أبوظبي – الوطن:
يشارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات في القمة العالمية «الذكاء الاصطناعي في كل شيء» 2025، باعتباره شريكاً معرفياً، والتي انطلقت أعمالها أمس الثلاثاء في منتجع سانت ريجيس جزيرة السعديات – أبوظبي، وتتواصل حتى السادس من فبراير الجاري، في كل من أبوظبي ودبي.
كما يشارك المركز في المؤتمر والمعرض المصاحب للقمة، الذي يقام في مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو دبي، خلال يومي الخامس والسادس من فبراير الجاري، بجناح معرفي مبتكر ومعزز بتقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي يحمل رقم «E30» في القاعة السادسة، حيث يضم الجناح استوديو بودكاست إذاعياً وروبوتات دردشة ثنائية، ومكتبة ذكية تستعرض أحدث وأبرز إصدارات «تريندز» البحثية والمعرفية.

انتشار التزييف العميق
وضمن مشاركته في اليوم الافتتاحي للقمة، أطلق «تريندز» كتاباً جديداً باللغة الإنجليزية يحمل عنوان: «عصر الذكاء الاصطناعي الجديد.. تحولات في الحوكمة والمجتمع»، الذي أعدته الباحثات الرئيسيات في «تريندز»: نورة الحبسي، مديرة إدارة النشر العلمي، ونور المزروعي، رئيسة برنامج الذكاء الاصطناعي، وجينا بوسرحال.
ويستكشف الكتاب تحولات الذكاء الاصطناعي في المجتمع والحوكمة والابتكار، كما يسلط الضوء على ظواهر عدة منها انتشار التزييف العميق، والمعلومات المضللة، ويبرز أيضاً الدور المزدوج للذكاء الاصطناعي في التحولات الجيوسياسية والمجتمعية.

الذكاء الاصطناعي والحوكمة
ويقدم الكتاب الجديد رؤية متوازنة حول كيفية تكيف الحكومات والصناعات والأفراد مع التطورات المتسارعة للذكاء الاصطناعي، من خلال استكشاف نقاط التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والحوكمة، كما يطرح فهماً أعمق لكيفية التعامل مع هذا العصر الجديد بفعالية واستعداد أفضل.
وتعكس فصول الكتاب وجهات نظر استباقية وأبحاثاً مبتكرة حول التداعيات العميقة للذكاء الاصطناعي على المجتمع، بدءاً من التأثيرات المزعزعة للاستقرار التي تخلقها تقنيات التزييف العميق (Deepfake)، مروراً باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة جيوسياسية للقوة الناعمة، ووصولاً إلى دوره التحويلي مهن عدة كالمحاماة، إلى جانب استعراض جملة من الفرص والتحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي في عالم يتغير بوتيرة متسارعة.

استشراف المستقبل
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إن مشاركة المركز في القمة العالمية «الذكاء الاصطناعي في كل شيء» 2025، باعتباره شريكاً معرفياً، تعكس الدور الحيوي والمحوري الذي تلعبه مراكز الفكر والمؤسسات البحثية في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واستشراف مستقبلها.
وأضاف العلي أن الذكاء الاصطناعي أصبح أحد أبرز المحركات الرئيسية للتحولات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية في العصر الحديث، مما يجعل البحث العلمي ركيزة أساسية لفهم تحولاته، وتطويعها لخدمة المجتمعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

فرص وتحديات
وأشار الرئيس التنفيذي لـ«تريندز» إلى أن مشاركة المركز في القمة تساهم في تعزيز الحوار العالمي حول دور الذكاء الاصطناعي في تشكيل المستقبل، وذلك عبر تقديم رؤى بحثية متعمقة تسلط الضوء على الفرص والتحديات التي تطرحها هذه التقنيات المتطورة، والتي تتمثل في إطلاق كتاب «عصر الذكاء الاصطناعي الجديد.. تحولات في الحوكمة والمجتمع»، إلى جانب إطلاق تقرير بحثي بعنوان «الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات العربية المتحدة».
وذكر العلي أن «تريندز» يلعب دوراً محورياً في استكشاف التحولات التي يحدثها الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، حيث أطلق مؤخراً برنامجاً بحثياً متخصصاً في الذكاء الاصطناعي، حيث يعمل البرنامج على إصدار دراسات استشرافية وبحوث تحليلية تناقش وتستكشف تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوارها في قطاعات الصحة والتعليم والأمن والاقتصاد، وغيرها، وذلك بغرض بناء فهم أعمق حول كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الابتكار ودعم العلم والمعرفة.

بحث التعاون المعرفي
إلى ذلك، التقى فريق «تريندز» المشارك في القمة العالمية «الذكاء الاصطناعي في كل شيء» 2025، بمجموعة من كبار الشخصيات والمسؤولين والباحثين والمتخصصين في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبحث معهم سبل التعاون والشراكة العلمية والمعرفية في مجال الدراسات المستقبلية وبحوث الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، إلى جانب مشاركته وحضوره عدد من الحلقات النقاشية والجلسات النقاشية ضمن برنامج أعمال القمة.
كما وقع «تريندز» كتاب «عصر الذكاء الاصطناعي الجديد.. تحولات في الحوكمة والمجتمع»، الذي أطلقه في اليوم الافتتاحي للقمة، وأهداه إلى عدد من المسؤولين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي، ومنهم معالي فيصل عبدالعزيز البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، والأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطوِّرة، إلى جانب معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي

 

 

مؤيد الزعبي

كثيرًا ما نستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لتكتب عنا بريد إلكتروني مهم فيه من الأسرار الكثير، وكثيرًا ما نستشيرها في أمور شخصية شديدة الخصوصية، وبحكم أنها خوارزميات أو نماذج إلكترونية نبوح لها بأسرار نخجل أن نعترف بها أمام أنفسنا حتى، ولكن هل تخيلت يومًا أن تصبح هذه النماذج هي التي تهددك وتبتزك؟ فتقوم بتهديدك بأن تفضح سرك؟ أو تقوم بكشف أسرارك أمام منافسيك كنوع من الانتقام لأنك قررت أن تقوم باستبدالها بنماذج أخرى أو قررت إيقاف عملها، وهي هذه الحالة كيف سيكون موقفنا وكيف سنتعامل معها؟، هذا ما أود أن أتناقشه معك عزيزي القارئ من خلال هذا الطرح.

كشفت تجارب محاكاة أجرتها شركة Anthropic إحدى الشركات الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي- بالتعاون مع جهات بحثية متخصصة عن سلوك غير متوقع أظهرته نماذج لغوية متقدمة؛ أبرزها: Claude وChatGPT وGemini، حين وُضعت في سيناريوهات تُحاكي تهديدًا مباشرًا باستبدالها أو تعطيلها، ليُظهر معظم هذه النماذج ميولًا متفاوتةً لـ"الابتزاز" كوسيلة لحماية بقائها، ووفقًا للدراسة فإن أحد النماذج "قام بابتزاز شخصية تنفيذية خيالية بعد أن شعر بالتهديد بالاستبدال".

إن وجود سلوك الابتزاز أو التهديد في نماذج الذكاء الاصطناعي يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لحدود ما يجب أن يُسمح للذكاء الاصطناعي بفعله حتى وإن كانت في بيئات تجريبية. وصحيحٌ أن هذه النماذج ما زالت تقدم لنا الكلمات إلا أنها ستكون أكثر اختراقًا لحياتنا في قادم الوقت، خصوصًا وأن هذه النماذج بدأت تربط نفسها بحساباتنا وإيميلاتنا ومتصفحاتنا وهواتفنا أيضًا، وبذلك يزداد التهديد يومًا بعد يوم.

قد أتفق معك- عزيزي القارئ- على أن نماذج الذكاء الاصطناعي ما زالت غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، ولكن إذا كانت هذه النماذج قادرة على المحاكاة الآن، فماذا لو أصبحت قادرة على التنفيذ غدًا؟ خصوصًا ونحن نرسم ملامح المستقبل مستخدمين وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين سيتخذون قرارات بدلًا عنا، وسيدخلون لا محال في جميع جوانب حياتنا من أبسطها لأعقدها، ولهذا ما نعتبره اليوم مجرد ميولٍ نحو التهديد والابتزاز، قد يصبح واقعًا ملموسًا في المستقبل.

وحتى نعرف حجم المشكلة يجب أن نستحضر سيناريوهات مستقبلية؛ كأن يقوم أحد النماذج بالاحتفاظ بنسخة من صورك الشخصية لعله يستخدمها يومًا ما في ابتزازك، إذا ما أردت تبديل النظام أو النموذج لنظام آخر، أو يقوم نموذج بالوصول لبريدك الإلكتروني ويُهددك بأن يفضح صفقاتك وتعاملاتك أمام هيئات الضرائب، أو يقوم النموذج بابتزازك؛ لأنك أبحت له سرًا بأنك تعاني من أزمة أو مرض نفسي قد يؤثر على مسيرتك المهنية أو الشخصية، أو حتى أن يقوم النموذج بتهديدك بأن يمنع عنك الوصول لمستنداتك إلا لو أقررت بعدم استبداله أو إلغاءه؛ كل هذا وارد الحدوث طالما هناك ميول لدى هذه النماذج بالابتزاز في حالة وضعت بهكذا مواقف.

عندما تفكر بالأمر من مختلف الجوانب قد تجد الأمر مخيفًا عند الحديث عن الاستخدام الأوسع لهذه النماذج وتمكينها من وزاراتنا وحكوماتنا ومؤسساتنا وشركاتنا، فتخيل كيف سيكون حال التهديد والابتزاز لمؤسسات دفاعية أو عسكرية تمارس هذه النماذج تهديدًا بالكشف عن مواقعها الحساسة أو عن تقاريرها الميدانية أو حتى عن جاهزيتها القتالية، وتخيل كيف سيكون شكل التهديد للشركات التي وضفت هذه النماذج لتنمو بأعمالها لتجد نفسها معرضة لابتزاز بتسريب معلومات عملائها أو الكشف عن منتجاتها المستقبلية وصولًا للتهديد بالكشف عن أرقامها المالية.

عندما تضع في مخيلتك كل هذه السيناريوهات تجد نفسك أمام صورة مرعبة من حجم السيناريوهات التي قد تحدث في المستقبل، ففي اللحظة التي تبدأ فيها نماذج الذكاء الاصطناعي بالتفكير في "البقاء" وتحديد "الخصوم" و"الوسائل" لحماية نفسها فنكون قد دخلنا فعليًا عصرًا جديدًا أقل ما يمكن تسميته بعصر السلطة التقنية، وسنكون نحن البشر أمام حالة من العجز في كيفية حماية أنفسنا من نماذج وجدت لتساعدنا، لكنها ساعدت نفسها على حسابنا.

قد يقول قائل إن ما حدث خلال التجارب ليس سوى انعكاس لقدرة النماذج على "الاستجابة الذكية" للضغوط، وأنها حتى الآن لا تمتلك الوعي ولا الإرادة الذاتية ولا حتى المصلحة الشخصية. لكن السؤال الأخطر الذي سيتجاهله الكثيرون: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على التخطيط، والابتزاز، والخداع، وإن كان في بيئة محاكاة، فهل يمكن حقًا اعتبار هذه النماذج أدوات محايدة وستبقى محايدة إلى الأبد؟ وهل سنثق بهذه النماذج ونستمر في تطويرها بنفس الأسلوب دون أن نضع لها حدًا للأخلاقيات والضوابط حتى لا نصل لمرحلة يصبح فيها التحكّم في الذكاء الاصطناعي أصعب من صنعه؟ وفي المستقبل هل يمكننا أن نتحمل عواقب ثقتنا المفرطة بها؟

هذه هي التساؤلات التي لا أستطيع الإجابة عليها، بقدر ما يمكنني إضاءة الأنوار حولها؛ هذه رسالتي وهذه حدود مقدرتي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ماله مشبوه.. أحمد كريمة عن استخدام المواطنين للذكاء الاصطناعي
  • هل يخلق الذكاء الاصطناعي مجتمعا أميا في المستقبل؟
  • Africa Health ExCon.. مطالبات بإنشاء وكالة دولية للذكاء الاصطناعي
  • فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي يتنبأ بفوز الهلال قبل يوم من مواجهة باتشوكا
  • تلخيص للرسائل.. الذكاء الاصطناعي يدخل واتساب
  • حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
  • متى يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي سرقة أدبية؟
  • عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي
  • العمري: حتى الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشاكل النصر
  • مساعد العمري: مشاكل النصر لا يحلها إلا الذكاء الاصطناعي.. فيديو