صحيفة صدى:
2025-06-18@18:49:53 GMT

الحوار الأسري والانحراف

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

الحوار الأسري والانحراف

الحوار الأسري هو الغائب المفقود في كثير من الأسر وهذا بحد ذاته يدفع بعض أعضاء الأسرة إلى الانحراف بكل الطرق الدافعة للانحراف السلوكي ولذلك ميز علم الاجتماع الأمريكي روبرت ميرتون بين نوعين من الانحراف السلوكي وهما :

1- السلوك الغير متماثل وهذا السلوك يدفع المنحرف إلى عدم الامتثال للقيم والمعايير الاجتماعية التي تشكل الإطار العام للمجتمع في شؤون الحياة الاجتماعية ويشكل جزء منها الإطار الخاص للأسرة التي تستمد جزء من هذه المعايير والقيم من هذا الإطار العام باعتبار أنها جزء من هذا المجتمع، وصاحب هذا السلوك في أغلب حالاته لا يعلن انحرافه أمام الناس بل يخفي هذا السلوك ويخشى من مواجهة الأسوياء.

2- السلوك المنشق أو المعارض وصاحب هذا السلوك يعلن بكل صراحة خروجه وانشقاقه وانحرافه عن المعايير والقيم الاجتماعية ولا يهرب أو يخشى من مواجهة الآخرين الذين يعيشون في الواقع الاجتماعي الذي يعارضه بل يصرح وربما يدافع عن هذا السلوك في بعض الأحيان.

أن من أهم ما يدفع أعضاء الأسرة إلى براثن الانحراف هو فقدان فن الحوار الأسري داخل الحياة الأسرية وهذا يكرس الانحراف الأسري ويزيد من حدته سواءً على صعيد الأسرة أو المجتمع أو المعايير والقيم الاجتماعية أو على الفرد بشكل خاص لتُشكل في شخصيته نمطين من السلوك كما ذكر عالم الاجتماع روبرت مرتون.

إن ما يفقد أعضاء الأسرة للحياة الطبيعية في المجتمع هو انعدام هذا الحوار الذي من أسبابه التالي:

– غياب الأب خارج المنزل سواء للعمل أو السفر مع الأصدقاء ونسيان واجباته الأسرية بما فيها الجلوس مع الأبناء لمناقشة أمور حياتهم وهمومهم والعوائق التي تواجههم ولو كان هناك حوار أسري فعال من الأب على الأقل يوم في الأسبوع لأصبحت الأسرة بكل أعضائها بمنأى عن الانحراف .

– النزاعات الأسرية بين الأب والأم وهي التي تطبع في نفوس الأبناء صورة يأس من الحياة الأسرية مما يجعلهم يلجأون إلى الغير من خارج الأسرة ولربما يكون هذا الغير من الذين يساعدون على الانحراف من أصدقاء السوء أو غرباء مجهولين يستغلونهم ويدفعونهم للانحراف.

– غياب دور الأم وعدم اهتمامها بالحوار مع أبنائها وذلك بكثر الخروج من المنزل وقضاء أوقات طويلة في الأسواق والمطاعم والمقاهي أو من خلال قضاء وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي وكثرة الاتصالات وهي بذلك إذا استمرت على هذه الطريقة تدفع أبنائها إلى الوقوع في براثن الانحراف.

– جودة الحوار الأسري وأعتقد في ذلك أنه كلما كان هناك حوار أسري هادف ويدعو إلى التماسك الأسري كلما كان ذلك ينعكس على الأسرة بالإيجاب من خلال المناقشة والمقابلة المباشرة وتقسيم الحوار بالتساوي بعيداً عن المهاترات والمناوشات الأسرية التي لا تحقق جودة في الحوار الأسري.

– الرقابة والتوجيه وهو من أهم الأشياء الداعمة لمنهج الحوار الأسري لأنه يأخذ نمطين وهو النمط الذاتي من خلال زرع الرقابة الذاتية لدى أعضاء الأسرة، والنمط الأسري من خلال استمرار عملية الحوار الفعال لتحقيق أهدافه المرجوة .

أن الحوار الأسري الذي غاب عن الكثير من الأسر نتيجة لتعقد الحياة المعاصرة وتسارعها وتغير نمط الحياة الأسرية والاجتماعية والتي فرضت على الأسرة أنماطاً مختلفة من أجل التغيير في حياتها ووظائفها وأدوارها المنوطة بها والتي جعلت الأسرة في حيرة من أمرها في كيفية التعامل مع نمط الحياة الجديد، وقد ذكرت سابقاً في مقال نشر بعنوان “التلوث الاجتماعي” تطرقت فيه إلى أن الطفل أصبح في هذا الزمن أكثر معرفة في الأمور المحيطة به بسبب وسائل التقارب والاتصال والتغير في نمط الحياة وأصبح سقف طلباته أكثر بكثير من الماضي وهذا يسبب ضغط على النسق الأسري الذي هو جزء لا يتجزأ من النسق الاجتماعي العام ولذلك فأن الحوار الأسري هو الكفيل بعد توفيق الله سبحانه في سلامه الأسرة إذا ما طبقت الحوار بشكل صحيح وأصبح منهجاً فعالاً في حياتها الأسرية.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الحوار الأسری أعضاء الأسرة هذا السلوک من خلال

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: العنف الأسري ناقوس خطر يهدد سلامة المجتمع.. صور

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الحديث عن العنف الأسري لم يعد مجالًا للنقاش النظري أو الطرح النخبوي، بل صار ناقوس خطر يدق بقوة في ظل ما نواجهه من تحولات اجتماعية وتحديات تربوية خطيرة، مشيرًا إلى أن هذا المصطلح الذي كان يومًا ما استثنائيًّا ونادر الاستخدام، بات اليوم شائعًا ومتداولًا على نطاق واسع، خصوصًا مع تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي والتطور التكنولوجي، ما يحتم علينا التوقف أمامه بجدية، والبحث عن أسبابه وآثاره وسبل معالجته؛ حفاظًا على الأسرة التي تُعد الحصن الأول للمجتمع، ومصدر توازنه وهويته.

استجابة عاجلة من «صحة سوهاج» لإنقاذ وعلاج الطفلة «جنا» ضحية العنف الأسريخطيب الأوقاف: العنف الأسري يهدد المجتمعات وينشئ أطفالا معقدين

وأضاف مفتي الجمهورية، خلال كلمته، بورشة «العنف الأسري في مصر ..رؤية تكاملية بين الإفتاء والعلوم الاجتماعية والجنائية» التي نظمها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بالتعاون مع دار الإفتاء المصرية بحضور نخبة من العلماء والمفكرين والمتخصصين.

وأوضح مفتي الجمهورية، أن الأسرة تمثّل الكتلة الصلبة في بنية المجتمعات العربية والإسلامية، فهي التي تحفظ للناس توازنهم وهويتهم في مواجهة موجات التغيير والاختراق، مؤكدًا أن الجهات التي تعمل على زعزعة استقرار المجتمعات شرقًا وغربًا، تدرك جيدًا أن المساس بالأسرة هو أول مدخل للهدم والتفكك، ومن ثم فإن قضية العنف الأسري تكتسب خطورة استثنائية، وتتطلب من الجميع أن يناقشوها بجرأة وواقعية، بعيدًا عن التحيز أو الخوف أو الإنكار.

كما بيّن أن مفهوم العنف الأسري يتناقض تمامًا مع جوهر الأسرة التي أرادتها الشرائع السماوية والمذاهب الوضعية سكنًا ودرعًا وسياجًا للأخلاق والانتماء، مشددًا على أن الدين لم يأتِ إلا لصلاح الناس في دنياهم وأخراهم، وأنه يتحتم علينا أن نبحث بعمق عن الأسباب الحقيقية التي تدفع إلى هذا النوع من العنف، والتي قد ترجع إلى عوامل نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية، من بينها الفهم الخاطئ والقراءة المبتورة لنصوص الدين.

وأشار إلى أهمية الورشة وما شهدته من حضور نوعي متنوع، شمل مختصين في الشريعة والاجتماع وعلم النفس والسياسة والاقتصاد والإعلام، وهو ما يعكس ضرورة تكامل هذه التخصصات وتلاقيها، مؤكدًا أننا لم نَعُد في عصرٍ تُعالَج فيه الظواهر برؤية واحدة أو منهج منفصل؛ بل بات من الضروري النظر بمنظور شامل يجمع بين الرؤية الدينية والمعالجة النفسية والاجتماعية والقانونية، من أجل تشخيص الداء ووصف العلاج على نحو علمي وواقعي.

من جهتها أعربت هالة رمضان، مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن بالغ تقديرها لحضور أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، مؤكدة أن حضور فضيلته يُعَدُّ إضافة نوعية تعكس أهمية التكامل بين البعد الديني والبعد الاجتماعي في معالجة القضايا المجتمعية الملحة، ومشيدة بما تقوم به دار الإفتاء المصرية من أدوار توعوية ومجتمعية مؤثرة، لا سيما في تناولها الإشكاليات المرتبطة بالأسرة والمجتمع من منظور ديني منضبط ورؤية علمية راشدة، مؤكدة تطلع المركز إلى تعزيز أواصر التعاون مع دار الإفتاء بما يسهم في بناء منظومة فكرية ومعرفية متكاملة تسهم في ترسيخ الاستقرار الأسري والاجتماعي.

وشهدت الورشة مناقشات علمية مثمرة، شارك فيها عدد من الخبراء والمتخصصين، وحضر الندوة وأدارها الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث، والدكتورة رباب الحسيني، أستاذ علم الاجتماع، والمستشار محمد عمر الأنصاري، المدير السابق للمركز القومي للدراسات القضائية، والأستاذة الدكتورة سوزان القليني، أستاذ الإعلام وعضو المجلس القومي للمرأة، والأستاذ الدكتور محمد رزق البحيري، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس والدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.

طباعة شارك مفتي الجمهورية الإفتاء العنف الأسري الأسرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية

مقالات مشابهة

  • تكريم المشاركين في "ملتقى الإبداع الأسري"
  • سلطان بن أحمد يتفقد مركز الإصلاح والتوجيه الأسري بالشارقة
  • صيد الخيول في العصور القديمة يتحدى تصوراتنا عن السلوك البشري «الحديث»
  • دراسة: العلاقات الأسرية السعيدة تُحسّن نوم الأطفال ليلاً
  • مفتي الجمهورية: العنف الأسري ناقوس خطر يهدد سلامة المجتمع.. صور
  • مي عجلان: التمكين السياسي للمرأة يبدأ من الاستقلال الاقتصادي والتنشئة الأسرية
  • العلاقات الأسرية القوية تدعم النوم الهادئ للأطفال.. دراسة تؤكد
  • هل تغيُّر السلوك بعد الحج علامة على قبول العبادة؟.. الأزهر يوضح
  • «أولياء أمور الطلبة» بدبا الحصن يوّعي باستدامة السلام الأسري
  • تجديد الولاء