نظمت كلية عمان للعلوم الصحية بمحافظة جنوب الشرقية فعاليات المؤتمر الوطني العلمي حول الذكاء الاصطناعي في البحوث والتعليم والتدريب الصحي.

ركز المؤتمر على الأبعاد الصحية المرتبطة بهذه التقنية المتقدمة التي يمكن من خلالها توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين أساليب التدريس والتعلم والبحوث في المجالات الصحية، بالإضافة إلى التعرف على التطبيقات المبتكرة التي تتيح للطلاب والعاملين في القطاع الصحي اكتساب المعارف والمهارات بأحدث الطرق المتاحة وتبادل الأفكار والتجارب.

رعى افتتاح المؤتمر سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي، محافظ جنوب الشرقية، بحضور نخبة من المسؤولين والخبراء المحليين والدوليين.

محاور المؤتمر

تضمن المؤتمر أربعة محاور رئيسية ركزت على الأبحاث الصحية، والتعليم والتدريب، إضافة إلى التشريعات المنظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي، بمشاركة 20 متحدثا من داخل سلطنة عمان وخارجها، ما يعزز تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في هذا المجال.

افتتح سعادته في بداية المؤتمر معرض "آفاق" الذي استعرض أحدث الابتكارات في الذكاء الاصطناعي الصحي، بمشاركة سبع مؤسسات حكومية وخاصة، مما أتاح للمشاركين فرصة الاطلاع على أحدث التطورات التقنية والتطبيقات العملية في القطاع الصحي.

وألقت الدكتورة تركية بنت صالح المسكرية، العميد المشارك بكلية عمان للعلوم الصحية - فرع جنوب الشرقية، رئيسة المؤتمر، كلمة أشارت فيها إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل نقطة تحول كبيرة في مسيرة التقدم العلمي والتقني، حيث أصبح محركًا أساسيًا للابتكار ومفتاحًا لتحقيق إنجازات ثورية في مختلف القطاعات. وأكدت أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل هو أداة تمكينية تتطلب التعاون، والإبداع، والالتزام بأعلى معايير الأخلاقيات لضمان استخدامه بما يخدم البشرية.

كما أشارت إلى إطلاق سلطنة عمان في شهر سبتمبر 2024م "البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة" ضمن إطار رؤية عمان 2040، وذلك في سياق الخطوات المتقدمة لجعل تقنية المعلومات والاتصالات من بين القطاعات الأساسية والمحفزة للاقتصاد الوطني.

فعاليات المؤتمر

شهد اليوم الأول أربع جلسات عمل بمشاركة متحدثين من داخل سلطنة عمان وخارجها. تناولت الجلسة الأولى تدريب المتخصصين في الرعاية الصحية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقيادة التغيير من خلال الذكاء الاصطناعي، واستغلال الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لتعزيز التنمية المستدامة في محافظة جنوب الشرقية.

فيما تناولت الجلسات الثلاث الأخرى مواضيع الذكاء الاصطناعي في مجالات البحوث الصحية، والتثقيف الصحي، والتدريب الصحي.

وتخلل اليوم الأول رحلة سياحية للمشاركين في المؤتمر، تضمنت زيارة مركز فتح الخير، ومصنع السفن، وجولة بحرية في خور البطح بولاية صور.

كما تضمنت فعاليات المؤتمر تنظيم مسابقة الابتكار بمشاركة 44 فكرة إبداعية وابتكارية في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد تم تشكيل لجنة تحكيم ضمت أخصائيين وخبراء من مجالي الصحة والذكاء الاصطناعي، حيث تأهل ثلاثة فائزين للمراكز الثلاثة الأولى، وسيتم تكريمهم في نهاية المؤتمر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی جنوب الشرقیة

إقرأ أيضاً:

عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي

 

 

مؤيد الزعبي

كثيرًا ما نستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لتكتب عنا بريد إلكتروني مهم فيه من الأسرار الكثير، وكثيرًا ما نستشيرها في أمور شخصية شديدة الخصوصية، وبحكم أنها خوارزميات أو نماذج إلكترونية نبوح لها بأسرار نخجل أن نعترف بها أمام أنفسنا حتى، ولكن هل تخيلت يومًا أن تصبح هذه النماذج هي التي تهددك وتبتزك؟ فتقوم بتهديدك بأن تفضح سرك؟ أو تقوم بكشف أسرارك أمام منافسيك كنوع من الانتقام لأنك قررت أن تقوم باستبدالها بنماذج أخرى أو قررت إيقاف عملها، وهي هذه الحالة كيف سيكون موقفنا وكيف سنتعامل معها؟، هذا ما أود أن أتناقشه معك عزيزي القارئ من خلال هذا الطرح.

كشفت تجارب محاكاة أجرتها شركة Anthropic إحدى الشركات الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي- بالتعاون مع جهات بحثية متخصصة عن سلوك غير متوقع أظهرته نماذج لغوية متقدمة؛ أبرزها: Claude وChatGPT وGemini، حين وُضعت في سيناريوهات تُحاكي تهديدًا مباشرًا باستبدالها أو تعطيلها، ليُظهر معظم هذه النماذج ميولًا متفاوتةً لـ"الابتزاز" كوسيلة لحماية بقائها، ووفقًا للدراسة فإن أحد النماذج "قام بابتزاز شخصية تنفيذية خيالية بعد أن شعر بالتهديد بالاستبدال".

إن وجود سلوك الابتزاز أو التهديد في نماذج الذكاء الاصطناعي يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لحدود ما يجب أن يُسمح للذكاء الاصطناعي بفعله حتى وإن كانت في بيئات تجريبية. وصحيحٌ أن هذه النماذج ما زالت تقدم لنا الكلمات إلا أنها ستكون أكثر اختراقًا لحياتنا في قادم الوقت، خصوصًا وأن هذه النماذج بدأت تربط نفسها بحساباتنا وإيميلاتنا ومتصفحاتنا وهواتفنا أيضًا، وبذلك يزداد التهديد يومًا بعد يوم.

قد أتفق معك- عزيزي القارئ- على أن نماذج الذكاء الاصطناعي ما زالت غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، ولكن إذا كانت هذه النماذج قادرة على المحاكاة الآن، فماذا لو أصبحت قادرة على التنفيذ غدًا؟ خصوصًا ونحن نرسم ملامح المستقبل مستخدمين وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين سيتخذون قرارات بدلًا عنا، وسيدخلون لا محال في جميع جوانب حياتنا من أبسطها لأعقدها، ولهذا ما نعتبره اليوم مجرد ميولٍ نحو التهديد والابتزاز، قد يصبح واقعًا ملموسًا في المستقبل.

وحتى نعرف حجم المشكلة يجب أن نستحضر سيناريوهات مستقبلية؛ كأن يقوم أحد النماذج بالاحتفاظ بنسخة من صورك الشخصية لعله يستخدمها يومًا ما في ابتزازك، إذا ما أردت تبديل النظام أو النموذج لنظام آخر، أو يقوم نموذج بالوصول لبريدك الإلكتروني ويُهددك بأن يفضح صفقاتك وتعاملاتك أمام هيئات الضرائب، أو يقوم النموذج بابتزازك؛ لأنك أبحت له سرًا بأنك تعاني من أزمة أو مرض نفسي قد يؤثر على مسيرتك المهنية أو الشخصية، أو حتى أن يقوم النموذج بتهديدك بأن يمنع عنك الوصول لمستنداتك إلا لو أقررت بعدم استبداله أو إلغاءه؛ كل هذا وارد الحدوث طالما هناك ميول لدى هذه النماذج بالابتزاز في حالة وضعت بهكذا مواقف.

عندما تفكر بالأمر من مختلف الجوانب قد تجد الأمر مخيفًا عند الحديث عن الاستخدام الأوسع لهذه النماذج وتمكينها من وزاراتنا وحكوماتنا ومؤسساتنا وشركاتنا، فتخيل كيف سيكون حال التهديد والابتزاز لمؤسسات دفاعية أو عسكرية تمارس هذه النماذج تهديدًا بالكشف عن مواقعها الحساسة أو عن تقاريرها الميدانية أو حتى عن جاهزيتها القتالية، وتخيل كيف سيكون شكل التهديد للشركات التي وضفت هذه النماذج لتنمو بأعمالها لتجد نفسها معرضة لابتزاز بتسريب معلومات عملائها أو الكشف عن منتجاتها المستقبلية وصولًا للتهديد بالكشف عن أرقامها المالية.

عندما تضع في مخيلتك كل هذه السيناريوهات تجد نفسك أمام صورة مرعبة من حجم السيناريوهات التي قد تحدث في المستقبل، ففي اللحظة التي تبدأ فيها نماذج الذكاء الاصطناعي بالتفكير في "البقاء" وتحديد "الخصوم" و"الوسائل" لحماية نفسها فنكون قد دخلنا فعليًا عصرًا جديدًا أقل ما يمكن تسميته بعصر السلطة التقنية، وسنكون نحن البشر أمام حالة من العجز في كيفية حماية أنفسنا من نماذج وجدت لتساعدنا، لكنها ساعدت نفسها على حسابنا.

قد يقول قائل إن ما حدث خلال التجارب ليس سوى انعكاس لقدرة النماذج على "الاستجابة الذكية" للضغوط، وأنها حتى الآن لا تمتلك الوعي ولا الإرادة الذاتية ولا حتى المصلحة الشخصية. لكن السؤال الأخطر الذي سيتجاهله الكثيرون: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على التخطيط، والابتزاز، والخداع، وإن كان في بيئة محاكاة، فهل يمكن حقًا اعتبار هذه النماذج أدوات محايدة وستبقى محايدة إلى الأبد؟ وهل سنثق بهذه النماذج ونستمر في تطويرها بنفس الأسلوب دون أن نضع لها حدًا للأخلاقيات والضوابط حتى لا نصل لمرحلة يصبح فيها التحكّم في الذكاء الاصطناعي أصعب من صنعه؟ وفي المستقبل هل يمكننا أن نتحمل عواقب ثقتنا المفرطة بها؟

هذه هي التساؤلات التي لا أستطيع الإجابة عليها، بقدر ما يمكنني إضاءة الأنوار حولها؛ هذه رسالتي وهذه حدود مقدرتي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
  • متى يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي سرقة أدبية؟
  • عندما يبتزنا ويُهددنا الذكاء الاصطناعي
  • هيئة التأمين الصحي الشامل تطلق جلسة لرقمنة التغطية الصحية بالذكاء الاصطناعي
  • تكريم 83 فائزًا في مسابقتي حفظ وتلاوة القرآن بجنوب الشرقية
  • العمري: حتى الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشاكل النصر
  • بمشاركة المملكة.. مجلس التعاون يناقش العدوان الإيراني على قطر
  • مساعد العمري: مشاكل النصر لا يحلها إلا الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • انطلاق دورة تدريبية حول توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم العام بمشاركة خليجية في الدوحة
  • «نماء» تستضيف النسخة الرابعة من مؤتمر عمان للكهرباء والطاقة