على صعيد الأسرة أو المجتمع أو المعايير والقيم الاجتماعية أو على الفرد بشكل خاص لتُشكل في شخصيته نمطين من السلوك كما ذكر عالم الاجتماع روبرت مرتون.
إن ما يفقد أعضاء الأسرة للحياة الطبيعية في المجتمع هو انعدام هذا الحوار الذي من أسبابه التالي:
– غياب الأب خارج المنزل سواء للعمل أو السفر مع الأصدقاء ونسيان واجباته الأسرية بما فيها الجلوس مع الأبناء لمناقشة أمور حياتهم وهمومهم والعوائق التي تواجههم ولو كان هناك حوار أسري فعال من الأب على الأقل يوم في الأسبوع لأصبحت الأسرة بكل أعضائها بمنأى عن الانحراف .
– النزاعات الأسرية بين الأب والأم وهي التي تطبع في نفوس الأبناء صورة يأس من الحياة الأسرية مما يجعلهم يلجأون إلى الغير من خارج الأسرة ولربما يكون هذا الغير من الذين يساعدون على الانحراف من أصدقاء السوء أو غرباء مجهولين يستغلونهم ويدفعونهم للانحراف.
– غياب دور الأم وعدم اهتمامها بالحوار مع أبنائها وذلك بكثر الخروج من المنزل وقضاء أوقات طويلة في الأسواق والمطاعم والمقاهي أو من خلال قضاء وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة الاتصالات وهي بذلك إذا استمرت على هذه الطريقة تدفع أبنائها إلى الوقوع في براثن الانحراف.
– جودة الحوار الأسري وأعتقد في ذلك أنه كلما كان هناك حوار أسري هادف ويدعو إلى التماسك الأسري كلما كان ذلك ينعكس على الأسرة بالإيجاب من خلال المناقشة والمقابلة المباشرة وتقسيم الحوار بالتساوي بعيداً عن المهاترات والمناوشات الأسرية التي لا تحقق جودة في الحوار الأسري.
– الرقابة والتوجيه وهو من أهم الأشياء الداعمة لمنهج الحوار الأسري لأنه يأخذ نمطين وهو النمط الذاتي من خلال زرع الرقابة الذاتية لدى أعضاء الأسرة، والنمط الأسري من خلال استمرار عملية الحوار الفعال لتحقيق أهدافه المرجوة .
أن الحوار الأسري الذي غاب عن الكثير من الأسر نتيجة لتعقد الحياة المعاصرة وتسارعها وتغير نمط الحياة الأسرية والاجتماعية والتي فرضت على الأسرة أنماطاً مختلفة من أجل التغيير في حياتها ووظائفها وأدوارها المنوطة بها والتي جعلت الأسرة في حيرة من أمرها في كيفية التعامل مع نمط الحياة الجديد، وقد ذكرت سابقاً في مقال نشر بعنوان “التلوث الاجتماعي” تطرقت فيه إلى أن الطفل أصبح في هذا الزمن أكثر معرفة في الأمور المحيطة به بسبب وسائل التقارب والاتصال والتغير في نمط الحياة وأصبح سقف طلباته أكثر بكثير من الماضي وهذا يسبب ضغط على النسق الأسري الذي هو جزء لا يتجزأ من النسق الاجتماعي العام ولذلك فأن الحوار الأسري هو الكفيل بعد توفيق الله سبحانه في سلامه الأسرة إذا ما طبقت الحوار بشكل صحيح وأصبح منهجاً فعالاً في حياتها الأسرية.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الحوار الأسری أعضاء الأسرة هذا السلوک من خلال
إقرأ أيضاً:
مرصد الأزهر يشارك في منتدى مؤسسة آنا ليند 2025 بألبانيا
في إطار جهوده المتواصلة لتعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات والشعوب، شارك مرصد الأزهر في جلسة نقاشية بعنوان "تصور السلام ومواجهة العنف - الدين والحوار والتماسك الاجتماعي في المنطقة الأورومتوسطية".
جاءت هذه المشاركة ضمن فعاليات منتدى مؤسسة آنا ليند 2025، الذي استضافته مدينة تيرانا بـ ألبانيا في الفترة من 18 إلى 20 يونيو 2025.
خلال الجلسة، أوضح محمود كامل، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف ومنسق مبادرة "اسمع واتكلم"، الدور المحوري للمرصد في تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام التي تروجها الجماعات المتطرفة.
وأكد أن الدول ذات الأغلبية المسلمة هي الأكثر تضررًا من العنف والهجمات الإرهابية، على عكس التصورات الشائعة.
كما سلط الضوء على إسهامات الأزهر الشريف في ترسيخ ثقافة السلام والتماسك المجتمعي، لا سيما في المنطقة الأورومتوسطية، عبر مبادرات رقمية وميدانية تهدف إلى تعزيز الحوار بين الثقافات ومواجهة خطاب الكراهية.
وضمن مشاركته، قدم الباحث مبادرة اسمع واتكلم كنموذج فعال للتواصل مع الشباب، خاصة طلاب الجامعات في مصر، من خلال الحوار المفتوح والأنشطة التوعوية.
وأشار إلى أن المبادرة تنظم منتدى سنويًا يوفر مساحة مهمة للتفاعل المباشر بين الشباب والخبراء في مختلف المجالات، مما يسهم في تعزيز التفكير النقدي وبناء جسور الثقة بين الشباب والمؤسسة الدينية.